المحرر موضوع: الارهاب بثوب الاسرة  (زيارة 811 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل جوتيار تمر

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 186
  • الجنس: ذكر
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الارهاب بثوب الاسرة
« في: 20:22 07/04/2016 »
الارهاب بثوب الاسرة
جوتيار تمر/ كوردستان
7/4/2016
    حين لاتستند القيم الاخلاقية الانسانية على معايير تعترف بالاخر ككائن موجود يمتلك نفس حقوق الاخر، تتجه الانتماءات بكل اشكالها اشبه ببرك آسنة يستقي منها الاشخاص المنجرفين وراء اوهام التعصب الديني والقومي والعرقي وحتى الاسري القبلي نحو هاوية مظلمة في هدوئها وفي صخبها، في سكونها وحركتها، وفي طقوسها وجحودها، وحتى في تمردها وانفلاتاتها، وبذلك تشكل خطراً جسيماً ووشيكاً مستمراً على البقاء والوجود الانساني عامة، دون التميز بين فئة او طائفة او مذهبية او قومية فالكل بنظر هولاء سيان، لانهم حين يقدمون على عمل ما لايمكنهم ان يميزوا ويفرزوا بين الموجودين انما  يقحمون الكل في متاهتم المظلمة والعدائية الناجمة بلاشك عن انحلال القيم الاخلاقية الانسانية لديه، وتحولها الى آلة دهس وقتل وفتك بالاخرين.
هذه المنظومة التي ينطلق منها هولاء هي ليست عبثية او مجرد ظاهرة عابرة، لكنها في الاساس ظاهرة " منظومة"  ديناميكية تستمد قواها من المخلفات والترسبات الاسرية و القبلية غير الواعية التي تتناسل طوعياً من الاشتغالات المبهمة للفكر الانتمائي بالاخص الديني القومي وبالتالي تخلف ورائها كما هائلاً من الانفلاتات التي بدورها تتحول الى تبريرات مقننة مشرعة لديهم للقتل والفتك والتفجير والتفخيخ والذبح والسبي والاغتصاب والى غير ذلك من الافعال الشنيعة التي يمارسها هولاء.. ولكن المفارقة في الامر انها في لباسها الديني تأخذ منحنى يستوجب في الكثير من الاحيان المقارنة، مع ايماني المطلق بان المقارنة بحد ذاتها جريمة بحق الاخرين الذين يمكن ان نقارن هولاء بهم، لكون الاخرين بكل انتمائاتهم مثمرين منتجين فعالين في وجودهم ونافعين للاخر نفسه الذي يشذ عن الطريق فيتعمد طمس معالم هولاء لكونهم لاينتمون لعقيدته او لدينه او لمذهبه او لطائفته او لقبيلته.. ولعنا نستشهد بالامر هذا من خلال المقارنة بين مفهوم الاخوية  الاسرية لدى بعض هولاء الذين هم بنظر المنحرفين عن القيم الاخلاقية الانسانية مارقين عن الدين وبين اصحاب الدين الملتحين والمنادين باسم إله الدين.
من الاخوة المارقين الاخوة رايت مخترعا الطائرة، والاخوة روفر مخترعا آلة تصوير الافلام، والاخوة مونتجولفييه مخترعا البالون. والاخوة ويلبر اورنيل ممصا الطائرات الشراعية.. والكثير من النماذج والامثلة من هذا القبيل حيث تعج بلاد المارقين بهولاء الذين هم اخوة واشقاء تربطهم رابطة اسرية قوية ومتينة يستمد منها الاخوة الاشقاء قوتهم كي يقدموا للبشرية دون حصر اختراعات تساعد على تقدمهم ورقيهم .
في المقابل نجد بأن مفهوم الاخوة " الاسرية "لدى اصحاب الدين لم يظهر للاخرين نفسه الا من خلال تجويفات عقائدية ارهابية عاصفة بالانسانية لاتبيح غير القتل الجماعي دون التميز او الفرز بين الظالم والمظلوم كمفهوم مخالف للقيم الدينية التي ينادي بها هو انفسهم، والمفارقة هي انه مفهوم الاخوة " الاسرية" هنا تستند في حراكها على انموذج اسري ديني كدليل على منهجية يتبعها هولاء من اجل عدم الكشف او الخيانة والابقاء على العمل الجماعي لديهم، فمنظومة الاسرة ومفهوم الاسرية لدى هولاء يشكل سنداً ورابطاً قوياً  باعتبارها نقطة تضامن بين الاخوة، وما يقوي هذه الرابطة هو الدين نفسه الداعي الى ابراز  القيم الاسرية وضروتها في بناء المجتمعات،  كما انه يدعوا بشكل واضح ومعلن وبارز الى القيم الاخوية داخل الاسرة والمجتمع بشكل عام، مما يعني بالتالي ان هذه القيم هي امتداد طبيعي للموروثات الدينية والاجتماعية الاسرية، ولكنها في الاساس لاتوجه من خلال هولاء بشكل صحيح ، ويقول جون هورغان، أستاذ علم النفس في جامعة ولاية جورجيا  عن هولاء "نحن ما زلنا نحبو عندما يتعلق الأمر في فهم ديناميكيات الأسرة والإرهاب، فغالباً ما يميل الإخوة للانخراط في الإرهاب لأنهم يشتركون في رباط وثيق ويخضعون لمؤثرات بيئية مماثلة وأنهم قد يقضون الكثير من الوقت مع نفس الأشخاص وربما يدخلون على مواقع إنترنت متشابهة.."، وبالتالي هذا الرابط بلاشك يخلق الدعم النفسي لهولاء للقيام باعمالهم الارهابية.. ولهذا نجد بأن مفهوم الاخوة انتجت نماذج اشبه بآلة فتاكة راح ضحية اعمالها الاخوية الارهابية الكثيرين ممن لايشكلون اي تهديد او هم في الاصل خارج الحسابات التي يمكن تقوض السلطة الدينية لهولاء.. ولو نظرنا الى اغلب الهجمات الارهابية التي عصفت باوروبا هم اخوة اشقاء بحيث تحول الامر الى ظاهرة ذات نمطية سائدة ومن هولاء مثلاً الاخوين خالد وابراهيم بكراوي اللذين نفذا هجمات بروكسل، والاخوة ابراهيم وصلاح ومحمد عبدالسلام الاول فجر نفسه في بولفار فولتير الباريسي بفرنسا راح ضحيته ما يقارب 130 شخص، وصلاح المشتبه به الرئيسي في سلسلة الهجمات المسنقة على فرنسا باعتباره هو الذي استأجر سيارة البولو السوداء التي وجدت  بالقرب من مسرح باتاكلان، اما محمد، فلا يزال قيد التوقيف في بلجيكا، ولا تزال التحقيقات معه جارية بغية الكشف عن المزيد من الخيوط..وهناك ايضا الاخوة سعيد وشريف كواشي المسؤولين عن الهجوم الذي حصل على صحيفة تشارلي ابدو في باريس ايضا قبل سنة وراح ضحية فعلتهم 12 شخص، كما ان ستة من منفذي هجمات سبتمبر كانوا اخوة، وضحايا سبتمبر لاتعد ولاتحصى، بل ان مترتبات تلك الاعمال الارهابية هي كل الفوضى الحاصلة الان في العالم وبالاخص في الشرق الاوسط، وهذا الامر لم يعد الان محتكراً على ابناء قومية واحدة، اقصد محتكرا للعرب وحدهم، انما امتدت الظاهرة لتشمل ابناء الدين الواحد من غير العرب، كما اثبت ذلك كل من جوهر وتامرلان تسارناييف الشقيقان من الشيشان اللذين نفذا عملية التفجير في ماراثون بوسطن في 2013،
والغريب ان هذا النمط الارهابي بدأ يتخذ منحى اسري اخر، قد لايتعلق الامر بالاخوة والاشقاء فقط، بل تصبح روابط الاخ والاخت، او الزوج والزوجة، او الرجل والصديقة، والعكس، هدفاً واضحا لهذه التيارات ولهذه المنظومة الارهابية، كي تخلق فجوة اخرى في السلام البشري، وتحدث صدعاً اخراً في القيم الاخلاقية الانسانية، واعتقد بأن حسناء آيت بولحسن التي فجرت نفسها في شقة  العقل المدبر لاعتداءات باريس عبدالحميد أبا عود دليل على ذلك، لاسيما ان الاخير ينتمي الى احدى اشرس التيارات الدينية الاسلامية والتي تتمثل بداعش اسطورة النكاح والسبي والقتل والذبح.. فوجود حسناء في شقته تدل على وجود علاقة تربطهما، واي شكل كانت هذه العلاقة لايهم، لكن ما يهم هو ان هذا الامر مؤشر واضح على نمو فكرة الارهاب الاسري الذي قد يتحول في وقت قصير الى ظاهرة متشعبة ايضا، وتعصف بالعالم والانسانية من جديد.