المحرر موضوع: دور اللغة وأهميتها في حياة الشعوب (القسم الأول)  (زيارة 2471 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل ميخائيل مـمـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 696
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

دور اللغة وأهميتها في حياة الشعوب
(القسم الأول)
بقلم: ميخائيل ممو

تمهيد

من المتعارف عليه بأن اللغة هي مرآة المجتمع، تعكس صيغ الأخذ والعطاء بغية معرفة منطق الإيحاء اللفظي لظاهرة التفاهم. وفي الوقت ذاته هي تلك الأداة التي يتسلح بها الفرد للدفاع عن نفسه وإيصال فكرته بدافع مشجر الإحساس لإدراك الفهم والتفكير بالإقدام على قولبة معاني التعبير بشكل متناسق كضربات أصداء السيوف حين تتمحور الألفاظ بمدلول المعاني المُعتمدة بعامل الإدراك العقلي، وبما يعيه الإنسان من خلال  محفزات الإدراك الحسي بغية الفهم والتفاهم لإستدراج ما ينبغي فعله وإيصاله بالسبل التي يعتمدها كل فرد وبأية لغة كانت.
ما هي اللغة؟
هل هي مفردة لذاتها؟ هل هي كل ما يصدره اللسان؟ هل هي مصدر الحركات الطبيعية من الإشارات؟ هل هي الرموز المتفق عليها في الحديث؟ هل هي آليات التدوين التاريخي؟ هل هي مبعث الوحي الإلهي؟ هل هي تشكيلة الإلهام الوضعي؟ هل هي خاصة بفئة منتقاة متميزة بها؟ وهل هي اللهجات المستنبطة منها اللغات المتعددة؟ وعادة ما تتوالى إستفهامات " الهل " المتكررة، إن جاز لنا التعبير بذلك! ومما لا شك فيه إن كافة التساؤلات المفترضة تقودنا لتفسيرات وتحليلات متنوعة ومتفاوتة محصورة في مضامير مفسريها ومحلليها من الإختصايين اللغوين والباحثين المخضرمين من الأوائل ومن المحدثين حين يتسلح كل واحد بوجهات نظر مستمدة من الفترة الزمنية التي عاشها وتأثر بتجاربها، أو بإعتماد ما نصت عليه الكتب السماوية منذ الخليقة على أنها من الله. ولهذا تفاوتت النظرات وتضاربت الآراء وتعددت النظريات التي ليس بوسعنا أن نتطرق لها لسعتها وتواجدها فيما لا يحصى من المصادر بلغات مختلفة.
ما يهمنا هنا هو أن نجمع ما أجمع وإتفق عليه اللغويون على تعريف اللغة بشكل متقارب وموحد رغم إختلاف التعابير والتركيب اللغوي التي جسدت معنى اللغة بأساليب مختلفة، حيث إتضح بأن أقربها انحصر في التعاريف التالية:
1.   " إن اللغة نظام عرفي لرموز صوتية يستغلها الناس في الإتصال بعضهم ببعض".
2.   " إن اللغة هي كل وسيلة لتبادل المشاعر والأفكار كالإشارات الأصوات والألفاظ.. متفق عليها لإداء المشاعر والأفكار".
3.   " اللغة ظاهرة نفسية مكتسبة تمليها نوازع الحاجة للتعبير والتفاهم".
وهناك العديد من التعابير التي تختلف في  صياغاتها التي تهدف لذات المعنى بشكل خاص لا نستبعده مما أوردناه أعلاه.
كما ويتبين لنا من خلال التعاريف الآنفة الذكرعدة مضامين متقاربة  الوشائج  ( الإتصال، تبادل ، تمليها ) ، ( نظام ، المشاعر ، ظاهرة ) وكذلك ( رموز صوتية ، الأصوات والألفاظ ، التعبير) وغيرها.

دور تعدد اللغات

ومن المتعارف عليه أيضاً بأن اللغة وسيلة للإرسال من قبل المُرسل ليتلقاها المُستَلِم أو المُتلقي بالصدى المقصود في حال الكلام الطبيعي المُكتَسَب. فإن كان المتلقي ثنائي أو ثلاثي اللغة فعليه أن يفقه اللغة التي يُخاطب بها. وعلى أقل ما يمكنه أن يدرك الفحوى، لكون حالة تعدد اللغات من الحوافز على استدراك المضمون. وفي حال التحجج بعدم المعرفة على مضمون المُرسل ـ لفظاً وتدويناً ـ فمعنى ذلك فقدان الوعي والإستيعاب اللغوي للغة الأم، وفق مفهوم النظريات التربوية والنفسية الحديثة التي يؤكدها رجال التربية المتبحرين في هذا المجال من الذين يشيرون بأن من يتقن ويفهم لغته، يتسنى له استيعاب لغة اخرى بكل سهولة. ولهذا أقدمت الحكومة السويدية على إقرار تعليم اللغة الأم منذ المراحل الأولى للطفل أي من مرحلة رياض الأطفال بمصاف اللغة الرسمية المتداولة ولحد المرحلة الثانوية مع توفير كافة مواد ومستلزمات التعليم في المدرسة الرسمية. هذا ما استنتجناه أيضاً من خلال تجاربنا ومراحل تعليمنا لأبناء جلدتنا بتفوق من لهم معرفة شبه كافية بلغتهم الأم مقارنة بمن يجهلها قراءة وكتابة وتكلماً بالشكل الطبيعي.

دور اللغة في المعرفة
وبما أن النطق اللغوي ينشأ مع نشأة الفرد، وبمراحل تطور وظائف الأعضاء الخاصة بالنطق، عادة ما تتولد لديه ثروة من المفردات التي تسعفه على الكلام ليكون منحصراً تعبيره اللغوي اللهجوي الدارج وفق نهج البيئة العائلية أو البيتية التي يعيش فيها إلى الوقت الزمني من العمر الذي يؤهله لخوض تجارب التعلم اللغوي الصحيح. عندئذ يكون قد استدرج معرفته بصيغ الكلام المبرمج على ضوء التعبير الفصيح والنطق الصحيح المبني على أصول القواعد اللغوية من حيث النحو والصرف للشكل النمطي المُنظم الخاص بتصريف الإفعال والأسماء بصيغها المختلفة والمتعددة، والإقدام تدريجياً على تشذيب منطق الكلام من التعابير العامية السائدة والدارجة المنشأ والمفردات الغريبة الدخيلة التي يقتفيها من محيط المجتمع المتداخل وهي غريبة وبعيدة عن أصوات الكلام لشعب ومجموعة ما، متخذة مجراها في الأسلوب التعبيري كتابة في حال افتقاد المرادف لها باللغة الأم الأصلية وبشكل خاص حين يكون المحيط العائلي والمجتمعي من ذوي ثنائي أو ثلاثي اللغة من ناحية الأب والأم والمجتمع من منطلق الوحدات الصوتية الأساسية لكل لغة محكية. ومن تلك الإشكالات تواجد عدة شعوب قريبة من بعضها في المنطقة التي يتعايشون فيها، وكذلك دور السيطرة الإستعمارية بفرض نفوذها مثلما هو الحال مثلاً في مواطني أبناء المجتمع الجزائري المتوارثة لديهم العديد من المفردات الفرنسية بسبب الإستعمار الفرنسي، وكذلك في الهند من خلال الإستعمار البريطاني الذي بث روح اللغة الإنجليزية في نفوس شعوبها المتعددة اللغات بدوافع المصالح السياسية وإضعاف اللغات القومية التي استيقظ الناطقون بها لإثبات وجودها بعد تقلص واستبعاد الهيمنة البريطانية وبالتالي لتخوض تجربة الصراع في سيطرة لغة مجموعة ما كلغة رسمية على لغات ولهجات مجموعات أخرى والولايات أو المناطق الجغرافية التي لا تتعامل باللغة المفروضة عليهم والإستعاضة بالإنجليزية بغية اتساع رقعة التعليم اللغوي والمعرفي بها. ومن جراء ذلك أدت تلك السياسة إلى إحتجاجات وصراعات ذهب ضحيتها المئات إن تكن الآلاف من القتلى والجرحى ومن تم اعتقالهم وزجهم في السجون بعد إختفاء وزوال نفوذ اللغة الإنجليزية بشكل تدريجي.

اللغة والثقافة
إن كانت الثقافة ظاهرة خلقية وتوعوية تنجم بين بني البشر، فاللغة هي مصدرها ونبع وجودها، تخلقها مبادئ التدوين والمشافهة التي عمادها وسائل الإعلام وما يبرزه الفكر التنويري من نتاجات. لهذا نجد بأن أي علم من العلوم لا يخلو من سمة الثقافة. وبما أن كافة العلوم مصدر تواجدها من خلال اللغة، يتحتم على الفرد أن يستوعب التعبير اللغوي الخاص بكل علم من العلوم لإثراء المعرفة. من هذا الإعتبار ينجلي الأمر بأن من يتسلح بالتعدد اللغوي كثنائي اللغة مثلاً وفق ما أشرنا إليه سابقاً، عادة ما يكون ثنائي الثقافة حين يستمد معرفته من تلك اللغات التي يتقنها ويتأثر بها ليعمد على تطبيق مضامينها في حديثه وسلوكه وعمله وحتى في أحاسيس إنفعلاته عن مصدر وعيه وإدراكه بدلالة ظاهرة الحركات التعبيرية واللفظية محتمة أياها المعايشة في مجتمعين متفاوتين في العادات والتقاليد، كمن يعيش ويواصل تعليمه العلمي التخصصي في بلد أجنبي تتفاوت فيه ما ورثه عن ما هو في مجتمع وطنه الأم. كما وأن مفهوم التثقيف الذاتي كما يبدو لا ينحصر ويتحدد فقط على ما هو متعارف عليه والمألوف من مقولة " اكتساب شئ من كل شئ " في حين المعرفة التخصصية بعلم من العلوم الصناعية مثلاً أو العلوم الإنسانية بما فيها من الحقول الأدبية أو السياسية تبدو أهميتها أعلى وأرقى من المقولة المألوفة، لكون العلوم الأدبية والتقنية تثريها مقدرة وكفاءة اللغة التي تساعد على استدراك النهضة الفكرية في كافة جوانبها. عندئذ يتم وصف المتحدث ونعته بأنه متثقف بثقافة فرنسية أو سويدية أو ثقافة البلد الذي تخصص فيه، متسلحاً بالإزدواجية اللغوية والثقافية. وهنا يتضح بأن اللغة هي عماد الثقافة، طالما تشكل ظاهرة اكتساب معرفة جديدة لبناء الشخصية المعطاءة المتسمة بروح التفاؤل في الأخذ والعطاء. 
إلى الملتقى في القسم الثاني من موضوع اللغة والإنتماء القومي والمطالبة بالديمقراطية اللغوية.
mammoo20@hotmail.com


غير متصل اوراها دنخا سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 687
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاستاذ القدير والكاتب النحرير ميخائيل ممو
شلاما
مع الاسف بات من الواضح ان بعض ممن يدعون الثقافة من الكتاب وحتى رجال الدين صاروا يخجلون حتى بالتحدث بلغة والدتهم، واخذ البعض منهم يحاربها بحجة الحداثة، وكأن الحداثة قائمة على لفظ لغة الام وركلها.
استاذنا العزيز: الملاحظ ان شعبنا عندما يتجاور مع شعب آخر او ينتقل الى بيئة اخرى، فان اول عمل يقوم به هو الابتعاد قدر المستطاع عن لغته، انها حالة عامة، وقد كتبنا وتكلمنا عليها كثيرا وقد كان لي مقالا ساخرا وواقعياً عن حالة التردي اللغوي في اقدم بلدان المهجر، وبالتحدبد ولاية ديترويت الاميريكية، حيث اختلطت لغتنا السريانية المعشَّقة بالعربية، باللغة الانكليزية ذو اللهجة الاميريكية، انظر الرابط ادناه.
على الرغم ان الدول الاوربية والتي يهاجر اليها شعبنا تشجع كثيرا على الاستمرار بتعلم لغة الام الا ان شعبنا يصر على عدم الاستفادة من هذه الخصوصية التي يقدمها المسؤولون في بلد المهجر.
في اعتقادي ان اللغة هي القلب النابض لاية امة، وتوقف القلب معناه موت الامة... هكذا يريدنا البعض مع الاسف... تحياتي
http://www.ankawa.com/forum/index.php/topic,616792.0.html

غير متصل ميخائيل مـمـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 696
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
أخي المتداخل الأمين باليراع الرصين أوراها سياوش
كل ما ذكرته ونوهت عنه هو عين الحقيقة، وأكبر دليل في الرابط الذي اتحفتني به.. ولكي لا أطيل عليك ليس لي إلا أن أقول بأن السننا (ألسنتنا) اصبحت أطول من قاماتنا، وقاماتنا لا تتجاوز مسافة ظلها.. والظل كما تعلم لا يطول آمده.
أخي ومتابعي أوراها.. صدقني لدي من المعايشات اللغوية ما يندى لها الجبين ويشمئز منها الضمير الحي من واقع وجودنا، ومناداتنا  بما لا يمت للواقع المألوف بصلة. وأقل ما يمكن الإشارة اليه هو أن تضع الشطيرة (السندويجة) في فيهِ (فم) الجائع لها ولا يستدرك عملية تناولها ومضغها. حالة يُرثى لها. وترى الذين يتمنطقون بها وهم على موائد السهرات القدحية يتمجدون بها وهم بعيدون من دعمها. أما معلمونا فحدّث عنهم ولا حرج. يرفعون ما لا يُرفع، وينصبون ما لا يُنصب، ويجرون ما لا يُجر، والعلم مستودع في بيوتهم من خلال ما يُؤطر ويُجمل رفوف مكتباتهم البيتية في حال وجودها. وإن لم تجدها فهي الطامة الكُبرى لمن يمتهن مهنة ورسالة التعليم.
دعني مكتفياً بهذا القدر، فإن قشرتُ لك البيضة لإظهار بياضها الناصع وإصفرارها المخفي لإنتابتك حالة اليأس مما نحن عليه من واقعنا اللغوي المؤلم وعلى وفق خاص في ديار الشتات. كفى أن استشهد بمقولة الشاعر في قوله:
أتنطق بالجهل في مجلس    وعلمك في البيت مستودع
نعم ووفق قولك: " اعتقادي ان اللغة هي القلب النابض لاية امة، وتوقف القلب معناه موت الامة"
وهذه حقيقة مثلما أقول دوماً: اللغة هي روح الأمة أو القومية، كالروح للجسد، ومتى ما فقدنا اللغة فقدنا الجسد كفقدان روح الإنسان لجسده. مع بالغ تحياتي لمناسبة اكيتو.
ميخائيل ممو

غير متصل اخيقر يوخنا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 4982
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رابي ميخاءيل ممو
شلاما
مقال راءع
اعتقد ان الوعي القومي الاشوري يلعب دورا مهما في دفع الابناء الى تعلم لغتنا القومية الاشورية الحديثة
وكما قال احد المفكرين
ان اللغة هي بمثابة وطن لمن لا وطن له
وها نحن لا نملك الا لغتنا كوطننا
تقبل تحياتي

غير متصل هنري سـركيس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 976
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاستاذ القدير رابي ميخائيل ممو المحترم
تحية طيبة
يقول فوسلر (ان اللغة القومية وطن روحي ياوي من حرم وطنه على الارض). للغتنا القومية اهمية كبرى في تكوين امتنا وحفظ كيانها من الضياع والانهيار، فهي الاساس الذي ترسى عليه دعائم وحدتها. وبالتالي لغتنا القومية الاشورية تعتبر وعاء فكرنا وتمثل  هويتنا القومية وانتماؤنا، وتظل بمثابة البوتقة التي تجمع تراث امتنا، وتستوعب مقومات وجودها وفكرها، فهي اداة التعبير ووسيلة التوصيل، وهي مادة التوثيق التي تضمن لفكر امتنا بقاء وخلودنا. ولا شك ان اهتمامنا بلغتنا القومية يظل  مؤشرا من مؤشرات الاهتمام بالقومية ذاتها، حيث تظل اللغة معبرة عن الوعي الجماعي لامتنا، متمسكة كل التماسك بهوية ابنائها، معبرة عن وحدة صفوفهم، ووحدة اهدافهم، ووحدة فكرهم في انٍ واحد.ومن الطبيعي ان ننطلق بالاهتمام بها اكثر. فهي اغلى ممتلكاتنا. وابرز ملامح هويتنا، وذلك يستدعي دوما مراجعة الذات تجاه المتغييرات الحالية والمستقبلية، ضمانا لبقائها في سياق الزحام الحضاري لتظل قوية صلبة معبرة عن كياننا الثقافي كما كانت عبر الماضي، وهو ما يستدعي ايضا مزيدا من الاهتمام بها، وبذل محاولات جادة لتنقيتها من كل الشوائب التي يمكن ان تحيط بها، او تحاول اضعافها او النيل منها. وختاما نقول لغتنا القومية هي اساس وجود امتنا ووجودنا، وهي التي تربط تراثنا وحضارتنا وتاريخنا بعضه ببعض، لانه مفتاح الغد الذي يختزل ماضينا وارثه.لان اي امة تفقد لغتها تتجه الى الانحدار من حيث لا تعلم. وتقبل مروري والرب يرعاكم
اخوكم
هنري سركيس
كركوك

غير متصل ميخائيل مـمـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 696
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كاتبنا المثابر المستلهم اسمه من الحكيم أخيقر
مقاسكم بروعة المقال مستمد من روعة وعيكم في تقييم ما تم طرحه.
الوعي هو ينبوع الإبداع، ولا يتأتى ذلك الوعي إلا من مضمار التكوين اللغوي مهما كانت مصادره.
الأبرز والأهم في حياة الإنسان الذي فقد مرتعه المتمثل بالوطن الأم أن لا يغيب عن باله بأن اللغة الأم هي التي تحافظ على جوهر وجوده أينما رفرفت به الأحداث وحطت به الأقدار، وهي الوسيط الذي لا بديل له في التواصل والأخذ والعطاء والإندماج بهويته المتميزة اساس استمرارية وديمومة وجوده. شلأنها شأن التجمعات البشرية في عصورها الأولى بالمجتمعات المتقاربة من بعضها. ودليل ذلك مغناطيسية تجمهرنا من البعض في ديار الشتات في أية بقعة من العالم.
المُعيب فينا ليست مؤسساتنا، وإنما من يحيط بتلك المؤسسات والمنتديات مهما كانت صفاتها، طالما استمدت جذور تأسيسها من المفهوم والمنطلق اللغوي. تراها تنادي وتطلق أصواتها في العنان ولا من يرعوي عن غيه أو جهله، ويبقى الواعون ينددون بذلك إلى أن تأسرهم حالات اليأس والإنطواء في أودية الإنعزال. إلا الذين يؤمنون بأنه لا يأس مع الحياة ليعيشوا على بصيص من الأمل بمناداتهم ليتم نمو النبتة وتعيد زهو اخضرارها. بقي علينا أن نبعث الهمة فيمن يتولون سقي تلك النبتة لإثرائها بالثمر.
مع بالغ تحياتي
ميخائيل ممو

غير متصل ميخائيل مـمـو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 696
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الأخ الأستاذ هنري الذي يستلهم أفكاره من شعلة كرخ سلوخ المضيئة دوماً...
ما أجملك وأروعك فيما ذهبتَ اليه في جملك وعباراتك التي لا تقل شأناً مما دبجه كبار الأدباء والشعراء واللغويين في بيان مهام اللغة القومية في حياة الشعوب. وعلى ما يبدو لم تدع لي ما أضيفه سوى بعض ما إدخرته في حافظتي الفكرية بما تدركه القوة الذهنية متمثلة بالعبارات التالية:
ـ اللغة سبيل التقارب ، وواسطة لخلق الأواصر.
ـ اللغة اداة للأخذ والعطاء ، وتقوية العلاقات الإجتماعية والثقافية.
ـ اللغة ينبوع ثر لإرواء منابت الأفكار.
ـ اللغة وسيلة لإبعاد أحاسيس الكآبة والحزن من أعماق النفوس.
ـ اللغة أداة حية لدبج وتسطير الأفكار، الإحتفظ بها والعودة اليها.
ـ اللغة عنصر الهوية لإنتماء الوجود القومي.
ـ اللغة روح الأمة ، كروح الإنسان في الجسد.
ـ اللغة أساس ومصدر التحضر والمدنية.
ـ اللغة هي دواة المدونات الأدبية والعلمية ويراع التاريخ والثقافة.
ـ اللغة شبيهة بوجود الشجرة ، إن لم يتم تقليمها ، لا تمنحك ما تبتغيه.
وفي خاتمة ما نوهت عنه أود القول : إن أردت أن تمحي وجود شعب ما ، إقضِ على لغته. هذا ما توصل اليه الساسة الأذكياء في حقل الغباوة المتعمدة.
مع بالغ شكري وتقديري لمداخلتكم
ميخائيل ممو