المحرر موضوع: عندما يرهن الشعب مصيره بيد رجال الدين!  (زيارة 2760 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل سعد عليبك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 472
    • مشاهدة الملف الشخصي
               عندما يرهن الشعب مصيره بيد رجال الدين!

بقلم/ سعد عليبك

   من خلال تجارب الحياة المتنوعة، و ما نستمده من معلومات عن طريق وسائل الإعلام و الإتصالات المختلفة، و من خلال الرحلات السياحية و العلمية، و متابعة الأفلام الوثائقية الخاصة بحياة الشعوب المختلفة على الكرة الأرضية، نضع أمام انظارنا مشهدين مختلفين و متعاكسين في المضمون و الإتجاه:
ألمشهد الأول، حول شعوبٍ تتسابق مع الزمن في مجال التطور العلمي و التكنولوجي بمختلف مجالاته، ليس لها حدود عرقية أو دينية أو طائفية، ولا حتى حدود جغرافية في العديد من بلدانها،  تتعاون و تتفاعل مع شعوب أخرى، و قد تنافسها أحياناً، من أجل الوصول بالإنسان الى ذلك المخلوق الراقي الذي كان يفكر به (فريدريك نيتشة). هذه الشعوب لم تتوقف عند حدود معرفتها بما موجود فوق سطح الأرض و ما في باطنها، ولا عند حدود اكتشاف اسرار البحار و ما في اعماقها، و إنما انطلقت لتقتحم الفضاء الكوني نحو الكواكب و النجوم ، مرسلة المركبات الفضائية المؤهلة و غير المؤهلة، المسّيرة مباشرةً و المسيرة عن بعد ملايين الأميال، و لا اريد الإطالة في ذكر أمثلة على التطور العلمي و الفكري و الحياتي لهذه الشعوب التي خدمت البشرية جمعاء.
 و المشهد الثاني، حول شعوبٍ تعيش في مناطق نائية من القارات، أو منعزلة الى حدٍ ما، مغلقة على نفسها، تتحكم فيها بعض العادات و التقاليد، لها حياة بدائية بسيطة، لا تفكر الاّ في غرائزها الجنسية و الحصول على قوتها اليومي بطرق الصيد البدائية المختلفة او الزراعية البسيطة لتستمر في الحياة، و عندما يصاب أحدهم بالصداع يأتون به عند من نصبوه عليهم حكيماً و رجل دين ليشبعه (كفخات) على رأسه الأقرع وفق طقوس خاصة على طريقة (أليفوو) المشهورة و المنتشرة في صفحات الفيسبوك و اليوتيوب !، بحيث تكون آلام ضربات هذه الكفخات العمودية و الصفعات الأفقية المتتالية تطغي على ألم الصداع نفسه، و بذلك ينسى الرجل صداعه الذي جاء من أجله، أو قد يصاب بإرتجاج في الدماغ أو بعطب ما جراء ذلك، و في كلتا الحالتين عليه أن يقدم الشكر و الولاء و الإكرامية الى ذلك الحكيم و جل الدين، و من ثم يعود الى خيمته أو كوخه ليلبّي طلبات زوجته.

بعد هذه المقدمة المطوّلة نسأل أنفسنا نحن مسيحيي العراق بشكل عام و الكلدان بشكل خاص، أين موقعنا من المشهدين المذكورين أعلاه و نحن إذ نتباهى كشعب له جذور تمتد لأكثر من 7000 عام في عمق الحضارة الإنسانية ؟؟.
و هل تمكنّا من أن نساير عجلة التطور العلمي و التكنولوجي و الفكري و نضع أملنا فيها، تاركين الدين و رجاله في ثكناتهم الخاصة ليتمتعوا بها و ليمارسوا شعائرهم و طقوسهم الدينية على راحتهم و بهدوء، و ليطلبوا هم و كل من يرغب في زيارتهم من ربهم المغفرة أو ما يشاؤون و يتمنون؟، أم فتحنا أبواب حياتنا و مستقبلنا على مصراعيها أمام رجال الدين ليدخلوها و يسّيرونها بمزاجاتهم و صراعاتهم و طموحاتهم الشخصية، و يقررون نيابة عنّا في أمور حياتنا بكل جوانبها، السياسية و الإجتماعية و القومية و حتى في تحديد مستقبلنا و مستقبل أجيالنا القادمة؟.
معرفة الجواب ستكون اسهل لو نظرنا الى معاناة المسيحين و مصائبهم و الكوارث التي حلت بهم و ببلداتهم، قبل أن ننظر الى شبابنا الذي  فقد الأمل ولا يعرف أين هو مستقبله. فمشاكل و مصائب الشعب السياسية و القومية و الوطنية لا يمكن أن تٌحَل فقط  باللجوء الى رجل الدين، ولا باللجوء الى الصلاة اليومية و حضور القداديس، ولا بالصوم و الإمتناع عن الزفَر، ولا بالفطور الرمضاني مع المسلمين لكسب عطفهم و خوفاً منهم. هذه الأمور قد تفيد الحالة النفسية لبعض الأشخاص الضعفاء، لكن الحل يجب أن يكون استناداً الى ما تمليه علينا العقول المتفتحة النيّرة و الحكيمة و المستوعبة لما يجري حولها و توقعاتها للتغيرات المستقبلية بعيداً عن العواطف و عقلية بعض رجال الدين عندما يظنّون بأن المشاكل السياسية و الإجتماعية و العسكرية، و حتى الحركات التكتونية يمكن حلها بالصوم و الصلاة مع هذا أو ذاك، وفي هذا اليوم أو ذلك اليوم.!

إنه لأمر مثير للإستغراب حقاً و نحن نعيش هذا العصر، أن نرى البعض من هذا الشعب بهذه الدرجة من الضعف في الإرادة  و الجمود العقلي و هو يستلهث للرضوخ و الخضوع و الخنوع لمصادرة فكره و عقله،  ليتصرف و كأنه مخذّر و ممنوع من التفكير و تنشيط خلايا دماغه، و يقبل بكل مطَبات و تخبطات رجال الدين مبرراً ذلك بأنها (إرادة الرب) أو إنهم ( يتمتعون  بالعناية إلإلهية) أو إن (روح القدس) يرفرف دائماً فوق أكتافهم.!!. هؤلاء يتناسون بأن المسيحية في تناقص مستمر في العراق و الشرق الأوسط منذ دخول الإسلام ولحد الآن، بالرغم من إنهم كانوا يصومون ويصلون اكثر من الآن بكثير، و إن الزعامات كانت دائماً لرجال دينهم أيضاً.
و ما هو أكثر غرابة عندما يتواجد بعض السذج و محبي الظهور و ملمعي الصور و الشهادات، الذين وضعوا كل ما لديهم في خدمة رجال الدين، و هم يتسابقون لتبرير كل خطاياهم و أخطائهم المتتالية، و هم بذلك لا يخدعون أنفسهم فقط، و إنما يخدعون رجال الدين الذين يمدحونهم أيضاً و من حيث لا يدرون، عندما يقومون بتشجيعهم على الإستمرار في الخطأ و ارتكاب الخطيئة، و كذلك يخدعون من حولهم من البسطاء المغضوب عليهم.
نعم قد يصب الأمر في خانة المصلحة العليا للشعب عندما تساند و تتعاون  الكنيسة و رجالاتها أحزابنا السياسية و القومية ضمن حدود معقولة و مقبولة و في حالات و مناسبات معينة و محافظةً على مبادئها، لكن محاولة سيطرة الكنيسة و رجالها على مقدرات الشعب و وضع نفسها بديلاً عن كل المؤسسات السياسية و القومية  فهنا تكمن الإشكالية في تجاوز الكنيسة لمسؤولياتها من جهة و في سلبها لحقوق و واجبات المؤسسات الأخرى من جهة ثانية.

الحقيقة التي باتت مؤكدة للجميع هي أن الشعوب في البلدان المتقدمة لم تصل الى اعلى درجات الرقي في تبنّيها لأنظمة الحكم الديمقراطية و في مسيرتها في مجال التطور العلمي و التكنولوجي، بإلتزامها الحرفي بالدين، ولا بوضع بيوضها في سلّة رجالاته، وليس هناك شعباً أخذ حقوقه المسلوبة بالإعتماد فقط على مزاولة تقاليده و طقوسه الدينية وفي خضوعه لأوامر رجال دينه و عن طريق تقديم قائمة طلبات الى خالقهم.
فاليهود لم يصبحوا دولة قومية و قوية بالصوم و الصلاة و النحيب على الحائط المبكى. 
و الأرمن لم يلجأوا الى رجال دينهم لتعترف برلمانات العالم بمذابحهم.
و الأكراد لم يحصلوا على إقليم و ربما دولة مستقبلية باللجوء الى الصلاة و الصوم الرمضاني بعد أن كانت الأسلحة الكيمياوية و النابالم تدك قراهم.
فهل سينسحب رجال الدين الى ثكناتهم و صومعاتهم و بقناعاتهم ينتظرون الفرج؟، و هل سيتمكن العلمانيون من ملىء فراغ الساتر الأمامي ليواجهوا الحقيقة المؤلمة و ليجدوا الحل المناسب لما تبقى من هذا الشعب المغبون في نيل حريته و الحفاظ على كرامته و التفكير الجدي بمستقبل أبنائه؟.

أنا أشك في ذلك...!!

الى اللقاء


غير متصل صباح قيا

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1900
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
ألأخ سعد عليبك
سلام المحبة
وأنا أيضاً أشك في ذلك
رغم قناعتي أن الظروف في الوطن الجريح تستوجب السير بذلك الإتجاه ولكن لا بد أن يقتصر على الشأن الكلداني والمسيحي  داخل البلد وعدم إقحام من في المهجر بتنظيمات ضيقة بحجة أو أخرى وإنما العمل على تحشيد من في الخارج بتجرد وشفافية لدعم ما في الداخل . ألظرف في الوطن الأم يتطلب أن يكون رجل الدين المسيحي قائداً روحياً ووطنياً ولكن بالإعتماد على الأغلبية هنالك إن تعذرت الشمولية المطلقة ومحاولة كسب وإسناد  جميع التنظيمات في بلاد الشتات بدون إستثناء .
للأسف الواقع كما في الرباعية التالية

ألكنائسُ مافياتٌ والأحزابُ مناصبُ
كلٌ على قطعةٍ من الكعكِ يتكالبُ
طموحُ الأنا باسمِ المسيحيةِ يُطالِبُ
وصوتُ الحقِّ لوحدهِ يعلو ويُحارَبُ ........ إتركوني


تحياتي

غير متصل سعد عليبك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 472
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأخ د صباح قيا المحترم
شلاما و أيقارا

أشكر مروركم الكريم و ملاحظاتكم القيمة. رباعيتكم رائعة و جائت في الصميم... و لكن لن يتركونك !.
يبدو بأن الإنسان المسيحي في العراق اصبح كالكرة التي يتقاذفها السياسيين الفاشلين و رجال الدين التواقين الى السلطة فيما بينهم، و كل منهم يعمل على تسديد هذه الكرة في الإتجاه الذي يضمن مصالحه الشخصية... و الخسران الوحيد حتماً هو الانسان المسيحي و عائلته و مستقبله. و بعد أن فقد الشعب ثقته بقادته السياسين و الدينيين، ليس أمامه غير الهجرة لضمان كرامته و مسقبل أبنائه.
دمت بخير.


غير متصل فاروق يوسف

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 387
  • الكلدان أصل العراق
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الاخ سعد ... الغريب في الامر ان الذين يعيشون في بلدان متحضرة وينعمون بالحرية لم يسلموا مصير شعوبهم فقط بيد رجال الدين  , بل اصبحوا يعبدونهم وكاريزمتهم لا تفارق خيالهم . يعني لوكية بامتياز حتى وان كانت على حساب كرامتهم

تحياتي
لا تنازل عن حرف الواو بين الكلدان والأشوريين

غير متصل سعد عليبك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 472
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأخ فاروق المحترم

لاحظنا منذ سنين تلهّف البعض (ممن يعيشون في الدول الغربية) للتقرب من رجل الدين و ليس من الكنيسة،أي لا علاقة للأمر بالإيمان، فهم يعتقدون بأن من يكون قريباً من رجل الدين سيصبح معروفاً و ستكون له مكانة اجتماعية، هذا ربما بسبب نقص في تركيبة شخصيتهم، و غالباً ما تكون العلاقة فيما بينهم لا تخلو من التنافس و المناوشات الكلامية. و هذا الأمر يشمل بعض الشمامسة أيضاً.
تحياتي و تقديري


غير متصل ناصر عجمايا

  • عضو مميز جدا
  • *****
  • مشاركة: 2363
    • مشاهدة الملف الشخصي
الأخ والأستاذ سعد المحترم
مقالة تستحق الدراسة والتمعن بها للأستفادة من المعلومات القيمة لمحتواها.
دمت بخير ومبارك لك قلمك الواضح في تشخيص الأمور بدراية وحكمة..
النقد هو حياة الأنسان لخدمة الأنسانية جمعاء بغية تعديل المسار المطلوب..
يفترض من جميع رجال الدين الأستفادة منها ، والأبتعاد عن حب الذات والقناعة الشخصية وعدم أهتمامهم بما يكتب من قبل مثقفي شعبنا الكلداني ، فالنقد هو لصالح رجال الدين أنفسهم قبل غيرهم .. كما ولصالح شعبنا الأصيل بجميع مكوناته المحترمة

غير متصل سعد عليبك

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 472
    • مشاهدة الملف الشخصي
لأخ و الصديق ناصر المحترم
أشكر مروركم و بيان رأيكم حول الموضوع المطروح.
كل انسان في موقع المسؤولية معرض للإنتقاد و المسائلة حسب أدائه لمهامه في منصبه، و الواعي الذكي منهم من يستفيد من الانتقادات و الاستفسارات من قبل الجماهير لكي يتجاوز أخطائه بأقل الخسائر و لكي يفوز بثقة لناس و حبهم له، أما من يخاف النقد و آراء الناس فهذا دليل على فشله و قصر نظره.
مع خالص تقديري


غير متصل Michael Cipi

  • عضو مميز متقدم
  • *******
  • مشاركة: 5207
    • مشاهدة الملف الشخصي
أخي سعـد
لا يـمـكـنـك أن تـصـقـل خـشـبة تـطـفـو عـلى سـطح الماء .