المحرر موضوع: إنطباعاتي الخاصة عن الأسـتاذ سـركيس آغاجان -عشـرة آلاف الى واحد-  (زيارة 1566 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل وسام كاكو

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 64
    • مشاهدة الملف الشخصي
إنطباعاتي الخاصة عن الأسـتاذ سـركيس آغاجان
-عشـرة آلاف الى واحد-

(القسم الأول)
بقلم: وســام كاكـو

لاحظتُ منذ مدة طويلة إن أغلب حملة الشهادات العليا في أميركا (وربما في دول أخرى) لا يذكرون درجتهم العلمية أمام أسمائهم عند النشر العام أو الحديث العام، أو على الأقل يتجنبون كثيراً ذكر ذلك، فمثلاً وزيرة الخارجية الأمريكية الحالية (رايس) تحمل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية وعملت كعضوة ضمن هيئة التدريس في جامعة ستانفورد الشهيرة في عام 1981، ولكن الإعلام عموماً لا يذكر إسمها وقبله كلمة (دكتورة) أو حرف (د.)، ولكنه يذكر عملها ومنصبها وكذلك الحال مع آخرين كثيرين. يكون ذكر درجة الشهادة الأكاديمية غالباً في البحوث العلمية والدراسات وفي مناسبات قليلة أخرى (فضلاً عن السيرة الذاتية للفرد Biography أو سيرة المؤهلات والخبرات الفردية (Résumé  لإظهار مدى صلاحية الباحث ودرجة قربه من إختصاصه وتعمقه فيه وليس ليقل للآخرين أنا كذا وكذا ويتوقع منهم أن يتعاملوا  معه على أساس شهادته الأكاديمية. ولما كان معروفا إنه ليس كل متعلمٍ مُفكر وليس كل مُثقفٍ مُتعلم فإن الأميركان غالباً ما يقولون  you have brain, prove it! أي (لديك عقل، إثبت ذلك) ويقصدون بذلك إثبت أمكانياتك من خلال عملك. هذا هو الأساس الذي يعتمدونه في عملهم وهذا واحد من أسباب نجاحهم في أعمالهم. كما إن لديهم تمسكاً كبيراً في تخصصهم أي إنهم قلما يميلون الى الموسوعية التي نميل نحن إليها، بمعنى إننا في جلساتنا نتحدث عن مواضيع شتى ومتنوعة ونُعطي فيها أراءاً تكاد تكون قاطعة في الكثير من الأحيان، ومعروفٌ طبعاً إن درجة الثقة المُطلقة في القرار الذي يأخذه الشخص تزداد مع زيادة درجة الجهل لديه، أي إن العالِمْ (الشخص الواسع الأفق) دائماً يأخذ إحتمالات كثيرة في المسائل التي يطرحها ومن ثم يؤسس عمله (مُناقشته) على أساس ذلك أما الجاهل فعندما يأخذ قراراً تراه محدود الأفق ويتزمت فيه الى درجة تقرب من المرضية أحياناً وبذلك يفقد طريق العودة ويفقد أيضاً وجهات النظر المفيدة الأخرى. عندما يكتب الأمريكي في الجرائد والمطبوعت اليومية العامة مثلاً يمتلك الحق (في الكثير من المطبوعات) في أن يضع في أسفل كتابته صورة صغيرة له وسطر او سطرين من المعلومات الشخصية عنه ولكنه لا يذكر في متن مقاله أو في عنوانه أو تحت إسمه في المقدمة بأنه حاصل على شهادة كذا وكذا لأن ذلك إذا ما حصل فإنه يُمثل تشديداً مُبالغاً به (وربما مريضاً) على معلومات شخصية أولية قبل إثبات الأهلية من خلال النص أو من خلال الفكر، أي إن العملية مُعيبة لكفاءة الكاتب بسبب عدم إثباته لعقله أولا، كما إنها تُمثل محاولة لإضطهاد نسبي ضد القاريء من خلال تنبيهه (أي تنبيه القاريء) بأنه أمام كاتب (حُجة) في تخصص أكاديمي ما وعلى القاريء التعامل معه على هذا الأساس والإستسلام (نسبياً) لما أظهره من خلال شهادته المذكورة تحت إسمه وليس على أساس النص وأسلوبيته ورصانته ومنطقيته. وقد تستغرب عزيزي القاريء إن الكُتاب (وحتى المسؤولين) الكبار في أميركا رغم مستواهم الحِرفي العالي والإنجاز الأكاديمي المتميز جداً لا يذكرون أبداً درجاتهم الأكاديمية، ولكنهم قد يذكرون بأنهم يعملون كأساتذة في جامعات مختلفة أو وزراء أو غيرها من المناصب، وهذه الحالة تختلف لدى  أفراد الكثير من دول العالم الأخرى التي تُمثل الشهادة الأكاديمية جزءاً من المكانة العامة المُتميزة إجتماعياً لهم ومقياساً للحكم على مقدار الكفاءة (العقل).
إن عدم ذكر الشهادة ليس بالضرورة لإظهار التواضع وعدم التعامل مع القاريء من فوق بل لإعطاء الفرصة للقاريء أن يكتشف فيما إذا كان هذا الكاتب يستحق أن يُقرأ له (أو إن المسؤول يمتلك عقلاً) أم لا بدون ممارسة أي إضطهاد من أي نوع كان على القاريء (أو المُتلقي) وأيضاً لكي يضع الكاتب لنفسه خطاً للرجعة، فمثلاً (وهذا مجرد مثال) إن دان براون الذي كتب كتاب شفرة دافنشي، لقيت أفكاره معارضة شديدة وقد تصدى له بعض رجال الكنيسة وبعض المُتخصصين بالتحليل التاريخي وفنّدوا تقريباً كل أركان كتابه تاريخياً وفكرياً، فخرج (السيد براون) وقال إن ما كتبه لم يكن كتاباً تاريخياً بل رواية، وفي الرواية ليس المقصود ذكر حوادث تاريخية دقيقة. ولكن لنتخيل مثلاً لو إن دان براون كان قد وضع أمام إسمه ما يُثبت بأنه حاصل على شهادة أكاديمية في التاريخ العام أو في غيره وإنه من خلال تخصصه هذا يُثبت عقله، في هذه الحالة كان سيُغلق أبواب العودة أمامه وكان سيضع نفسه في حالة دفاع شبه مستمر ضد هجومات المتخصصين وغير المتخصصين الآخرين وربما كان القاريء العادي سيقول في هذه الحالة (يا لغباوة دان براون وتحليله العدواني السخيف ضد السيد الميسح!)
يزداد عدم تمسك الكاتب بذكر درجته الأكاديمية إذا ما كتب في تخصص يختلف عن تخصصه لكي يُعطي للقاريء إنطباعاً من إن ما يكتبه هو مُجرد رأي شخصي يحتمل الصواب والخطأ وليس رأي مُتخصص، وأي كاتب لا يعطي لنفسه المرونه في التعامل مع القاريء من هذه الزاوية يكون قد أوقع نفسه في فخ ربما لا يعلم به.
إن الخطأ المنطقي الذي يُسمى False Authority يعني الإفتراض بأن الخبير في مجال ما يكون خبيراً في مجال آخر أيضاً، وهذا خطأ يقلل من قيمة النصوص ويُفقدها مصداقيتها إذا ما طُرحت بمثابة أراء خبراء أما إذا طُرحت كأراء عامة دون التركيز على ذكر الشهادة الأكاديمية فهذا موضوع آخر تماماً.
المناسبة التي تجعلني أبدأ بهذه المقدمة الطويلة نسبياً هي مقالة كُتبت من قبل أحد الأشخاص ونُشرت في موقع عنكاوة في يومين مختلفين، فقد نُشرت في المنبر الحر وفي الصفحة الأساسية يوم الأربعاء 14-3-2007 بعنوان (إنطباعاتك الشخصية حول سركيس آغاجان لم تكن في محلها يا وسام كاكو) ثم رُفعت (من قبل كاتب النص أو من قبل إدارة الموقع) وأعيد نشرها ثانية في موقع عنكاوة يوم السبت 17-3-2007 (أو على الأقل هذا هو اليوم الذي وجدتها منشورة فيه) بنفس العنوان وأسفله كان يوجد عنوان آخر هو (إنطباعاتك الشخصية حول سركيس آغاجان لم تكن حيادية يا وسام كاكو) وبعد أن أضاف كاتبها ما يقرب من نصف الصفحة الواحدة إليها وحوّر بعض العبارات المنشورة في النص السابق وهذا يعني إن النص الأول كُتب ونشر في عُجالة أو تحت تأثير ما، ثم فكر كاتب النص ورأى إنه لم يُوفق فيه فسحبه (هذا إذا لم يكن قد رُفع من قبل المشرفين على إدارة الموقع، رغم إن هذا الإحتمال ضعيف) وعدّل فيه ونشره ثانية وهذا بحد ذاته خلل لأنه لماذا الإستعجال في النشر ما دام النص غير كامل من كل جوانبه لا سيما وإن النص الجديد لم تكن الإضافة إليه قليلة، والأنكى من كل هذا إن النص الجديد حمل أخطاءاً إملائية وأسلوبية ومنطقية كثيرة جداً، وفيه تأكيد أكبر على إظهار الأهلية من خلال الشهادة الأكاديمية التي ليست قريبة الصلة من الموضوع المطروح.
إن ما كتبه هذا الشخص يُمثل نموذجا جيداً لأنواع مختلفة من الأخطاء المنطقية في الكتابة، نموذجاً يُمكن دراسته بحيث يكون مفيدا لكاتب النص ولبعض من الذين يعانون من مشكلة كتابة نصوص مُحكمة منطقياً . سأتعرض لهذا النص بشكل نقدي مفيد وليس كرد فعل على عبارات غير مرغوب بها وردت في متن المقال، إنها مجرد دراسة لنص منشور للتعريف بالخلل في الاسلوب والمنطق وحتى في السرد التاريخي إن إقتضت الضرورة وإن توفرت معلومات مفيدة في هذا الخصوص بعيداً عن أية تشنجات غير مُبررة أو ردود فعل عاطفية سطحية. 
لا يحتاج القاريء أن يكون ماهراً في إكتشاف الأخطاء المنطقية لكي يكتشف منذ الوهلة الأولى لقراءة العنوان إن هذا العنوان يحمل أكثر من خلل منطقي واضح. العنوان يحوي إشارة الى التعرض لشخص (من خلال إقحام الإسم بهذا الشكل المُخالف لشروط المقالة الجدلية Argumentative) أكثر من كونه يوحي الى دراسة نقدية متزنة لنص ما، وهذا خلل يُدعى Ad Hominem  . كما إن المقال الذي كتبتُه كان في أربعة أقسام وعندما يقول العنوان (إنطباعاتك الشخصية ...لم تكن في محلها) يُفهم منه إن مجمل ما ورد في الأقسام الأربعة من إنطباعات شخصية لم يكن في محله! ولكن الكاتب في النص ينتقل الى تداول ما ورد في القسم الثالث فقط من مقالي، إذن التعميم ليس منطقياً في العنوان.  ثم يأتي كاتب النص الى وضع إسمه ويكتب تحته (ماجستير آداب جغرافيا) وهذا خلل إضافي (منطقي وأسلوبي)، لا حاجة لنا الى إطالة الحديث عنه بعد ما أوضحناه آنفاً.
سنُكمل في القسم الثاني من المقال تحليل ما ورد في النص من أخطاء منطقية ومعلوماتية وسنُهمل الى حد ما ذكر الأخطاء الإملائية لأنها كثيرة وتتطلب جهداً كبيراً نسبياً لحصرها وإظهار الصواب بشأنها. ولكن قبل أن أختم هذا القسم أود أن أوضح السبب وراء إختياري للعنوان الحالي (إنطباعاتي الخاصة عن الأستاذ سركيس آغاجان - عشرة آلاف الى واحد). السبب هو إن عدد الذين زاروا المقال (بأقسامه الأربعة) الذي كتبته عن مميزات الأستاذ سركيس آغاجان مؤخرا ونشرته في موقعي عنكاوة وكلدايا تجاوز العشرة آلاف زائر، فضلاً عن آخرين طلبوه مني من خلال بريدي الإلكتروني الخاص، ولم يعترض علناً (الى حد الآن) على ما ورد في هذا المقال غير شخص واحد، لذا إضفت الى العنوان عبارة (عشرة آلاف الى واحد).