المحرر موضوع: عبداللطيف إطيمش يكتب عن بدر شاكر السياب  (زيارة 956 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31477
    • مشاهدة الملف الشخصي
عبداللطيف إطيمش يكتب عن بدر شاكر السياب
الكتاب عبارة عن سردية رهيفة سلسة مثيرة للحزن والمتعة، أشبه ما تكون بشريط يعرض أحداثا وشخصيات كانت عماد الحداثة الشعرية العربية، ومحور السرد دائما كان السياب.
العرب [نُشر في 17/06/2016، ]


بدر شاكر السياب الأول من اليسار
بغداد - يرصد كتاب “بدر شاكر السياب في أيامه الأخيرة” للشاعر العراقي عبداللطيف إطيمش، مجموعة من الذكريات الشخصية التي يحملها المؤلف عن الشاعر السياب، منذ الأحداث العاصفة والظروف التي قادته إلى التعرف عليه لأول مرة عام 1957 ببغداد أثناء الأمسية الشعرية التي دُعي إليها السياب في دار المعلمين العالية، وحتى الشهور القليلة التي قضاها مريضا بالكويت، حيث قدر للمؤلف أن يشهد الأيام الأخيرة المأساوية التي قضاها الشاعر الراحل في المستشفى الأميري، ويتابع مأساة غربته ومعاناته التي انتهت برحيله الفاجع في الرابع والعشرين من ديسمبر 1964.
وقد أهدى عبداللطيف إطيمش كتابه “بدر شاكر السياب في أيامه الأخيرة”، الصادر عن دار “جداول” للطباعة والنشر ببيروت تزامنا مع الذكرى التسعين لولادة رائد الحداثة الشعرية العربية الشاعر بدر شاكر السياب، إلى الشاعر الكويتي علي السبتي، وهو صديق بدر شاكر السياب في محنة مرضه التي قضاها في الكويت، كما أنه هو من حمل جثمانه من الكويت إلى مقبرة الحسن البصري، حيث دفن في مدينة البصرة.

ويحتوي الكتاب على معلومات أدبية وتاريخية غير معروفة، إلى جانب ذكريات شخصية للمؤلف مع بعض أعلام الأدب العراقي ورواد الحداثة الشعرية كالجواهري والبياتي ونازك الملائكة وبلند الحيدري ولميعة عباس عمارة وسعدي يوسف وحسين مردان وجبرا إبراهيم جبرا وراضي مهدي السعيد وغيرهم ممن عرفوا السياب وربطتهم به صداقات أدبية.

كما يكشف من خلال المحادثات التي أجراها المؤلف مع السياب عن دافع الحركة الأدبية والثقافية في العراق إبان خمسينات وستينات القرن الماضي، وهي الفترة التي شهدت صراع الأحزاب السياسية وتناحرها المرير وتورط السياب بانتمائه الحزبي وخلافاته الأيدلوجية مع رفاقه وأصدقائه، مما جر عليه الكثير من المتاعب النفسية والجسدية التي تسببت في مرضه وتدهور صحته وعجلت بوفاته بعيدا عن وطنه. والكتاب من جنس المذكرات، كما يرى الباحث خلدون الشمعة، وهو نتاج حائك وماهر، نسج عبداللطيف إطيمش مادته على نولين: نول السيرة الذاتية الذي يتعقب خيوط شبكة مواكبته لأحداث موثقة ذات محمول ثقافي ومعرفي وسياسي من خلال علاقة السياب الشخصية بأدباء عراقيين وعرب معاصرين، ونول السيرة الذي يتبع خيوط موضوعه المُكرس لرصد حياة الشاعر الكبير بدر شاكر السياب (1926-1964) ليس في أيامه الأخيرة فحسب بل في مرحلة أبكر من ذلك بكثير.

وتتداخل بين سيرة المؤلف وسيرة السياب وعلاوة على ذلك فالكتاب لم يسع إلى استعادة الدور الريادي الذي لعبه السياب بقدر ما يروم استرجاع نسيج التفاصيل والنمنمات التي رسمت سيرورة حياة الشاعر الخاصة استرجاعا موثقا والحال أن التداخل الشديد بين هاتين السرديتين يعكس بعضا من جوانب عناصر الحداثة التي تمثلها الشعرية العربية. إلا أن الهدف واحد من تأليف الكتاب، فهو لا يرمي إلى استعادة الدور الريادي الذي لعبه السياب بقدر ما يسعى من خلال سرد متدفق وممتع إلى استرجاع نسيج التفاصيل التي رسمت سيرورة حياته الخاصة.

الكتاب عبارة عن سردية رهيفة سلسة ولكنها مثيرة للحزن والمتعة في آن، أشبه ما تكون بشريط يعرض أحداثا وشخصيات كانت عماد الحداثة الشعرية العربية، ومحور السرد دائما كان السياب.