اللقاء الأول لكهنة العراق (20 – 22 حزيران 2016)
الكاهن في ضوء كتابات وأحاديث البابا فرنسيس
جمعها المطران يوسف توما
الرحمة ثم الرحمة!يمكن القول إن البابا فرنسيس منذ تسنمه السدّة الحبرية (يوم 13 آذار 2013) وضع نصب عينيه أن يصلح العلاقة بين الكاهن والشعب المسيحي. ويبدو ذلك من اختياره لهذه السنة كسنة مقدّسة للرحمة، إذ قرر أن يغيّر مسار عقلية متفشية منذ عقود يشتم منها نقصا في الرحمة وضعفا في ممارسة سر الاعتراف والنعمة الموكلة للكنيسة (والكاهن خصوصا) بغفران الخطايا، هذا إلى جانب تيارات القسوة والتصلّب التي غالبًا ما يتباها الاكليروس مع الشعب في أسلوب مواعظهم. لذا ليدنا الكثير الذي يمكن استعراضه عن البابا بهذا الشأن، أكتفي ببعض الخطوط العريضة في توجيهه للكهنة نحو ممارسة الرحمة:
بتأريخ: 30 /10/ 2015 خلال قداس في سانتا مارتا يقول البابا فرنسيس:
الكاهن الجيد يعرف كيف "يتأثر" و"ينخرط في حياة الناس." ليكشف حقيقة أن الله "يغفر لنا كأب، وليس كموظف في محكمة"... "إن الله رحوم. أي لديه رحمة لكل منا، لديه رحمة للبشرية، وقد أرسل ابنه للشفاء، لإعادة البناء والترميم. ومن المثير للاهتمام في مَثَل الابن الضال، الأب (أي الله)، عندما يرى ابنه يصل، يصير عنده شفقة. فرحمة الله ليست مجرد تعاطف". ويستطرد البابا قائلا: "إني أشفق على الكلب الذي يموت"، لكن رحمة الله شيء آخر: انها "وضع الذات في موقف الطرف الآخر، مع قلب أبوي". لهذا السبب: "أرسل الله ابنه".
"لقد كان يسوع يعتني بالناس، لكنه لم يكن معالجا، كلا! كان يعالج الناس باعتبار أن المعالجة هي علامة، علامة رحمة الله، لإنقاذهم، لجلب الخروف الضال. الله يعطينا قلبه الأبوي، يعطي قلبه لكل واحد منا. وعندما الله يغفر، فهو يفعل ذلك كأب وليس كموظف في المحكمة، الذي يقرأ قرار الحكم ويقول "الغفران لعدم كفاية الأدلة". الرب يغفر لنا من داخلنا. يغفر لأنه يضعه في قلب ذلك الشخص".
ولدى لقاء البابا كهنة أبرشيّة روما في بداية الصوم الماضي (شباط 2016)؛
وبعد أن منح سرّ الاعتراف لبعض الكهنة، جاء في كلمته: "نحن كهنة ولسنا أمراء، وبالتالي نحن خدام للناس..". ثم قال: "الله يسامح على الدوام ويسامح كل شيء". وحثّ الكهنة على تفهم الناس ومنح المغفرة، مؤكّدا أن هناك العديد من الأشخاص الذين يتألّمون بسبب المشاكل العائليّة وغياب العمل، وأن العديد من الأشخاص غير قادرين على التحرّر من الخطيئة، وبالتالي ينبغي أن يجدوا على الدوام أبًا في كل واحد منا، حتى وإن كنا في بعض الأحيان غير قادرين على منحهم الحلّة على خطاياهم، لكن علينا أن نُشعِرهم بحضور أبوي، فنقول لهم لا يمكنني أن أمنحك السرّ ولكني أمنحك البركة لأن الله يُحبّك فلا تيأس وسِرّ قُدُمًا! هكذا يكون الأب الذي لا يسمح بأن يبتعد ابنه عنه".
ثم أضاف: "علينا أن نكون رحماء كالآب، بلا أن نوبّخ الناس بل نمنحهم لمسة حنان الله. علينا أن نضمّد جراحهم تمامًا كما يفعل الأطباء والممرضات في المستشفى، إذ يمكن للكهنة أن يخففوا من آلام الأشخاص، إن كلمة حنونة من الكاهن تساعد التائب كثيرًا وتصنع المعجزات!".
وغالبا ما يقارن البابا فرنسيس بين الخطيئة والمرض (بعكس السائد لدينا بأن الخطيئة سوء وشرور فقط) فالبابا يعيد المسألة إلينا ككهنة، مشدّدا أن علينا أن نعالج الأمراض التي نتعرّض لها نحن رجال الدين، إذ جميعنا قد نصاب بها، وبالتالي ينبغي علينا أن نفهم أننا لسنا أمراء ولسنا أسيادا وإنما نحن خدّام للناس. لأن يسوع هو الرحمة وأن الآب أرسله، ويقول: "إن كنت لا تؤمن أن الله قد تجسّد فأنت "المسيح الدجال" (وهذا ليس قول البابا فقط وإنما هو من القديس يوحنا الرسول 1 يو 5/10).
"لقد أوكل الرب هذه الرسالة للكهنة ليذهبوا ويساعدوا الناس بتواضع ورحمة. الرحمة هي الله المتجسّد، إنها الحب وعناق الله الآب، إنها الحنان والقدرة على فهم الآخر في وضعه وظروفه؛ لذلك ينبغي علينا أن نكون أسخياء في منح المغفرة وأن نفهم أيضًا اللغات التي يعبّر الناس من خلالها، وكما نعلم هناك لغة الكلام ولغة التصرّف. فعندما يأتي شخص إلى كرسي الاعتراف فهذا الأمر يعني أن هناك شيء يزعجه وأنه يريد أن يغيّر حياته أو أن يطلب المغفرة ولكنه لا يعرف كيف يعبّر أو ماذا يقول، ولذلك غالبًا ما يبقى صامتًا. لا يجوز أن نقول له: "إن لم تتكلّم فلا يمكنني أن أعطيك الحلّة"، لا! فقد تكلّم من خلال تصرّفه أي من خلال قدومه إلى كرسي الاعتراف لأنه لا يريد أن يكرّر ما فعله".
وينصح البابا الكهنة بالقول: "كونوا رحماء كالآب، واغفروا كثيرًا! أشكركم على العمل الذي تقومون به لأنني أعتقد أنكم خلال هذه السنة ستعملون لساعات إضافيّة بدون أن تتلقوا أجرًا، لكن ليمنحكم الرب الفرح خلال ساعات العمل الإضافية هذه لتكونوا رحماء كالآب".
وما يتميز به البابا فرنسيس هي مواقف لم نألف مثلها من قبل، فقد طلب بركة الناس الواقفين في ساحة القديس بطرس يوم انتخابه قبل إعطائهم بركته. كذلك طلب البركة الاولى من كاهن جديد (يوم 17/4/2015)، سلفاتوري المصاب بسرطان فاجأه المرض مهدّداً حلمه بالكهنوت بالضياع، فوصل الى شفير الموت. لكن سلفاتوري لم يتخل عن حلمه آملاً ان يحظى أن يكون كاهناً ولو ليوم واحد. فأمر البابا بإتمام التحضيرات المستوجبة لرسامته كاهناً قبل إنهائه دروسه. وفعلاً تمت رسامته في بيت والديه لتعذّره عن السفر لسوء حالته الصحية. وقد بشره البابا فرنسيس هاتفياً بقرب رسامته وأنه يصلي من أجله وطلب منه ان يمنحه أولى بركاته الكهنوتية. وقد قال الكاهن الجديد: "اليوم أشعر بأني محمول على كتفي المسيح. وإن احتفلت بقداس واحد فقط، فذلك بالنسبة اليّ مشاركة حقيقية في كهنوت المسيح".
قبل عام في الرياضة الروحية العالمية الثالثة للكهنة (يوم 13 حزيران 2015) توجّه البابا فرنسيس إلى الكهنة متمنيا أن يسمحوا للحب الثالوثي أن يحوّلهم، ودعاهم للتأمل بمحبة الآب الرحيمة واللامتناهية ... "حتى وإن تخاصمتم مع الرب أو خنتم الأمانة فلا تخافوا! اقتربوا من الرب في بيت القربان وافتحوا قلوبكم واغتسلوا بدموع اليقين بأن الله قد غفر لكم من خلال سرّ الاعتراف".
ثم أضاف: "إن شعب الله يعرف كيف يميّز بين الكاهن الذي يحب يسوع والكاهن الذي يعيش كمجرّد أجير يعمل لدوام معيّن أو كشخص يطبّق الشريعة بحرفيّتها. ... أسألكم ألا يكون هناك ازدواجية في قلوبكم وألا يسكن فيها الرياء وإنما الحب والحنان والرحمة (...). على كل كاهن أن يشعر في قلبه أن الرب يضعه في خدمة شعبه، بالرغم من نواقصه وعدم أمانته، وهذا أمر رائع".
"وكما الأمر في الحب الزوجي هكذا أيضًا في حياة الكاهن الذي يسير قدمًا في محبّته للرب سيشعر شيئًا فشيئًا بلمسة معلّمه بطريقة متجددة يوميًّا فيبحث عنه بدوره ويبادله الحب، وإن لم يكن ذلك بالأمر السهل"،
"عندما تكون في حضرة الرب في سرّ القربان المقدس، لا تقلق إن غفوت، بل اسمح له بأن يحبّك وينظر إليك! اذهب إليه إلى بيت القربان ولا تتركه أبدًا... تأمل به فهناك تجد الحب، وإن لم تعرف ما يجب عليك أن تقوله له لا تقلق، فإن كنت تعبًا أخبره عن تعبك وإن شعرتَ بالنعاس يمكنك أن تنام واسمح له بأن ينظر إليك واترك الروح القدس أن يصلّي من أجلك... سيكون حديثك معه في تلك اللحظات حديث حبٍّ، حديث صامت بدون كلام"....
* ومن أهم المواضيع التي يسترعي بها البابا انتباه الكهنة مواقفه من:
الموعظة:يحثَّ البابا الكهنة بشأن مواعِظهم على أن تُخاطب قلوب المؤمنين مؤكّدًا أنه بإمكان العظة أن تكون فكرة أو صورة أو حتى شعورا، ويقول: " لا تنسوا أن العظة ليست محاضرة ولا درس تعليم مسيحي بل هي شيء مقدّس وبالتالي فلا تُفزعوا شعب الله الأمين بعظاتكم ولا تجعلونهم يهربون، ولا تطيلوا الكلام مضيعين الوقت بل حدِّثوهم عن يسوع وعن فرح الإيمان الراسخ والمبني على يسوع المسيح".
الحرفية في تطبيق القانون:"أشعر بأسى كبير عندما أعرف أن كاهنًا ما لم يمنح سرّ العماد لطفل أمٍّ وحيدة أو لأب قد تزوّج مرة أخرى. أقول لكم: لا يحق له أن يمنع عنه العماذ! وعندما يحصل هذا الأمر يكون قلب هذا الكاهن قلبًا بيروقراطيًّا متعلِّقًا بالتطبيق الحرفي للقانون وبتصرّفه هذا يحوّل الكنيسة من أمٍّ إلى "زوجة أب"! وبالتالي أسألكم أن تُظهروا على الدوام أمومة الكنيسة".
المسكونية وانقسام الكنيسة:بالنسبة إلى البابا ليست المسكونيّة مهمة إضافيّة يجب أن نقوم بها، "بل هي وصيّة يسوع لنا وبالتالي علينا أن نسعى لنوحّد جسد المسيح الذي انقسم بسبب خطايانا. علينا أن نطلب المغفرة لأننا جرحنا الكنيسة الأم المقدّسة".
والجديد لدى البابا فرنسيس أنه يعتبر أن الشهداء المسيحيين (من كل الطوائف) هم دربنا نحو الوحدة، فدم هؤلاء الرجال والنساء الذين يموتون اليوم من أجل يسوع المسيح يمنحوننا "مسكونيّة الدم"، التي نعيشها في يومنا هذا.
النعمة وعمل النعمة:يحثّ البابا الكهنة على الاهتمام بالنعمة وعمل النعمة في حياة المؤمنين، من خلال تجدّد المواهب. فغالبًا ما نتعرض لتجربة أن نعتقد أنفسنا "أسياد النعمة" وننسى أننا قد مُسحنا لنوزّعها، فالنعمة لا تُشترى، بل هي مجانيّة ولذلك تُدعى نعمة.
دور أكبر للعلمانيين:يشجّع البابا فرنسيس الكهنة على إعطاء دور أكبر للعلمانيين في الكنيسة ويدعوهم إلى الاهتمام بالفقراء وإعلان الإنجيل والشهادة له في الأماكن الأشدّ فقرًا.
المال وشيطان الجيب:يدعو البابا الكهنة إلى عدم التعلق بالمال والغنى، فيذكّر بالتطويبات وإعلان الإنجيل وسط الفقراء، ويقول بأن شعب الله الأمين لا يسامح أبدًا كاهنًا متعلِّقًا بالمال ويعامل الناس بطريقة سيئّة، ولذلك لا ينبغي علينا أن ننسى قط أن "الشيطان يدخل من الجَيب وما إن يدخل يحملنا مباشرة إلى الكبرياء والغرور". "ان روحية الفقر ليست روحية البؤس. باستطاعة الكاهن ادّخار المال لكن لا يجوز له ان يكون جشعاً، هائماً بالمال"، ويضيف: “عندما تدخل الكنيسة عالم التفاوض يصبح الأمر بشعاً، اعرف راهبة مهمة جداً كانت تخدم أفضل خدمة وأسست عددا كبيرا من المدارس إلا ان همّها الأول كان المال والمراكز فكان فقرها فقراً في الرأس فقط".
وتابع قصته حول راهبة في السبعين أغمي مرة عليها وحاولت معلمات مدرستها إعادة انعاشها فسمعت إحدى الحاضرات تقول: “فلنضع ورقة ١٠٠ بيزو في محفظتها لنرى ما اذا كانت ستستفيق". كانت للأسف هذه آخر الكلمات التي سمعتها الراهبة المريضة!
الثرثرة ارهاب بحد ذاته
طلب البابا من الكهنة ألا يسمحوا للدنيوية وحب المال السيطرة عليهم فيبقى يسوع هو المحور. وتأسف على وجود "ارهاب الثرثرة" في صفوف المكرسين والكهنة مشيراً الى ان حياة الجماعة ليست بالسهلة. وقال: "إن الشيطان يجربنا كي لا نعيش الأخوّة وسط الجماعة" واعتبر (القيل والقال) ارهاباً إذ إن: "من يتحدث بالسوء عن الآخرين هو ارهابي... يدمر الكنيسة".
أما بشأن “الخلافات بين الأشخاص”، فقد كان لدى البابا ملاحظات دقيقة وتحدث انطلاقاً من خبرته ومن كل قلبه عن هذا الموضوع أمام الكهنة والشمامسة في كنيسة نابولي يوم السبت ٢١ آذار. موكدا على امكانية وجود مثل هذا الخلافات إلا انه من الواجب التحدث عنها وجهاً الى وجه، فالقال والقيل عملٌ ارهابي يضر بالأخوة الكهنوتية في الجماعات الدينية.
للشفاء من مثل هذه الحالات المرضية يقدم البابا فرنسيس ثلاثة دروس تسمح بوضع يسوع في صلب الحياة:
- الصلاة والسجود، والابتهال إلى الله.
- محبة الكنيسة: إذ لا يمكن محبة المسيح من دون محبة عروسه الكنيسة، ومحبة الكنيسة لا تخيب آمالنا.
- الغيرة الرسولية والروح التبشيرية. فمحبة الكنيسة تعني الخروج من ذواتنا، فالكنيسة ليست منظمة غير حكومية، بل مهمتها هي الارتقاء نحو يسوع.
الخاتمة
هكذا نرى بأن البابا فرنسيس إنسان واقعي جداً يعطي أمثلة عما يمكن أن يعترض طريق الكاهن. فيتذكر: “قال لي أحد الكهنة إننا لا نتلقى معاشا تقاعديا، مع ذلك نستمر بالعمل، لأن يسوع هو محور حياتنا". ثم يسأل طالب الكهنوت: "هل أخترت الكهنوت محبةً بيسوع أم لضمان مهنة؟". “ان كنت غير واثق من أن يسوع هو محور حياتك، أنصحك أن تتريث”!
ويسأل الناس: "هل نحن نفتقر الى الدعوات؟، المثال الصالح مهم، بالرغم من كون الحياة في زماننا لا تشجع الشباب على الدعوة". ثم يضيف: "إن شهادة الحياة تنطوي على تنوع الدعوات لأن حياة العالم لا تساعدنا". البعض يكتفي بالقول: “أريد ان اصبح مثل هذا الكاهن”. فاكتشاف الرحمة يظهر في الأشخاص المتواضعين، حتى لدى تعليم الأطفال ولو رسم اشارة الصليب: “أعمال الرحمة ترافق تعليم الناس ما لا يعرفونه؟”، ولتحقيق ذلك ينصح البابا الكهنة والمكرسين الحزانى والذين يشعرون بالملل والكرب على زيارة مرشد روحي، فغياب الفرح لا يجعل أحدا ينجذب الى المسيح، فيقول: "يأتيني الفرح لكون حياتي مليئة بيسوع، وانا أتأكد يوماً بعد يوم ان اللّه مخلص لي. لا أقول انني الأفضل - وهنا تكمن الحاجة إلى سر الغفران - إلا انني أطلب دائماً عدم خسارة الفرح".
وقبل بضعة أيام، من الآن، توجه البابا إلى الكهنة في يوبيل الرحمة قائلا: "فلتتسخ أيديكم"، "لأن يدي الرحمة تتسخ". "فالرحمة تتجاوز العدالة، وتجلب المعرفة والعاطفة، وترفع لأعلى وتجعل الذي يظهر الرحمة والشخص الآخر يتساويان". "وعندما نتأمل قلب الرب الجريح، نرى انعكاس أنفسنا به. فقلبه وقلبنا متشابهان حيث أن كلاهما جرحى وقد نهضا. كما أننا ندرك أن قلبه كان حباً نقياً وأنه أصيب بالجروح لأنه أرادها أن تكون كذلك. من ناحية أخرى، كانت قلوبنا جرحاً نقياً تم شفاؤه لأنه سمح لنفسه أن يكون محبوباً".
عشر وصايا ذهبية يقدّمها البابا فرنسيس لكل كاهن، وخصوصا للكهنة الشباب (خطابه يوم 29/4/2015):١- فكر أنك ستقوم بهذه الخدمة وستشارك في رسالة المسيح، المعلم الأوحد،
٢- قدم للجميع هذه الكلمة التي نلتها بفرح.
٣- اقرأ كلمة الرب وتأمل بها كي تُعلّم ما اختبرته في الإيمان وتعيش ما تُعلِّمه وليكن هذا كلّه غذاء لشعب الله.
٤- لا يجب أن تكون عظتك مملّة وإنما ينبغي أن تصل إلى قلوب الناس لأنها تخرج من قلبك، لأن ما تقوله لهم هو ما تحمله في قلوبك؛ هكذا فقط تُعطى كلمة الله وهكذا يصبح تعليمك فرحًا وعضدًا لمؤمني المسيح وتصبح حياتك شهادة تبني. لأنك من خلال خدمتك تتابع عمل المسيح المُقدِّس.
٥- جسّد ما تقوم به لأنك هكذا تشارك بموت الرب وقيامته وتحمل موت المسيح في أعضائك وتسير معه في حياة جديدة.
٦- من خلال سر العماذ أنت تُضيف مؤمنين جددًا إلى شعب الله وبواسطة سر الاعتراف تغفر الخطايا باسم المسيح والكنيسة.
٧- وأود أن أطلب منك باسم يسوع المسيح الرب وباسم عروسته الكنيسة، ألا تكل أبدا من أن تكون رحيما. وعندما تجلس في كرسي الاعتراف أنت هناك لتغفر، لا لتدين، تشبّه بالآب الذي لا يكلّ أبدًا من منح المغفرة.
٨- من خلال مسحة المرضى ستقدّم العزاء للمرضى، ومن خلال الاحتفال بالأسرار والصلوات ستكون صوت الله والبشرية كلها.
٩- ومع اليقين أنه تم اختيارك للاعتناء بالأمور المتعلقة بالله، عش خدمتك الكهنوتية في المسيح بفرح ومحبّة صادقة.
١٠- وإذ تشارك في رسالة المسيح الرأس والراعي التزم في شركة بنوية مع أسقفك في توحيد المؤمنين ليصيروا عائلة واحدة فتقودهم إلى الله من خلال المسيح والروح القدس. وضع نصب عينيك على الدوام مثال الراعي الصالح، الذي لم يأت ليُخدَم بل ليخدُم، لا ليبحث عن رفاهيّته وإنما ليخرج ويبحث عن الضائع ويخلّصه.