المحرر موضوع: ربّ صورة تعكس ظلّ شكلي المتأرجح  (زيارة 1268 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كريم إينا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1311
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني


ربّ صورة تعكس ظلّ شكلي المتأرجح


كريم إينا                                             

ما زلتُ شريراً
ما كنتُ لأشرد من عالمي المرير
بل أستعيدُ شمعة نهاياتي
في لحظة من الزمن
وحدي أعانقُ الشوك في الظلام
تعلو فوقي فراشة بلا أجنحة
تخدشُ بأظافرها شعري الأبيض
نادتني الأحلام من ضوع السراج
وهي تنبؤني بليل المجاعات
تلمعُ نجمة المساء في مرايا نفسي
كيف أُرجع ضوء الشمس الذي يغيب
هل شربته الأرض جرعة واحدة؟
ربّما ذرات التراب عكست صورتي بها فكان الضياع
أيّ زقاق أدلفُ ودراويش روحي
تنهرني عن موكب الزقاق
يجيء صاحبُ الموكب راكباً جماد الأشياء الصدئة
فتقدحُ عينيه بحجر اللازورد
فيرقصُ كسكران على أسمال الموت
أطأ سمائي البعيدة ببطاقة يانصيب
لا شيء يغريني سوى المعجزات
لا أدري أيّ رغبة
تقطعُ الحلم هالتين متناثرتين
وسط إنفجار خرائب خورسباد
رؤىً تترنّحُ بخصلاتها الذهبية
نحو صحراء الظل الهارب
ها هو المخلوق الأسود
يدخلُ عاصفته الزائفة
يوميءُ بطوفان مجهول
وجوهٌ تفلتُ من زوايا الخضار
تسرقُ حصتي التموينية بوابل من رصاص
أرفسُ الظلام بوجه النهار
كي يزحف ظلي المخشوشب عني
في وجهي ريحٌ تبرقُ من السراديب
تمتد في ساحات مقفرة
تفرشُ الجماد في عزّ الظهيرة
كهالة بيضاء تقبلُ الفجر
في تهويمة النسر المتعب
الذي ما زال يترجرجُ ظلّه على الجدران
آخر جليس يزردُ دوائراً
من فم القمر المدهش
كنتُ أبحثُ عن خارطة الرجل المقنع
الذي يطبخُ جمراته في هوّة الذاكرة
أشربُ نخباً من قامة التمرّد
وهو يوصفني بنون القاسية
التي خطها ماردٌ جبان
وهو يتقيأ بعفونته في مدن السلام
سكرانة إشراقات نهاري المتيبس
أحاولُ إيقاف نزيف طماطم الأنفال
أطرقُ بمساميري المجوفة أمواساً
تلمعُ في سراديب صدئة
صعرني الليلُ بتسكعاته النازفة
جوع جسدي يبحثُ عن مأوى في عنكاوا مول المظلم
بطونٌ خاوية تمسكُ مفتاح جيبي الفارغ
أقداح الماء تصعدُ إلى المغسلة
لتزيل بقايا آثار القهوة
أفتحُ ثقوب المطر برسالة مشفّرة
لتزيل غيمة أوهامي المفاجئة
بنور من الشعور المغمغم للحياة
أعمدة الشمع تتساقطُ من عيني طفلة
تحاصرُ ظلّي الطيني المسكون
أعبرُ مدن الريح برنّة ناقوس
كي أصل قلعة أوروك لأرى وجهي المزهر
وسط إيقاعات مزدوجة
تنزلقُ الآهات كصرخات الخيول
هذا عالمي المزهو وسط محطات الإنتظار
تلك الساعات النافقة تقطرّت في مائدة الغربة
الوقتُ يمتصّ عزلة سراديبي
أتكأ على عصا موسى لتنير النجوم أمامي
أحيا مع الريح لأصنع لي مظلة في الصحراء
 أدورُ نحو متاهة المعنى
أبحثُ عن روحي ما بين الأحياء والموتى
لتنكشف التجاعيد في مستنقع الطوفان
حينها تدّق الطبول في صمت روحي
نحو ملامح مذاهبي الفاضلة
تقدّست أرواح تعويذتي النازلة
من سياج جثثي الهاربة؟
إرتمى لونها نحو الضياء الأخير
لا أسمعُ أنين نصب حريتي
لأنّ جواد سليم سبقني
في تجسيد ملامح الأرواح الكادحة
على ضوء الفوانيس الخافتة
أصغي إلى أحاجي وباحات البيوت
لأدخل في غفلة زوايا المكان
في تلك اللحظة
حين يتقمّصني الوضوح أعرفُ
سرّ فتح أبواب النور
ما زلتُ وشاحاً الآتي من رفرفة الرياح
أيّ إيقاع يدخلُ في خيالاتي النازفة
أبدو مشدوهاً مع لمعة تقطّبُ أحزاني
وهكذا تتجمّدُ حلقات قاربي الضائع
تحت نجوم القهوة قديسٌ يمرقُ عبر الكون
أتوجسُ عيني الأزلية تتلعثمُ بصفحة بيضاء
أطفو على السكينة في وسط البرابرة
أطردُ الصدى بخيط منسي
يرفرفُ على أريكة ملؤها البياض
أفرشُ على نار جشعي مروحية الإبادة
التي باتت تجولُ بين الخرائب
أينما كنتُ في وسط الكأس أو على ضباب الطفولة
ستدورُ الأرواحُ من أطياف العابرين
معلّق في رأسي ناقوس الغيوم
ليقلّم أظافر تفاصيلي
آنئذ أتذكّرُ بوصلتي الفاتنة من بلاط العرافة
هي بحريقها تلتهمُ فراشات الليل
ذات يوم تنطلقُ الحمامات من كوخي القديم
من يدري أين وقع حذائي؟
كيف إختفى بلمح البصر؟
ألفاظ نور تتشرّبُ في لغتي
كي ترجع لي شكلي المتهالك
مذ هبطت شظايا الزجاج تصحّر بيتي المتشجّر
تقودني شمعة الحكمة نحو بوابة المستقبل
أجري في الظلام بعيداً من قيد السلاسل
أفرشُ رغبة مواعيدي الهاربة من بخار أنواري
أجمعُ أسرار الزمن بين يدي
كي يتنفّسُ غدي الحالم
عبرتُ في هذا العالم مثل حلمة ضائعة
وينهضُ من مكانها تابوت موميائي
عمق الليل يبحثُ في نفق النفايات
في كلّ أمسية تغادرُ الأشياء متعتها
في لبّ الهواء
أدخلُ ظلّي كاللبلاب
أصوات متناهية تلفّ دماغي وراء كوابيسي
ها هي الكلمات تستيقظُ  من مائدة صباحي
وفي كلّ مرة تنفلتُ أوتادي المتخيّمة
أتركُ حركة لعبتي في دياجين الظهيرة
لن أتمكن من رفع منطاد الأقاصي
إنّه الفجر يتقهقرُ في شوارع المدينة
يظلّ يترجّلُ ثمّ يتلاشى...