المحرر موضوع: مؤتمر الحزب الشيوعي الفنلندي الرأسمالية عقبة أمام حرية الانسان ورفاه الشعوب وتهدد مستقبل البشرية !  (زيارة 680 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوسف أبو الفوز

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 680
    • مشاهدة الملف الشخصي
مؤتمر الحزب الشيوعي الفنلندي
الرأسمالية عقبة أمام حرية الانسان ورفاه الشعوب وتهدد مستقبل البشرية !

خاص طريق الشعب ــ هلسنكي                      
يوسف أبو الفوز

في مدينة توركو، العاصمة التأريخية لفنلندا، الواقعة 168 كم شمال غرب العاصمة هلسنكي، ولليومين 4 ـ 5 حزيران الجاري، عقد الحزب الشيوعي الفنلندي مؤتمره الدوري، الذي يعقد كل ثلاث سنوات مرة، بمساهمة 100 مندوبا و 12 مراقبا وبحضور ممثلين من 16 حزبا شيوعيا ويساريا، ومنها الحزب الشيوعي العراقي الذي مثله الرفاق هيفاء الامين، عضو اللجنة المركزية للحزب، ويوسف أبو الفوز ورياض مثنى من منظمة الحزب في فنلندا. وتلقى المؤتمر برقيات ورسائل تهنئة من العديد من الاحزاب الشيوعية واليسارية، ومنها رسالة تهنئة من اللجنة للحزب الشيوعي العراقي.
وتم إقرار شرعية المؤتمر وثم أنتخاب هيئة الرئاسة وبقية اللجان العاملة، وتم تشكيل وإقرار لجان ورش العمل المقترحة، والتي روعي في تشكيلها ان تضم في عضويتها مندوبين ممثلين عن مختلف المدن الفنلندية.
وبعد أن غنت فنانة شيوعية فنلندية ، اغنية ثورية نضالية، أفتتح الرفيق يوها ــ بيكا فايساسين JP (Juha-Pekka) Väisäsen، رئيس الحزب ، جلسات المؤتمر بتلاوة التقرير السياسي الذي تناول الازمة الاقتصادية في البلاد بسبب من سياسة النخب اليمينية الحاكمة، والتي أدت الى تراجع فنلندا على مقياس السعادة العالمي قياسا بالسنوات السابقة. وتحدث عن ازمة موجة اللاجئين الى البلاد، التي تتحجج بها كثيرا الحكومة اليمينية الحالية، وحّمل التقرير سياسات القوى الكبرى والحروب التي اشعلتها في افغانستان والعراق وسوريا ومناطق اخرى مسؤولية عن الهجرة المتزايدة الى اوربا،فالحروب ـ كما أكد التقرير ـ "لا تنتج سوى البؤس الاقتصادي والحرمان وعدم الاستقرار الاجتماعي ونشاط الجماعات المتطرفة، فيضطر الناس إلى ترك منازلهم والبحث عن ملجأ أمن في مكان آخر". وبين التقرير ان الحزب الشيوعي الفنلندي، ولمواجهة سياسة حكومة اليمين الحالية اعتمد سياسة التعاون والتنسيق مع طيف واسع من قوى اليسار وجبهة احمر ـ اخضر معتمدا على اهمية تحشيد كل القوى لاجل التغيير. واكد التقرير ان خبرة السنوات الثلاث الماضية في العمل والتعاون مع الاطراف الاخرى، جلبت المزيد من الناس والتنظيمات للاشتراك في حركة الاحتجاج، وهكذا خرج الالاف من المتظاهرين الى الشوارع،لأنهم ادركوا واقتنعوا ان الامن الاجتماعي في الصحة والتعليم وسائر الخدمات الاساسية لا يمكن الحفاظ عليها من خلال الجلوس في البيت، وأشاد التقرير بالمشاركة الواسعة للشباب في  مختلف الاحتجاجات .
وفي اطار النضال لاجل حقوق الشعب العامل وخصوصا ذوي الدخل المحدود اشار التقرير الى ان هناك حاجة لتطوير العمل لمواجهة سياسات الليبرالية الجديدة والشركات الكبرى، للحد من نفوذ راس المال الكبير وحماية السلام والعمل لفتح الطريق نحو سياسات اشتراكية. وأكد التقرير "ان دولة راسمالية الشركات الكبرى والمؤسسات المالية تعتبر من وجهة نظر الشيوعيين عقبة خطيرة أمام التنمية الرشيدة وحماية البيئة. ان التهديدات والمخاطر ترتبط مباشرة بأسلوب الانتاج الراسمالي ومنطق رأس المال، من هذا نقول أننا الشيوعيين نعتبر الراسمالية عقبة أمام حرية الانسان ورفاه الشعوب وتهدد مستقبل البشرية جمعاء " واشار التقرير الى ان " الافكار الاشتراكية صارت تعني عند الكثيرين تغيرات عميقة في علاقتنا بالعمل ، السلطة ، الطبيعة والدول الاخرى والشعوب لاجل بناء حضارة انسانية جديدة".
وفي اطار علاقات الحزب الشيوعي الفنلندي اشار التقرير الى ان الحزب هو جزء من عائلة قوى اليسار والاحزاب العمالية الاوربية والعالمية، ويسعى لتطوير علاقاته ليس فقط في تبادل "بطاقات التهنئة " وانما للعمل على الارض. وفصل التقرير في ذكر تجارب وحملات ساهم بها الحزب الشيوعي الفنلندي في العمل لاجل السلام والبيئة وحقوق الانسان ولاجل تكوين وعي مشترك في مجمل القضايا .
 وتحدث التقرير عن سياسة الكراهية والعنصرية في البلاد ، وادان بحزم سياسة قوى اليمين التي تضع اللوم على المهاجرين واللاجئين، مشيرا الى ان المهاجرين وطالبي اللجوء والمتقاعدين والمرضى صاروا كبش فداء لسياسة جشع الليبرالية الجديدة المتعمدة .
وافرد التقرير مساحة واسعة للحديث عن علاقة فنلندا بحلف الناتو والسلام في المنطقة واشار الى ان فنلندا لا تحتاج للدبابات الاجنبية والمقاتلين الاجانب، فكل عام صار ينظم حلف الناتو تمرينات اكثر على الاراضي والمياه الفنلندية ، بمباركة من حكومة اليمين تحت حجج التعاون لاجل السلام بالرغم من البرلمان لم يصوت على هذا التعاون . وان الولايات المتحدة الامريكية تدفع فنلندا يوما بعد اخر لتكون جزءا من المواجهة مع الجارة روسيا، وان الاموال  الطائلة التي تخصص لهذه المناورات كان يمكن  تخصص لاحتياجات الشعب الذي يعاني من سياسة التقشف والخصخصة حيث ان حكومة اليمين خفضت 300 مليون من مساعدات التنمية لهذا السبب.
وتناول التقرير في فقرات منفصلة، موضوع المساواة بين الجنسين، الساسية الاوربية، التضامن الاممي وسياسة الهجرة واللجوء في اوربا وفنلندا . وانتهى التقرير بالدعوة لتشكيل جبهة واسعة تضم مختلف القوى  من  اليسار والخضر حيث تبرز الحاجة دوما للعمل المشترك لاجل اوربا افضل وفنلندا مختلفة وعالم يسوده السلام والتآخي. وحيا التقرير نضال القوى العاملة والشيوعيين في كل مكان في العمل لاجل السلام والعدالة الاجتماعية وحماية البيئة والتعدد الثقافي .
وليوميين متاليين شهدت قاعة المؤتمر سجالات ومناقشات بأجواء ديمقراطية مسؤولة وثم تم أقرار التقرير السياسي وثمان اوراق عمل غطت مختلف مجالات عمل الحزب الفكرية والسياسة والاجتماعية، وتكشف عناوين الاوراق عن محتواها المزدحم بالكثير من الاسئلة والعناوين الفرعية : مصير الاشتراكية في فنلندا،  التحريض على الحرب والعمل لاجل السلام، الناس والعمل في اوربا، خدمات الرعاية الاجتماعية والصحة العامة، النضالي البيئي والاجتماعي،الامن الاجتماعي الاساسي، التضامن واحوال الهجرة وايضا ورقة بكل ما يتعلق بالبرلمان الفنلندي . وقدمت في المؤتمر بعض الاراءمن قبل المندوبين، التي أتفق على تمحيصها ودراستها أكثر ، مثل ضرورة اجراء تغيرات على شعارات الحزب ورموزه التي يستخدمها ارتباطا بالتغيرات الجارية في فنلندا واوربا والعالم .
وقوبلت رسالة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي الى المؤتمر ،التي قرأتها الرفيقة هيفاء الامين بعاصفة من التصفيق والترحيب، وحملت الرسالة الى المؤتمر التحيات من الشيوعيين العراقيين والامنيات بنجاح المؤتمر والثقة بأن المؤتمر سيعزز من دور ونفوذ الحزب الشيوعي الفنلندي ودوره في النضال والدفاع عن حقوق وحريات الشعب والعمال في فنلندا ومن اجل الحقوق المتساوية للمرأة وحقوق الانسان في العالم ومن اجل السلام. واوضحت  رسالة التحية دور الشيوعيين العراقيين ومشاركتهم الفاعلة في حركة الاحتجاج المستمرة في العراق من عشرة شهور، ضد الفساد وسياسة المحاصصة الطائفية. واشارت الرسالة الى دور الشيوعيين العراقيين في المساهمة في الجهد الوطني لمكافحة وهزيمة "داعش" المنظمة الارهابية وغيرها من المنظمات الارهابية، واكدت ان الحزب الشيوعي العراقي يواصل العمل والنضال لاجل العدالة الاجتماعية ولبناء دولة مدنية ديمقراطية في عراق ديمقراطي فيدرالي حر .
وفي اخر جلسات المؤتمر تم اعلان انتخاب اللجنة المركزية الجديدة للحزب الشيوعي الفنلندي، التي روعي فيها التنوع الجغرافي لتغطي عموم البلاد، والمكونة من 40  عضوا اصيلا، وعشرة مرشحين (بدلاء)، كان بينهم 14 عضوا جديدا، ونسبة النساء بينهم 42% ونسبة الثلث منهم من الشباب. وانتخب المؤتمر سكرتيرا عاما جديدا للحزب هو العاملة في البريد الرفيقة الشابة بيترا باكلين (32 عاما) بينما احتفظ الرفيق الفنان يوها ــ بيكا فايساسين (50 عاما) بمهة رئيس الحزب، وانتخب نائبان للرئيس الاول الرفيق ميغيل لوبيز (57) مدرس جامعي، والرفيقة سوزانا ريسانين (32 عاما) وتعمل باحثة اجتماعية .
 وعلى هامش اعمال المؤتمر قام اعضاء وفد الحزب الشيوعي العراقي باللقاء مع وفود الاحزاب الشيوعية للحديث عن ظروف عمل الحزب ونضاله الدؤوب، وتم توزيع  بشكل واسع رسالة الحزب للضيوف والمندوبين باللغات الانكليزية والفنلندية ، وتم توزيع نسخ باللغة الانكليزية من البلاغ الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاخير المنعقد في 26 ايار المنصرم على الضيوف ومسؤولي المنظات المحلية للحزب الشيوعي الفنلندي. ومن الوفود التي تم اللقاء بها الحزب الشيوعي النرويجي، الحزب الشيوعي السويدي، الحزب الشيوعي في جنوب افريقيا، حزب اليسار الاستوني، الحزب الشيوعي الروسي، الحزب الشيوعي الدانماركي، وفد السفارة الفلسطينية في هلسنكي، واضافة الى ممثلي العديد من منظمات المجتمع المدني الفنلندية.
وعلى هامش اعمال المؤتمر، وبالتنسيق مع اليسار الاوربي ، نظم الحزب الشيوعي الفنلندي في هلسنكي ، يوم 6  حزيران ، ندوة نقاشية عن الاوضاع في القطب الشمالي، حضرها ممثلي الاحزاب الشيوعية من ضيوف لمؤتمر، وشارك فيها اساتذة وباحثون وكتاب قدموا مداخلات مختلفة حول الامن والبيئة والتغير المناخي وحقوق الشعوب الاصلية المقيمة في المنطقة، وسياسات حلف الناتو، وكان للرفيق يوسف ابو الفوز مساهمة في الحديث عن التعدد الثقافي والتداخل الثقافي في منطقة القطب ، وشهدت الندوة سجالات ونقاشات حول محاور عديدة ساهم فيها العديد من المتداخلين من ممثلي احزاب اليسار ومنظمات المجتمع المدني .
الحزب الشيوعي الفنلندي في سطور
تأسس الحزب الشيوعي الفنلندي عام 1918 ، ولكنه ظل يعمل بشكل سري حتى عام 1944، حيث توفرت له الفرصة للعمل العلني . ودخل حينها في التحالف الديمقراطي للشعب الفنلندي الذي كان مظلة لكل اليسار الفنلندي. في فترة الحرب الباردة كان اليسار الفنلندي والشيوعيون طرفا اساسيا في العديد من الوزارات الحاكمة، وفي منتصف الستينات قدرت مؤسسات رصد امريكية عضوية الحزب الشيوعي الفنلندي باربعين الف عضوا، ولكن الشيوعيين الفنلنديين لم ينجحوا في صعود ممثل عنهم الى رئاسة الوزراء او رئاسة الجمهورية. وكان للحزب الشيوعي الفنلندي نشاط واضح بين صفوف الشبيبة والطلبة ، وعند استعراض الخارطة السياسية في فنلندا نجد ان العديد من زعماء اليسار، لاحزاب مثل الخضر واتحاد اليسار وحتى الديمقراطي الاجتماعي كانوا شيوعيين في فترات شبابهم ، او كوادر نشطة في اتحاد الشبيبة الشيوعية الفنلندية . ان انهيار الاتحاد السوفياتي اثر بشكل كبير على التحالف الديمقراطي للشعب الفنلندي، الذي عاش صراعات ايدلوجية حادة ، وسببت انشقاقات في التحالف وظهور عدة تجمعات شيوعية ، وعلى اثرها تأسس حزب اتحاد اليسار عام 1990، كحزب اكثر ليبرالية وقربا من الحزب الاجتماعي الديمقراطي في برامجه وتوجهاته، وهو الان من احزاب المعارضة في البرلمان الفنلندي. الحزب الشيوعي الفنلندي وبعد صراعات فكرية وتنظيمية استطاع اعادة تنظيم نفسه ، وتكلل ذلك بالنجاح في عقد مؤتمر اعادة التأسيس في شباط 1997. وللحزب حاليا اكثر من مئة منظمة اساسية و14 فرعا كبيرا . وللحزب الشيوعي الفنلندي العديد من الممثلين في المجالس المحلية والمدن ، ومنها العاصمة ، حيث يحتل رئيس الحزب السابق الرفيق أريو هاكنين مقعدا في مجلس العاصمة ، هلسنكي ، ويتمتع مجلس العاصمة بصلاحيات واسعة ونفوذ كبير. 

عن طريق الشعب العدد 211 ليوم الاثنين 20 حزيران 2016