المحرر موضوع: نيراريات – 57 –  (زيارة 847 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل نينوس نيـراري

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 127
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
نيراريات – 57 –
« في: 21:44 28/11/2016 »
نيراريات – 57 –

خرجنا من مصيبةٍ بتحرير قرانا في سهل نينوى من قبضة الإخطبوط , نخشى أن ندخل مصيبة أُخرى بالسقوط في شباك العنكبوت .

إذا فكّر أحدٌ لأن يرفس القضية الآشورية , عليه أن يمرّ بأربع مراحل :
المرحلة الأولى - يُمسخُ من إنسان إلى حمارْ
المرحلة الثانية - ينهق بلا توقّف ليل نهارْ
المرحلة الثالثة - ينحني ليُمتطى طوعاً أو بالإجبارْ
المرحلة الرابعة - يأتي بتصريح خطّي لا يُثارْ
بقبول الحمير له أخاً مغوارْ
وبعد ذلك قد يُمرّر القرارْ .


المناضل شمايل ننو لم يعكف عن تسلّق جبل الطموح والتحدّي حتى يوم سقوطه وهو في أوج الصعود ، وبه اقتنعتُ بأنّه ليس هناك سقوط وإنما صعود عكسي   

أنتِ دولة للجنونْ
تحكمني بلا قانون
وتقرّر إما أكون أو لا أكونْ
وأرى فيكِ حضارة كلّ الفنونْ
وما جذبني إليكِ , تلك العيونْ
فوقها قوسان من أوراق الزيتونْ
منذ أن عشقتكِ وأنا عاصفة في سكونْ
وكأنّي مشعوذٌ أتعاطى الأفيونْ ...

أنتِ فعلا معجزة ليست ككلّ المعجزات , أخرجتني من عمر الخمسين لأدخل عمر الأربعين . ..

كنتُ أعرف من البداية سوف تشعلينني كالسيجارهْ
ولكنني أحببتكِ بجنون وأثرتِ في وجداني الإثارهْ
وسوف تهدمين كلّ ما بنيته في عالمي من حضارهْ
أنا الآن وطنٌ لم يبقَ منه غير حجارة فوقها حجارهْ

لا نشكركم , بل اشكروا بعضكم بعضاً , وادعموا بعضكم بعضاً , وانتظموا في خندق واحد , ولتكن بنادقكم موجهة إلى الخارج وليس إلى صدوركم , ولتكن رصاصاتكم فاعلة وثاقبة , وكونوا أحراراً في القرار المصيري , وحذار من المزايدات والحرب الدعائية , لا يهمّنا من يقود من , يهمّنا القيادة الناجحة , عندئذ يتحقق حلم هذه الأمة المنكوبة وتطلق صوتاً صارخاً من سهل نينوى " شكراً لتنظيماتنا السياسية ولمقاتلينا البواسل " .



عذرا إذا لم تسمعي مني إلى الآن الكلمة الشائعة بين المحبّين (أحبكِ) , لم أقلها لك ولا تتوقّعي أن أقولها , لا أريد أن أكون شاعراً مقلّداً , ولا وردة بلاستيكية تُهدى في عيد الحب , ولا نهرا يجري منذ آلاف السنين في ذات المجرى , أريد أن تتغيّر زقزقة العصافير , وتغريد البلابل , واللحن الثوري للشلالات , والصفير المزعج للرياح , سوف أنتظر من علماء اللغة أن يصوغوا كلمة جديدة أقوى وأبلغ من كلمة (أحبكِ) , وأكون أول من ينطقها لكِ في القرن الواحد والعشرين .

لم أكن فوضوياً إلى أعلى درجات الفوضى ، ولم أكن حركياً إلى أقصى سرعة الحركة ، ولم أكن مجنوناً إلى ما بعد حدود الجنون ، ولم أكن بليغاً إلى أرقى مراتب البلاغة ، إلا بعدما عشقتكِ .

هـذه هي شخصيكِ الحضارية ، نقلتني في قفزة واحدة من العالم الثالث إلى العالم الأوّل .

صحيح آنّ لي تاريخ طويل في اللعب مع النساء ، ولكن صدّقيني إنني لا ألعب معكِ ولا أتجرّأ على فعلها ، لأنّكِ أكبر وأخطر لعبة أصادفها وكلّ من حاول خوضكِ ، فهو لا محالة خاسر .

نبّهتُ العنب لئلا ينمو على غصن إحدى شجرات التفّاح حتى لا تستوطن ذاته الدودةُ .

هناك شيء قفز من عينيكِ وأرعدني , أواه تلك كانت نظرتكِ الخاطفة .

أنتِ امرأة مركّبة من تفاعلات معقّدة , وفيكِ كيمياء غريبة , لقد ذوّبتِ جميع ذكرياتي في حامض الكبريتيك لكي تبقي أنتِ الذاكرة الوحيدة ولا بعدكِ .

لا تُغفرُ خطيئتي أبداً , لقد صلبتكِ معكوسة على خشبة وعودي الكاذبة , وها أنا أتمزّق مثل ستار الهيكل المقدّس .

الأمطار الفصلية تغسل شعركِ كلّ بمقامها الخاص , المطر الربيعي يغسله بمقام الراست , والمطر الصيفي يغسله بمقام النهاوند , والمطر الخريفي يغسله بمقام البياتي , والمطر الشتوي يغسله بمقام الصبا , شعركِ سمفونية الفصول الأربعة لا تعزفها غير الأمطار ...

لا أرى فيكِ شيئاً تغيّر , أنتِ كما كنتِ منذ أن تعانقنا في القرن الثلاثين قبل الميلاد , وستبقين كما أنتِ عندما نتعانق ثانية في القرن الثلاثين بعد الميلاد .

يكفيني أن تكوني معي أيتها الأنثى لأشعر أنني بمستوى إله من الحضارات القديمة , فالآلهة القدامى ما كانوا آلهة لو لم تؤلهها الإناث ...

أفكّر في الإستقالة من كتابة الشعر , وما الجدوى من كتابته إذا كنتِ أنتِ القصيدة الملكة .

يُغرقني في عينيكِ البحرُ
ويُعطّرني في خدّيكِ الزهرُ
ويُسكرني في شفتيكِ الخمرُ
يا من هي في حياتي النهرُ
لولاكِ ما انفجر فيّ الشِعرُ

منذ سنّ المراهقة عشقتُ الكتابهْ
إن كانت لي سعادة أو كانت كآبهْ
يا من تحملين الرخوة والصلابهْ
منـذ أن مررتِ فوقي كالسحابهْ
أصبتِ الهدف وأحسنتِ الإصابهْ


في طفولتي كنتُ أحب السحر والألعاب الناريهْ
وأحب قصص المغامرات والرحلات القاريهْ
والآن ما عدتُ أحب سوى الومضات الشراريهْ
التي أقدحها عندما أكتب عنكِ قصائدي النيراريهْ

أحببتكِ قبل ألف عام ، وسأحبكِ بعد ألف عام ، يا للعجب ! هل رأيتم شاعراً يكتب قصيدة وتستغرق كتابتها ألفي عام ؟ ...

لقد اعترفتُ بكِ جميلة بين النساء ، فلا يغلبكِ الغرور وتتكبّري عليّ فأنا يسهل استفزازي ، ومهما كنتِ جميلة فأنا بقصيدة واحدة أصنع ملكة جمال العالم وأنتِ سوف لن ترتقي إليها ولا حتى أن تكوني الوصيفة الثانية .


أنا معجبٌ بطلاقة لسانكِ وأنتِ تتحدّثين عدة لغاتْ
ومتشائم لأنكِ لستِ تفهمين من لغتي سوى كلماتْ
كيف تريدين أن تصيري في شِعري كلّ السيّداتْ
إن لم تكوني أنتِ الشرارة الأولى لتفجير الثوراتْ

أنتِ امرأة مخلوقة بالسحرْ
قد جبلتكِ الآلهة من الشِعرْ
نصفكِ شمس ونصفكِ قمرْ
نصفكِ البرّ ونصفكِ البحرْ
نصفكِ غيمة ونصفكِ مطرْ
نصفكِ وردة ونصفكِ عطرْ
ما لكِ كلّما قبّلتكِ في حذرْ
سلّطتِ على عنقي سيف التترْ

في عينيكِ تتدحرج كرتان من بلّور الماسِ
تفرشان سجادة النور في ظلمتي كالنبراسِ
وشفتاكِ تُثيران في شفتيّ شهوة الإحساسِ
خمريتا اللون والطعمِ ، أين منهما كاسي ؟

تكون الريشة غبية إذا طرقت العاصفةُ بابها وفتحتهُ لها .

طلب مني مدرّس اللغة أن أعطيه جملة فيها مبتدأ وخبر ، فأجبتُ قائلاً : " أنا المبتدأ وهي خبري " .


أنا أرفض دوماً الوقوف تحت شمس الذلِّ
وفي ذات الوقت أرفض الوقوف في الظلِّ

هل تعرفين كم تشبهين قصائدي في الجمال والطبيعة والفساتين والألوان والثورة والهجوم المفاجئ والرومانسية ، حتى صرتُ أؤمن أنكِ ديواني الشعري .


الماء الذي حملني وزورقي وأبقاني حيّا على سطحه وطمأنني بأنّني سوف لن أغرق أبداً ، هو الشهيد الآشوري .

إذا دخل العِلم من الباب ، هرب الجهل من الشبّاك

يا حبيبتي ، ربّما لاحظتِ مؤخراً تباطؤ سرعتي في الكتابة عنكِ أجمل وأروع وأخصب الأشعار ، ولكن إطمئنّي فإنّ اندفاعي هو هو .

في وجهكِ تساؤل وحيرة ، لماذا أكتب قصائدي بأقلام ملوّنة ! نعم يا أميرتي أكتب قصيدة بالقلم الأسود عندما يسقط شَعركِ الأسود كالشلّال على وجهي ، وأكتب قصيدة بالقلم الأحمر عندما يلمس خدّكِ الوردي ّخدّي ، وأكتب قصيدة بالقلم الأزرق عندما تستلقي السماء على جفنيكِ ، وأكتب قصيدة بالقلم الأخضر عندما أضيع كصيّاد في غابة عينيكِ ، وأكتب قصيدة بالقلم البنفسجي عندما أهبط كالمظلّي على شفتيكِ ، إذاً يا حبيبتي أنا شاعر لا أملك لونا واحداً ، أنا القوس قزح بعد كلّ مطر تُمطرينه فوقي .

كنتُ ولا أزال ذكياً في درس الرياضيات ، ولكنني اكتشفتُ مؤخراً المعنى الحقيقي للعلامات الحسابية الأربع كما يلي :
علامة الجمع (+) ، جمعتْ شتاتي فيكِ .
علامة الضرب (×) ، ضربتْ نظراتي بنظراتكِ .
علامة الطرح (–) ، طرحتْ جسدي على أرضيتكِ .
علامة القسمة (÷) ، قسّمتْ روحي إلى بسط ومقام .

فكّر الأبلهُ مليّاً كيف يعالجُ حذاءً يؤلمهُ , فكانت نتيجة التفكير أن يُغيّر قدمهُ .

أكبر كذبة هي عندما قلتُ أحبكِ , ولكن ما أصدَقَها .

هل تعرفين لماذا أعشقكِ بكلّ معنى الجنون ؟ لكي أبقى كثيف الشجر كالغابة الخضراءْ , وأبقى غزير الأمطار كالغيوم السوداءْ , وأبقى خارقاً كأشعة الشمس الصفراءْ , وأبقى نقي العطر كالوردة الحمراءْ , ولكي أُبقيكِ الفريدة بين النساءْ .

في كلّ الأحوال أنتِ لي علامهْ
فإمّا أن تطيري فوقي كالحمامهْ
وإما أن تهطلي عليّ كالغمامهْ
وإما أن تحومي حولي كالحوّامهْ
ولا زلتُ أنتظر هبوطكِ بسلامهْ


نحنُ أشجارٌ اعتادت الوقوف حتى إذا أنهكها التعب , هل رأيتم أشجاراً تقعد عندما تتعب ! .

عندما مسختكِ الآلهة إلى سمكة ، تغيّر قلبي واتخذ شكل الحوض الدائري وامتلأ بماء الذهب لكي تقفزي فيه .

مرّتْ على تعلّقي بكِ سنوات وسنواتْ
ولا زلتِ تحلّقين في فضائي كالسنونواتْ
يا من هبطتِ ولا أدري من أية سماواتْ
سرقت الطبيعة من جمالكِ يا آية السيّداتْ
ألمْ تسمعي قبلاً أنّ في الأدب سرقاتْ ؟ ...

لا يكفيكِ أن أحبّكِ بعنف الطوفانْ
ولا يكفيكِ انفجاري بقوّة البركانْ
أيكفيكِ أن أتوحّش كأبشع حيوانْ ؟
كي تقولي:" أنتَ فعلاً أرفع إنسانْ"

أقعدُ أمام موقد النارْ
وفي عينيّ دمع تذكارْ
كان حبنا قوياً كالإعصارْ
ومعجزة أكبر مما في الأسفارْ
أتذكركِ ومن الموقد يطير شرارْ
ألم تكوني معي في العام المارْ ؟
مبروك لكِ حبيبكِ الجبارْ
هذا الجديد أيضا سوف ينهارْ
كانهياري بالأمس بأجبن قرارْ
إذهبي عني في رعاية الأقدارْ

سرٌ عجيب فيكِ يا من تحملين شخصيتينْ
تحوّلين أصابعي إلى عشرة أقلام في ثانيتينْ
وعينيّ إلى نجمتينْ
وذراعيّ إلى سفينتينْ
وشفتيّ إلى زهرتينْ
تتصرّف شفتاكِ معها كنحلتينْ
لا أراكِ واحدة ، أراكِ إثنتينْ
في حياتي لم أتحمّلْ زوبعة واحدة
فكيف أتحمّل زوبعتينْ ....

                  *                                *                             *

نينوس نيراري           11/ 28 /2016