المحرر موضوع: في إجراءات فرض العقوبات الكنسيَّة  (زيارة 1786 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل الاب سالم ساكا

  • عضو جديد
  • *
  • مشاركة: 1
  • منتديات عنكاوا
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
في إجراءات فرض العقوبات الكنسيَّة
كرَّستْ مجموعة قوانين الكنائس الشرقية (الكاثوليكية) باباً خاصّاً وهو الباب الثامن والعشرين، حدَّدت فيه الاجراءات الواجب إتّباعها في حالةِ فرض العقوبات الكنسيَّة، وهي تتضمَّن التحقيقات الأوليَّة الضرورية لتأمين حقّ الدفاع الطبيعي على قاعدة المبدأ المعتمد في هذا الشأن وهو أنَّ: "لا عقوبة بدون حكم أو قرار، ولا قرار أو حكم دون محاكمة أو تحقيق".
على كلِّ حال، إستناداً إلى ما جاء في نصّ القانون/1402 الذي يوجب فرض العقوبات عادةً بطريقةٍ قضائية (المحاكم الكنسيَّة) وفي حالاتِ الاستثناء جداً بطريقة إدارية، يُقسم هذا الباب/28 الى فصلين: يتناول الفصل الأول المحاكمة الجزائيَّة بتحقيقاتها الأوليَّة والأصول المتّبعة في سيرِها، ودعوى التعويض من الأضرار الناتجة عنها. وفي هذا تتميَّز المحاكمة الجزائيَّة بإمكانيَّة تعويض الغير من الضررِ اللاّحق به بحيث نظَّمت أصول دعواه. أمّا في الفصل الثاني فيتمّ معالجة إمكانية فرض العقوبات بقرارٍ إداري خارج القضاء.

إجراءات فرض العقوبات الكنسية بقرار خارج المحاكمة
(الطريقة الإدارية)
يمنح المشرِّع الأعلى في الكنيسة الكاثوليكية = (الحبر الروماني)، أصحاب السلطات الأدنى المألوفين (البطاركة، الأساقفة) صلاحيّات واسعة، بحيث من خلالِها وبالطريقة الإدارية، يمكنهم فرض عقوبات خطيرة وأحياناً قاسيَّة لا يمكنهم فرضها بالطريقة القضائيَّة (المحاكمات المألوفة).
إنَّ فرض العقوبات بالطريقة الإدارية سيُعرِّض حتماً أصحاب السلطات الأدنى المألوفين لإرتكاب أخطاء أولّها تقييد الحريَّة الشخصيَّة للشخص الذي يُراد إنزال العقوبة بحقّه، والتعرُّض إلى سمعتِه وكرامته في الصميم، وفيها أيضاً، لا يكون تأمين حقيقي لموضوع العدالة ولا الإنصاف الواجب إحترامهما في هذا المجال.
لكن، لتجنُّب إرتكاب هذه الأخطاء وضع المشرِّع ثلاثة شروط في البند1 من القانون/1486 تحت طائلة بطلان القرار الذي يُفرَض إستناداً اليها. عليه، مخالفة أيٍّ من هذه الشروط الثلاثة المفروضة لصحّة القرار تؤدّي الى بطلان هذا الأخير بطلاناً مطلقاً غير قابل التصحيح لأنَّ كلّ شرط منها، يتعلَّق بالحقّ الطبيعي في الدفاعِ عن النفس كما سنرى أدناه.
صحّة القرار الاداري:
لصحّة القرار الإداري الذي يفرض عقوبة ما يشترط المشرّع الأعلى ما يلي:
1- أن يُعلَمْ المتَّهم بالشكوى والبيِّنات، من جهة. ويتمّ هذا الاعلام بالاستحضار والتبليغ. دون شكّ، وكما هو معلوم وواضح، فإنَّ التبليغ يُعدّ إجراءً أساسيّاً في المحاكمات ويفرضه المشرّع ويوجب الحقّ الطبيعي إجراءه بدقّة تامّة ليكون صحيحاً من الأوجه كافة.
2- منح المتَّهم فرصة كافية ومعقولة لممارسة حقّه في الدفاعِ عن نفسِه وأنْ يمارسَ هذا الحقّ بشكلٍ تام. لذلك، لابدّ من إعطاء المتَّهم وقتاً كافياً ومعقولاً، يُحدَّد على أساسِ ضخامةِ الملف وخطورة التُّهمة.
3- أنْ تجريَ مناقشة شفوية بين الرئيس الكنسي المحلّي  أو المفوَّض منه والمتَّهم، في حضورِ المحامي عن العدلِ والمسجِّل.
علينا أن نؤكِّد هنا: لا تكفي المناقشة الشفوية، على الإطلاق، لتأمين سلامة الأصول ولا لحفظ حقّ الدفاع الطبيعي المقدَّس، لا سيما إذا كان ملفّ الإتِّهام مُثقلاً بالبيِّنات والإسناد هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى، مَنْ يؤمِّن سلامة ممارسة حقّ الدفاع من خلالِ مناقشة شفوية لا تُصاغ فيها دفوع مكتوبة تُقدَّم فيعلَّق عليها وتناقش بموضوعيَّة وعدالة وإنصاف؟ لا سيما وأنَّ النصّ القانوني لا يُعيِّن للمحامي عن العدل وللمسجِّل أي دور مُحدَّد وواضح. فمجرَّد حضورهما المناقشة الشفوية الجارية، من جهة، بين الرئيس الكنسي أو المفوَّض منه ومن جهةٍ أخرى، بين المتَّهم بالذنب دون أنْ يكونَ للمحامي عن العدلِ دور معيَّن بابداء رأيه ووضعه على بساط البحث والمناقشة الكتابية، إنَّ مثل هذا الحضور السلبي وعدم تعيين مُهمّة المسجّل في تدوين واقعة المناقشة الشفوية بدقة تامّة إنَّما يعتبر إجراء إدارياً باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته أبسط مباديء الأصول الحقوقيَّة التي لا يمكن، بأيِّ وجه، أن تسمح به الأصول الجزائية. وكلّ ما يُقال في أثناء المناقشة الشفوية يذهب سدى مع الرياح إذا لم يضبط بدقة كتابةً فلا يعتدّ به ولا قيمة قانونيَّة له إطلاقاً عملاً بالقاعدة اللاتينية: (Verba Volant sed scripta manent).
4- أمّا الشرط الأخير الذي يفرضه القانون/1486 فهو وجوب عرض الأسباب التي تستند عليها العقوبة في الواقعِ عند إصدار القرار.
بموجبِ نصّ البند2 من نفس القانون/1486 يعفى الرئيس الكنسي من إتِّباع الاجراءات الإدارية الواردة في البند1 ويجيز له فرض العقوبات المنصوص عليها في القانون/1426 –البند1، إذا ثبت أنَّ المتَّهم قد قبلها كتابة.

الطعنُ في القرارِ:
يُحدِّد القانون/1487 –البند1 طريقةَ الطعنِ في القرارِ الإداري الذي يفرض العقوبة، وهي اللّجوء الى السلطةِ الكنسيَّة العليا، بالنسبةِ الى السلطةِ التي أصدرت القرار الإداري هذا. ففي حال أنْ يكونَ الأسقف الإيبارشي هو السلطة الذي أصدر القرار الإداري بفرضِ العقوبة، يمكن اللّجوء في هذه الحالة إلى غبطة البطريرك. أمّا إذا كان غبطة البطريرك هو الذي أصدر القرار الإداري بفرضِ العقوبة فقياساً على ما يرد في الشرع العامّ، يكون اللّجوء ممكناً إلى مجمع الكنائس الشرقية، ما لم يستأنف المتَّهم القرار الى الحبر الروماني الذي تعود اليه وحده الصلاحيَّة للنظر في اللّجوء والبتّ فيه بالطريقة التي يرتأيها، أي بإحالته إلى إحدى المحاكم التابعة للكرسي الرسولي أو بتأليف لجنة رسوليَّة خاصّة لهذه الغاية.
إنَّ المهلة المحدَّدة للطعن بقرارِ فرض العقوبة واللّجوء الى سلطةٍ أعلى هي عشرة أيام تُحسَب من تاريخ إبلاغ القرار الإداري.
ولمّا كان القرار الإداري الذي يفرض العقوبة على المتَّهم يُعتبر من الأمور غير المحبَّذة قانوناً، فإنَّ المشرِّع رسم أنْ يكونَ، بشكلٍ عام، للّجوء والطعن ضدّ القرار الإداري مفعول يوقف تنفيذه، كما يوقف صلاحيَّة السلطة الدنيا التي أصدرته، بحيث تنتقل الصلاحيَّة بكاملها إلى السلطة العليا التي وُجِّه إليها اللّجوء أو الطعن.
يختم القانون الآنف الذكر في بنده الثالث مُعتبراً أنَّ لا طعن آخر ضدّ قرار السلطة العليا. مع ذلك، بإمكاننا أنْ نؤكِّد بأنَّ المتَّهم يستطيع على الدوام أنْ يطعنَ ضدّ قرار السلطة العليا الى الحبر الروماني باعتباره القاضي الأعلى والمرجع الأخير في الكنيسة جمعاء.


غير متصل يعكوب ابــونا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 178
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاب الفاضل سالم ساكا جزيل الاحترام
  شكرا جزيلا على هذا السرد للقانون الكنسي .. بما يخص العقوبات الكنيسة ..
 ولكن للاسف المقال لم يتطرق الى ماهية الاعمال التي تستوجب ان تنظر من قبل المحاكم الكنيسة لمخالفتها للقانون ؟؟ لكي تثبت التهمة وتحدد بموجبها العقوبه ؟؟ . ثانيا من هم المتهمين وصفاتهم .؟؟  اكون شاكرا لو تم توضيح ذلك ؟؟
 تقبل خالص الود والتحية
والرب يبارك 
  يعكوب ابونا

غير متصل الياس متي منصور

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 564
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
جزيل الشكر للأب ألفا ضَل سالم ساكا على التوضيح  المهم الذي يزيح الشكوك والملابسات التي حدثت ... كان  من  الأفضل نشره منذ سنين ،  لحسم الجدالات التي أرهقت المؤمنين...
نتمنى حل جمع الخلافات  من خلال المحبة والتفاهم ...
الياس منصور