أربعين يوماً على رحيل والدتي جميلة توما السناطي...
ها هي الأيام تتوالى ، والليل يعقبه النهار ، واولادك واحفادك ، عيونهم تتطلع إلى الباب ، عسى ولعل أن تدلفي منه بإبتسامتكِ التي لم تفارق محياكِ ، ذلك الوجه البريء المتواضع ،
الذي يدخل القلب دون تكلّف ، ووالدي الذي عشت معه العمر كله ، غير مصدّق إنك رحلت
دون رجعة ، ولكن لا زال في هاجس الإنتظار، فيحدوه الأمل في كل صرير باب أنك أنت
من فتح ذلك الباب ، وينصت لكل وقع قدم لعله أنت القادمة ، ولكن كل هذه الأمنيات تتلاشى
ولا يسمع غير الصدى الرهيب الذي لا يجيب ولا ينصف .
علينا أن نصدّق يا أماه بأنها حكمة الله ودستورها ، وان من رحلّ من هذه الدنيا الفانية
لن يعود ثانية ، ولكن يحدونا الأمل أن نلقاك في رياض الخلد الوارفة ، مع الملائكة والقديسين
الأبرار ، تنعمين بالراحة والسعادة الأبدية .
ولكن إن ما يحزّ القلب ويدميه ، لقد حلّ الربيع والطيور بنت أعشاشها وتفقست بيوضها
عن افراخ جميلة ، والزهور نبتت على حافات السواقي وعلى السفوح الخضراء كأنها لوحة
فنان ماهر ، وبراءة الأطفال التي احببتها باقية وتنتظر من كان يعشقها ، ولكنك رحلت
دون أن يكون ذلك متوقعا ً ، ولكن هذه هي سنّة الحياة ، نؤمن بأن الموت حق على كل حي
وسنرحل يوما ً ايضا ً كباقي كل البشر. لكن عزائنا إن لهذا الدستور حكمة يعلمها الخالق ،
وإننا سنلتقي ثانية ، في الأبدية ، وهذا هو الأمل والرجاء الذي يمنحنا الصبر والإيمان .
منصور سناطي