المحرر موضوع: كتل كونكريتية عملاقة  (زيارة 630 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل علي فهد ياسين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 467
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
كتل كونكريتية عملاقة
« في: 11:21 05/05/2016 »
كتل كونكريتية عملاقة
بعد واقعة احتلال البرلمان العراقي يوم السبت الماضي، لم تبادر الكتل البرلمانية وقادتها الى تغييرمناهجها العقيمة في قيادة البلاد، والتي افضت الى الخراب العام والتضحيات الجسيمة بالارواح والممتلكات واحتلال العصابات الارهابية للمدن العراقية، واستمرت على منوالها في الصراعات الجانبية والتصريحات الفارغة التي تعود عليها العراقيون طوال السنوات الماضية، في محاولة لتفريغ الحدث من دلالاته العميقة وتحوله الى اعتداء على السيادة الوطنية وهيبة الدولة، وتعتمده عنواناً رئيسياً لنشاطها السياسي والاعلامي خلال الايام الماضية، وكأنها الضحية التي منعها المحتجون من اداء واجباتها الدستورية باقتحامهم البرلمان !.
هذا الاسلوب الهزيل في التعامل مع الحدث للتغطية على حقيقة مسبباته، هو محاولة مكشوفة للتهرب من المسؤولية الجسيمة لطواقم السلطات في أصل حدوثه، والتملص من المطالب الشعبية للجماهير التي قامت به كفعل رمزي بليغ يعرف معانية الفاسدون ويحاولون التغاضي عنها، باثارتهم الزوابع الاعلامية حول السيادة والهيبة للمؤسسات الحكومية التي لم يحترموا هم ابجدياتها طوال السنوات الماضية.
لقد انكفئ السياسيون في المنطقة الخضراء وصموا آذانهم عن مطالب الجماهيرمنذ عام لانها لم تصل الى اسوارعروشهم، قبل أن يخترق المحتجون تلك الاسوار الواهية ويهددوا المحتمين بها من غضبهم الذي فاضت به النفوس، لتسقط الاستحكامات التي كانت توصف بأنها (شديدة التحصين)، وليبرهن الواقع بأن لاتحصينات تحمي السياسي من شعبه سوى العمل الوطني النظيف من الفساد، وهذا هو بيت القصيد الذي يعرفه الجميع في المنطقة الخضراء وتوابعها في المحافظات ولايحتاج الى مراوغة وتضليل !.
 الفساد بات وباءاً في العراق و(فرسانه) لازالوا يصرخون دفاعاً عن حرمة المؤسسات وضرورة حمايتها وفقاً للدستور، متناسين تجاوزاتهم للدستوروتوافقاتهم على تعطيله تنفيذاً لمصالحهم الذاتية والحزبية، ولم يجني الشعب من ذلك سوى المآسي والخيبات وقوافل الشهداء وضياع الثروات وملايين من النازحين والمهجرين.
لقد تحولت المنطقة الخضراء الى (ورم سرطاني) في الجسد العراقي يعيق تنفيذ الدستورالذي صوت عليه العراقيون بدماء شهدائهم، وكأن سكانها غرباء وحاقدون على شعبهم، عوائلهم وثرواتهم ومتعلقاتهم في دول أخرى وطرقهم سالكة الى المطار!، وبدلاً من مصارحة شعبهم وتصحيح مساراتهم وطلب الغفران، يعودون مرةً اخرى الى اسلوب الطغاة في اقامة الحواجزوتعلية الاسوار بينهم وبين الشعب، كما نرى اليوم (بعد واقعة السبت) البدء باقامة سورجديد حول المنطقة الخضراء مكون من ( كتل كونكريتية عملاقة )، يعتقدون أنها تضمن لهم الحماية أفضل من سابقاتها التي (عبرها) المحتجون !.
المؤسف أن قادة السلطة في العراق لازالوا (يثقون) بالكونكريت بديلاً عن ثقتهم بالمواطن العراقي الذي انتخبهم، بالرغم من دروس التأريخ البعيد والقريب التي أثبتت فشل هذا المنهج العقيم في حكم الشعوب، وكأنهم يعترفون بأنهم تحايلوا على الشعب في الانتخابات التي أوصلتهم الى مواقع القرار، وقادم الأيام سيثبت ذلك طال الزمن أم قصر، وسيكون سلوكهم ونتائجه درساً جديداً من دروس التأريخ !.
علي فهد ياسين