مشهد موجع لسيده مهجّره قسرا
(يصلح لسيناريو فيلم سينمائي قصير)
لطيف نعمان
يوم 22/8/2014 كنت أمرق بسيارتي قرب الحديقه المقابله لمزار مارت شموني في عنكاوا، يومها لم تكن قد مضت على تهجير ابناء شعبنا من قرى سهل نينوى والموصل سوى اسابيع قليله ، لفتت انتباهي سيدة محترمه في عقدها الخامس تغتسل رأسها ويديها وقدميها أمام الماره في وقت الظهيرة وهي بكامل ثيابها .وعلى مقربة منها نام الاطفال تحت ظلال تم ترتيبها من شراشف واغطية نوم قد ربطت بسلك كهربائي في جذع شجرة ..رجلان جلسا القرفصاء تحت ظلال لوري ينهمر من فاههما دخان السكائر دون توقف ، سيدة تنشر ثياب الغسيل فوق الاشجار ، وأخرى ترضع طفلها ، رجل كهل يدق عصا طويله بحجر بغية ربط حبل الخيمه به ، صبي يأكل صمون ، وعلى مقربة منه قدور من الالمنيوم عليها اثار طعام باقيه ..فراش هنا ، وحقائب هناك ، أشجار كثيفه أغلبها نشرت عليها ثياب أطفال باتت وكأنها تورق وتثمر ثيابا ، أصوات تتداخل مع بعضها ، أطفال يبكون من الحر ..
الجميع خيّم على وجوههم الحزن وتعالت على أجسادهم الاتربه ، في تلك الاجواء محظوظ من فاز منهم بكأس ماء بارد ..
تألمت لحال السيده كثيرا ..
دنوت منها وأخبرتها باللغه السريانيه :-
ماما تفضلي عدنه أأخذك بسيارتي تغتسلين في الحمام ونمنحك ثيابا جديده ونظيفه وأعيدك الى مكانك .. شكرتني السيده بخجل وأدب جم وأعتذرت وكانت محرجه جدا ، ثم رمتني بنظره فيها أكثر من معنى فهمت منها ربما ساورتها الشكوك بأمور أخرى!!
ذهبت الى البيت مسرعا وأخبرت عائلتي بالموضوع ، وأخذتها معي بغية اقناعها لمرافقتنا ، لاسيما وقد كنا بادرنا قبل ذلك عدة مرات لجلب العوائل الى بيتنا لغرض الاستحمام وشرب القهوة معا والتعرف عليهم والوقوف على أحوالهم .. وسنكون بذلك قد قدمنا خدمة بسيطة لهذه المسكينه المغلوب على أمرها ..
لكن المفاجأه كانت لما وصلنا الى مكان السيده كانت قد غادرت المكان ولم نجد لها اثرا ..
عنكاوا