المحرر موضوع: قصة قصيرة جدا /مقبرة الأحياء  (زيارة 2300 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل زاهـر دودا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 267
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
قصة قصيرة جدا

مقبرة الأحياء 

زاهر دودا 


إنتظَرَتْهُ ، الى ان جاءَ بَعدَ بُزوغ الفَجرِ ، مُرهَقاً مَهزوماً مِن صراعٍ مَع الذاتِ، فاقِداً مِن وَجهِهِ روحَ الحياةِ ومَعنَى الوُجودَ في بلادِ الاغتِرابِ، الخُسارَةُ واضِحَةٌ في عَينَيهِ ، عائِداً من دَفنِ كل ما كانَ يَحمِلُهُ في مَقبَرَةِ (صالة) القُمارِ ، تَشاجَرَتْ مَع نَفسِها وَلَعَنَتْ يَومِها الذي رأتْ في وَجهِهِ هذا الانكِسار. 
لم يُجادِلُها، لم يأبَه لِثَورَةِ غَضَبِها وتَهديدِها. دَخَلَ الى غُرفَتِهِ، رَمَى بفِكرِهِ العاري مَعَ جَسَدِهِ الشُبْهُ العاري فَوقَ السَريرِ .
كانَتْ تَتَكلّمُ مَعَ نَفسِها أثناءَ تَهيئَةَ هِندامِها للذهابِ الى الكَنيسَةِ للمُشارَكَةِ في قِدّاسِ الاولِ مِن يَومِ الأحَدِ للقيامةِ:
ــــ سَأَضَعُ حَدّاً لِهذِهِ المُصيبَةِ، لَنْ أسمَحْ بتِكرارِ الحالةِ مَرَةِ أخرَى ..!!
اثناءَ سَيرِها المُثقَلِ بالهُمومِ ومِن لَيلَتِها المُرهَقَةِ بِلا راحةٍ وَلا نَومٍ، كانَتْ تُرافِقُها الخَيالاتِ المُفزِعَةِ حَتَى وُصولِها وَدُخولِها الكَنيسَة .
انتَهى القِداس ، خَرَجَتْ وَقَدْ تَلاشَى مِنها اليَأسَ مَع القِيامَةِ ، والشَوقُ يَدفَعُ اقدامِها الخَفيفَةِ للوصولِ الى شَقَتِها .   
لَمْ يَزَلْ يُعانِقُ الوِسَادَةَ ، مُتَكَوِراً مِن صَفَعاتِ البَردِ . وَضَعَتْ الغِطاءَ فَوقَ جِسمِهِ المَكشوفِ بِرفقٍ كي لا توقِظَ السكينَةَ مِن روحِها الساكِنَةِ فيهِ ..   
انشَغَلَتْ بِحُدودِ الساعَةِ مِن الزَمَنِ ، بَعدَها دَخَلَتْ الى غُرفَتِهِ :
ــــ  ابني ...! استَيقِظْ ابني، أعدَدْتُ أكلَتُكَ المُفَضّلة (الپاجه) ، قُم لِنَفطُرَ مَعاً . حاوَلَتْ مِراراً ايقاظِهِ بِمُختَلفِ الطُرُقِ، إلا انَهُ لَمْ يَكُنْ يَسمَعُها .
لحد هذا اليوم لا تَعرِفُ ماذا حَلَّ بِمَصيرِ الطعامِ الذي كانَ يَنتَظِرُهُما على المائدةِ في ذلك الصباح ..   
 
6 ايلول 2016


غير متصل شذى توما مرقوس

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 586
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: قصة قصيرة جدا /مقبرة الأحياء
« رد #1 في: 21:13 28/09/2016 »
خالص تحياتي لأخي القاص المثابر زاهر
 قصة جميلة بفكرة مفيدة وبأسلوب مُعبِّر ، وأنا أرى إن لك نَفَس القاص المتميز في مجال كتابة القصة القصيرة جداً ، فلقصصك طابعها الخاص والمتميز ، كما أعجبني جداً إنك ختمت القصة بعبارة غنية :
لحد هذا اليوم لا تَعرِفُ ماذا حَلَّ بِمَصيرِ الطعامِ الذي كانَ يَنتَظِرُهُما على المائدةِ في ذلك الصباح ..   
 تلميح خصب عن حوادث متعددة تطلق العنان لخيال القارئ ليتصورها ويعايشها ....
أحسنتَ أخي زاهر ، وإلى المزيد من العطاء

مع الود

غير متصل زاهـر دودا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 267
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
رد: قصة قصيرة جدا /مقبرة الأحياء
« رد #2 في: 23:01 03/10/2016 »
الاخت العزيزة شذى توما المحترمة
تحية وتقدير
شكرا جزيلا على مرورك ويسعدني رأيك الشخصي باستحسانك القصة الذي يُحفّزني ان ابذل المزيد لأبقى عند حسن اعجابك ورضى القُرّاء دائما
تقبلي خالص المودة والاحترام
اعتذر على ردّي المتأخر لتعقيبك الرائع لإنشغالي بامور خاصة خلال الاسبوع المنصرم
اخوك
زاهر دودا