المحرر موضوع: اللغة السريانية.... المعين الصافي الذي تدفق بهذا الإثراء الجميل______فهد عنتر الدوخي  (زيارة 6751 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فهد عنتر الدوخي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 750
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
اللغة السريانية, بكل ماتحويه من مفردات وجمل وصور بلاغية, والتي تتآلف من أسماء وأفعال وحروف وجمل, كما في سائر لغات العالم, لم تكن وليدة حاجة آنية,لمجتمع سخرها لخدمته وأنتهت حال غياب السبب,وأنما كانت قاعدة للتفاهم والتواصل والتداول المشترك بين الشعوب القديمة التي سكنت في القسم الشمالي من العراق, في نينوى القديمة, خرسباد, وبلاد الشام وفلسطين,وتتوغل جذورها بشكل ملفت في حضارة وادي الرافدين الى أكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد, والشواهد التي تؤكد هذا المنحى والتي تحتفظ بها ذاكرة التاريخ الموثق, أو المدون, والمبوب في  السلالات الأجتماعية التي عمرت هذه الأرض وأنشأت عليها مظاهر الحياة والظروف المعاشية من مخطوطات مكتوبة على الرقم الطينية, والمدونة على جدران المعابد والكنائس وقصور القادة ورجال الدولة والتجار والقرى الزراعية والكهوف,ليؤكد  أن السريانية لغة تلتقي عندها أغلب اللغات الشرقية القديمة,إذ تعتبر اللغة الجامعة, أو اللغة الأم, والمصدر الذي يزود هذه اللغات وحتى الحديثة منها بسيل من المكنونات والتشبيهات والأوصاف والرموز, وعندما نتصفح تاريخها وعمق حضارتها نعثر على تلك الإضاءات وبشكل يفوق التوقع, وقد ذهب أغلب الباحثون في لسانيات الشرق القديم الى تأكيد هذه الحقائق, ونلحظ انبهارهم وإهتمامهم المفرط بها,ويبرز الجانب الحيوي الذي اخذ بالتنامي عندما استخدمت الجمل البلاغية لتوضيح المقاصد الاجتماعية والسياسية والدينية وتشابهها في لغات متعددة خاصة التي تحاذي مدن البحر الابيض المتوسط,حتى إستمرت بالمحافظة على قوتها وبريقها ووضوحها وتداولها رغم تقادم الزمن وتتابع الاديان,ورغم كل التحديات الفكرية والايدلوجية والسياسية وسيطرة الانطمة المستبدة والشمولية والتي حاولت جاهدة لمحو آثارها التربوية والإنسانية والحضارية وطمس معالم نموها وتطورها والمحاولات اليائسة لتشويهها والنيل منها وخاصة في  الغزوات الرومانية في القرن الاول الميلادي على ثغور مدنها. الأمر الذي جعل الباحثون ورجال الفكر واللغة , أن يرمموا كثيرا من المصطلحات وإعادتها الى أصلها السرياني,ومصدرها الحي النابض بكل معاني الوضوح حتى ظلت معافاة تحتفظ بمرونتها وسهولة نطقها وقربها من العربية والعبرية معا وتداولها السهل الجميل حتى أصبح إستخدامها  واسعا ولم يقتصر على المؤسسات البحثية والعلمية والتاريخية وانما  برز في المجتمعات الريفية والزراعية واصحاب المهن..
إن الدلالات التاريخية التي تحملها هذه اللغة تجعلنا نبحث في المصدر والمعين الصافي الذي تدفق بهذا الاثراء الجميل  وأوصلها بشكل أمين الى الأجيال اللاحقة, دون تحريف أوتغيير جذري في بناها وتركيباتها بشكل يخل بتوازن المعنى العام ولاتبتعد عنه,حتى  نلمسها ونتذوقها بشعرية وغزارة في المفردات وتناغم موسيقي آخاذ..