المحرر موضوع: كفاح عبد الحمزة العطية، رحيل مبكر عن الشعر والشعراء  (زيارة 1353 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كاظم السيد علي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 737
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

كفاح عبد الحمزة العطية
رحيل مبكر عن الشعر والشعراء

كاظم السيد علي

الديوانية ..ام الشعر والشعراء ..هذه المدينة الفراتية الاثيرة ،اعطتنا واعطت الساحة الشعرية اكثير من ابنائها الذين تألقوا في سماء القصيدة الشعبية قدموا كثير من انتاجهم الثر ، في المشهد الشعري في ابداعاتهم الغنية والجميلة في القصيدة او الموال والاغنية والابوذية والدارمي وفي سائر الاغراض الشعرية المتداولة في حياتنا اليومية .
في 8 ايلول 2002 خبا نجم ساطع من نجوم الادب اذ رحل علم من اعلام الشعر الشعبي ذلك هو الشاعر والانسان والمهندس كفاح عبد الحمزة العطية ، فهو غني عن التعريف تخرج (العطية ) من الهندسة ليصبح (مهندسا ) حلم طالما كان يراوده ، واخذته الوظيفة مهندسا في بلديات تكريت والديوانية والسماوة وبغداد ، حتى ترك الوظيفة ليعمل في مجال المقاولات ، لكنها لم تأخذه من الشعر الذي عشقه ونظمه وهو في لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره كتبه في جميع الوانه في القصيدة والابوذية والدارمي :
كش بره ما تسواش كطف الجكاره
يدور اعيوب الناس وعيوبه كاره
يقول عنه صديقه الشاعر والصحفي عادل العرداوي :"عرفته منذ ما يقارب من 30 عاما مضت ،  كفاح ابن الفرات الاوسط ، وربيب الدغارة ، وسليل الديوانية العريقة ، ونجل الاكارم من للاكرع ، شب وترعرع هناك في مضارب عمامه وأخواله (آل عطية ) اصحاب الصيت العالي في المواقف الوطنية منها ثورة العشرين حيث كانوا بيرقا عاليا فيها فكفاح كان متألقا متفاعلا في حركة الادب الشعبي ، وفي مدينته الديوانية ، وكان له صوت بارز في الشعر الفصيح ، وكان فاعلا متفاعل بين ادباء مدينته ، في ندواتهم ونشاطاتهم بل حريص حينما يكون في بغداد في حضور فعاليات الاتحاد العام للأدباء والكتاب في الاندلس " .
هكذا كان كفاح .. الشاعر بقصائده يترقرق بشعره سلسلا عذبا ،فهو شلال من المحبة ، طرق ابواب الشعر بكل فنونه فاحسن واجاد فيه ، وهذا ليس جاء من فراغ بل نهل من منهل عائلته المعروفة بشاعريتها المتمثلة بوالده وجده ، فكانا شاعران معروفان وفضلا عن ابن عمته الشاعر الشعبي الكبير السيد حميد القزويني ، وخاصة في شعر  غزل البنات الدارمي الذي كان يتداوله اوسع الشرائح في تلك الحقبة في مدينة (الحسجة ) الديوانية :
ريشه ولكفني السيل بياجالي ارسي
لبست سواد الناس كله اوي عرسي
فهنا نشاهده بإحساسه المرهف وتجاوبه المخلص مع الناس ، وهذا ان دل على شيء انما يدل على حبه الكبير لهم وتعاطفه معهم وهو يعبر عن الكثير من الحالات الاجتماعية والغرامية المعاشة يوميا في البيئة العراقية ومشاركته همومهم في الصد والهجر والوفاء والخيانه ونكران الجميل .
يمك عجيبه أشلون دفعتني الاقدار
سوت حجي الماصار يم عتبة الدار
وكتب كذلك متالما على تلك الايام الزاهية اللتي قضاها مع الاهل والخلان والاحبة من ابناء جيله معاتبا روحه الولهانة لها بعد العز والمجد الذات كانا مرتبطان معا :
مغيمه وترعدين ياروحي بالصيف ؟
مجد امس ماينعاد مر مرت الطيف
جعل له حضورا دائما ومتفاعلا في المشهد الشعري الشعبي العراقي وخاصة بين زملائه ومعاصريه ، فكان يساجل ويناظر في كل انتاجاته الشعرية وخاصة في الدارمي الذي اشتهرت به مدينته ، والذي نحن بصدده والذي كتبه بإفراط لاحدود له فهنا نتابع عنما كتب اليه صديقه الشاعر الرحل عباس عرد الخزاعي شاكيا له حالته قبل رحيل الحبيب قائلا :
بت بعد بالدلال بت لاجن انحيل
اكطع يوم الكال بس باجر انشيل
فجاء رد الشاعر العطية بالحال مجسدا لمأساته ولمرارته التي لاعلاج لها قائلا :
بت بعد بالدلال شبه السبيبه
امعالج انه وياه وابعد طبيبه
فشاعرنا كفاح تفرد عن جيله من الشعراء وذلك لعمق وعيه الثقافي الشعري فجاء مواكبا التقدم الحاصل في القصيدة الشعبية الحديثة على يد من سبقوه في مدينته كالأخوة السماوي وعلي الشباني ولطيف حسين وغيرهم من المبدعين في هذا المضمار الرحب ، وهنا نراه في قصيدته الموسومة (الغضب ) الذي كتب عليها "مهداة لي ولها وللآخرين " اذ انشد فيها قائلا :
غضب يتساقط ابأذني
وغضب ياخذني ويردني
يهدهدني الهوه ..يسمر يهدهدني
يكلي ادني
ينازع وجهك بكلبي ..
الهوه من تبتعد يدني
يمن حبك سرج مهره
اعلى كيضك ينتظر خيال
مانكفر .. نكلك جلمة التنكال
نكلك حد يصير ونكطع الامال ؟
يجتفني الشبج للماي
وأكفر من اشوفك ماي
انخاني امجفن ابكبري !! اكلك جاي
اكلك لو عزه الغربي ..
يدك حيدار ..اكلك جاي
اكلك مرمرتني اهواي
من هذا عرف الراحل كفاح الشاعر بنشاطه الشعري الدائب وكثرة كتاباته الشعرية في القصيدة والدارمي والموال ناهيك عن  اسهاماته في ميدان بحر الابوذية ولكنه فما كانت حالة اجتماعية او غرامية تمر من دون ان يكتب عنها بعفة روحه وطيبت ذاته وبقلب طيب مسامح وبعتاب شفاف لايعرف فيه شياء غير الحب ،كما في هذا البيت التي جاءت به قريحته بمفردة مألوفة يستقبلها المتلقي بدون شرح المعاني .. انها مفردة الجميع :
عتابك ياحلو اعله الراس والعين
لان تدري بهواكم دوم ولعين
حبيبي عوف النقلك شين والعين
دكتله بجيتك كل يوم اليه
ان الصورة الشعرية التي ينقلها الشاعر كفاح العطية في كل انتاجاته الشعرية هذه مأخوذة ن الواقع المزري الذي يطوقه
ويحتويه ، في زمن النظام الاستبدادي ففرض شمولية وأدت الى تخريب الوعي بأساليب العنف والتغريب اعني بها الحروب واسكات الرأي والرأي الاخر .
ومارس ارهابا لاهوادة فيه ضد كل طبقات المجتمع واطيافه السياسية في البلاد ، القصائد الصادقة هي كالروح تنبض بالحياة وتتحسس بالخطر المحدق بها فنراها تختفي من سلطة الرقابة والمنع لانها تخشى المصادرة والتصفية ،هذا ما لوحظ عند الشاعر كفاح فعندما التقيت بالكاتب ثامر الحاج امين حدثني عن الشاعر كفاح قائلا :" عندما عقد العزم ادباء وشعراء الديوانية على جعل اربعينية الشاعر حسن الشيخ كاظم (1929 – 1996 ) تأبيا شعريا ،اخذت المساهمات تردنا لتنظيم المنهاج وكانت من بين تلك المساهمات قصيدة (سيف اجاويد ) للشاعر كفاح عبد الحمزة العطية ، توقفت عندها كثيرا لما تحمله من نقد قد يغيض السلطة آنذاك وبالتالي يحدث ما يحمد عقباه ، وحين كاشفت الصديق كفاح بتحفظي على تلك القصيدة وجدته هو الاخر قلقا منها وايدني بسرعة على استبدالها بقصيدة اخرى لكن الاولى ظلت اسيرة لدي وحان وقت نشرها وفاء لكفاح صديقا وشاعرا واليك نص القصيدة (سيف اجاويد ) :
يعمي اصحه العشاير شالت ابعيد
 وسيوف الزلم صارت جراريد 
الفرات الجانت تهابه الطراريد
ابشرك .. كيش وتعبره المكاريد
وانت بهل العمر !! وتريد شتريد ؟
يمعود!!  دعوف الغيد للغيد
وخل لهل الفلوس الطرب والعيد
 مرسوم اعله كلبك سيف اجاويد
موكافي السفر مابيك تشريد
غريب بموطنك ومجتف الايد
من يسوه!! التعب ومخاطر البيد
ومن يسوه !!
تهمل عينك عليه ..اوتلوي الجيد
اصل خس وسماده شلون تسميد
هكذا كان كفاح العطية ..الشاعر والانسان والعاشق للحياة وللناس ابن (الحسجة ) الذي نتذكره بألم وحسرة على رحيله المفاجئ والمبكر عن الشعر والشعراء .