مجلس الخورنة – وجاهة أم خدمة
د. صباح قيّالا بد وأن يتذكر من عمل في صفوف الجيش العراقي المنحل تعبير " البطالة المقنعة " والتي كانت ملموسة عملياً في كافة وحداته وتنظيماته . ومن سبق أن دخل مكتب الوحدة الذي يطلق عليه " ألقلم " , فربما انتبه إلى لولب واحد دؤوب الحركة من بين حوالي خمسة أو أكثر من المنتسبين يضيع معظم وقتهم بالتسامر والقشب او أللهو بأمورهم الحياتية الخاصة . وليس من باب المبالغة القول بأن هذه الظاهرة السلبية شائعة في مفاصل حياتية شتى وعلى مستويات متباينة . فمثلاً يلاحظ من خلال متابعة أي صف مدرسي بأن هنالك نسبة جداً طفيفة من الطلبة المشاركين فعلياً في النشاطات المدرسية مقابل الكم الهائل الذي لا يتحرك إلا ضمن المنهاج الدراسي المخصص له ....
من الممكن القول أن في كل مفصل حياتي هنالك مجموعة ديناميكية صغيرة تقوم بمعظم أوً بكافة متطلبات ذلك المفصل . وهذا ينطبق أيضاً على العمل الكنسي حيث الملاحظ أن حوالي نسبة 7% من أبناء الرعية تساهم في توفير أكثر من 80% من احتياجات الكنيسة سواء بالعمل الطوعي أو بالدعم المادي , وليس بالضرورة أن تكون تلك المجموعة متجانسة أو أن يتساوى أفرادها بدرجة الكمال أو بعمق الإيمان , ولكنها تلتقي في الرغبة بالعمل والعطاء وبمعدلات تتفوق على نسبة 93% المتبقية التي تتباين في مدى تعلقها بالكنيسة , فقد يكتفي قسم من أفرادها بحضور القداس كل يوم أحد , ويقتصر حضور القسم الثاني على الأعياد والمناسبات , وقسم ثالث لا علاقة له بالكنيسة إطلاقاً .
يتبادر الآن السؤال التالي : إذا كانت نسبة ال 7% تؤدي أكثر من 80% من متطلبات العمل الكنسي ’ فماذا يحصل لو تضاعفت النسبة تباعاً ؟ ألنتيجة حتماً ستعني أن هنالك طاقات كامنة لا تقدر , وأن الكنيسة عبارة عن عملاق نائم .,, فمن الذي ينجح في إظهار تلك الطاقات ؟ ومن الذي يفلح في إيقاظ ذلك العملاق ؟ ... اليس هو راعي الكنيسة وأبيها الروحي على الأرض ؟ ... كيف السبيل إلى ذلك ؟
هنالك تشكيلات متعددة تابعة للكنيسة تضطلع بواجبات ومهام مختلفة , ومن ضمنها " مجلس الخورنة " الذي هو بمثابة هيئة إستشارية لكاهن الجالية مختارة من قبله في بعض أعضائها ومنتخبة من قبل عدد متواضع من رواد الكنيسة في البعض الآخر .,,, هنالك من يعتقد أو يعمل على أن يكون المجلس بديلاً للكاهن .. لكن , ومن وجهة نظري الشخصية , يجب أن يظل المجلس مستشاراً لراعي الكنيسة الذي من صلاحيته أن لا يوافق على أي قرار حتى لو اقترن بموافقة كافة أعضاء المجلس ... ألراعي هو الأب الروحي للكنيسة وأدرى بشؤونها من أي علماني . هنالك من يشكك بقدرة الراعي الإدارية ويصر على عدم خبرته في هذا المجال ... طيب .. ما هي خبرة أعضاء المجلس وما هو تحصيلهم الإداري ؟ هل من الممكن إنكار أن العديد من أعضاء المجلس هم أشباه الأميين , وأن من بينهم من اختاره الراعي نفسه كونه يملك جيباً دسماً أو من أقرباء من يملك المال والجاه ؟ , كما أن هنالك من بينهم من هم من اقربائه أو من نفس قريته ؟ . إذن الحجة الإدارية حجة ضعيفة وعقيمة , ومن يعتقد أنه عالم ويفهم كل الأمور لا بد وأن يكون جاهلاً من حيث يدري ولا يدري ...
كيف يحل الأمر عندما يتقاطع رأي المجلس مع رأي الكاهن ؟ ألجواب : لا بد وأن تناقش الفقرة بهدوء وشفافية ويحاول المجلس جهده إقناع , وأكرر إقناع , وليس فرض رأي على الراعي , وأيضاً على الراعي أن يحاول جهده وبتواضع , نعم بتواضع , وليس بعنجهية المسؤول , لكسب المجلس لوجهة نظره . وأقترح فيما إذا ما وصل الأمر إلى طريق مسدود أن يحدد موعد لاحق للبت النهائي والذي خلاله يستأنس الكاهن بآراء من لهم الخبرة في هذا المجال سواء من أبناء الرعية أو خارجها , وحتماً سيجد عندئذ الحل الأمثل ... وانطلاقاً من هذه النقطة بالذات أرى أنه من الأجدر أن يكون للكاهن مجموعة من المستشارين المعتمدين من الذين لا بسمح لهم الظرف الشخصي أو الوظيفي للترشيح لانتخابات المجلس , ولكن لها الإستعداد لتقديم الخدمة المرجوة في الوقت المناسب ومن خارج نطاق المجلس .
ومع سؤال آخر : هل العمل في المجلس الخورني وجاهة أم خدمة ؟ ألجواب من الناحية المثالية هو خدمة , واعتماداً على الكتاب المقدس " كبيركم خادمكم " . لكن , للأسف الشديد , أحيانأ تتحكم غريزة الأنا وتطغي مشاعر الشخصية النرجسية فيتوهم البعض بأنها وجاهة ويسلك سلوكاً استعلائياً متناسياً بأن الإنسان السوي هو الذي يتشرف الكرسي به عند الجلوس عليه , أي الذي يُشرف الكرسي وليس الذي يتشرف بالكرسي ...
ولكي يقدم عضو المجلس الخدمة المرجوة منه وأن لا يتحول إلى ما يشبه " الروبوت " , وأيضاً لمنح الفرصة لأكبر عدد من أبناء الرعية للإنضمام إلى نسبة ال 7% ومضاعفتها , أقترح أن لا يشغل العلماني أكثر من عضوية واحدة ضمن التشكيلات الكنسية , فمثلاً عندما يكون عضواً في المجلس , فلا داعي أن يكون ضمن أية لجنة أخرى تابعة للكنيسة , فالملاحظ هنالك من يشغل حالياً منصباً في المجلس الخورني , وأيضاً عضو لجنة دراسة الإنجيل بالإضافة إلى منصبه المرموق في مكتب رابطة وندزر ... سؤالي : ما هذا العبقرينو ؟ وهل خلت الكنيسة من علمانيين آخرين كبديل له ؟ أم أن ذلك جزء من " المافيا " التي تحاول الإستمرار بالسيطرة على مقدرات الكنيسة بطريقة أو بأخرى ولا تفسح المجال للوجوه الجديدة حتى وإن فاقتها قدرة وكفاءة . وأحياناً لا تكتفي بذلك بل تعمل على مضايقتها والتي تضطر هجرة كنيستها وربما إلى غير رجعة ....
باعتقادي أن من يدعي المحبة عليه أن يمارسها , فالمحبة بدون ممارسة كلمة عابرة , فأية محبة تلك التي تعمل على تحجيم العناصر المتحمسة للعمل والمقتدرة ضمن اختصاصها ... لقد ساهمت " المافيا " في تسرب عدد لا يستهان به من أبناء الجالية , وما تزال على نفس المنوال ... كيف لي أن أصدق أن الذي يطمح لإشغال عضوية أكثر من تشكيل كنسي أو شبه كنسي لا يبحث عن الوجاهة ... لا لن أصدق حتى ولو أقسم على الإنجيل ......