المحرر موضوع: المهندس خسرو الجاف ومختصر الفن والثقافة في العراق في ضيافة منظمة كلدو آشور  (زيارة 1470 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نمرود قاشا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 407
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
المهندس خسرو الجاف ومختصر الفن والثقافة في العراق في ضيافة منظمة كلدو آشور
كتابة : نمرود قاشا

خسرو الجاف , شخصية قد لا تجدها إلا في خسرو الجاف , بداً من هندامه وشكله العام فهو يرتدي بدلات مفصلة خصيصا له , يطلق شعره ولحيته وشاربه بحيث اختلطا معا ليشكلا هالة من البياض حول وجهه ... وبعد , اهتماماته أيضا فيها من الغرابة الكثير , فهو البيشمركة الثائر الذي حمل السلاح وقاتل دفاعاً عن الكورد وكوردستان وعاش سنوات طويلة في المهجر مكابداً حياة الغربة.. وهو المهندس المعماري اللامع والفنان التشكيلي البارع الذي تشهد له أعماله بالأصالة والابتكار والتجديد والنبوغ... وهو الشاعر والولهان الصادق الذي يلهب المشاعر ويؤجج العواطف.. وهو الكاتب والمترجم المتمكن، وقبل كل هذا وذاك هو الروائي والقاص الذي يتبوأ بجدارة واستحقاق مكانة مرموقة في الأدب الكوردي والعراقي المعاصر. ويمكن القول إن كثيرين يمرون على درب الحياة فمنهم من يترك أثاراً عظيمة ومنهم من لا يترك سوى آثار أقدام. إضافة إلى كل هذا وذاك فهو سياسي , كان ضمن مائة شخصية عراقية كلفت بإدارة الدولة بعد الاجتياح الأمريكي للعراق 2003 , هو النائب الكردي في أول برلمان عراقي ,
خسرو الجاف ولد في ليلة نوروز عام 1945 بقرية كلار ( السليمانية )  ينتمي إلى أسرة مثقفة، وعرف والده محمد سعيد بك كونه شخصية قومية ووطنية مناضلة وعلما بارزا من إعلام الوسط الثقافي والأدبي، وزينت نتاجاته وعلى مدى أربعين عاما العديد من المجلات والصحف الكردية المختلفة .
هذا الإنسان المتعدد المواهب استضافته منظمة كلدو آشور للحزب الشيوعي الكردستاني في أمسية جميلة على حدائق المنظمة مساء الخميس 6 تشرين الأول 2016 في أمسية جميلة ربما تختلف عن ( خميسات المنظمة ) كون الضيف تحدث بعفوية كبيرة وقلب مفتوح دون ان يضع بعض الجمل بين هلالين , هو صريح إلى حد الصراحة غير المقيدة ,  " ليس هناك شيء أخاف منه "  هكذا يقول .
الشاعر زهير بهنام بردى أدار الجلسة بمقدمة طويلة وجميلة تليق به , وقبل أن ينهيها قال : كان بودي أن أتحدث أكثر بحق هذا الإنسان الرائع والمتعدد المواهب , انه يستحق كل كلمات الحب والجمال والإبداع , ومحاضرته جاءت تحت عنوان ( مختصر الفن والثقافة في العراق )
وعن فلسفته المعمارية قال : «في غالبية دول العالم يدرس الطلبة العمارة في الأكاديميات والجامعات الفنية وليس في جامعات هندسية، أنا درست العمارة وتخصصت بها في جامعة طهران للفنون الجميلة. وفي عموم أوروبا، خاصة في ألمانيا والنمسا، تدرس العمارة في كلية الفنون الجميلة باعتبارها نمطا خالصا من الفنون الإبداعية، فمن الممكن أن يتخصص أي شخص في الهندسة الكهربائية أو الفيزيائية أو غيرها من علوم الهندسة، لكن العمارة فن خالص ولا يبدع فيها إلا الفنانون. قد يكون هناك معماريون بارزون وهم لا علاقة لهم بالفن، لكن إنجازاتهم اعتيادية، يصممون وفق مقاييس علمية بحتة وتأتي النتائج صحيحة تماما، فكم هناك في العالم من معماريين، لكن من بين عشرات أو مئات الآلاف من المعماريين في العالم هناك أسماء نادرة أبدعت في فن العمارة وبقيت أعمالهم يشار لها باستمرار على أنها أعمال معمارية فنية».
بعدها بدأ الجاف يتحدث عن أهم مراحل حياته عن الفن قال : إن المعارض الفنية والأدبية التي تقوم بها المؤسسات المختلفة هي أهم بوابات الثقافة، مبينا إن الفن بدأ يتراجع وأعمال النحت بدأت تتلاشى , ان " الفن بصورة عامة بدأ يتراجع، والبقية الباقية من أعمال النحت بدأت تتلاشى وضاعت".
وعن الشعر والأدب والرواية قال : إن كل أشعاري وكتاباتي وشخصيات رواياتي لا تبتعد عن حياة وهموم الإنسان اليومية .. إن علاقاتي وارتباطاتي ليس لها حدود في تفكيري والذي يهمني في الإنسان سواء كان امرأة او رجلاً هو الخلق الرفيع والتفكير النظيف .. الذي يهمني هو من يعمل في خدمة الانسان وتحقيق انسانيته.
وعن منحوتته " نصب الشهيد  , النصب الرابض فوق قمة الجبل في منطقة (كزكزان) على طريق كويسنجق أربيل، يتم التسلق اليها  من الشارع و يضم شواهد قبور ترمز لشهداء الثورة الكردية «360 قبرا رمزيا.. وكل قبر يرمز لألف شهيد»"  يقول : «نصب شهداء الثورة الكردية» يتداخل فيه ما هو نحتي ومعماري في آن واحد، لكنه في العموم، وبتداخل العمارة والنحت، يكون عملا فنيا نحتيا، ويؤكد الجاف أن «العمارة هي في الأساس منحوتة في الهواء الطلق، وتمثل الهوية الثقافية والاجتماعية لأي شعب أو مجتمع والشرقية».
الغرابة والتمايز والطابع الفني الثقافي هي توقيع الجاف على جميع أعماله المعمارية التي لا تفلت منها اللمسات الفنية، والنحتية خاصة، فما من بيت أو عمارة صممها ونفذها الجاف، سواء في بغداد أو مدن إقليم كردستان، إلا وتشد انتباه المتلقي باعتبارها عمارة غرائبية، حتى قيل إن أي عمارة غريبة تشاهدها في أي مكان في العراق فمن المؤكد أنها تحمل توقيع الجاف.
ليختتم الجاف محاضرته التي استغرقت حدود الساعتين : أنا إنسان حي يحاول أن يخدم الإنسان وهذا ليس نوعا من التعصب بأن اخدم الشعب الكردي قبل كل شيء باعتبارنا شعباً مظلوماً  منذ عمق التاريخ وحتى الآن فهذا الشعب محتاج إلى مساحة واسعة من حياتي اجعلها في خدمته .. ومن جانب آخر إن بؤس الحياة الذي يعيشه الشعب العراقي يأخذ جانبا أكبر من اهتمامي .. فحياتي مكرسة لخدمة الإنسان بغض النظر عن العرق او الدين لذلك أنا أعاني عدم الشعور بقدر وقيمة الإنسان العراقي بصورة عامة والكردي خاصة ..
وفي اختتام المحاضرة أجاب الفنان والأديب الجاف على أسئلة الحضور , وقدمت له شهادة تقديرية باسم منظمة كلدو أشور قدمها له أ . د عماد عبدالسلام