حقوق الاشوريين في تصريحات جون ماكين ( بالكرشوني )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القراءة بالكرشوني وسيلة يتم استخدامها لقضاء بعض الحاجات اللغوية وخاصة في الكنيسة لأداء التراتيل والصلوات المختلفة بسبب غياب الالمام الجيد باللغة الاشورية ( السورث ) ، حيث يعاد كتابتها بالكرشوني بالعربية او الانكليزية لغرض قرائتها بالسورث ، وعلى سبيل المثال عبارة ( شلاما عمخون ) ، ولعل ابرز ما يميز القراءة بالكرشوني هو عدم معرفة القاريء في اغلب الاحيان بمعنى ما يردده او يقرئه .
ونعتقد ان ذلك ينطبق تماما على التصريحات الاخيرة المنسوبة الى السيد جون ماكين عضو مجلس الشيوخ في أريزونا بخصوص حقوق شعبنا الاشوري ، والتي تم نشرها في هذا المنبر قبل عدة اسابيع ، والتي يبدو لنا ان السيد ماكين قد صرح بها على ضوء نص مكتو ب له مسبقا قام بقراءته والتصريح به ( بالكرشوني ) على غرار ما اشرنا اليه في المقدمة اعلاه .
وبغية شرح وجهة نظرنا لأبناء شعبنا الاشوري بخصوص الموضوع ، وجدنا انه من المفيد ان نتطرق الى النقاط التالية :
اولا ـ لكي لا يتم تفسير ما سنشير اليه هنا وهناك بطريقة مغلوطة ، فأننا نؤكد على ايماننا بعائدية الارض الاشورية الى الاشوريين في نينوى ونوهدرا واربيل وكركوك ، غير أن الدستور العراقي الحالي كغيره من الدساتير العراقية السابقة قد تنكر للحقوق القومية المشروعة للشعب الاشوري ، وذهب الدستور الحالي الى ابعد من ذلك من خلال تقسيم ارض العراق ما بين العرب والاكراد ، بحيث اننا لا نجد ما يشير دستوريا وقانونيا الى اية حقوق قومية اشورية أرضا وهوية .
ثانيا ـ بعد فشل وتنصل الاحزاب السياسية الاشورية المسيحية عن المطالبة بالحقوق القومية للشعب الاشوري انحصرت مطالبها في هذا الاطار على سياسات رد الفعل المستندة الى بعض الاحداث او الى تصريحات السياسيين العراقيين واستقرار تلك المطالب في نهاية المطاف على مطلب ( محافظة للمكونات في سهل نينوى .. ومن ضمنها المكون المسيحي ) ( والحكم الذاتي الذي تمت الاشارة اليه في دستور الاقليم ) منذ اواخر عام 2010 والى يومنا هذا .
ثالثا ـ بعبارة اخرى ان الاحزاب السياسية لم تطالب مطلقا بأي ارض اشورية ولم تطالب بأي فيدرالية اشورية او اقليم اشوري ، وإنما قبلت و اقتنعت بكون الاشوريين مكون ثانوي من مكونات الاقليم ومن مكونات العراق الاتحادي وعززت الأحزاب قبولها وقناعتها بذلك من خلال مشاركتها في العملية السياسية في الاقليم وفي العراق الاتحادي .
رابعا ـ ان الاحزاب السياسية وبحسب المعلن وقفت موقف المتفرج من الصراع ما بين الاقليم والحكومة المركزية على سهل نينوى وتحديدا اقضية تلكيف وبغديدا والشيخان و محافظة كركوك وغيرها من المناطق التي سميت مناطق متنازع عليها ، ولم نجد اي اعتراض من الاحزاب السياسية على دستور الاقليم الذي اعتبر الاقضية المذكور ضمن حدود الاقليم ، وبعبارة اخرى فأن الاحزاب لا يهما سوى انشاء محافظة للمكونات في سهل نينوى من دون التطرق الى حدود هذه المحافظة او الى عائدية هذه المحافظة بعد تطبيق المادة 140 من الدستور او غيرها من التوافقيات التقسيمية التي من الممكن ان تجري بين المكونات الكبيرة المتصارعة على الارض والسلطة .
خامسا ـ لذلك فأننا نسأل عما يعنيه جون ماكين بهذه الفقرة من التصريح المنسوب اليه " أذا استعاد البيشمركة مدينة الموصل ، واعتقد انهم سيفعلون ذلك ، فالأراضي في منطقة سهل نينوى العائدة للاشوريين يجب ان تعاد الى الى الاشوريين انفسهم ولا تأخذ من قبل السكان الكرد "
خصوصا ان الاحزاب السياسية نفسها لم تطالب بسهل نينوى كأرض اشورية لإنشاء أقليم فيها واكتفت بالمطالبة بمحافظة للمكونات العديدة هناك ، يضاف الى ذلك ، فأنه حتى لو افترضنا جدلا تخلي الاكراد عن المطالبة بسهل نينوى ، فأنه سيبقى مرتبطا اداريا بمحافظة نينوى مع احتمالات ان يفضي الصراع الحالي الى انشاء اقليم سني في نينوى ، لذلك كان المفروض بالوفد الاشوري أذا كان معبرا عن الصوت الاشوري في المهجر أفهام السيد ماكين واقناعه بالتحرك والعمل لأقناع الحكومة الامريكية بمشروع الحماية الدولية للاشوريين في سهل نينوى كخطوة اولى على سبيل المثال واخراج هذه المنطقة من الصراع القائم بين المكونات العراقية الكبيرة لغرض اقامة فيدرالية اشورية فيها استنادا الى الدستور العراقي الحالي يمكن تطويرها لتشمل اراضي اشورية اخرى ، خصوصا وان سهل نينوى تعرض الى الكثير من التغيير الديموغرافي في ظل النظام السابق .
سادسا ـ من خلال التعمق في هذه التصريحات يمكننا ان نستنتج انها عودة الى الخطاب المزدوج الذي كانت تمارسه بعض الاحزاب السياسية المتضمن ترويج اعلامي موجه للمهجر مناقض للممارسات العملية على الساحة السياسية ، من اجل تحقيق بعض المكاسب على حساب الحقوق المشروعة للشعب الاشوري ، والا بماذا نفسر المطالب المتناقضة للوفد الاشوري من السيد ماكين المتمثلة بتكريس قسمة شعبنا ما بين الاقليم والحكومة المركزية .. فمن ناحية هناك طلب الى الاكراد لترك اراضي الاشوريين في سهل نينوى للاشوريين بعد التحرير ، بالاضافة الى مطالبة الاكراد لاحترام حقوق الانسان للاشوريين لأؤلئك الذين يعيشون في الاقليم .. ناهيك عما ستؤول اليه الاوضاع في حالة انفصال الاقليم عن العراق ، وحتى ان لم يحصل ذلك ، فأن هناك صراعات مختلفة مستمرة بين الحكومة المركزية والاقليم تنعكس اثارها سلبا على الاشوريين.
سابعا ـ أما بخصوص دعم وحدات سهل نينوى ( الميليشيات الاشورية المسيحية ) لحماية ارضهم الاشورية ، فكلنا نعلم ان التسمية التي تطلق على هذه القوات هي قوات المسيحيين او ميليشيات مسيحية ضمن قوات البيشمركة وتتدرب ضمن مناطق خاضعة لسيطرة الاقليم والبيشمركة ، وهناك قوات اخرى تابعة لبقية الاحزاب ، وقد اكد قادة كافة الاحزاب بأن مهمة هذه القوات هي المشاركة مع البشمركة والقوات العراقية لتحرير سهل نينوى والموصل ولغرض مسك الارض بعد التحرير ، ولم نجد اي تصريح لقادة الاحزاب يذكر فيه ان مهمة هذه القوات هي لحماية الاشوريين وارضهم ، سيما اننا نعلم جيدا انه بغياب اية مطالب تخص الحقوق القومية الاشورية فأن الحاجة تنتفي لتسمية تلك القوات بالأشورية ، لذلك نرى ان سوق مثل هذه العبارات ما هي إلا للترويج الأعلامي لا غير .
ثامنا ـ مثلما اكدنا مرار وتكرارا .. ان مطلب الاحزاب السياسية هو محافظة للمكونات في سهل نينوى وكلنا نعلم ان هذا المطلب لا يضمن مقومات بقاء شعبنا في ارضه التاريخية لكونه لا يرتقي الى ادنى مستوى من الحقوق القومية المشروعة لشعبنا الاشوري .
الخلاصة ....
تاسعا ـ ما زلنا نؤمن بغياب اللوبي الاشوري والصوت الاشوري الحر المعبر عن الارادة والحقوق الاشورية المشروعة ، بحيث يمكننا التأكيد بأن مرد ذلك يعود الى عجز المهجر الاشوري عن طرح البديل السياسي والقومي المؤهل لتحمل مسؤولية القضية الآشورية بسبب عدم جدية الناشطين الاشوريين وتقاعسهم ولا مبالاتهم وإهمالهم في الالتزام بأبسط الشروط والمقومات التي يتطلبها العمل القومي الحقيقي من تضحية ونكران الذات .. وأن وجدت بعض المحاولات لأحياء المشروع القومي الاشوري فأنه سرعان مايتم الالتفاف عليها وإجهاضها من قبل البعض من الساعين للارتزاق من العمل القومي والمتسترين بالشعارات البراقة والخطب النارية والعاطفية .
عاشرا ـ وفي ضوء ذلك يمكننا الجزم بأن ما يطلق عليه ( اللوبي الاشوري ) في المهجر أو أية مسميات أخرى ( كالوفد الاشوري الذي التقى جون ماكين ، او ناشطين اشوريين ) ليست في حقيقتها سوى امتدادات وتوابع للأحزاب السياسية العاملة على الساحة السياسية في العراق ، وبالتالي فأن هذه الامتدادات والتوابع ما زالت قادرة على الهيمنة على الفعاليات والنشاطات الاشورية المؤثرة على التحرك السياسي والإعلامي هناك ، والدليل على ذلك هو ان طروحات هذه الامتدادات والتوابع وتركيزها يبقى محصورا في الدفاع عن سياسات الاحزاب على الساحة السياسية في العراق واستمرأها في المراهنة عليها رغم فشل تلك الاحزاب وعجزها عن التعاطي مع الويلات والمآسي التي تعرض لها شعبنا منذ اكثر من عقدين ونصف العقد من الزمان ، لذلك فأن ما جرى تلقينه للسيد جون ماكين ان لم يكن قد سقط سهوا ، انما يعبر عن الموقف السياسي الهش لتلك الاحزاب بعد تجميله ببعض العبارات العاطفية التي يحتاجها المهجر الاشوري وعلى سبيل المثال ما ذكر بخصوص ( الاراضي في سهل نينوى العائدة للأشوريين ، يجب ان تعاد الى الاشوريين انفسهم ولا تأخذ من قبل السكان الكرد ) وما ذكر عن ( تعهد عضو مجلس الشيوخ الامريكي عن دعمه الكامل للميليشيا الاشورية المسيحية التي تسمى وحدة حماية سهل نينوى من اجل حماية اراضيهم وحياة الشعب الاشوري ) فنحن نعلم جيدا ان الاحزاب السياسية تتجنب اي طرح متعلق بالهوية الاشورية والأرض الاشورية وكل ما من شأنه ان يعبر عن الحقوق القومية للاشوريين ، خصوصا ان التسمية السائدة اليوم بفضل ومساهمة الاحزاب السياسية هي التسمية المسيحية .. من جانب آخر فأن الوفد الاشوري في تقديرنا ليس جاهلا بالواقع الاشوري القائم في العراق ، وإنما بقائه اسيرا لإملاءات الاحزاب السياسية ، يجعله يفقد مصداقيته أمام الجماهير الاشورية الواعية رغم قدرته على كسب ولاء الغالبية العظمى من ابناء شعبنا الاشوري في المهجر التي تنطلي عليها مثل هذه الخطابات العاطفية المزدوجة البعيدة عن الممارسات الفعلية والعملية لأجندات الاحزاب على الساحة السياسية ... وإلا بماذا نفسر كل هذا اللف والدوران وكأننا امام لغز نعجز عن فك طلاسمه .. و لماذا لا تكون المطالبة بالحقوق الاشورية واضحة وصريحة ، فالحكومات العراقية وكما اثبتت كل الوقائع والتجارب اصرت وتصر مع سبق الاصرار على عدم الاقرار بالحقوق القومية للشعب الاشوري منذ عام 1921 والى يومنا هذا .. واليوم فأن الصراعات السياسية بين المكونات الكبيرة على الارض والسلطة والثروات وبما تمتلكه من ميليشيات واموال ودعم اقليمي ودولي ، يجعل من الشعب الاشوري الحلقة الاضعف والمهمشة في اجندة الحكومة العراقية ...
لذلك فأننا ندعو كل الناشطين الاشوريين وكل الوفود الاشورية للتفكير بجدية من اجل خلق البديل الاشوري القادر على تحمل مسؤولية القضية الاشورية والعمل بجدية من اجل المطالبة بالحماية الدولية للأشوريين الذي نعتبره الحل الوحيد لمأساة الشعب الاشوري حتى وان طال أمده او تطلب الكثير من الجهد والصبر .. مع ضرورة التخلي نهائيا عن المراهنة على الاحزاب السياسية والكف عن اختزال القضية الآشورية وحقوق الشعب الاشوري في اجندة هذا الحزب وذاك ، لكوننا نعتبر ذلك تنصلا عن القضية الاشورية وتنازلا عن الحقوق المشروعة لشعبنا الاشوري وتنكرا لكل دماء وتضحيات شهدائنا الابرار ...
لأنه من غير المعقول ان تتمكن الاحزاب السياسة من انتزاع الحقوق القومية لشعبنا الاشوري باعتمادها على بضع مئات من المقاتلين الموزعة ولاءاتها لهذا الحزب وذاك ، في وقت لا تؤمن تلك الاحزاب بتلك الحقوق اصلا ، بدليل اننا لا نجد اثرا لها في اجنداتها وبرامجها السياسية .