المحرر موضوع: أضاءأت أسلامية في " الخمر " مع أستطراد لتحريم الخمر في العراق  (زيارة 679 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل يوسف تيلجي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 471
  • كاتب ومحلل في مجال نقد الموروث الأسلامي
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
                           أضاءأت أسلامية في " الخمر " مع أستطراد لتحريم الخمر في العراق

المقدمة :
    لا تحريم للخمر في الأسلام ، لأن كل تحريم وجب أن يكون بنص ، خلاف ذلك فالأمر محلل ، أو أن يكون الأمر خاضع لدور العلماء والفقهاء والشيوخ والمفسرين ، وذلك بأن يدلو بدلوهم في الأجتهاد والتفسير والتأويل ، وأن جانبوا كل ذلك ، فيختمون قولهم كالعادة ب " هذا ما أتفق عليه الجمهور " وأذا لم تسعفهم كل المحاولات قالوا : " أن ألله أعلم " !! ... أما تحريم الخمر الذي صدر من البرلمان العراقي ، فهو ( جيفة ) أخرى تضاف للسياسيين التي " جيفتهم " أزكمت أنوف العالمين ، ويراد منها بالنتيجة تحويل العراق مستقبليا الى دولة أسلامية !! 

المحور الأول :
 بداية سأسرد بعضا من النصوص والتي أستقيتها من القرأن والأحاديث  ، وهي تلقي ، بشكل أو باخر ، بحزمة ضوء / وأن كانت غير شاملة وذلك لوسع الموضوع ، على هذا الشأن الذي تناوله الكثير من المهتمين بالبحث ، منذ نهاية البعثة النبوية / موت الرسول ، والى الأن :                                                                                            1 . بادئ ذي بدأ ، أن الخمر غير محرم ، بدليل أنه لو حرم لدرج مثلا في الأية التالية ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ /  سورة المائدة آية 3 ) ، والقرأن أوصي بأجتنابه وفق الأية التالية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ -سورة المائدة / 90 ) ، هذا أولا .                 
   2 . أن الخمر ، مر بمراحل عديدة ، بداية كان حلالا كما هو مثبت وفق الأية التالية / سورة النحل – سورة 16 – آية  67 (  ومنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )  ، وقال  " ابن كثير " في هذا الصدد ( ولما ذكر اللبن وأنه تعالى جعله شرابا للناس سائغا ثنى بذكر ما يتخذه الناس من الأشربة من ثمرات النخيل والأعناب وما كانوا يصنعون من النبيذ المسكر قبل تحريمه ولهذا امتن به عليهم فقال " ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا " دل على إباحته شرعا.. ) ، وأضافة لذلك سرد النص القرأني في بعض أياته فوائد شربه / أي الخمر ، كما جاء في سورة البقرة – سورة 2 – آية 219 (  يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ) .                                                                                                                  3 . من المراحل الاخرى التي مر بها الخمر ، وهذا حدث عندما جاء المسلمين للصلاة وهم سكارى ، فنها النص القرأني عن ذلك ، وهو دليل على سماح تناوله في غير أوقات الصلاة ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا / سورة النساء 43 ) .                                                                                          4 . كان تناول شرب الخمر عادة شائعة عامة حتى بالنسبة لصحابة الرسول ، والذين كانوا يشربونه حتى بعد نزول " أية أجتنابه " ، فقد جاء في موقع / منتديات الغدير المباركة ، ما يلي :  فمن الصحابة الذين شربوا خمرا بعد نزول أية الأجتناب .. (( 1 ـ ذكر الحافظ ابن حجر في " الإصابة " (2/102) دار الكتب العلمية ـ بيروت ، أن الصحابي المُلقَّب بـ "حمار" ! والذي اسمه " عبد الله " شرب الخمر في عهد عمر بن الخطاب ، فأمر عمر به فضُرب الحد. 2  ـ ذكر ابنُ الأثير في " أُسد الغابة " (5/36) أن الصحابي " نعيمان بن عمر" كان يشرب الخمر في زمن رسول الله ، فيضربه النبي بنعله ، ويأمر أصحابه فيضربونه بنعالهم ويحثون عليه التراب ، فلمَّا كثر ذلك منه قال له رجل من الصحابة : "لعنك الله" ! فقال له النبي : لا تفعل ؛ فإنه يحب الله ورسوله!!! . 3  ـ ذكر ابن الأثير في "أسد الغابة" (5/161) أن الصحابي "أبا الجندل" شرب الخمر في خلافة عمر بن الخطاب ، فأمر عمر به فأقيم الحدُّ عليه. 4  ـ ذكر الحافظ ابن حجر في "الإصابة" (4/458) أن الصحابي "علقمة بن علاثة" شرب الخمر، فقال ما نصه: "وقال أبو عبيدة: شرب علقمة الخمر فحدَّه عمر ، فارتد ولحق بالروم ، فأكرمه ملك الروم وقال: أنت ابنُ عمِّ عامر بن الطفيل . فغضب، وقال: لا أراني أُعرف إلاَّ بعامر، فرجع وأسلم" ! . أقول: سبب غضبه هو ما ذُكر في ترجمته من توتُّر العلاقة بينه وبين عامر. 5 ـ ذكر الحافظ ابن حجر في " الإصابة " (5/322 وما بعدها) أن الصحابي " قدامة بن مظعون" كان أحد السابقين الأولين، هاجر الهجرتين، وشهد بدرًا.. ثم ذكر ابن حجر رواية تقول إنه شرب الخمر حتى سكر، وأن عمر بن الخطاب أقام عليه الحد، وذلك بعد أن ثبت شرب الخمر عليه من خلال شهادة غير واحد؛ منهم زوجته وأبو هريرة...)) . وبعد ذلك أن معظم الخلفاء والأمراء والسلاطين المسلمين أغلبهم يشربون الخمر بل كانوا مدمنين عليه !! .                                                                                                                                   5 - وأن الرسول نفسه كان يشرب الخمر ، فقد جاء في صحيح مسلم – الأشربة – في شرب النبيذ وتخمير الإناء / حديث 3753 ( ‏ ‏حدثنا ‏ ‏أبو بكر بن أبي شيبة ‏ ‏وأبو كريب ‏ ‏واللفظ ‏ ‏لأبي كريب ‏ ‏قالا حدثنا ‏ ‏أبو معاوية ‏ ‏عن ‏ ‏الأعمش ‏ ‏عن ‏ ‏أبي صالح ‏ ‏عن ‏ ‏جابر بن عبد الله ‏ ‏قال : ‏كنا مع رسول الله ‏‏فاستسقى فقال رجل يا رسول الله ألا ‏ ‏نسقيك ‏ ‏نبيذا ‏ ‏فقال بلى قال فخرج الرجل ‏ ‏يسعى فجاء ‏بقدح ‏ ‏فيه ‏ ‏نبيذ ‏ ‏فقال رسول الله ‏ ‏ألا ‏ ‏خمرته ‏ ‏ولو ‏ ‏تعرض عليه عودا ‏ ‏قال : فشرب‏ ) .. كما أن الرسول أيضا شرب الخمر في رحلة الأسراء والمعراج ، فقد جاء في صحيح البخاري– الأشربة – شرب اللبن / حديث 5174 ( ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبدان ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏عبد الله ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏يونس ‏ ‏عن ‏ ‏الزهري ‏ ‏عن ‏ ‏سعيد بن المسيب ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏‏قال : ‏أتي رسول الله ‏ ‏ليلة أسري به بقدح لبن وقدح خمر ‏) .                             
   6 . أن الخمر في الجنة حلال لقاء صبر المؤمنين ، فكيف بتحريمه كليا في الحياة الدنيا ، فقد جاء في موقع / مركز الفتوى ، ما يلي : (( وإذا دخل أهل الجنة الجنة انقطع التكليف ، وزال الابتلاء ، وحل عليهم الرضوان ، وأعطاهم الله ما يشتهون من ألوان النعيم ، ومن ذلك أن يبيح لهم بعض ما حرم عليهم في الدنيا ، جزاء صبرهم وامتثالهم ، مع أنه لا مقارنة بين ما في الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى عن خمر الجنة : ( يتنازعون فيها كأساً لا لغو فيها ولا تأثيم ) [الطور:23] وقال تعالى : ( بيضاء لذة للشاربين* لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ) [ الصافات :   46،47] وقال تعالى : ( يطوف عليهم ولدان مخلدون* بأكواب وأباريق وكأس من معين*. لا يصدعون عنها ولا ينزفون ) [الواقعة: 17-19] قال القرطبي في تفسير آية الطور:  لا لغو فيها ولا تأثيم )) .                             
  7 . خلاصة - أن الفقهاء أختلفوا في تحديد الخمر ، هذا حالهم وديدنهم دوما ، وأختلفوا في تفسيره وفي مادته وفي مكوناته وطريقة صنعه ومدى تأثيره على العقل ، فقد جاء في موقع / الرئاسة العامة للبحوث والأفتاء ، بهذا الصدد ما يلي : ( أختلف الفقهاء في تحديدهم للخمر لاختلاف أهل اللغة في حقيقتها ، ذهب الجمهور منهم إلى ما ذهب إليه الأكثر من أهل اللغة من القول بالعموم وهو أن الخمر كل شيء يستر العقل ويغطيه من الأشربة المسكرة ، وذهب  الحنفية إلى ما ذهب إليه الأقل من أهل اللغة من القول بالخصوص ، وهو أن الخمر هو النِّيء من ماء العنب إذا اشتد وصار مسكرا  ، واستدل كل فريق على ما ادعاه بأدلة أخرى غير ما تقدم تؤيد ما ذهب إليه ) .

المحور الثاني :                                                                                                               لقد " صوت مجلس النواب العراقي ، في جلسته المنعقدة اليوم السبت 22 تشرين الأول / أكتوبر ، بالغالبية على قرار بمنع بيع واستيراد المشروبات الكحولية في العراق عدا إقليم كردستان  . " ، وأرى بهذا الصدد التالي :                         1 . قيل أن شرب الخمر ضد الشريعة ، ولكن القران والرسول والخلفاء الراشدين والخلفاء والأمراء وكل الحكام من بعده لم يمنعوا الخمر ، ربما قننوه أو حددوه ، وذلك لأن الحكام أنفسهم كانوا يشربوه من حقبة الرسول والى الأن !! . فهل من المعقول أن حكام اليوم أكثر أسلاما من خلفاء الأمس !! .
2 . حكومة العراق ، غارقة بالفساد من رأسها الى أخمص قدميها ، وزراءا ، نوابا ، سياسيين ، رجال دين ، أحزاب وو ، والشعب مظلوم مسروق مهدور حقه ، فقير مشرد ، لا خدمات ولا حقوق ، وبدل من أن مجلس النواب يقوم بمحاولة ترميم الوضع ، قام بتأزيم الواقع ، حيث يعتبر " الخمر " ، متنفسا وحيدا للشعب المكبوت المسحوق ، الأمر الذي يجعل من هذا الشعب أن يلجأ الى متنفس أخر ، والمخدرات هي أحد هذه البدائل !! .
3 . من المؤكد أن " مشرعي " هذا القانون ، في حالة أقراره ، سيكون لبنة أساسية لتطورات أخرى ، نحو أسلمة تامة للعراق ، وأن السنة والشيعة كقطبين في البرلمان ، مؤيدين لهذا النهج ، وهذا ظاهر من غالبية مصوتي البرلمان العراقي .
4 . شرب الخمر ، من ضمن الحريات الشخصية ، ونحن حسب ما يقوله الحكام دولة ديمقراطية ! ، فأي ديمقراطية هذه التي لا تحمي حريات وخيارات شعبها ! .
5 . كان من المفروض بالبرلمان أن يوجه جهوده نحو تعزيز الحرب ضد الأرهاب ، خاصة تحرير الموصل من قبضة داعش ، وليس أن يهتم بموضوع ليس مفصليا وليس مركزيا ألا وهو منع الخمر !! ، فهل منع الخمر سيعزز من الشفافية ويقضي على الفساد ! .
6 . هل منع الخمر وما سيتبعه سيجعل العراق نسخة من أيران / على أساس أن الشيعة هم المكون الأغلب للعراق  ، وهو بنفس الوقت سيجعل من العراق ثاني دولة عربية تنهج الخط الديني بعد السعودية ، مع الاخذ بنظر الأعتبار الأختلاف المذهبي والعقائدي بين الدولتين .. هذه تساؤلات ! .
7 . أن حصل مستقبلا ما تم توقعه من التحول الى دولة دينية ، هل هناك قفزة حضارية للشعب الى الأمام ، أم سيكون هناك أنتكاسة مجتمعية كارثية ستجر العراق عقودا الى الخلف ، وستدفعه الى عصور الظلام والتخلف ! . .8 . البرلمان العراقي ، الذي من المفروض أنه قام على أسس ديمقراطية ضرب مكونا دينيا عرض الحائط ، وهم المسيحيون ، الذين لا يحرمون الخمر ، علما أن المستهلك من الخمر يدل على أن مستهلكيه هو من قبل المسلمين وليس من قبل المسيحيين ، وذلك لأن نسبة السكان المسيحيين في العراق جدا متدنية ! .

الختام :                                                                                                                             أن شرب الخمر ليس جريمة شرف ، وليس معيبا ، وأن كان الأمر عقائديا فهو يخضع للعلاقة بين الفرد وربه .. ولكن جريمة الشرف والخزي والعار ، هو لمن خانوا الوطن وباعوا أرضه وكسروا شعبه ، وجعلوا من العراق عنوانا للفساد والتأخر والجهالة ، بعد أن كان منارا للعلم والحضارة .