كلنا مع يونادم كنا
تيري بطرس
عندما يخطئ السيد كنا، فنحن اول من يقول له انك مخطئ، وعندما يتغاضى عن القيام بواجب كان من المفترض ان يقوم به، فاننا سنكون اول من ينتقده ويظهر تقصيره، وعندما يحاول ان يدعم او يعمل ما هو واجب للبرلماني الممثل لهذا المكون وللشعب العراقي ايضا، فانه من واجبنا ان نقول اننا سنكون معك.
في خبر نقلته سومرية نيوز ونشره موقع زوعا اورغ، نبه السيد كنا الى وجود نحو 48 الف قضية تجاوز على املاك مسيحيين واشخاص من مكونات اخرى في بغداد، مبينا ان تلك الاملاك يجري الاستيلاء عليها عبر الالتفاق او التحايل على القضاء، وقد دعا القضاء الى الكف عن اصدار الاحكام غيابيا في قضايا الديون او الاملاك. وقال كنا ان هناك متابعة مع لجنة المصالحة المرتبطة بمجلس الوزراء ،هو قضية املاك المسيحيين التي تم الاستيلاء عليها في العاصمة. واضاف كنا ان هناك اجراءات ومعالجات يتم العمل بها لحسم القضايا، وتم معالجة المئات منها وهناك عدد اخر يتم متابعته. وبما انها قضية عامة تخص كل ابناء شعبنا ومعهم اخوتنا من المكونات الاخرى مثل الصابئة والازيدية، وليست قضية حزبية او ضمن الخلافات السياسية والحزبية حصرا، فاننا بالتاكيد سنحاول ان نكون عضدا للسيد كنا وكل من يدعمه لكي يحقق الهدف وهو تخليص ابناء شعبنا من ان يكونوا مستهدفين لاي طامع بما جمعوه بكدهم طول عمرهم.
نحن نشكر السيد كنا لتسليطه الضوء على احدى المسائل العويصة التي تواجه المسيحيين وابناء الاقليات الاخرى في العراق. ونحن ندرك او الغالبية باتت تدرك ان غياب الخوف من رد فعل المسيحي او ابناء الاقليات الاخرى يجعله هدفا محتملا لكل محاولات الاحتيال الممكنة، وقد ذكر السيد كنا احداها، كان يقوم شخص بتزويج ابنه ويريد ان يسكن بجانبه او قربه، فيطلب من جاره المسيحي بيع داره، فان لم يوافق المسيحي، فانه سيستهدف بقنبلة صوتيه تجعل المسيحي يخاف على عائلته، فيرضخ ويبيع بابخس الاسعار. ان اي سياسي من سياسي شعبنا او رجل دين من رجال ديننا، يقوم بتسليط الضوء على ممارسات سلبية او يطالب بوضع حد لمثل هذه الممارسات او يقدم خطوات عملية وقابلة للتنفيذ لتخليص ابناء شعبنا من عوائق ومصاعب تلحقهم جراء كونهم من مكون معين، يجب ان يتم دعمه ومساندته على الاقل في مطلبه وموقفه هذا.
وننبه انه اذا كان هذا الكم الهائل من المحاولات الاجرامية للاستيلاء على ممتلكات ابناء الاقليات فقط في بغداد، فيا ترى كم هو العدد في العراق كله، وكم هناك محاولات اخرى في مناطق مسكوت عنها؟
في عملية الاستيلاء على ممتلكات الاقليات وبالاخص الغير المسلمة، تتداخل امور كثيرة، وهنا لا بد ان نقول ان مثل هذه الجرائم قد يقع ضحيتها المسلمون السنة او الشيعة ايضا، ومن قبل نفس مكونهم، حينما يرى مقترف هذا العمل الاجرامي الفرصة السانحة، كان يكون مسنودا او ان الضحية ضعيفة ومقصوصة الاجنحة كما يقال شعبيا. الا ان شيوع الظاهرة وللحد ان ضحاياها صاروا باكثرية واضحة من ابناء المكونات الاقلية، فانه بالاضافة الى الاسباب التي نوهنا عنها وهي ضعف الضحية والشعور بالاستقواء لدى من يقوم بالعملية، وشيوع نظرة اجتماعية الى مكونات معينة انها لا تريد اذية احد، في مجتمع يستمد الكثير من قيمه من القيم البدوية والعشاائرية التي تبيح وتقبل الاسلاب اي الاستيلاء على املاك الغير وخصوصا من غير العشيرة ومن غير دين.كما ان هناك هذا التوجه الايديولوجي الذي يعتبر ايضا انه يحق وهو حلال الاستيلاء على ممتلكات الكفرة. وهذه نظرة قد لا يتجراء الكثيرين الاعلان عنها ولكن الكم الهائل من الضخ الشعار الديني الذي يكفر الكثيرين، له تاثيره الكبير في تبرير مثل هذه الممارسات التي تلحق الاذي الكبير بابناء الاقليات. فهذا الضخ الاعلامي يتاثر به ابن الشارع العادي ويتاثر به القاضي الذي يتم وضع القضية بين يديه. والاذي الي يطال ابناء الاقليات ليس اذي مادي فقط، كما يتراي للبعض، لا بل اذي نفسي كبير يخلق شرخا كبيرا بين المواطنين، لا بل يمكن ان يحول ابن الوطن القانع بالقانون كمظلة للحماية الى عدو للوطن ولمن استغل طيبته وركونه الى حماية القانون.
من هنا علينا ان ندعم الخطوات القائمة لتسليط الضوء على ما يمارس على ابناء شعبنا من الجور والظلم وغالبا من قبل افراد من الشعب ومن جيرانهم الاقربين، وعملية تسليط الضوء يجلب باعتقادنا ان تقترن بتقديم مقترحات معينة ليتمكن السياسية من الاخذ بالصالح منها لكي يسير بخطوات معينة نحو الامام. وبالطبع ان خيار الدولة المدنية، والتي يكون القانون الواحد هو الفيصل في الحكم بين المتخاصمين، مع اخذ الظروف الحالية واضطرار الكثيرين للهجرة وترك دورهم وممتلكاتهم لانقاذ انفسهم. اي تايد وقف الحكم في قضايا لا يكون الطرف الاخر حاضرا، فهذه الحالة يمكن القيام بها حينما يكون هذا الطرف قد علم وبشكل رسمي بانه مدعي لسماع اقواله في قضية تقام ضده، وانه سيأتي وغير خا ضع لاي ضغوط تجعله يرضخ لمطلب من يريد الاستيلاء على ممتلكاته. وهذه الحالة لن تتحقق في دولة شاع فيها السلاح وصار رخيصا بحيث ان اي واحد يمكنه ان يحصل عليه، كما ان هذه الحالة لا يمكن ان تتم في دولة تنتشر فيها المليشيات المسلحة والتي تتناسل وباسماء دينية ولاهداف تعبوية كما هو معلن ولكنها تقوم بفرض قانونها ورؤيتها ومفاهيمها التي تتعارض مع مفاهيم المواطنة.
ان مطالبة السيد السيستاني باصدار فتوة يحرم فيها عمليات الاستيلاء على دور ابناء الاقليات، هو مطلب مقبول نوعا ما، ولكنه لن يأتي باي نتيجة كبيرة لان من يقوم بهذه الافعال او يريد القيام بها يمكن ان يستعين بفتاوي رجال دين اخرين افتوى بصحة ذلك، وخصوصا ان الاخوة الشيعة ليسوا ملزمين بفتوى امام معين، والاخوة السنة اصلا لا تهمهم فتاوي السيستاني.
من هنا ايضا يجب تحريك المسألة دوليا، ووضع العراق امام مجهر دولي يراقب هذه التصرفات، ويقدم بها تقاريري موثقة، وجرائها يتم التعامل مع العراق او يتم محاسبته قانونيا ودوليا، سواء من قبل الامم المتحدة او كدول متفرقة. ان عدم تعرض العراق كدولة وعدم محاسبة العراق وعدم طرح الامر على المسؤولين الذين يزورون البلدان الاجنبية، يعني ان العراق يمكن وان اراد حلها، تاجيل الامر لحل امور قد تكون للفئة الحاكمة وللطبقة الادارية اهم بالنسبة لها، في حين ان مثل هذه الامور بالنسبة لنا تعتبر امرا مهما في تحديد مسألة بقاءنا او عدم بقاءنا كابناء للعراق. هذا ناهيك عن مفهوم العدالة الذي يجب ان يسري على الجميع لتحقيق الاستقرار.