المحرر موضوع: النظرة الدونية تلاحق الأتراك من أصل أفريقي  (زيارة 1225 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31485
    • مشاهدة الملف الشخصي
النظرة الدونية تلاحق الأتراك من أصل أفريقي
يبدو أن السلطات التركية تحاول تجاهل تاريخ الرق والعبيد الذين جلبتهم الإمبراطورية العثمانية من مناطق أفريقية عديدة واستقروا في البعض من القرى والبلدات مثل أنطاليا وأضنة، ومازال أحفادهم يعيشون هناك لكنهم لا يعرفون شيئا عن أصولهم ومن أين أو كيف قدموا، إضافة إلى أن الأتراك البيض يستغربون وجودهم بينهم لأنهم لم يتعرضوا خلال دراستهم لتاريخ الرق الذي ألغي في تركيا في القرن العشرين بعد مرسوم صادر في عام 1857.
العرب [نُشر في 29/08/2016، ]


مواطنون أتراك
إزمير (تركيا) – كلما سار شاكر دوغولير في شوارع المدينة القديمة بإزمير شعر بنظرات المارة تتطلع إليه بدهشة، ويقول الرجل الذي يبلغ من العمر 61 عاما “إنني ألفت انتباه الجميع، وكل شخص يمر بجواري ينظر إلي، والبعض من المارة يشيرون بأصابعهم نحوي ويضحكون، ثم يسألونني عن المكان الذي جئت منه”.
وفي الحقيقة ولد شاكر دوغولير في قرية تطل على ساحل بحر إيجه، وعاش في إزمير منذ السبعينات من القرن الماضي، ولكن لأنه أسود البشرة لا يعتقد الكثيرون من مواطنيه أنه مواطن تركي مما يضطره إلى أن يريهم جواز سفره. ويعد شاكر جزءا من أقلية عرقية غير مرئية إلى حد كبير من جانب المجتمع التركي، وهذه الأقلية تنتمي إلى الأتراك من أصل أفريقي وهم سلالة العبيد الأفارقة الذين جلبوا إلى تركيا في زمن الإمبراطورية العثمانية.

واستنادا إلى التقديرات الأخيرة، يوجد داخل تركيا ما يقرب من 20 إلى 25 ألفا من الأتراك المنحدرين من أصول أفريقية، لكن لا أحد من الأجهزة الرسمية يحتفظ بسجل عن أعدادهم الفعلية.

ويقول المؤرخ التركي هاكان إرديم إنه من المستحيل أن نحدد بدقة الزمن الذي بدأ فيه العثمانيون الاتجار بالعبيد الأفارقة.

ويضيف “غير أن وثائق القرنين الخامس عشر والسادس عشر تشير إلى وجود عبيد أفارقة في الإمبراطورية العثمانية”، وألغت الإمبراطورية العثمانية الرق رسميا عام 1857، غير أن تجارة العبيد استمرت بعد ذلك بشكل غير مشروع.

ويرى إرديم أنه كان يتم نقل عشرة آلاف من العبيد الأفارقة كل عام خلال القرن التاسع عشر، إلى الإمبراطورية العثمانية التي توسعت وقتذاك لتشمل شبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا.

عدد قليل من الأتراك الأفارقة يعلمون كيف جاء أسلافهم إلى تركيا، وهؤلاء الذين يعلمون فارقوا الحياة بمرور الزمن
ويقول إرديم “إن إجمالي عدد العبيد الأفارقة الذين وصلوا إلى تركيا خلال قرن كامل بلغ مليونا”.

وعندما تم تأسيس الجمهورية التركية عام 1923، تم منح أبناء العبيد الأفارقة الجنسية التركية، وبعد أن كان يتم عتقهم من الرق عادة بعد 9 سنوات من العبودية، استقر الكثيرون منهم في قرى تقع على بحر إيجه خلال الأعوام السابقة.

وبعد أن يتم تجنيسهم يصبحون مواطنين أتراكا، غير أن هذا الاندماج في المجتمع التركي يعني أيضا أن تاريخ العبيد الأفارقة قد طواه النسيان إلى حد كبير.

ولا يعرف شاكر دوغولير -مثله في ذلك مثل الكثير من الأتراك من أصل أفريقي- جذور عائلته.

ويقول “إن عددا قليلا للغاية منا يعلم كيف جاء أسلافنا إلى هنا، وهؤلاء الذين يعلمون فارقوا الحياة بمرور الزمن، وأخبرني والدي أن أصلنا يرجع إلى السودان، ولكن من المستحيل معرفة التفاصيل”.

وكتب مصطفى أوبلاك سيرة ذاتية لجده الذي تم بيعه كعبد للإمبراطورية العثمانية، وعكف أوبلاك على تتبع وتدوين تاريخ أسلافه.

ويشرح أوبلاك قائلا “إن الجيل الأول خاض تجربة ذلك الزمن بكل مصاعبه، أما أبناء الجيل الثاني فقد أنكروا تاريخ أسلافهم وتناسوه عن طريق القول بأنهم مواطنون أتراك، وعندما نصل إلى الجيل الثالث نجد أنه الجيل الذي يقوم بإعادة استكشاف ما حدث في الماضي”.


رابطة تبحث في أصول العائلات الأفريقية
وأسس أوبلاك رابطة عام 2006 بهدف التعرف على المزيد من المعلومات حول تاريخ الأتراك الأفارقة. ويقول أوبلاك الذي يبلغ من العمر 63 عاما “إننا نسعى من خلال العمل الذي نقوم به في الرابطة إلى استعادة المعرفة بشأن ثقافتنا، والاتصال بالأتراك من أصل أفريقي في مناطق أخرى، واستكشاف تاريخنا، ولكن تبين أن هذا العمل تحيطه الصعوبات”.
ويوضح شاكر دوغولير -وهو أيضا عضو في رابطة الأتراك من أصل أفريقي- قائلا “عندما توفي أجدادنا فقدنا المعرفة بثقافتنا”.

ولا يتم تسجيل تاريخ العبيد الأفارقة في الروايات أو البيانات الرسمية، كما أنه لا يوجد أي ذكـر لهم في الكتب المدرسية التركية.

ويقول هاكان إرديم إنه “على الرغم من وجود عدة عناصر حول نظام الرق في العهد العثماني في المناهج الدراسية، فإنها لا تتضمن أي معلومات حول تجارة العبيد الأفارقة”. ويرجع المؤرخ إرديم هذا الغياب في المعلومات إلى أن مؤلفي الكتب المدرسية لا يعرفون شيئا عن هذا الموضوع.

ويتساءل شاكر دوغولير قائلا ” إنه إذا كان حتى المؤرخون لا يعلمون شيئا عن أصل الأتراك الأفارقة، فمن هو الشخص الذي سيعرف شيئا عن الناس الذين يعيشون في هذا البلد وعن تاريخهم ؟”.

ويضيف “إن غالبية الأتراك لا يعلمون أن ثمة أتراكا يرجع أصلهم إلى أفريقيا يعيشون بين ظهرانيهم في تركيا، وهذا هو السبب في أن المواطنين في المدن التركية يعتقدون أننا أجانب ولسنا مواطنين مثلهم، ونحن نمر بهذه المصاعب يوميّا”.

ويرى مصطفى أوبلاك أن إثارة الوعي بهذه القضية يبدأ من النظام التعليمي.

ويقول “إذا تعلم الأطفال منذ المدرسة الابتدائية فما بعدها شيئا عن الناس الذين لديهم ثقافات مختلفة في تركيا، فسوف يفهمون أن أولئك الذين ينحدرون من أصل أفريقي مواطنون أتراك، ولكنّ لديهم لون بشرة مختلفا وثقافة مختلفة”.