المحرر موضوع: لماذا 'العرب' مع بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي  (زيارة 1115 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31485
    • مشاهدة الملف الشخصي
لماذا 'العرب' مع بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي
الجالية العربية الإسلامية مدعوة للمشاركة في استفتاء مصيري يحدد بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو خروجها منه.
العرب [نُشر في 21/06/2016،]


استفتاء مصيري
واصلت صحيفة “العرب” تغطيتها لحملة الاستفتاء حول بقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي أو خروجها منه. ولم تخفِ الصحيفة موقفا يميل بوضوح إلى بقاء بريطانيا عضوا في الاتحاد الأوروبي وأشارت إلى الكثير من العوامل السياسية والاقتصادية والنفسية التي تجعل الجاليات العربية والإسلامية المهاجرة أكثر رغبة في “البقاء” وضد “الخروج”.
بعد غد يذهب الناخبون البريطانيون إلى صناديق الاستفتاء لكي يدلوا بأصواتهم التي يمكن أن تكون حاسمة بسبب تقارب الأرقام التي جاءت بها استطلاعات الرأي بين خياري “البقاء” و”الخروج”. والمهاجرون العرب والمسلمون ممن يحملون الجنسية البريطانية مدعوون إلى المشاركة في هذا الاستفتاء المصيري. وصحيفة “العرب” تتمنى أن يميلوا بوعي لصالح “البقاء” لأسباب عديدة أسهبنا وأسهب المحللون في عرضها خلال الأسابيع الماضية.

مما يؤسف له أن تأتي جريمة اغتيال النائبة البريطانية جو كوكس تذكيرا بخطورة المسار الذي تذهب إليه المجتمعات في أوروبا برفضها المتزايد للأجانب، بل ولانتقال الأوروبيين بين دول الاتحاد. اقتضى الأمر أسبوعين أو ثلاثة أسابيع من الدعاية المكثفة ضد المهاجرين او لانتقال العمالة بين دول الاتحاد الأوروبي، ليتحول الأمر إلى جريمة اغتيال شنيعة. هذا هو المناخ المسموم الذي يمكن أن يواجهه العرب والمسلمون المهاجرون خلال الفترة القادمة وهو حال يمكن أن يتصاعد بشكل كبير مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. الإشارة الخاطئة التي يمكن أن ترسل بعد “الخروج” يمكن أن تصبح الشرارة التي تطلق أحقادا ساذجة ومتراكمة بحق المهاجرين، سواء ممن يعيشون في بريطانيا أو في بقية أرجاء الاتحاد الأوروبي.

لقد قدم معسكر “الخروج” حجته والتي ارتكزت في الكثير منها على رفض المركزية الأوروبية وجادل بأن بريطانيا تستحق أن تكون أكثر استقلالا وحرية مما هي عليه الآن بعضويتها في الاتحاد الأوروبي. وشهر المعسكر سلاح التخويف من المهاجرين بشكل مريض ليروج لبضاعته الفاسدة. ودافع مستميتا ضد المبررات التي قدمها معسكر “البقاء”، وخصوصا الاقتصادية منها. لكنه في هذه العملية أطلق عقال إحساس بالكراهية والعنصرية كانت أوروبا كلها قد ظنت أنها قد شفيت منه ودفنته مع ما دفنت من ذكريات الحروب الكبرى.

لا بد من الاعتراف أن الجاليات العربية والإسلامية لم تعمل بجد من أجل التكامل مع المجتمعات الأوروبية التي استضافتها وحملت معها الكثير من أمراض مجتمعاتها. ولقد استكان بعضها إلى معازل مناطقية ونفسية قادت إلى حالات الشك وعدم الارتياح من قبل المضيفين الغربيين. لكن أيضا كان أفراد هذه الجاليات فاعلين في ما قدموه من خدمات وما جاؤوا به من رؤوس أموال وما استثمروا فيه من أعمال في أوروبا، وفي بريطانيا على وجه الخصوص. أي جردة حساب لا شك ستبين أن المحصلة كانت إيجابية وأن المهاجرين العرب والمسلمين، أسوة بأغلب المهاجرين، كانوا إضافة نوعية للمجتمع البريطاني، شاهد عليها كل طبيب عربي في مستشفى وكل تاجر مسلم فتح أسواق الشرق لبضائع بلده الجديد نحو بلده القديم وكل مؤسسة تعمل وتقوم بواجباتها من تشغيل أياد عاملة مختلفة ودفع للضرائب.

ثمة الكثير من العوامل التي عكّرت التواجد العربي والإسلامي في أوروبا وصارت الجالية تدفع ثمنها غاليا اليوم. مع الحروب في منطقة الشرق الأوسط، والهجمات الإرهابية في الغرب، تنامت ردود الفعل والاستقطابات المتبادلة. صار التواجد مشخصا بملبس ومسكن ومأكل وسلوك، تسامح معه المضيف الغربي أولا، ثم عاد ورأى أن هناك أزمة ثقة تتعمق بمرور الزمن وهو الأمر الذي زاد من حدة الجدل المصاحب لخيار “الخروج” و”البقاء”. أيا كان هذا الخيار فإن الجدل لن ينتهي. فأوروبا، ومعها بريطانيا بالتأكيد، تعيد تعريف علاقتها مع الوافدين وما يحملونه من قيم ومدى قدرتهم على التأقلم مع الحياة في الغرب. لكن المؤكد هو أن “الخروج” لن يخدم فرص الجالية أو حظوظ القادمين الجدد في المستقبل. لم تصل الأمور بالعنصرية المتنامية إلى أن تصبح فاشية، لكن خلطة الهجرة والوظائف وتبادل اللوم السياسي كانت كافية لإحداث ما يكفي من الجفوة التي استخدمها معسكر “الخروج” لتبرير أشياء كثيرة من أيديولوجيته الانعزالية.

استفتاء الخميس مصيري بالنسبة إلى الجالية لأنه امتحان بريطاني أولا على تسامح المجتمع البريطاني الذي يعتز بقدرته على التعايش مع القادمين وفي أن يجعلهم جزءا من النسيج الاجتماعي الملون والجميل الذي طالما كان سمة بريطانيا.

لا نريد لأبناء الجالية أن يعيشوا في منفى بريطاني بعيدا عن أوروبا الرحبة التي صارت تنظر بشك لكل عربي ومسلم. لا نريد لهم أن يخسروا حقهم الدستوري في السفر إلى أوروبا أو العمل فيها. لا نريد أن نرى طوابير اختفت منذ وقت طويل لمتقدمين للحصول على تأشيرة زيارة لأوروبا كما هو حال الذاهبين اليوم إلى الولايات المتحدة التي صارت تميز بين بريطاني أصيل وبريطاني من أصل عربي.

أبناء الجالية العربية والإسلامية مدعوون بأن يتركوا كل ما في أيديهم الخميس وأن يذهبوا إلى صناديق الاستفتاء ليقولوا إنهم اختاروا “البقاء”.