نظرتُ من الفوق فوجدتُ مجاميع من النمل والصراصير !!
لقد كنت فوق ( فوق الجميع ) ونظرت الى الارض فماذا وجدتُ ؟؟ لنرى ..
اهلاً بكم في برنامجكم الجديد ( بهدووووء ) وهذا الموضوع سيكون محور هدوءنا ( وهمجيتنا ) لهذا اليوم وسنستضيف فيه السيدة الاحمدي لتحدثنا عن هذا الشريط الاختبوطي . تفضلي سيدتي كيف واين كنت وماذا شاهدث ؟؟ نعم .. فعلاً كابوس مزعج .. ادخلي في الموضوع .. نعم حاضر ..
كنتُ على ارتفاع شاهق من على الارض ( لسبب من الاسباب ) وفي لحظة وانا على هذا الارتفاع في منطاد جميل وهادي ( وبطيء ) شاهدت ( فيلكس ولكنه كان اسرع مني ) كوكبنا الجميل ومن هذا الارتفاع ويا ليتني لم اشاهد ... ماذا شاهدث !! شاهدت ارضنا الجميلة بمياهها وخضارها وصحاريها . شاهدت المحيطات الزرقاء والغابات الاستوائية والقارات .. قارة استراليا واوربا الخضراء وآسيا العملاقة والأمركيتين وشاهدت الاقطاب الجميلة ورأيت المصانع الكبيرة والمعامل المتنوعة ( رأيت الرأسمالية ) وشاهدت الملايين يتحركون بأنساق مترتبة ويصعدون القاطرات ويأخذون المتروهات قاصدين المصانع والمعامل . شاهدت البحار الجميلة وسواحلها الخلابة والملايين المنبطحين ( من الفوق كانوا يبدون لي عُرات ) فارشين تحت اشعة الشمس غير مبالين بمرور بعض النمل والصراصير بِجانبهم ومن تحت اقدامهم .. شاهدت الأطفال والبراءة كيف تخرج كل صباح الى تعاليمهم بالرغم من بعض النقط السوداء هنا وهناك ... ..
فحاولت معرفة بلدي ومنطقتي الجميلة وانا على هذا الارتفاع وعندما امعنت النظر بشكل جيد شاهدت في بعض الاماكن اسراب صغيرة سوداء كالنمل الاسود واحياناً كانت تكبر امام عيوني وتصبح كالصراصير تسير داخل تلك الجموع وكأنها اشرطة اخطبوطية تدخل من هنا وتخرج من هناك تارة عاضة وقارصة لهذه الساق العريانة او تلك الخدود الجميلة او هذه الخلفيات الالهية الرسم ..
لم اتصور ولم اُصَدّق ما شاهدته .. فكررت الامعان فِبخدود شريطية تخرج من هذا الوادي وتصعد الى ذلك الجبل محاولة الالتفاف وقرص من يقع في طريقها .. والعالم يسير غير مبالي بالرغم من بعض الاوجاع والآلام هنا وهناك .. انه منظر شنيع .. ماذا تفعل تلك الاشرطة السوداء في هذا العالم الجميل وهذه الطبيعة الخلابة ؟؟. رأيتها منتشرة بكثرة بالرغم من ضعفها وخباثتها ولكنها كَثَرت عندما اقتربتُ من القارة الآسوية وشمال وافريقا كانت تظهر على شكل نقاط سوداء ومجاميع صرصارية واشرطة صغيرة في بعض المناطق من قارة اوربا وامريكا واستراليا وكانت وبفعل تحركاتها الاخدودية تخدش هنا وهناك احياناً واحياناً اخرى ( تُخربط ) السير والحركة الانسيابية الجميلة للأنسانية ..
في احيان اخرى كانت تظهر لي وكأنها تكبر تتحول الى حيايا ( حيّات ، حية ) سوداء كبيرة تلتف حول هذا الخصر الجميل والرشيق تخنقه وتقتله بلدغة سامة تارة وسموم مقذوفة تارة اخرى .. يا للهول !!..
وفي احياناً اخرى كانت تبدو لي وبسبب صُغر حجمها وتحركاتها الملتوية كأنها تتراجع الى الخلف وتسير عكس ما تسير الانسانية به .. امر غريب وعجيب .. شاهدت صحراء تشبه السيناء .. لم اتأكد ..
رأيت جبال شاهقة وكأنها جبال الهملايا او ما شابه ذلك وبين الحين والآخر نقاط سوداء واشرطة صرصارية تخرج من هذه المغارة قاصدة اخرى وكأنها تجمع المؤون للشتاء القارص ! .كهوف مثقوبة للخفافيش ولكنها كانت مسكونة من قبل الصراصير والنمل الاسود ..
واغرب ما شاهدت كان عبارة عن مدن تنظر اليها من العالي فتراها بشكل سواد .. اسراب من السواد الاسود وكأنهم بشر يسيرون في ارتال لا يمكن التفريق بين اجناسهم .. لكنهم لم يكونوا بشراً . تخيّل لي ذلك .
سألت نفسي يا ربي ماهذا الذي اره هل انا في حلم ام طيف او خيال ؟؟ لا طبعاً هذه الحقيقة ..
لا : لا يمكن ان يكون بين هذا الجمال وهذا النسق وهذه القامات الرشيقة وهذه الاجسام المتناسقة اشرطة وصراصير مهمتها وشغلها قرص تلك السيقان الرائعة .. لا يمكن ..
شاهدتُ شخص طويل وهو يفتك ومع اخوانه العرب والمسلمين ومجاميع مختلفة وتجمعات غير معروف شكلها او كنتها او حتى إنسانيتها بالشعب وتراب وطنه ! ملايين المشردين والمهجرين في هذه الظروف القاسية لا مأوى ولا طعام ولا ماء عرات في هذا البرد القارس ومئات الآلاف من القتلى ( لا ومايكفيهم هذا بل جاء غضب الله وتساقط الثلوج بكثرة عليهم ! ( شوف حكمة ربك ) ! .
شاهدتُ بلدي وهو يتساقط بين انياب الارهاب والطائفية والعنصرية وقتل في كل مكان وتهجير اغلب المدن والقرى وقتل الآلاف والتفجيرات الوحشية التي تقتل اغلب الابرياء ومن جميع الطوائف وسبي النساء والاطفال وبيعهم في سوق النحاسة . منظر لم يسبق لنا مشاهدته .
وجدت في بلد آخر تتكاثر على ارضيته الملايين من شدة الملاريا وهم لازالوا مستمرين في نشر الامراض والاوبئة والجوع والعطش بين اهاليهم .
رأيت في شمال قارة كانت تبدو لي ( افريقيا ) بلدان متحاربة الى الآن من اجل الوفاق في تشكيل حكومة والقتال والنحر مستمر بين الاخوة الأعزاء .
نظرت الى ابراج عظيمة توازي الاهرامات المصرية فلم يتغير المشهد فالعمليات الإنتقامية وقتل الأبرياء ماضي على ساق وقدم .
فلم مرعب ! اغلب العرب والمسلمين يقتلون بعضهم البعض دون رحمة ولا فكر ولا نظرة ولا مخرج ولا سبب غير كرههم للصراصير المجاورة . انه فعلا كابوس ولا يمكن ان تكون هذه الحقيقة لأن العرب من صفاتهم الحميدة الشرف والكرامة وحبُهم لآخر ومساعدة الجيران وعدم الإعتداء على المقابل وتحريم سفك الدماء ( خاصة دون مناسبة تُذكر ) وإيمانهم بالله ..
فجأتاً يرتفع صوت التلفاز اللعين بقوله : لقد نجحنا ، لقد نجحنا : لقد حطت وبنجاح المركبة كيوريوسيتي على سطح المريخ . نهضت من هذا الحلم الجميل وأنا منبطح على سريري واشاهد صور هبوط النملة السوداء على سطح بلدي .. اقصد المريخ طبعا ..ً ..
يا إلهي : ما هذا الكابوس المزعج وماذا يعني النمل والصرصار الاسود .. استر يا رب . انك الستار .. ليس ستار ( المواطن العراقي الذي قام بعرض نفسه للبيع طبعاً ) .. استغفر الله من كل ذنب جبار .. ارحل يا شيطان ارحل .. روح بعيد .. شنو نمل ! شنو صرصار ! شكراً لضيفتي التي ازعجتنا هي الاخرى بحلمها الصرصاري ..
قتل مستمر ودمار شامل وكامل ، تدمير مدن بأكملها ( ويًسمونها إنتصارات ) ! قتل الملايين من الاطراف المتناحرة دون اي معرفة او فكر او قليل من التأمل في لماذا ؟ قتل النفس في الاسواق والمحال التجارية وفي نقاط الشرطة ( الفقراء ) وسفك الدماء دون اي رحمة . الكل متخبط وضارب نفسه في الآخر والعالم يضحك لهم وعليهم ويستغل كل تلك الهمجية الغريبة !
أين عقل العرب إذاً ! اين الشعر ! الكرامة ! الحق ! العدل ! الشهامة ! العفو والمغفرة عند المقدرة ! وجادلوهم بالتي هي احسن ! الدين والله ! المحبة والتآخي ! القيم التي ملأوا الكتب المكدسة فيها ! والاهم من كل هذا وذاك ادعاهم بالأمة المؤمنة الوحيدة على هذه الارض !! فهل لهذه الامة القليل من الكرامة ؟
لا يمكن للشعوب المتأخرة ان تتقدم دون البدأ من نقطة الصفر ... !! نيسان سمو ..
ملاحظة كتبتُ هذه الكلمة في عام 2012 ونشرتها بعض المواقع العالمية ( الحوار ) ومنها مسيحية ( جارة ) ورغبتُ ان اكررها اليوم على موقعنا هذا لإستمرار وتكرار المشهد الدموي عند هؤلاء المؤمنين .. لهذا اضطرينا الى بعض الإضافات البسيطة .
نيسان سمو 14/01/2017