المحرر موضوع: مشهد موجع لسيده مهجّره قسرا  (زيارة 2485 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 693
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                                                                                                             
مشهد موجع لسيده مهجّره قسرا

(يصلح لسيناريو فيلم سينمائي قصير)

لطيف نعمان




يوم 22/8/2014 كنت أمرق بسيارتي قرب الحديقه المقابله لمزار مارت شموني في عنكاوا، يومها لم تكن قد مضت على تهجير ابناء شعبنا من قرى سهل نينوى والموصل سوى اسابيع قليله ،  لفتت انتباهي سيدة محترمه في عقدها الخامس تغتسل رأسها ويديها وقدميها أمام الماره في وقت الظهيرة وهي بكامل ثيابها .وعلى مقربة منها نام الاطفال تحت ظلال تم ترتيبها من شراشف واغطية نوم قد ربطت بسلك كهربائي في جذع شجرة ..رجلان جلسا القرفصاء تحت ظلال لوري  ينهمر من فاههما دخان السكائر دون  توقف ، سيدة تنشر ثياب الغسيل فوق الاشجار ، وأخرى ترضع طفلها ، رجل كهل يدق عصا طويله بحجر بغية ربط حبل الخيمه به ، صبي يأكل صمون ، وعلى مقربة منه قدور من الالمنيوم عليها اثار طعام باقيه ..فراش هنا ،  وحقائب هناك ، أشجار كثيفه أغلبها نشرت عليها ثياب أطفال باتت وكأنها تورق  وتثمر ثيابا ، أصوات تتداخل مع بعضها ، أطفال يبكون من الحر ..
الجميع خيّم على وجوههم الحزن وتعالت على أجسادهم الاتربه ، في تلك الاجواء محظوظ من فاز منهم بكأس ماء بارد ..
تألمت لحال السيده كثيرا ..
 دنوت منها وأخبرتها باللغه السريانيه :-
ماما تفضلي عدنه أأخذك بسيارتي تغتسلين في الحمام ونمنحك ثيابا جديده ونظيفه وأعيدك الى مكانك .. شكرتني السيده بخجل وأدب جم وأعتذرت  وكانت محرجه جدا ، ثم رمتني بنظره فيها أكثر من معنى  فهمت منها ربما  ساورتها الشكوك بأمور أخرى!!
ذهبت الى البيت مسرعا وأخبرت عائلتي بالموضوع ، وأخذتها معي بغية اقناعها لمرافقتنا ، لاسيما وقد كنا بادرنا قبل ذلك عدة مرات لجلب العوائل الى بيتنا لغرض الاستحمام وشرب القهوة معا والتعرف عليهم والوقوف على أحوالهم .. وسنكون بذلك قد قدمنا خدمة بسيطة لهذه المسكينه المغلوب على أمرها ..
لكن المفاجأه كانت لما وصلنا الى مكان السيده كانت قد غادرت المكان ولم نجد لها اثرا ..

عنكاوا


غير متصل شذى توما مرقوس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 586
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: مشهد موجع لسيده مهجّره قسرا
« رد #1 في: 22:20 27/06/2016 »
 سلمت أخي لطيف فما كتبته يصف أحوال المهجَّرين الصعبة ، و أعتبر متابعتك هذهِ نوعاً من التضامن المعنوي معهم ، والتضامن المعنوي له تأثير كبير في شدّ الأزر لتجاوز المحن ، والأروع هذهِ المبادرات التي تقوم بها لمساعدة الأسر المهجرة ، قد تظنها خدمات صغيرة لكنها في الحقيقة كبيرة جداً ومهمة وتخفف من وطأة المحنة عليهم ، بوركت وطابت كل أيامك خيراً وبركة .
مع الود

غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 693
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: مشهد موجع لسيده مهجّره قسرا
« رد #2 في: 06:28 29/06/2016 »
اختي الفاضله الدكتوره شذى توما مرقوس
لايمكن أن تتصوري مقدار الالم الذي اصاب المهجرّين خصوصا في الايام والاسابيع الاولى من تشتتهم .. بعد أن انتشروا في مدن وقصبات كوردستان وهاموا على وجوههم ، كل يبحث عن مكان يأويه ولقمة طعام تشفي جوعه وقنينة ماء تروي عطشه ..
الذي شاهدته بأم عيني في عنكاوا لوحدها أمتلأت بهم المدارس ، والكنائس ، والشوارع ، والحدائق ، والساحات ..يتحولون من ظلال هذا الحائط الى آخر .. يبحثون عن اماكن يقضون بها حاجتهم !!.. دورات المياه في المدارس لايمكن لها أن تستوعب هذا الكم من الاستعمالات اليوميه للحد الذي كانت المياه الثقيله تطفح في الغالب في الشوارع برغم جهود رجال الكنيسه وتدخل منتسبي التربيه والتعليم وتعاون الاهالي ومنتسبي البلديه ،  جميع أهل عنكاوا في حالة استنفار شديد ، الكل يعمل بما يمكن من أجل التخفيف عن هؤلاء المساكين ، ولعل اكثر ماكان يؤلمنا مناظر المعوقين والاطفال والشيوخ والمرضى وهي كثيره ولا تحصى ..
مهما كتبنا ومهما قلنا ربما لانتمكن أن نفلح في التعبير بشكل واف لما اصاب ابناء شعبنا .. أي دين هذا ؟.. وأي ضمير هذا ؟.. مالذي أقترفه هؤلاء المساكين ليكافئوا بهذه الطرقه المشينه ..
كان هذا في بداية ايام واسابيع التهجير ، أما في قادم الايام والشهور تولد الحنين الى اماكنهم وقراهم وبيوتهم وحقولهم وحاراتهم ، وكلما طال هجرانهم كلما ازداد حنينهم وشوقهم لما تركوا خلفهم ..
لايمكن لأي منا أن يتصور مقدار الوجع والالم والضرر الذي اصاب هذه العوائل .. واليوم وعلى اثر هذا الظلم اضطرت آلاف العوائل  أن تترك الوطن وكفرت بكل الذين سببوا لها هذا المصير ..
لانملك الا أن نتمنى لهذه الاسر المتبقيه بسرعة العوده الى بيوتها والاكتفاء بهذا القدر من الخسارة والوجع .. ولا تستطيع الكلمات ان تعبر عن تلك الصور حتى لو ملأت منها كتبا ومجلدات ..
شكرا لك اختي الفاضله دكتوره شذى ، وشكرا لمرورك الرائع ، ربما جعلتني كلماتك أن أشعر  بحاجه لوقفه اخرى اكثر مفصله بهذا الشأن ..
كل التقدير لشخصك الكريم ..
  عنكاوا
29/6/2016

غير متصل اوراها دنخا سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 687
    • مشاهدة الملف الشخصي
رد: مشهد موجع لسيده مهجّره قسرا
« رد #3 في: 14:56 29/06/2016 »
الاستاذ لطيف نعمان المحترم
شلاما
خلال الحرب العراقية الايرانية، وفي مرحلة ما، ونتيجة تهديدات صدام، انتشرت شائعات بان ايران سوف تضرب بغداد بأسلحة محرمة، بيلوجية او جرثومية، مما تسبب في ذعر بين اهالي بغداد، اضطرهم الى الهرب الى خارج بغداد او اطرافها ونزلوا عند اخوانهم عند هذه القرى. وكعراقيين معروفين بالكرم تم استقبال الهاربين من قبل الاهالي وعوملوا بأحسن معاملة... لكن وبالرغم حسن المعاملة وكرم الضيافة، ضلت عيون الهاربين ترنو الى بيوتهم واعشاشهم، وظل الكرم الذي لاقوه من اخوانهم يشكل هما كبيرا في قلوبهم وعقولهم، لانهم لا يمكن ان يظلوا ضيوف ثقيلين فترة طويلة، ولا يمكن ان يظلوا يتزاحمون على الحمام وعلى المطبخ وعلى جميع المرفقات الاخرى لبيت الضيافة، فكان ان اخذ الهاربين يقررون العودة الى ديارهم، والكل يقول: شيصير خلي يصير، على الاقل اكون مرتاح فبيتي.
استاذ نعمان: التحرك من مكان الى آخر، معناه عدم الاستقرار، والهجرة، او التهجير، قسري ام لا، هو احد انواع التحرك، وفقدان الاستقرار، المادي والنفسي، وفي بعض الاحيان فان الهجرة تزعزع كرامة الانسان، بسبب عدم تأقلمه مع الحالة الجديدة وحنينه الى حالته الاولية. حتى في موقع العمل عند الانتقال من موقع الى آخر، يصبح هنالك شعور بعدم الاستقرار مما يسبب القلق، وان كان لحين. واحد اسباب عدم عودة المهاجرين العراقيين الى العراق، بالرغم من حبهم الكبير للعراق، هو حالة الاستقرار النفسية، والمادية، التي يعيشونها خارج العراق، بعد معاناة عانوها في هجرتهم.
ان معاناة المرأة التي دعوتها الى منزلك للاغتسال كبيرة، فبمجرد دعوتك لها، وان كانت طيبة ونابعة من القلب، وهي لا تعرفك، تشعر بان كرامتها قد خُدشت، وفي قرارة نفسها تلعن الدهر الذي جعل الاخرين يتصدقون عليها. وقد تكون نقطة تحول في حياة هذه الانسانة، وغيرها، تعجلها ان تفكر في الاستقرار الدائم حتى وان كان على حساب ترك الوطن، وهذا ما حصل فعلا مع الاف من ابناء شعبنا ان لم يتعدى المليون. وقد تكون عبارتك الاخيرة: لكن المفاجأة كانت لما وصلنا الى مكان السيدة كانت قد غادرت المكان ولم نجد لها اثرا ... تتضمن الهجرة الى حيث لا رجعة، وبذلك صرنا نفقد اهلنا واقاربنا في وطننا.
تحية لك وللصورة المؤلمة التي نقلتها لنا بسبب التهجير القسري الذي تعرض له ايناء شعبنا من قبل حاملي الفكر السلفي السياسي والمدعوم من عدوة الشعوب ... اميركا.
تحياتي

غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 693
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: مشهد موجع لسيده مهجّره قسرا
« رد #4 في: 19:01 29/06/2016 »
رابي أوراها دنخا سياوش
شلامي وايقاري
كم اطربني تعقيبك وسرني مرورك في كل ماتطرقت اليه وانت تعرج على واحده من مفردات فهرست عذابات الشعب العراقي ابان الحرب العراقيه الايرانيه ، والحرب النفسيه التي طالته وظلت ملازمه له لسنوات طوال ..
أعجبني ما ذكرته بشأن السطر الاخير مما كتبت من أن مغزى مغادرة تلك السيده المكان يدلل هجرانها الوطن بلا عوده ، وهي فعلا خاتمه موجعه لم نكن نريد لها أن تكون بهذا الشكل ..
محبتي لك وشكرا لكل ماذكرت من حلو الكلام رابي ..

لطيف نعمان سياوش
     عنكاوا
    29/6/2016

غير متصل شذى توما مرقوس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 586
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: مشهد موجع لسيده مهجّره قسرا
« رد #5 في: 16:54 30/06/2016 »
  خالص تحياتي أخي العزيز لطيف
  شكراً لردك وأنتظر منك وقفة أخرى أكثر تفصيلاً بهذا الشأن ، وأُثني على كل كلمة قالها أخي أوراها دنخا ، وخصوصاً إشارته إلى مسألة الكرامة التي تتخدش بفعل العمل الطيب ، مشكلة الكرامة وعزة النفس التي تتخدش قائمة ، ولكن مع الأسف لا يوجد طريقة لتجنبها ، فيبقى الأمر مرهوناً بين الطرفين بالظروف والوضع والأحوال والحظ ، حيث يعرض طرف ما مساعداته ومبادراته الطيبة الخالصة من كل قصد سيء ، وينظر إليها الطرف الآخر بعين الرضا أو الشك ، لكن في النهاية تزايد المعرفة بين الطرفين تخفف وطأة الأمر وتحل الثقة حيث الشك ، وعلى كلا الطرفين عدم نسيان الحقيقة وهي : إن الجميع وبلا استثناء معرضين للأمر ذاته ، فإن كانت اليوم هذهِ المرأة المهجّرة هي المحتاجة للعون فقد يكون الغد معكوساً فتمد هي يد العون للآخر وكل هذا هو رهن الظروف .
 أخي لطيف أحيي فيك هذهِ الروح المتضامنة مع الآخرين .
دمت بألف خير

غير متصل لطيف نعمان سياوش

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 693
  • الجنس: ذكر
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: مشهد موجع لسيده مهجّره قسرا
« رد #6 في: 23:52 10/07/2016 »
اختي الفاضله الدكتوره شذى توما مرقس
حلاوة القارىء الجيد تزداد عندما يفكك الطلاسم بين السطور ، ويكتشف الجديد والجميل عندما يغور اسبار الكتابه ، فهو بذلك يضيف جمالا الى ماكتب ويثري الموضوع الذي ممكن ان يتطور ويتحول في كثير من الاحايين الى مشروع ادبي اكثر  عمقا واكبر حجما مما كان عليه ..
ان القيمه الادبيه للكتابه تكثر عندما  يتم التعرض لها والتعقيب عليها ونقدها ومناقشتها ..
شكرا لك اختي العزيزه ولمداخلتك الثريه ..
تقبلي فائق احترامي ..

اخوك/ لطيف نعمان سياوش