المحرر موضوع: مسيحيو سهل نينوى: خارطة طريق لعودتهم وتثبيتهم  (زيارة 1425 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل فادي كمال يوسف

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 169
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
مسيحيو سهل نينوى: خارطة طريق لعودتهم وتثبيتهم

فادي كمال يوسف

فيما القوات العراقية وحلفاءها تقترب من اسدال الستار عن مشهد تحرير منطقة سهل نينوى ذات الغالبية المسيحية، وتطبق من الجهة الأخرى حصارها على مدينة الموصل، اخر معاقل داعش الرئيسية بالعراق، فإن خارطة الطريق لضمان عودة المسيحيين الى قراهم ومدنهم المحررة يبدو أن فصولها لم تستكمل إلى الان من جميع الاطراف الممسكة بالقرار المسيحي.
إعادة الثقة العنوان الابرز لإعادة المهجرين
ان انهيار الثقة بثوابت عديدة كانت تشكل الركيزة الاساسية لاستمرار تواجد المسيحيين على اراضيهم في تلك المناطق وعودتهم لها معتمدة بشكل اساس في هذه المرحلة على اعادة تلك الثقة المفقودة، واعادتها ليست بالأمر الهين او السهل، فهو يتطلب تضافر الجهود لوضع خطة واضحة المعالم.
 فتلاشي الثقة بقدرة الدولة ومؤسساتها العسكرية على الحفاظ على الأمن، وانهيار البشمركة السريع والذي كان للعديد من ابناء تلك المناطق على يقين بان الامن والامان هو نتيجة حتمية طالما تواجدت تلك القوات على أرض السهل، وانقلاب الجار العربي السريع جدا واستثمارهم السيء للحدث وما تلاه من عمليات سلب ونهب لكافة المدن والقرى المسيحية واصطفافهم مع داعش، كل تلك الصدمات تجعل صورة التهجير والهروب وما تلاها من سلب ونهب وحرق ماثلة امام أي مسيحي يفكر بالعودة مرة اخرى الى اراضيه، والشروع في بناء اسس جديدة لمستقبل يضمن عدم تكرار الحدث المؤلم مرة اخرى.
 
البحث عن التنمية والاستقلالية الإدارية
لا يبحث المسيحيين في العراق عن "كانتون" يجمعهم، ولا عن منطقة ادارية خاصة طمعاً في تكوين نواة لوحدات ادارية مستقلة عن الدولة، أن من أهم مرتكزات اعادة الثقة لضمان عودة امنة هي اعادة التنمية واعمار المناطق التي اصبحت منكوبة وغير صالحة للسكن، تعود الذاكرة بالمسيحيين من سكنة السهل الى ما قبل داعش بسنوات عدة، وكيف كانت مناطقهم مهملة وبنيتها التحتية كانت تتآكل سنة بعد اخرى، فيما الحكومة المحلية في محافظة نينوى لا تبالي بما يحدث لهم، فيما شهدوا بأم اعينهم كيف كانت الحكومة المركزية في بغداد تخصص ملايين الدولارات للمحافظة لا يكاد يصلهم منها حتى الفتات.
إنَّ الدعوة لأنشاء محافظة سهل نينوى هي خطوة اولى في طريق العودة، فهي ستفتح الأبواب لإعادة الإعمار الجدي، خاصة بعد أن طال الدمار الجزء الأكبر من مساكن المواطنين والذين عادوا ليجدوها ركاماً محترقاً، فقد عمد التنظيم الى اعتماد سياسة الأرض المحروقة بعد نهب ما تيسر له منها، وهذا ما يجعل من الاستحالة بمكان عودة اسرة واحدة خلال السنة الأولى من التحرير.
 
الحوار وقيادة حملة جادة تتبناها جميع الأطراف
علينا اطلاق حملة واسعة النطاق، تقودها جميع القوى السياسية والدينية والنخبوية المسيحية العراقية، بالتعاون مع مثيلاتها في مشرقنا المسيحي، للمطالبة بإنشاء محافظة سهل نينوى، خاصة بعد ان صوَّت البرلمان العراقي وبضغط من نواب نينوى المتطرفين الى جانب قانون وحدة المحافظة والذي جاء ليمثل نكسة لجهود القوى المسيحية مجتمعة والتي لم تكن على درجة المسؤولية الحقيقية من الحدث في حينه.
لذا عليهم اليوم أن يوحدوا موقفهم خلف خارطة طريق متكاملة الجوانب، من اسهم دعائمها انشاء محافظة سهل نينوى، وتخصيص موازنة مالية خاصة لها، لكي تتمكن من النهوض بالمنطقة واعادة الإعمار، وفي الجانب الأخر تفعيل دور الوحدات العسكرية المسيحية المقاتلة، فتجربة التشكيلات العسكرية اثبتت انها ناجحة جدا وعملية، فهذه الوحدات استطاعت وبنجاح مسك الارض في معظم المناطق المحررة، بشكل اعاد جزء كبير من ثقة اهالي سهل نينوى، بأن ابنائهم هم من يوفرون الحماية لهم.
إن على القوى السياسية اليوم واجبات لديمومة استمرار هذه الوحدات بتوحيدها ضمن قيادة مركزية مشتركة، ثم على المؤسسات الأخرى الممثلة للمسيحيين وخاصة الكنيسة ورجالها توفير الغطاء الشرعي لها واحتضانها ودعمها بوجه كل المشككين بعدم جدوى التجربة، تمهيداً لضمها ضمن تشكيل عسكري حكومي يتبع وزارة الداخلية العراقية، وتحت اشراف مباشر من قبل المحافظة المستحدثة مستقبلاً.
لذا على مؤسسات شعبنا مجتمعة، قيادة حملة سياسية منظمة وموحدة لطرح المشروع اولا ضمن الاطار الوطني ومحاولة اقناع الأطراف السياسية لتبنيه، وإقرار بنوده ضمن مجلس النواب العراقي، وبشكل جدي وفعال وبتجرد، ومن غير أسلوب المزايدات الذي طالما تعودنا على سماعه من الجميع، ثم الانتقال بالمشروع الى المحيط الاقليمي والدولي، اذا ما فشل الخيار الوطني والضغط على الجهات التي تحاول عرقلته.
على تلك المؤسسات ان تؤمن أن خيارها في الحفاظ على ما تبقى من مسيحيين وضمان عودتهم الى اراضيهم، هو بتبني مشروع مدروس ومعد بعناية، واطلاق حملة شاملة لتثبيت دعائمه ودفع القوى السياسية العراقية الفاعلة لتبنيه، سيمثل طوق النجاة الاخير للوجود المسيحي في العراق.