المحرر موضوع: 'الدولة الإسلامية' تبيع خراب البنية التحتية بالموصل في المزادات  (زيارة 1030 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31489
    • مشاهدة الملف الشخصي
'الدولة الإسلامية' تبيع خراب البنية التحتية بالموصل في المزادات
ثاني أكبر مدينة عراقية تبدو الآن خارج نطاق الرؤية، لكن عندما يزول غبار الحرب والقتال سيقف الجميع على كارثة حقيقية.
ميدل ايست أونلاين


'خسرت أكثر من 120 بناية ومعملا ومشروعا إنتاجيا وجسرا'

الموصل (العراق) ـ تسير الموصل ثاني اكبر مدينة عراقية بخطى سريعة على طريق التدمير الشامل منذ سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" عليها في حزيران/يونيو 2014. اذ أصبحت البنى التحتية والمشاريع الكبيرة بين مطرقة طيران التحالف الدولي وسندان التنظيم المتشدد، فيما يراقب الموصليون المحاصرون في المدينة ما يجري من حولهم بحسرات وأعين دامعة.

ويقول المهندس احمد البدراني "جاؤونا من الصحراء ونخشى أن لا يغادروا مدينتنا الا بعد تحويلها الى صحراء"، معلقا على ما يحدث لمدينته وهو يستعرض أسماء أبنية ومعامل ومواقع أنشئت على مدار سنوات طويلة اختفت تماما من الموصل.

ويضيف المهندس الذي عمل 20 سنة في مشاريع البناء عبر اتصال هاتفي أجراه معه موقع "نقاش"، أن المدينة بدأت تشهد نزيفا عمرانيا اثر سقوطها بيد "الدولة الإسلامية". إذ اسرع عناصره الى تدمير بنايات مهمة تمثل رمزا لسلطة الدولة العراقية، كتجريف أقدم مركز شرطة يعرف بالمركز العام وسط الموصل وتحويل موقعه الى سوق للبقالين، وتفجير ثاني اكبر مجمع إصلاحي في العراق هو سجن بادوش (15 كيلومترا غربي الموصل) وبيع أنقاضه بالمزاد.

ومنذ النصف الثاني من العام 2015، كثف التحالف الدولي ضرباته الجوية التي استهدفت عشرات المعامل والمصارف والأبنية الحكومية وغيرها، لأن عناصر الدولة الإسلامية جعلوها مقرات لهم. الأمر مخيف ولا شيء يبشر بخير خاصة وان العمليات العسكرية المرتقبة قد تجلب المزيد من الدمار، يختم حديثه واليأس واضح على صوته الآتي من داخل الموصل.

ويقول "نقاش" إنه أعد إحصائية بعدد المواقع التي دمرت سواء على ايدي الدولة الإسلامية او بقصف التحالف الدولي الذي بدأه الطيران الأميركي مطلع اب/اغسطس 2014. وقد تجاوز العدد 120، اذ يشمل معامل وأبنية حكومية ومشاريع طاقة (نفط وكهرباء) ومصارف ومقار أمنية وبنى تحتية، دون أن تضم المنازل والأبنية الخاصة وهي بالعشرات أيضا.

وبلغة الأرقام، تعرض للتدمير أهم 12 معملا لإنتاج الاسمنت والألبسة والنسيج والسكر والطحين، و17 بناية للتعليم تابعة للجامعات ومديرية التربية، واكثر من 25 مقرا امنيا وعسكريا، فضلا عن اكبر ستة بنوك بينها البنك المركزي، واربع بدالات اتصال هاتفي واربعة جسور استراتيجية على طرق رئيسية خارج المدينة.

وقد خلف القصف الجوي الجزء الأكبر من هذا الدمار. ففي 7 اب/اغسطس 2016 أي بعد مرور سنتين على بدء غارات طيران للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، بلغ مجموع الضربات ضد التنظيم المتشدد في العراق نحو 10 آلاف لمحافظة نينوى ومركزها الموصل التي نالت حصة الأسد من عمليات القصف الجوي كونها المعقل الأهم للتنظيم في البلاد.

ويوضح الاقتراب من التفاصيل الصورة اكثر، فثمة مثال بارز لخسائر نينوى وهي شركة كبريت المشراق التي تم تدميرها بـ11 صاروخا أواخر حزيران/يونيو.

ويقول المهندس سعيد الطائي احد موظفي الشركة إنها تأسست في موقع اكبر حقل كبريت في العالم على بعد 40 كيلومترا جنوب الموصل. وكانت قبل عام 2003 تنتج أكثر من مليون طن سنويا يصدر معظمه الى الصين، فضلا عن تشغيل آلاف الموظفين والعمال.

ويضيف الطائي، المقيم حاليا في بغداد، أن تنظيم الدولة الإسلامية استولى على الشركة ومنشآتها وسرق الكثير من الآلات والمعدات ومحتوياتها ونقل جزءا منها الى سوريا، ثم جاءت طائرات التحالف الدولي لتقصفه وتلحق أضرارا جسيمة بالمخازن وبمعمل لإنتاج الشب هو الوحيد في العراق، ومنشآت اخرى.

ولا يبدو تنظيم الدولة الإسلامية مكترثا إطلاقا بحجم الدمار من حوله رغم أن أصابع الاتهام تشير اليه اولا لأنه جلب كل هذا البلاء الى المدينة، بل انه يوظف مشاهد الدمار لصناعة دعاية ضد التحالف الدولي والقوات العراقية. فأول شيء يفعله عناصر التنظيم الإرهابي بعد أن يزيلوا أي أثر لهم عن المواقع التي تتعرض للقصف خاصة جثث قتلاهم وعجلاتهم، تصوير المكان وذرف دموع التماسيح على الضحايا المدنيين والخسائر المادية.

وفي آخر فيديو نشره الدولة الإسلامية على موقع تويتر، يقف أحد عناصره وسط مشهد دمار هائل في أحد أكبر معامل الاسمنت بالعراق (معمل اسمنت بادوش)، ويقول مشيرا الى اكوام الأنقاض المبعثرة "مهما قصفتم ومهما حرقتم ومهما دمرتم، لن تتراجع الدولة الإسلامية عن منهاج النبوة".

لكن ما إن تغادر الكاميرات يسرع التنظيم الى فتح مزاد علني لبيع المواقع التي يتم قصفها، وهناك يتنافس تجار غالبا هم سوريون على شراء الأنقاض، وعادة تتم الصفقة في أحد مكاتب الدولة الإسلامية وسط المدينة بعدما ترسو المزايدة على من يدفع أكثر.

ويقول عبدالهادي عزيز (55 عاما) المقيم في الموصل إن "معالم كثيرة تبخرت من حولنا، بنايات ومعامل وشركات اختفت في غضون أسابيع قليلة، فالتجار الذين يشترون المواقع المدمرة من الدولة الإسلامية يوظفون عمالا للعمل طوال النهار من أجل انتشال كل ما يصلح للبيع خاصة الحديد الذي ينقل عادة الى سوريا.

ويستشهد عزيز بأقرب مثال على سكنه وهو مشروع المستشفى الألماني جنوبي المدينة وأنجزت نسبة 70 في المئة منه بميزانية تبلغ 148 مليون دولارا. ثم يقول "اختفى بهذه الطريقة مثل عشرات الابنية والشركات والمعامل المملوكة للدولة العراقية".

وتبدو الموصل الآن خارج نطاق الرؤية لكن عندما يزول غبار الحرب والقتال سيقف الجميع على كارثة حقيقية، خاصة وان المستقبل لا يبشر بخير لأن الحكومة العراقية غارقة في أزمة اقتصادية ولا طاقة لها على إعادة إعمار المدينة ولم تفكر حتى الآن بذلك. وحتى مبلغ 2.1 مليار دولار التي خصصتها الدول المانحة لمساعدة العراق في اجتماع واشنطن الذي عقد في 20 حزيران/يونيو، ستذهب للمساعدات الإنسانية للنازحين دون أن تشمل عمليات إعادة الإعمار.