المحرر موضوع: نبذة تأريخية عن الكورد والآشوريين والعلاقة بينهم (32) – أسلاف الكورد: الميديون  (زيارة 6508 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل مهدي كاكه يي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 216
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

نبذة تأريخية عن الكورد والآشوريين والعلاقة بينهم  (32) – أسلاف الكورد: الميديون

ثورات الميديين بعد سقوط إمبراطوريتهم (2)


د. مهدي كاكه يي

ثورة (فارڤارتيش Farvartish أو فراورتيس Phraortes)
مع إطلالة عام 522 قبل الميلاد، بدأت تنتشر إنتفاضات عارمة، قامت بها الشعوب غير الفارسية التي كانت ترزح تحت الحُكم الأخميني، ضد الملِك الأخميني (دارا الأول) لِتحرير بلدانهم من حُكم الفرس، حيث في جنوب البلاد، ثار الإيلاميون بقيادة زعيمهم (أشين) و في غرب البلاد بدأت الإنتفاضة في أرمينيا وثار البابليون في جنوب البلاد بقيادة زعيمهم (تي دين توبل) الذي كان إبن (نابونيد) آخر ملِوك بابل قبل إحتلالها في سنة 538 قبل الميلاد من قِبل الفرس. في شرق البلاد، إندلعت ثورة بقيادة زعيم كان إسمه (فرادا) في مقاطعة (مرگيانا) التابعة لِ(باكتريا) الواقعة في شرق بحر قزوين والتي مُقسمة الآن بين كل من إيران وأفغانستان. كما أنه في نهاية سنة 522 قبل الميلاد إنتفضت شعوب أخرى في مصر وبلدان أخرى ضد الأخمينيين1.

بالنسبة للميديين، بعد مقتل (گاؤوماتا)، حاول أحد ملوك الميديين في سنة 522 قبل الميلاد والذي كان إسمه (فارڤارتيش Farvartish أو فراورتيس Phraortes) و الذي كان أحد أحفاد الملك الميدي (كَيخَسرَو)، إستعادة السلطة الميدية من الأخمينيين، حيث أنه نصّب نفسه ملِكاً للميديين، وأيّده وسانده الأشكانيون والهَركانيون والأرمن وأصبح ملِكاً قوياً يتحدى الأخمينيين2. إنتهز (فَارڤَارتیش) إنشغال الملِك الأخميني (دارا الأول) في حربه في بابل لإخماد ثورة البابليين، فقام بقيادة ثورة كبيرة ضد الأخمينيين. أرسل (دارا) الأول قوات عسكرية أخمينية بقيادة أحد أقرب أصدقائه الذي كان إسمه (ويدرانا) لِإخماد ثورة الميديين القائمة في غرب ميديا. بِتأريخ 12 كانون الثاني/يناير من سنة 521 قبل الميلاد، إندلعت المعارك بين قوات (دارا) وقوات (فَارڤَارتیش) التي كان يقودها أحد قادة الجيش الميدي، إلا أن الجيش الأخميني فشل في مسعاه للقضاء على الثورة الميدية ولذلك طلب قائد القوات الأخمينية من الملِك الأخميني إرسال المزيد من القوات لِزجّها في الحرب التي كانت دائرة ضد الميديين.

كان والد (دارا) الذي إسمه (هَايستاسپ Hyestaspes) حاكِماً لِمقاطعة (پارثيا) المتاخمة للحدود الشرقية لِميديا. هاجمت قوات (هَايستاسپ) القوات الميدية وبذلك إضطر الميديون خوض حرب في جبهتَين في آن واحد، في غرب وشرق البلاد3. كما أنّ الملِك الأخميني (دارا)، بعد أن قضى على ثورة البابليين، توجّه مع قسمٍ من قواته الى ميديا لِمساندة الوحدات العسكرية التي كانت تخوض الحرب ضد الملِك الميدي (فَارڤَارتیش). إندلعت معركة بين جيش (فاَرڤَارتیش) وجيش (دارا) الفارسي بالقرب من مدينة (رَي) الواقعة قرب مدينة طهران الحالية و في هذه المعركة التي جرت في قرية (كوندورا) والتي سُميّت المعركة بإسم هذه القرية، تمت هزيمة الملك الميدي (فَارڤَارتیش). لم يستطع (فَارڤَارتیش) الصمود بِوجه القوات الأخمينية التي كانت تهاجم ميديا من الشرق والغرب، فإضطر أن يتسلل مع قوة ميدية صغيرة الى منطقة (رَي) الميدية، متأملاً حصوله على مساعدات من الهركيين والأشكانيين4. شكّل (دارا) قوة خاصة لتعقّب (فَارڤَارتیش) التي إستطاعت أسر الملِك الميدي (فَارڤَارتیش) في نهاية شهر حزيران من عام 521 قبل الميلاد. في إحدى النصوص، يسرد الملِك الأخميني (دارا) عن مصير الملِك الميدي (فَارڤَارتیش) بعد أسره كالآتي: "لقد تمّ أسر (فَارڤَارتیش) وجلبوه لي. قمتُ بِقطع أنفه وأذنّيه ولسانه وفقأتُ عينَيه. قمتُ بتعليقه على البوابات الخارجية وقام جميع الناس بمشاهدته. بعد ذلك، قمتُ بِتعليقه في همدان على شجرة وقمتُ بِحرق مُساعديه في قلعة همدان4، a.

ثورة (چَيتْران تَخْمَه)

بعد فشل ثورة (فَارڤَارتیش)، قام أحد أحفاد (كَيخَسرَو) الذي كان إسمه (چَيتران تَخْمه) بالثورة ضد الحُكم الأخميني، حيث أنه نصّب نفسه ملِكاً لِميديا4. إستطاع الملِك الأخميني (دارا) أن يُغري بعض النبلاء الميديين بالمال والمناصب، فقاموا بإلقاء القبض عليه وتسليمه الى الملك (دارا) في مدينة هولير (أربيل) و كانت نهايته ليست أفضل من نهاية سلفه (فاَرڤَارتیش)، حيث تمّ تعذيبه وقطع أنفه ولسانه وأُذنَيه ومن ثمّ قتله4.


المصادر

1. دياكونوڤ(1998). ميديا. ترجمة وهيبة شوكت، دمشق، الناشر محمود أيوب، صفحة 407 – 408.

2. المصدر السابق، صفحة 408.

3. المصدر السابق، صفحة 409.

4. المصدر السابق، صفحة 410.


المراجع

a. Burn, A. R. (1984). Persia and the Greeks: THE DEFENCE OF THE West, c. 546 – 478 B.c.Standford University Press, UK, 102.