سفرة الى مزار العذراء ، " هولي هيل"
في كل عيد انتقال سيدة الكون مريم العذراء الى السماء والذي يصادف في الخامس عشر من آب ، يتأهب الكثير من سكنة شيكاغو وضواحيها من الآثوريين والكلدان لرحلة تستغرق حوالي الساعتين الى الجارة الشمالية ، وسكانسون Wisconsin والى موقع Holy Hill اي التل المقدس. وفي كل سنة او بين سنة واُخرى تشارك مجموعة من المنگيشيين في هذا الحج البهيج وأكاد اجزم انه في كل مرة تكون السماء صافية وملبدة ببعض الغيوم الدخانية الخليطة بين الأبيض والرمادي ،مجسمة و مبعثرة في السماء مبتهجة بالعذراء المارة بينها الى السماء العليا محط القديسين والانقياء القلوب.
من مسافة عدة اميال قبل الوصول بالسيارة يمكن رؤية المزار الذي هو حاليا كاتدرائية Basilica معترف به من قبل الفاتيكان. قد يطول وصف موقع الكنيسة الشاهق ، ولكن بأختصار هو ساحر ومهيب ومقدس .
حال الوصول الى مرآب المزار رأيته ممتلئاً بالسيارات وحواليه في كل صوب تترفع الّسِنة الدخان وهناك من ينصبون خيمة وآخرون يفترشون الأرض المخضرة ، وليس مستغرباً أن تشنف أذاني صوت الأغاني الشجية لمطربي أبناء شعبنا وثمة شباب فرحين يرقصون على أنغامها. كما ان الحضورالمكسيكي او الأمريكي الجنوبي هو الآخر متواجد هنا مع تراثه وتقديسه للقديسة العذراء.
بالكاد وجدت محل لتركين السيارة ، ولكن ان استحال ذلك --لأننا في كل مرة نصل متأخرين--فلا بأس من انتهاك حرمة الحشيش الأخضر وفي ذلك لا يمانع الرهبان الكرملين الذين يديرون المزار والذين لا يسمح تواضعهم ومحبتهم من ردع المخالفين بالضرورة.
بكل الأحوال لا بد من الصعود مستوى آخر وهناك وجدت مرآب آخر ممتلئ وهناك أيضاً حانوت للهدايا والى جهة الشمال ثمة مغارة للقديسة العذراء بنيت على غرار تلك التي في لورد مع شلال وحنفية للماء المقدس. يتطلب الوصول الى الكنيسة لسماع القداس صعود سلالم متعرجة او استعمال المصعد الكهربائي الى الطابق الثالث حيث الباحة المطلة على منظر جميل لا حدود فيه للخضار والاشجار . وللذين يودون بأمكانهم تسلق ما يبدو لا نهاية من المدرجات من احدى الأبراج الى الناقوس وهناك حيث لا تشبع العين من النظر البعيدعبر المنظر الخلاب الذي يحيط بالمزار. في هذه الباحة وانا اسحب بعض الصور في الشمس الساطعة ناداني صوت بلغتنا القومية ويقول مرحبا حنا والتفت اليه -- لأَني لا اعرفه-- وسألته أقلت حنا؟ أجابني بلى الست حنا، الذي يكتب ويقول الشعر. سألته عن اسمه وقال انه ميشيل ، وطلبتُ منه ان سمح ان اسحب له صورة مع عائلته لأن في نيتي كتابة تقرير عن هذه الزيارة الميمونة.
الكنيسة وفي ما داخلها من الزخرفات والصور هي آية من الجمال تستحقه العذراء مريم والى جانب رواق الكنيسة ثمة كنيسة صغيرة تسمى كنيسة المزار The Shrine Chapel وهي خاصة للجلوس والتأمل والخشوع وهناك الكثير ممن يشعلون الشموع لتلبية الرغبات المقدمة الى العذراء القديسة. التمثال الذي يزين صدر هذه الغرفة صنع في ميونخ، ألمانيا وعرض في المعرض العالمي المقام في فلادلفيا عام ١٨٧٦ ومن ثم نقل الى الى هذا الموضع ليبهر كل ناظر اليه. حقاً هنا ولمن يتأمل تكلفة هذه الكاتدرائية لا بد ان يشكر ويصلي لكل هؤلاء المتمكنين والأسخياء الذين تبرعوا بالاموال الطائلة لبناء هذا الصرح الجميل او صيانته ليكون بأحلى حُلى للزائرين.
الى هذا الأرتفاع الشاهق تتوزع ألأربعة عشر مراحل من درب الصليب المعتمدة في الكنيسة الكاثوليكة ، وحيث خيمت مجموعتنا المنگيشية في أسفل المزار، وقليلاً من التسلق نحو الكنيسة تستقر المرحلة الأولى وكلما صعدنا بضع دقائق تأتي المرحلة التالية . والكثير من الزوار وخاصة النسوة يتسلقون الى الكنيسة مرورا بهذه المراحل ومتوقفين في كل مرحلة للصلاة ورفع الطلبات الى القديسة العذراء التي مرت بهذه المراحل في حياتها الأرضية.
حقاً قضينا نهاراً سعيداً في هذا المزارالمهيب وكلنا أمل ان نعيد حلاوته في كل عيد لأنتقال العذراء الى السماء.
حنا شمعون / شيكاغو