هل ملكيزدق (ملكي صادق) هو السيد المسيح؟
فتى من احدى قرى اندولوسيا, يهوى الترحال, يترك دراسته في السمينير ليصبح راعيا, فيشتري قطيع من الغنم. يجول في وديان ومروج اندولوسيا يرعى غنمه, ويتنقل بين قراها وبلداتها مع قطيعه ليجز صوفها ويبيعه للمتاجر ويشتري ما يحتاجه من المؤن. يشعر بالقناعة واحيانا بالسعادة بمهنته هذه وخاصة بترحاله الدائم وتعرفه على ناس واماكن جديدة, كما ان علاقته حميمة بخرافه, أنه يعرفهم وهي تعرفه, هو يتعلم منها وهي تتعلم منه. لكن يؤرقه حلم يتكرر, عن كنز مدفون في مكان ما, حيث يفيق من منامه قبل نهاية الحلم لمعرفة مكان الكنز. في بلدة تاريفا يذهب الفتى الى غجرية مسنة لتفسير حلمه. تشترط عليه ان يمنحها عشر الكنز اذا وجده فيوافق, تقول الغجرية له بأن الكنز موجود عند احد الاهرامات في مصر. يخرج الفتى والشعور باليأس والاحباط يلفه, هو لا يعرف شيئا عن الاهرامات ولا عن مصر, فيظن بأن الغجرية تستغفله وأن حلمه مجرد هراء. يشتري قنينة خمر ليروي ظمأه في ذلك اليوم الحار وكتاب اكبر من الذي قرأه سابقا, ويجلس على اريكة في سوق القرية, يفتح الكتاب ويتضاهر بقراءته لكنه لم يستطع اكمال الصفحة الاولى, لان تفكيره مشغول بالحلم والغجرية. فجأة وبدون ان ينتبه يرى رجل كبير السن يرتدي ملابس عربية عتيقة جالسا الى جانبه. يحاول الرجل ان يتجاذب اطراف الحديث مع الفتى ببعض الالحاح فينزعج ويحاول الابتعاد عنه, لكن الرجل يذكره بحلمه وبأنه يستطيع مساعدته لتحقيقه فيثير اهتمام الفتى بالاضافة الى الحكمة والافكار الغريبة التي يتكلم بها الرجل. يسأل الفتى عن اسمه, فيقول الرجل ان اسمه ملكيزدق من مدينة ساليم, وانه ملك مدينة ساليم. يطلب ملكيزدق من الفتى ان يعطيه عشر قطيعه من الغنم مقابل ان يدله على مكان الكنز في الاهرامات. بعد التفكير مليا يوافق الفتى على الشرط ويعطيه ست من خرافه, يفتح ملكيزدق رداءه فيظهر درع ذهبي على صدره مرصع بانواع الاحجار الكريمة فيشع نور قوي يبهر عيون الفتي ثم يعطيه حجرين من درعه احداها تسمى اوريم والاخرى تميم. يبيع الراعي بقية الخراف ليسافر بثمنها الى الاهرامات. والرحلة طويلة وشاقة فيها كثير من مفاجأت وألغاز ورموز لشخصيات وافكار وحكم جميلة قد لا نتفق عليها.
القصة اعلاه بايجاز شديد جدا, لكن لا ترتقي الى الابداع الادبي للروائي بابلو كويلو في روايته " الكيميائي". شخصية ملكيزدق في الرواية هي مفتاح لفهم الشخصيات الرئيسية التي تخرج فجأة في السرد للرواية بدون تسلسل تاريخي لنشأتها ومعزوله عن محيطها الاجتماعي ولكن بأمكانها جعل الحلم حقيقة والخيال واقع , والافكار الواردة فيها خليط من العقيدة الكاثوليكية وثقافات اخرى وخاصة الاسلامية.
ملكيزدق في الكتاب المقدس
ذكر شخصية ملكيزدق الغامضة والمبهمة في الكتاب المقدس ثلاث مرات بأقتضاب .
1 سفر التكوين 14: 18-20 , " وَمَلْكِي صَادِقُ، مَلِكُ شَالِيمَ، أَخْرَجَ خُبْزًا وَخَمْرًا. وَكَانَ كَاهِنًا للهِ الْعَلِيِّ.
وَبَارَكَهُ وَقَالَ: «مُبَارَكٌ أَبْرَامُ مِنَ اللهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْض
وَمُبَارَكٌ اللهُ الْعَلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ أَعْدَاءَكَ فِي يَدِكَ». فَأَعْطَاهُ عُشْرًا مِنْ كُلِّ شَيْء
مزمور 110:4 " اقسم الرب ولن يندم: أنت كاهن الى الأبد على رتبة ملكي صادق"
العبرانيين 7 " وكان ملكيصادق هذا ملك ساليم وكاهن الله تعالى, خرج لملاقاة ابراهيم عند رجوعه بعدما هزم الملوك وباركه, واعطاه ابراهيم العشر من كل شيْ . وتفسير اسمه اولا ملك العدل, ثم ملك ساليم, اي ملك السلام, وهو لا أب له ولا أم ولا نسب. ولا لأيامه بداءة ولا لحياته نهاية. ولكنه على مثال ابن الله, يبقى كاهنا الى الابد.
دلائل كون ملكيزدق هو السيد المسيح من المصادر الثلاثة اعلاه
حيرت هذه الشخصية الغامضة كثير من المفسرين الذين يحاولون قدر الامكان تفسيرها على كونها شخصية رمزية او عائدة لملك مدينة اورشليم القديمة, والسبب هو الاشكال الذي سيقعون به حول نزول السيد المسيح ابن الله اكثر من مرة واحدة قبل نزوله الاخير وصلبه في عصور لم يكن فيها تدوين من قبل البشر. لكن كل الدلائل كما أراها تشير الى هذه الحقيقة.
من سفر التكوين
1. ملكيزدق هو ملك السلام, السيد المسيح هو ملك السلام
2. يقدم خبز وخمر لابراهيم, هو جسد ودم السيد المسيح الذي وهبه ليخلص العالم
3. هو كاهن الله الاعلى ولكن ليس من نسل لاوي (الكهنة) كأبراهيم وانما كاهن الاهي, السيد المسيح ليس من نسل لاوي او نسل انسان وهو كاهن الله الابدي
4. يبارك أبراهيم بأسم الله, السيد المسيح يبارك بأسم الله
5. يقدم أبراهيم عشرا من كل شيء وليس ذبيحة حسب تقليد بني اسرائيل, والسيد المسيح أبطل الذبيحة
من المزمور
1 . ملكيزدق والسيد المسيح لهم نفس الرتبة عند الله
2 . هو كاهن الله الاعلى, والسيدالمسيح كاهن الله الى الابد
من العبرانين
1 . ملك العدل وملك السلام, السيد المسيح ملك العدل وملك السلام
2 . بدون أب وأم من جهة البشر, السيد المسيح لم يولد من بشر. ولد من السيدة العذراء برغبة الله الاب واختياره ولكن لم يكتسب صفات بيولوجية بشرية منها اي ليس من نسل البشر.
3 . ليس له بداية ولا نهاية, السيد المسيح ليس له بداية ولا نهاية
4 . هو مثال ابن الله وكاهن الى الابد, تفسيرها هو ابن الله يبقى الى الابد. من يبقى الى الابد غير السيد المسيح ابن الله؟
ميخائيل ديشو