كم أتألم لفكر شعبنا الخاطئ عن السياسة، وهذه هي أسباب فشل أحزابنا ومٌثقفينا !!..
ما هي السياسة : .. هي كلمة مُشتقة من فعل .. سَاس .. أي يَسوس ويحّول ما هو صعب ومستحيل إلى ممكن ومُتحقق ,, وهذا الفعل قادم من عمل الشخص القادر على تحويل الأحصنة البرية إلى حيوانات مُطيعة بدون أن يؤذيها أو يجَرحهَا بالضرب. ومن هنا انطلقت كلمة السياسي وهو الشخص الذي يُتقن فن الكلام فيحصل على ما يريد بالإقناع والبراهين دون الحاجة للالتحام والحروب.
ولكن يُحزنني كثيراً، قراءة بعض التعليقات من أبناء شعبنا، وهم يقولون فيها: أنت كاهن أو نجار أو حداد ولا علاقة لك بالسياسة.. وأنت هل تعرف ما هي السياسة يا جاهل !!؟.. السياسة هي حق لكل مواطن عراقي شريف وواجب إنساني مُلزم. وحتى الرب يسوع كان لديه رأيه السياسي الواضح حول سياسة القيصر وجباية الضرائب. وفي الدين والحياة كذلك توجد سياسة (بالمعنى الايجابي) .. لكل كاهن سياسة خاصة في قيادة رعيته وللمطران سياسة وإستراتيجية في قيادة أبرشيته. ولكل أب في العائلة سياسة خاصة مع عائلته. الكل يحاول أن يَسوس ويُقنع عائلته أو أبرشيته .
أما شعبنا المسكين والمجروح، فقد ربط السياسة بالأمور الدنيئة والحقيرة .. ولذلك كانوا يسمونها .. بَلتيقة باللغة العامية (مأخوذة من الكلمة الانكليزية بوليتيك).. أي أنها دائما كانت ضدهم كجمع الضرائب آو الطرد. وفعلا هذا حصل بسبب صعود العسكريين الجهلة لمناصب العليا وهم ليسوا بسياسيين.. ولكن هذا الربط الجاهل (مع احترامي لرأي الجميع) هو في النهاية كارثة فكرية !! .. السياسة بالحقيقة هي علٌم يُدّرَس، يَرتبط بالدهاء والإقناع والفكر، ويحاول السياسي الناجح، قدر المُستطاع، الالتفاف الايجابي حول الخصم للحصول على حقوق شعبه .
نعم على السياسي، أن يكون مُبدعاً في بيته ومجتمعه أولا قبل أن يكون مبدعا في قيادة بلده أو حزبه.. فنلاحظ إن الانتخابات الأمريكية تهتم بشكل خصوصي، بعلاقة الرئيس بزوجته وأولاده !!؟؟ لماذا ؟؟ .. لان الشخص الفاشل في بيته، فانه بالتأكيد سيكون فاشلا في قيادة شعبه أو بلده. وقد واكبت تكوين إحدى الجمعيات الثقافية في كندا. عندما تم ترشيح احد الفاشلين بحياتهم العائلية، لقيادة هذه الجمعية المسكينة وكيف انهارت الجمعية بأكملها بسبب أن المُرشح كان فاشلا مع زوجته وأولاده !!؟.
يُعتبر .. ضيق الفكر مع سد الآذان عن الفهم والسماع، من أهم العوامل في فشل أحزاب شعبنا. فالسياسي الناجح هو الذي يسمع شعبه .. وكم نحن بحاجة لمؤتمر شامل يخص سياسي شعبنا وتثقيفهم بمحتوى عملهم الجديد وتحدياته. أما السبب الثاني: فهو ارتباط سياسي شعبنا بأحزاب قومية أثورية أو كلدانية أو سريانية وهذا مرفوض تماما .. الأحرى أن ننطلق من الكليات نحو الجزئيات.. أي إن أردنا أن نتوحد فعلينا أن ننطلق نحو ما يوحدنا وليس ما يفرقنا. انك سياسي تمثل شعبنا المسيحي ككل وفقط .
أنا كاهن لكل مسيحي ولكل عراقي وان كان مُسلماً، هذه هي سياستي، وآنت سياسي لمن ؟؟!! لزوعا ام الديمقراطي الكلداني !!؟؟ . لننظر إلى التجربة الغربية، وكيف ابتعدوا عن التسميات القومية أو الدينية المريضة.. فلديهم أحزاب ديمقراطية أو جمهورية .. وهكذا . هذه دعوة صادقة لمثقفي شعبنا ليعيدوا بناء فكرهم السياسي الهش ويؤسسوا أحزاب قائدة في تسميات بعيدة عن الأديان أو القوميات وانطلقوا ...