المحرر موضوع: وطن تحول الى .. " مدفن جثث "  (زيارة 3724 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوسف تيلجي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 465
  • كاتب ومحلل في مجال نقد الموروث الأسلامي
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
وطن تحول الى .. " مدفن جثث "
« في: 07:33 14/06/2016 »
                                                    وطن تحول الى .. " مدفن جثث "
                                                            مقالة في جلد الذات
 
    لا زلت مدفون بقلبي سرا أيها الوطن ، جثة مجهولة الأسم والعنوان والأرض و.. ، لا شاهد على قبرك ، أنت أجمل عروس أيها الوطن ، ولكنك عروس ضحية ، عروس تعاقبوا على مضاجعتها كل أفراد القبيلة بدل عريسها ، ثم تركوها عارية تنزف مضطجعة على فراش عرسها ، والذئاب تلعق دمائها ، وجاء الحراس وعوض أن يدفنوها ليستروا جريمتهم علقوها عارية مصلوبة على الصليب ، ووقفوا بعد حين في يوم العزاء ، حكام وساسة ورجال دين .. بعمائمهم وسبحهم الطويلة وخواتمهم الفضية ، يتلقون تعازي المعزين فيها غير خجلين ، غير آبهين بما فعلوا ، تاركين الصليب والمصلوب على مرمى من سرادق العزاء ، كبرين بعد الحين والحين .. " الله أكبر " ،      " الرحمة للوطن " ، رجال باعوا الله ورسله وكتبه وأشتروا الشيطان وسبله وخططه ، لا وطن لي أيها الزمن ، ألا الأهات المدفونة بقلبي ، لا وطن لي ، ألا ملامح  وذكرى وخيال كان أسمه " الوطن " .   

                     ------------------------------------------------

       لا وطن لي أيها الوطن ، الوطن تحول الى مدفن للجثث ، ولكن حتى الوطن في نعومة أظفاره كان ذكريات أليمة ومآتم حزينة و قصص مثيرة تتخللها في بعض الأحيان ضحكات الطفولة ، لا وطن لي ، أنا كاليتيم بدونك ، أنا كالرضيع الذي فطم قبل أوانه ، لم أكن أحلم أن تتحول الى ذكرى وطن ، ذكرى مسروقة من مخيلتي ، ذكرى حولها الغوغاء الى سلعة تباع وتشترى في سوق النخاسة ، كنت سمفونية ألم وحزن وأنين ولكن كنت عزيزا ، كنت روضا عبق عطره ينفذ الى الروح فتحولت الى جيفة وجثث لم يكفها القبور فطرحوها في الأنهار والترع والمزابل ، كيف للأبناء أن يتحولوا الى مغتصبين ، كيف للنخيل أن تقطع أوصال جذورها وتتحول الى حطب ترمى للنار، وكيف لفلاحي الوطن أن يبذروا الملح في الأرض بدل البذور ، أنت وطن فقد بين المقابر وتاه بين الأزقة والطرق أنت طفلة أيها الوطن فقدت مرضعتها فأرضعوها السم والكراهية والبغضاء ، أنت " وطن الأهات "  أيها الوطن .