كنائسنا خرجت عن صمتها بعد سكوت أحزابنا عن قول الحقيقة!!
أوشـــانا نيســـانقبل 101 عام أعلنت خلافة الدولة العثمانية عمليات الابادة الجماعية/ الجينوسايد أو المحرقة تحت عنوان" الخلاص من المسيحين". طالت المحرقة تلك جميع مسيحي الامبراطورية بغض النظر عن انتمائهم القومي، العرقي أو المذهبي. حيث قدحت شرارة الهولوكست في نفس السلطان العثماني فتكا بالشعب الارمني الشقيق بعدما أصدرالسلطان قراراعدام بطريركهم المسن وعمره 84 عاما، ليشمل قراره تباعا جميع الاشوريين واليونان وفي مقدمتهم زعماء كنائسنا المقدسة وعلى رأسها المطران أدي شير مطران سعرت ومن ثم تصفية بطريرك كنيسة المشرق الاشورية الشهيد مار بنيامين في قصبة كهنة شهرالايرانية.
هذه المذابح الوحشية التي تعتبر بحق عنوانا لجرائم الابادة الجماعية الاولى في التاريخ الحديث بعدما راح ضحيتها ما يقارب من مليوني مسيحي أرمني، سرياني أشوري ويوناني. شاركت في تنفيذ الحملة عشائر كوردية، شيشانية وتركمانية بحجة الجهاد المقدس والتخلص من المسيحيين الكفرة حسب قرارسلطانهم بالامس واعتقاد خليفة الدولة الاسلامية المتشددة في العراق والشام "داعش" هذه الايام.
اليوم وفي خضم الجرائم الوحشية التي يرتكبها تنطيم "داعش" الارهابي ضد المواطنين المسيحين الابرياء في جميع بلدان الشرق الاوسط وتحديدا في العراق وسوريا، لم يتوان زعماء كنائسنا لحظة في اداء مهامهم القومية الى جانب واجبهم الديني المقدس وهونشر بنود وتعاليم رسالة سيدنا المسيح.
في حين وفي الجانب الاخر يستغرب المتابع، كيف تمر ذكرى مرور مائة عام على الابادة الجماعية لآبناء شعبنا والشعب الارمني الشقيق مرور الكرام على أجندة معظم قياداتنا "الحزبية" والسياسية بعدما اكتفت معظمها أن لم نقل جميعها باصدار بيان شجب وادانة أو بلاغ باهت. رغم استمرار قوى الشر والظلام وعلى راسها تنظيم داعش الاجرامي على ضرورة تصعيد جرائمه البشعة ومؤامراته الدولية والاقليمية المنظمة ضد الابرياء من أبناء شعبنا ورموزنا الدينية في بلدان الشرق الاوسط.
أذ رغم مرور مائة عام على سيفو عام 1915، فان عددا من القيادات السياسية في الشرق، لم تكتف بالنتائج الدموية لجل الفضائع بحق الانسانية وجرائم ابادة الجنس البشري ابان الحرب العالمية الاولى، بل أرادت أن تحي الذكرى من جديد على طريقتها في زمن العولمة من خلال الاصرار على سفك المزيد من الدماء وقتل الابرياء وضرب الرقاب بغير حق وعلى راسهم رجالات الدين المسيحي المسالم. حيث جاء التفجيرالانتحاري الذي حدث بالامس 19 حزيران الجاري في حي الوسطاني في مدينة قامشلي السورية، شاهدا على أستمرار هذا الاجرام العثماني المتوارث من جيل الى جيل ولربما بشكل اخر. لآن المستهدف الاول في تفجير الامس كان البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني كريم بطريرك انطاكية وسائر المشرق، والذي قدم بهدف تدشين النصب التذكاري لشهداء الابادة الجماعية بمناسبة الذكرى السنوية الاولى بعد المائة لمذابح سيفو عام 1915.
علما ان المؤمنين من أبناء شعبنا في دول الشتات والاغتراب أيضا شاركوا في احياء مراسيم الذكرى السنوية الاولى بعد المائة لمجازر الارمن وابناء شعبنا ضمن الامبراطورية العثمانية. حيث شارك نيافة الاسقف مار عبديشوع أوراهام أسقف كنيسة المشرق الاشورية وراعي أبرشية القارة الاوروبية ضمن المراسيم التي جرت في العاصمة الالمانية برلين بتاريخ 15 حزيران الجاري.
حيث ذكر نيافته" أن حضورنا هو لاستذكار الاشوريين الذين حافظوا على هويتهم القومية بدفع دمائهم ثمنا لبقاء الاسم القومي الاشوري، لذلك فان الشعب الذي تعرض للمذابح هو الشعب الاشوري وتلك المذابح هي مذابح بحق الاشوريين جنبا الى جنب اخوتهم من الشعب الارمني واليوناني وواجب علينا ودين في اعناقنا أن نستذكر سنويا تلك الاحداث الاليمة التي حلت بشعبنا.. ثم أضاف الاسقف.. من واجب هذه البرلمانات ان تعترف بان الضحايا الكثير من الاشوريين الابرياء هم ايضا جزء من تلك المذابح التي كان الهدف منها محو والغاء الهوية القومية الاشورية".
في حين ومن الجانب الاخر، تطالعنا الافتتاحيات واعمدة الصحف المحلية والمواقع الالكترونية التابعة لاحزابنا وفي اليوم نفسه، خبر اللقاءات الرسمية التي جرت بين سكرتير حزب من أحزاب شعبنا والاقطاب السياسية في رئاسة الاقليم الكوردستاني أو حتى زيارة من زياراته المفاجئة الى وحدات حماية سهل نينوى أو زيارة قوات البيشمركة في محاور مختلفة في تللسقف أو الخازر أومخمور أو غيرها من المواقع كما ورد في الخبر المنشور على موقع عنكاوا كوم بتاريخ 16 حزيران الجاري، باعتبار الزيارة دليلا على حسن النية ودافعا وطنيا "بحق" لتوثيق اواصر الصداقة بين الشعبين الكوردي والاشوري. رغم أن العارف بالمستجدات السياسية في الاقليم يعرف جيدا ان اللقاءات هذه أوالزيارات كلها مطلوبة ومفهومة تماما ولكن التساؤل الذي يفرض نفسه هو:
لماذا تحلل الشرعية الحزبية الضيقة أن يزور السكرتير "الحزبي" الاشوري قطعات البيشمركة في جميع المحاور القتالية في الاقليم في الوقت الذي تحرم عليه الشرعية نفسها زيارة فصيل واحد من فصائل أبناء شعبنا وهو صامدا على خط النار لتحرير مناطقنا وقرانا في سهل نينوى من دنس تنظيم داعش الارهابي؟