الأخ العزيز والأستاذ جاك الهوزي
تحية قلبية
شكراً لك عزيزي جاك ، فقد أتحفتنا ( كعادتك ) بهذا المقال الموزون النابع من فكر وضمير حي كما عهدتك وكلي فخر بك . وأسمح لي بهذا التعقيب الطويل نوعا ما ، وأعتذر لك وللقراء الكرام مسبقاً .
1 - على مرّ العصور أفتخر الكلدان بإنتمائهم للعراق ، ولم يخونوا يوماً وطنهم العراق لمصلحة أية دولة أجنبية ، حتى في العصور المسيحية الأولى كانت الكنيسة النسطورية ( المنشقّة عن الكنيسة الأم ) متعاطفة مع الفرس وتحت حمايتهم ، ولم يكن الكلدان يوماً عملاء أو جنود لأي جيش غازٍ ، لذلك ظل سجل الكلدان نظيفاً لدى أخوتهم من أبناء القوميات الأخرى المكونة للشعب العراقي ، وبعد أستقلال العراق ، تميّز الكلدان بأنصرافهم للدراسة حيث كانت نسبتهم في الكليات والجامعات أضعاف نسبتهم العددية ، ولم يكن لدى الكلدان يوماً طموحاً بالأنفصال عن العراق ، وتخصصهم المهني ودرجاتهم الوظيفية جعلهم يستقرون في المدن الكبرى والبلدات القريبة منها ، وكان أهتمامهم بالعمل وإنشغالهم بتأهيل أولادهم للدراسات الجامعية أكثر من أهتمامهم بالسياسة مما توهم البعض بأن الكلدان غير مبالين بأنتمائهم القومي ، وبالتالي لا قومية لهم ، وأن الكلدان قد أصبحوا بين العرب ، عرباً ، وبين الأكراد ، أكراداً ، لذلك تصوّر البعض بأن الكلدان هم " الرجل المريض " والوقت قد حان لتوزيع تركته وإرثه ، فظهر من يدّعي تارة بأنهم آشوريين ، وآخر بأنهم سريان ، طمعاً في الأستفادة من نسبتهم العددية لتعزيز عقدة النقص الموجودة في قلّة عددهم .
2 - موضوع الرابطة الكلدانية الذي أستمر الجدل والنقاش حوله عام تقريباً من قبل مجموعة من المتداخلين وكما تفضّلت وقسمتهم الى ثلاثة أقسام ، فسوف أقسمهم كذلك الى أقسام قد تكون قريبة من وصفك .
أولاً - مجموعة كلدانية مهتمة بالشأن القومي الكلداني رأت في الرابطة الكلدانية أملاً حقيقياً لإعادة الإعتبار للقومية واللغة الكلدانية اللتان جرت وتجري المحاولات المستمرّة لإلغائهما ووقوف الكلدان في حالة تشرذم لفقرهم لقيادة مؤثرة وفعالة لجمع شملهم بسبب ضعف الأحزاب والتنظيمات الكلدانية وحداثة تشكيلهم ( وللأسباب التي نوهت عنها في (1) اعلاه ) رغم إنعقاد مؤتمري النهضة الكلدانية , ورغم تماثل القرارات التي صدرت عنهما مع معظم ما جاء في النظام الداخلي للرابطة الكلدانية لاحقاً .
ثانياً - مجموعة معارضة للرابطة الكلدانية لأسباب شخصية كالموقف من غبطة البطريرك ، أو من القيادات التي أنتخبت في المؤتمر التأسيسي ، أو أن الرابطة لا تلبي الطموح الكلداني 100 % ، أو المشاكل التي حدثت بين الرئآسة الكنسية وبعض الأبرشيات .
ثالثاً - مجموعة تخشى على مكتسباتها التي تحققت من الوضع العراقي الجديد وخشيتها من سحب البساط من تحت أرجلها وأن يتحقق العدل والحق الكلداني بنيل أستحقاقهم في وطنهم العراق .
3 - صحيح وأؤيدك بحماس حول ( الأغلبية الصامتة ) التي هي رأسمال الكلدان ورابطتهم القومية ، لذلك يجب التحول نحوها وتشجيعها على الأنتماء للرابطة لأنها الأساس ( كما تفضّلت ) .
4 - حول علاقة الكنيسة بالرابطة - للكنيسة ( في الظرف الحالي على الأقل ) أهمية قصوى في نجاح وتثبيت الرابطة الكلدانية وذلك لأفتقار الكلدان لأحزاب وتنظيمات قومية تستطيع نيل وحفظ حقوق الكلدان في خضمّ الصراعات الحالية على الساحة العراقية والدولية ، لقد ظل البطاركة الآشوريون الى وقت قريب ( أنتخاب المثلث الرحمات مار دنخا الرابع عام 1976 ) هم القادة الدينيون والسياسيون وحتى العسكريون ،( الى أن أستطاعت الأحزاب الآشورية من الوقوف على قدميها ) أدت الى قول آغا بطرس للبطريرك مارشمعون التاسع عشر بنيامين مقولته الشهيرة حين كان يتدخل حتى في الأمور العسكرية " دع السيف لي .... والصليب لك " والكلدان لا يطلبون ذلك من الرئآسة الكنسية سوى البركة وتشجيع الكلدان للإنخراط في العمل القومي .
كلمة أخيرة لأخواني الناشطين الكلدان الذين لديهم بعض التحفظات على ما يعتقدون أنه نقص في الرابطة الكلدانية ( وأنا منهم ) ، بالتأكيد الجميع وحتى المشاركين في أعمال المؤتمر التأسيسي الأول ، والمؤتمر الحالي ، لديهم آمال وطموحات في الوصول الى الكمال في أعمال الرابطة ، ولكن بدون مؤازرة جميع الكلدان لا يستطيعون السير نحو هدفهم ولا نستطيع تجاوز تلك النواقص ، لنضع أمام عيوننا الهجمة المزدوجة الشرسة التي يتعرض لها الكلدان في قوميتهم ولغتهم ووجودهم وكيانهم ، ولنتحمّل بعض أخطاء أخوتنا ، فمن لا يعمل ... لا يخطأ .
مع تقديري