الى الأخ والصديق العزيز الكاتب والراوي المبدع الأستاذ جان يلدا خوشابا المحترم
تقبلوا محبتنا الأخوية مع أحلى وأرق تحياتنا
نشكر لكم جهودكم الكريمة في كتابة سِير استذكار أبناء أمتنا بالمبدعين من أبنائها في مجالات الرياضة والفن والسياسة وهذا إن دل على شيء وإنما يدل على مدى سمو أخلاقكم وتربيتكم الآشورية وحرصكم على تدوين السير لشخصيات خدموا أمتنا بما تمكنوا لكي لا يتم نسيانهم ويدل كذلك على مدى حبكم لأنتمائكم الاشوري للآشورية وتاريخها وتراثها وهذا يحسب لكم إحساناً وفضلاً لمن يُعتبر ... ونحن شخصيا نقدم لكم جزيل شكرنا مع فائق تقديرنا وامتناننا لهذا الأستذكار الجميل .
وبناءاً على طلبكم الكريم عن دورنا وسيرتنا في النادي الثقافي الآثوري نود إعلامكم بأننا كتبنا مقالاً طويلاً مكون من أربعة أجزاء بعنوان " النادي الثقافي الآثوري وانتشار الفكر القومي التقدمي " وقُمنا بنشرة في موقع عينكاوه كوم وأعيد نشره من قبل بعض المواقع مشكورين مثل موقع " نهلة " وتلبية لطلبكم نرفق أدناه الجزء الأول منه للأطلاع وسوف نحاول نشر الأجزاء الأخرى تباعاً إن تطلب الأمر ذلك والقرار يعود لشخصكم الكريم وذلك لكون المقال طويلاً نسبياً ، ودمتم والعائلة الكريمة بخير وسلام .
محبكم أخوكم وصديقكم : خوشابا سولاقا - بغداد
ملاحظة مهمة : نقدم شديد إعتذارنا للأخ كاتب المقال والأخوة القراء لنشر مقالاتنا الخاصة بالنادي الثقافي الآثوري .... الخ بالكامل وعدم الأكتفاء بإرفاق الرابط بسبب عدم تمكننا من الحصول عليها في الموقع لأسباب أجهلها قد تكون فنية [/u]
لكم الجزء الأول من المقال :-[/color][/size]
النادي الثقافي الآثوري وانتشار الفكري القومي التقدمي
( الجزء الأول )
المهندس : خوشابا سولاقا
تأسس النادي الثقافي الآثوري عام 1970 وكان تاسيسه بداية لمرحلة نوعية جديدة من تاريخ شعبنا الكلداني السرياني الآشوري في مسيرة نضاله القومي ، وكان هذا النادي اللبنة الأولى لنهضته القومية التقدمية في سبيل العيش المشترك في إطارالوحدة الوطنية للوطن الواحد مع كافة أبناء الشعب العراقي بكل مكوناته القومية والدينية ، وكان بحق نادي ثقافي وإجتماعي من طراز جديد بكل ماتعنيه الكلمة من معنى ، بأهدافه وطبيعة نشاطاته المختلفة ، وكان ظهوره على الساحة القومية نتيجة طبيعية لما كان يجري على هذه الساحة من أحداث وصراعات عشائرية ومذهبية على خلفية الأنشقاق الذي حصل في الكنيسة الشرقية القديمة بسبب قرار القائمين عليها في حينه بالتحول الى إعتماد التقويم الغريغوري ( أو ما يسمى بالتقويم الغربي خطأً ) في تقويم السنة لممارسة طقوسها الكنسية بدلاً من التقويم اليولياني ( أو ما يسمى بالتقويم الشرقي خطأً ) دون أي تغيير في طقس الكنيسة .. في خضم هذه الخلافات والصراعات والتناقضات الكنسية والتقويمية والتي بالنتيجة إنسحبت من الكنيسة الى المجتمع متخذةً طابعاً قبلياً وعشائرياً في الصراع الدائر بين القائمين على الكنيسة ورؤساء العشائر على تولي قيادة وزعامة الأمة والكنيسة معاً والتي غدت خطرا داهماً يهدد مصير ومستقبل ووجود الأمة بعواقب وخيمة ، وظهور توجهات وطروحات لبعض أطراف الصراع على الخلفية التاريخية لأحداث سُميل وما قبلها والتي لها مساس مباشر بتشويه نضال الأمة لنيل حقوقها القومية بعد أن ناصرت وقاتلت الى جانب الحلفاء في الحرب الكونية الأولى ضد دول المحور والدولة العثمانية التي عانت أمتنا من ظلمها وإضطهادها وشوفينيتها القومية والدينية الشئ الكثير ، وما جرى من أحداث مؤلمة في التاريخ الحديث لشعبنا منذ مغادرة أبنائه لمواطن سكناه في أقليم هيكاري من تركيا الحديثة وهجرته الطويلة والمريرة المملوءة بالمعاناة والكوارث والمآسي والتضحيات الجسيمة بالغالي والنفيس التي قدمها شعبنا خلال هجرة الآلام من هيكاري الى الوطن التاريخي أرض الأباء والأجداد في بيث نهرين أرض بابل وآشور والتي إنتهت بمذبحة سميل الرهيبة التي راح بسببها قرابة الخمسة آلاف ضحية بريئة من الأطفال والنساء والشيوخ لا لذنب إرتكبوه وإنما لمجرد كونهم آشوريين مسيحيين والتي سجلت خزيا وعاراً في تاريخ وجبين بريطانيا وحلفائها من حكام العراق الشوفينيين والمتعاونين معهما ، هذه التوجهات والطروحات التي كانت تطرح على الساحة في أحاديث المتحدثين من هذا الجانب أو ذاك من أطراف النزاع عن هذا الصراع وما كان ينشر بشكل مشوه في بعض الصحف العراقية المحلية وبتشجيع من الحكومة العراقية بغرض الأساءة على تضحيات شعبنا من خلال الأساءة على رموزها التاريخيين على حساب التقرب من السلطة الحاكمة وكسب ودها ودعمها وإظهار أن ما جرى في الماضي من أبناء شعبنا هو خيانة وطنية وعمالة للأجنبي المستعمِر وليس نضالاً قومياً لأمة من أجل حقوقها الطبيعية المشروعة ، أي إظهار الوقائع التاريخية التي حصلت على عكس ما كانت عليه في حقيقتها على أرض الواقع ، وكانت السذاجة وتدني مستوى الوعي السياسي والروحية العشائرية والأحقاد الشخصية بين القيادات الكنسية والعشائرية لأبناء شعبنا تتحكم بهذه التوجهات والطروحات التي كانت بمجملها بالضد من المصلحة القومية لأمتنا ، وقد إستثمرت الحكومات العراقية الشوفينية هذه الخلافات والصراعات في تفكيك وتمزيق آواصر الألفة والمحبة والوحدة القومية لشعبنا بإمتياز ، إن مثل هذه الممارسات والظواهر المقززة والخطيرة التي طافت على سطح الأحداث حفزت الشعور القومي ( أمتنيوثة ) لدى الكثير من شباب الأمة المثقفين والذين أدركوا بسرعة فائقة خطورة هذا الأنشقاق وتداعياته المستقبلية على كيان الأمة ووجودها القومي في أرض الوطن ، وكان هذا الصراع إن جاز التعبير أشبه ما يكون عليه بالحرب الأهلية في نتائجه بالنسبة لشعبنا ، لهذه الأسباب وغيرها باشر الشباب القومي التقدمي المستقل بالعمل من أجل نشر الوعي القومي والسياسي بالأنتماء للأمة ونبذ المذهبية والعشائرية المقيتة بين أبناء شعبنا بجميع مذاهبه وكنائسه وعشائره وتخفيف من حدة التطرف والتعصب المذهبي والكنسي والتمحور حول الشعور القومي التقدمي ليس بين المجموعتين المتناحرتين من أتباع الكنيسة الشرقية القديمة ( سفن آب ولحم بعجين ) كما كانتا تكنيان تندراً وإستخفافاً بهما آنذاك في شارع شعبنا فحسب بل وبين طوائف الأمة كلها من الكلدان والسريان والآشوريين ، وقد إنتشر ونمى هذا الشعور بسرعة بين شباب الأمة كالنار في الهشيم وغدت صدور الشباب عامرة بالشعور القومي والروح القومية بدلاً من الشعور المذهبي والعشائري .. وهنا ظهرت الحاجة وبإلحاح شديد الى ضرورة وجود مؤسسة ثقافية تجمع هؤلاء الشباب للعمل المنظم والمبرمج في إطار محدد من أجل خدمة الأمة وقضاياها في هذا الظرف العصيب وتحقيق ما يمكن تحقيقه من أجل نيل حقوقها المشروعة في أرض الوطن ، وطبعاً بُذلت جهوداً كبيرة في هذا المجال وبالأخص في إطار الجامعات من قبل الطلاب والأساتذة الخيرين وبالفعل تكللت هذه الجهود بالنجاح على يد مجموعة خيرة من أبناء شعبنا نقف إجلالاً لهم لعظمة عملهم وتمكنوا من تشكيل هيئة تأسيسية وقدمت طلبا الى وزارة الداخلية العراقية للموافقة على منحهم إجازة رسمية لتأسيس نادي ثقافي بأسم ( النادي الثقافي الآثوري ) وفعلاً حصلت الموافقة على التاسيس بموجب كتاب وزارة الداخلية المرقم م . ج / 1817 والمؤرخ في 29 / 7 /1970 وكانت أسماء الهيئة المؤسسة كالآتي ( السيد سرجون إيشو سابر ، الدكتور بولص يوخنا نادر ، الدكتور جورج يوناثان سركيس ، السيد وليم كوركيس يوخنا ، السيد ولسن ملهم نرسا ، المهندس إسماعيل بطرس جبرائيل ، السيد عوديشو شموئيل يوخنا ، المحامي يوشيا تمرز لولو ، السيد يوسف يونان خمو ، الدكتور يوناثان يوسف يوآش ) وهؤلاء جميعاً من حاملي الشهادات الجامعية .. وكان أهم مادة من مواد النظام الداخلي للنادي هو حصر العضوية بمن يحمل شهادة الأعدادية ( الباكلوريا ) على أقل تقدير او ما يعادلها رسميا وكان النظام الداخلي للنادي يسمح بالأنتماء إليه من جميع الطوائف والمذاهب من أبناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري بدون إستثناء ، ومنع تقديم المشروبات الكحولية في النادي والتركيز في نشاطاته على الجوانب الثقافية والأجتماعية والعلمية والرياضية والفنية والتي لها علاقة بتراث الأمة الثقافي والقومي التقدمي والتراث الوطني ونبذ العنصرية والتعصب بكل أشكاله وإشاعة حب الوطن والوحدة الوطنية والتعايش والتآخي القومي والديني والمذهبي مع كافة مكونات الشعب العراقي . وعمل النادي طيلة سنوات عمره القصير وفق هذه الرؤية الستراتيجية ، وضمن هذا الأطار حقق إنجازات كبيرة على مختلف الأصعدة الثقافية والفنية والأجتماعية وتعليم لغة الأم من خلال إقامة دورات مكثفة صيفية ، وإصدار مجلة ثقافية فصلية بإسم ( المثقف الآثوري ) وباللغتين الآثورية والعربية بالرغم من كل العراقيل والمصاعب التي كانت تخلقها وتضعها السلطة أمام النادي لمنع صدور المجلة بالمستوى المخطط لها ، وكان الجميع كل من موقعه في الهيئة الأدارية واللجان العاملة في النادي يعملون بهمة ونشاط ونكران الذات من أجل تقديم أفضل ما يمكن تقديمه لخدمة أهداف النادي وبذلك حقق النادي إنتشاراً واسعاً على المستوى القومي والوطني معاً ، وكان النادي محط أنظار وإعجاب المثقفين العراقيين من كل المكونات ممن شاركوا في تقديم المحاضرات الثقافية التي كانت يقيمها النادي أسبوعيا ومنهم على سبيل المثال لا الحصر المرحوم الدكتور علي الوردي حيث إندهش وإنبهر بمنظر الحضور المكثف والمهتم بالثقافة عندما ألقى محاضرة عن المرأة في المجتمع العراقي والذي على أثره تعهد بأنه سيكون جاهزاً لألقاء محاضرات أخرى متى ما طلب منه ذلك إكراماً وإحتراماً ودعماً للنادي ، وغيره الكثير من مثقفي العراق الذين شاركوا في النشاطات الثقافية للنادي كان لهم الأنطباع ذاته ، لذلك ظل النادي هدفاً دائماً يستهدفه النظام الفاشي في ملاحقة وتحجيم كل نشاطاته .. وفي ظل الواقع الأجتماعي المتصارع مذهبيا وعشائريا لشعبنا ، وفي خضم هذه الحركة الثقافية والفكرية الناهضة في النادي الثقافي الآثوري الحديث المولد والقليل الخبرة والتجربة والأمكانيات المالية والتي كان يغذيها ويديمها ويقودها مجموعة من الشباب القومي التقدمي المستقل المثقف ( يقصد هنا بالمستقل غير المرتبط بلأحزاب السياسية العاملة في المجتمع العراقي والمتواجدة في النادي ) من وراء الكواليس بهمة ونشاط عاليين وكأي تنظيم سياسي محترف غير معلن رسمياً ، وللأمانة التاريخية وإكراماً لهذه النخبة من الشباب القومي التقدمي المستقل وليس لأي غرضٍ آخر كما قد يتصور البعض ولكن لأظهار الحقيقة كما كانت ، ومن عاش وعاصر الأحداث في تلك الفترة من عمر النادي سوف يتذكر دور وفعل هؤلاء الشباب المتفانين ويؤيدنا فيما ذهبنا إليه في مقالنا هذا .. نذكر من هؤلاء أسماء من كانوا يشكلون الخط الأول في المواجهة والتصدي للأحزاب التي كانت تسعى بشتى الوسائل فرض أجنداتها السياسية وإرادتها وهيمنتها على النادي وهم كل من ( أبرم داود شبيرا ، آدم بثيو ججو ، روميل كوركيس ، إيشايا يونان ، شليمون بيت شموئيل ، نوئيل داوود ، دنخا إيشا ، إيشودنخا يقيرا ، خوشابا توما كانون ، زيا بطرس ، بنيامين عوديشو سخريا ، جورج متي سوكول ، عوديشو آدم ، بطرس بولص البازي ، كوركيس حنا البازي ، ريمون بنيامين ، سركون ميخائيل رشو ، داود إيشا ، شاول شائيل البازي رعد إيشعيا البازي ، سركيس شائيل البازي وأخيراً كاتب المقالة خوشابا سولاقا ) وغيرهم من المتعاونين لا تحضرني أسمائهم ممن كانوا يشكلون الخط الخلفي من حيث الدور وكل واحد من هؤلاء كان مرتبط بمجموعة من الشباب المستقل من أعضاء النادي ويعمل معهم كتنظيم دون أن يكون هناك تنظيم فعلي ورسمي ولكن حب هؤلاء للأمة وإيمانهم بأهداف النادي كان كافياً لأن يجعلهم يعملون كخلية نحل في النادي ، وكان هناك من يساند توجهات وتطلعات ونشاطات هؤلاء الشباب من عناصر التوجهات السياسية والمثقفين في النادي وعلى سبيل المثال لا الحصر الشيوعيين كافة ورابي يوسف نمرود كانون وشقيقه رابي زيا نمرود ورابي ولسن ملهم ورابي يوسف يونان والسيد إيشا ميشائيل والأستاذ أدورعزيز والدكتور إيشو سنحاريب مرقس والسيد إنطوان سفر والسيد توما مشائيل والمهندس توما روئيل والسيد لنسن والدكتورة جوأن ريحانه والسيد آشور زكريا وغيرهم الكثير من الشباب المتقد بالروح القومية وإعتذاري الشديد لمن لم أذكر إسمه هنا لأن العمر والأحداث قد نالا من ذاكرتي الشئ الكثير ، عملوا هؤلاء جميعاً في الأتجاهات التالية : 1 ) بأسلوب مثقف وديمقراطي ووفق للنظام الداخلي للنادي ولكون النادي مؤسسة غير سياسية وفقاً لذلك تم التصدي للأحزاب السياسية التي كانت تسعى الى فرض أجنداتها السياسية وإرادتها على النادي . 2 ) العمل من أجل المحافظة على إستقلالية النادي من تدخلات وهيمنة الأحزاب السياسية على قراره والمحافظة على هويته القومية التقدمية الوطنية . 3 ) العمل على إحياء لغة الأم والثقافة القومية التقدمية والوطنية من خلال نشاطاته وتكريس الوحدة القومية من خلال تصديه للمذهبية الكنسية والتعصب القبلي والعشائري وقد حقق النادي نجاحاً باهراً في هذا المجال حيث ضم في عضويته الكثير من الكلدان والسريان والروم الأرثوذكس ومن كل الطوائف الناطقة بالسريانية وكان النادي الثقافي الآثوري طيلة سنوات عمره القصير ملتقى للجميع دون تمييز وكان هذا أكبر إنجازاً له يفتخر به على مسار تحقيق الوحدة القومية لشعبنا في تلك الفترة العصيبة والتي كانت الصراعات المذهبية والعشائرية في مجتمعنا على أشدها ، وبذلك كانت سنوات عمر النادي الثقافي الآثوري الحافلة بالأنجازات النوعية قد شكلت منعطفاً تاريخياً في مسيرة الحركة السياسية القومية لشعبنا الكلداني السرياني الآشوري المعاصرة ..
تابعونا في الجزء الثاني وشكراً [/