المحرر موضوع: اين نحن من هرم ابراهام ماسلو.  (زيارة 2082 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل د.عامـر ملوكا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 205
    • مشاهدة الملف الشخصي
اين نحن من هرم ابراهام ماسلو.

هرم ابراهام ماسلو وهو الهرم الذي يلبي الحاجات الانسانية وبالتسلسل بدأ من القاعدة صعودا الى قمة الهرم. حيث يعتقد ابراهام ان هذا الهرم قابل للتطبيق على كل انسان مع بعض الاستثناءات ويمكن توضيح مكونات هذا الهرم بدا من القاعدة صعودا الى القمة  :


اشباع الغرائزاو الحاجات الفسيولوجية:-
ونعني باشباع الغرائز وهو ان اول ما يسعى له الانسان هو البحث عن اشباع غرائزه والمتمثلة بـغرائز الاكل ,النوم,الحنان,الهواء وغيرها من الحاجات الفسيولوجية والتي يمكن ان نطلق عليها بالاحتياجات الاولية لديمومة الحياة.وهنا نلاحظ بان العقل يكون اساس التحكم بالفعل الغريزي للانسان ولكن هذا التحكم لايمكننا الاعتماد عليه لتهذيب هذا الفعل الغريزي لان العقول البشرية ليست متكافئة , كما ان درجة التحكم ايضا" ممكن ان تأخذ درجات الانضباط العالية وبالمقابل تاخذ درجات التسيب العالية . وهنا تبرز عوامل اخرى لغرض السيطرة والتحكم بالفعل الغريزي او الفعل المخالف للمألوف , وهو القانون (الممنوع), الدين(الحرام), العادات والتقاليد(العيب) . وسوف لن ندخل كثيرا" بالتفاصيل قد نبحث هذا الموضوع مستقبلا.
تحقيق الامن والامان:-
ياتي  تحقيق الامن(الامان الاقتصادي ) من خلال تامين فرصة العمل وتامين الامان (الرغبة في صد الاخطار التي يتعرض لها الشخص  كالحريق , الحوادث, واخطار التهديد), من ضمنها  توفير سكن ملائم له ولعائلته يحميه من الاخطار والمؤثرات الخارجية .
 وما نريد ان نؤكد عليه هنا ان هذا الهدف ياتي بعد اشباع الغرائز ونستطيع ان نضرب مثلا على ذلك تائها في الصحراء تخيره بين قطعة خبز ام فيلا بملايين الدولارات فبالتأكيد سوف يكون الجواب قطعة الخبز, وهنا سوف يسأل ممكن ان تزودني بنفس القطعة غدا كي يعرف كيف يتصرف من خلال انتقاله الى الهدف الثاني وهو تحقيق الامن والامان.

التقدير الاجتماعي  ويقسم الى:-
·   القبول الاجتماعي.
·   التفاعل الاجتماعي.
·   الولاء الاجتماعي.
ويمكن توضيح هذه النقاط بناءا على سعي الانسان بعد ان يضمن ويعبر مرحلة اشباع الغرائز وتحقيق الامن والامان الى التفكير بالتقدير الاجتماعي من خلال الحصول على مركز اجتماعي مرموق كالحصول على درجة وظيفية مرموقة او تحصيل علمي عالي ,او شراء عقار او كماليات تدعوا الى التميز واكتساب الانسان التقدير الاجتماعي والاحترام والاعجاب.
تحقيق الذات والطموح:-
وهنا يصل الانسان الى تحقيق ذاته وطموحاته العليا في ان يكون مايتمنى ان يكون وليس ما يريده محيطه الاجتماعي. ويصل بهذه المرحلة الى درجة مميزة من خلال الاعتداد بنفسه والثقة العالية اضافة الى احترام النفس , وهنا يحاول ان يحقق كل قدراته وطاقاته المحتملة.

كمثال بسيط على ذلك محاولة الانسان تحقيق ذاته من خلال ممارسة رياضة معينة او العزف على الة محببة اليه كان  يحب  ان يحترفها وان يصبح موسيقي لامع   لولا المتطلبات الاجتماعية التي ارغمته كي يختار مجال اخر بعيد عن ما كان يطمح اليه ويجد نفسه فيه. او في ان يصبح مبشرا او مصلحا اجتماعيا او راعيا لدور الايتام او ان يرتقي بشعبه الى اعلى درجات التطور والرقي .
ويحضرني بحث لاحد الزملاء في عام 1988 عندما اراد ان يطبق هرم ابراهام على شريحة من المدراء العامين في العراق زمن الاستبداد الدكتاتوري, فكانت النتائج المتوقعة بان يجد النسبة العالية من هذه الشريحة في مرحلة تحقيق الذات والطموح ولكن جاءت النتائج عكس التوقعات عندما وجد ان النسبة العالية من المدراء العامين هم في مرحلة تحقيق الامن والامان لان معظمهم كان واقعا تحت ضغط التهديد او الطرد  . وتحصل بعض الاستثناءات  لهذا الهرم  فمثلا قد يضطر انسان معين ان يستدين مبلغا كبيرا من المال ليزوج ابنه كي يقيم مراسيم زواج فخمة في حين قد يضطر الى ان يحرم نفسه وعائلته من اشياء كثيرة تقع في مرحلة الحاجات الفسيولوجية او في مرحلة تحقيق الامن والامان كان يبيع بيته او يخسر عمله وذلك من اجل الوصول الى مرحلة التقدير الاجتماعي .


ما اردت الوصول اليه بان انساننا العراقي كان قد عانى الكثير و الكثير في الثلاثة او الاربعة عقود الاخيرة وكان هذا الانسان يعيش في المستوى الاول او الثاني في هرم ابراهام , ففي داخل كل انسان منا حيوان غير مروض والانسان الحضاري هو الانسان الذي يروض هذا الحيوان الى اقصى درجات الترويض ويكون ذلك بالابتعاد اقصى مايمكن عن قاعدة الهرم لماسلو صعودا الى القمة واذا امنا بان كل انسان نلتقيه هو افضل منا بشئ واحد على الاقل فهذا يعني اننا نعيش في حالة تعلم دائمة  فكيف نريد  او نطلب من هذا الانسان بين ليلة وضحاها  ان يعبر الى قمة الهرم وهي تحقيق الذات والطموح والديمقراطية وكل ما توصلت اليه الشعوب المتحضرة بعد ان مرت بمرحلة اشباع الغرائز والحاجات الفسيولوجية ومرحلة تحقيق الامن والامان من خلال الانتعاش الاقتصادي والضمان الاجتماعي وغيرها الكثير الكثير وخير شاهد على ذلك هو مانراه من هروب جماعي لهذا الانسان بحثا عن امل لبلوغ مراحل متقدمة من هرم ابراهام  .

 وهنا بدات ظاهرة الهجرات المنظمة والمستمرة والتي تتزايد كلما اتسعت الهوة بين البلدان الغنية (بلاد الملائكة والجن) والفقيرة ولهذا بدا الكثير من المفكرين في هذه الدول في ايجاد حلول عادلة لجعل اقتصاديات الدول الفقيرة تنمو وتنتعش خوفا من تزايد اعداد هذه الموجات البشرية في النزوح والهجرة المستمرة وبعدها قد تخرج عن نطاق السيطرة.

ان خط الشروع في المجتمعات المتحضرة ا يبدأ من مرحلة التقدير الاجتماعي وصعودا  ولهذا نرى ان هذه الشعوب في تطور دائم ومستمر والفجوة والهوة في كل الميادين بين شعوبنا وشعوبهم تزداد وتتعمق.
 
ويحزنني جدا ان لاارى اية جامعة عراقية او عربية في التصنيف العالمي لافضل 500 جامعة في العالم باستثناء جامعة القاهرة المصرية في المركز 401, بينما حلت الجامعة العبرية الإسرائيلية في المركز الثاني عشر, من حيث المستوى العلمي وعدد الاساتذة والحاصلين على جائزة نوبل والامكانيات وتاتي دول مثل استراليا ذات العشرين مليون نسمة بستة جامعات اما  الولايات المتحدة الأمريكية وحدها كان لها من بين الجامعات المصنفة لأعلى 500 جامعة لعام 2006, 167 جامعة .

هنا ادعوا كل ابناء بلد الحضارات والتاريخ العريق للعمل من اجل خدمة هذا الانسان المبدع بالفطرة وللاسف الشديد  ان العجلة تسير الى الخلف فبعد ان كنا في الثلاثينات من القرن الماضي نبعث طلبتنا للدراسة الى امريكا واوربا كما ذكر لي استاذي المرحوم (نعمان شيت) الحاصل على شهادة الماجستير في الكيمياء الصناعية عام 1935 من امريكا(وحسب علمي انها اول شهادة ماجستير تمنح لطالب عراقي) اصبحنا الان نقتل علمائنا ومفكرينا ومبدعينا,  الثروة الحقيقية للاوطان, فان دول صغيرة بمساحتها وفقيرة بثرواتها والغنية بعقولها مثل اليابان وكوريا الجنوبية والدانمارك والسويد وغيرها الكثير من الدول قد حققت اعلى الميزانيات وقد وصلت الى اكثر من عشرين الف دولار دخل المواطن السنوي , وتطبق مستوى عالي لحقوق الانسان اما دخل المواطن العراقي فكان (300-350) عام 2002 بعد ان كان 4400 دولار عام 1979.

 فهنا يجب التاكيد على الاهتمام بثروة العقل لانها لاتنضب ابدا اما كل الثروات الاخرى سوف ياتي يوم وتزول ولكي نكون منصفين مع انساننا الذي يعيش داخل الوطن فيجب ان يتوفر له الهدف الاول من هرم ابراهام وهو اشباع الحاجات الفسيولوجية  ثم تحقيق الهدف الثاني من خلال الامن والامان (وهنا اود ان اشيد بكافة الجهود المبذولة والمخلصة من خلال سعيها الى تحقيق الامن والامان  لبلدنا العزيز العراق بشكل عام او لابناء شعبنا  الكلداني الاشوري السرياني اذا كان ذلك من خلال بلدنا العراق كوحدة متكاملة وهو الخيار المفضل والاكثر نفعا او من خلال منطقة امنة . لكي يفكر بعدها هذا الانسان بالتقدير الاجتماعي والانتماء الى الاحزاب والاقتراع والتصويت و........الخ ثم التفكير بتحقيق الذات والطموح. والسؤال الذي يطرح نفسه كم نحن بحاجة الى هذا الانسان الحضاري في عراقنا الجديد؟؟

د.عامر ملوكا
استاذ جامعي
ملبورن/استراليا