المحرر موضوع: هواجس الوجود ما بعد الحرب تقلق مسيحيي سوريا  (زيارة 1002 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل عنكاوا دوت كوم

  • مشرف
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 37773
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الشرق الاويط

تضاعِف التطورات السياسية والعسكرية المواكبة للأزمة السورية، قلق بعض المسيحيين من وجودهم في البلاد ما بعد الحرب السورية، وذلك على ضوء استبعادهم بوصفهم «مكوّنا مسيحيا» من مفاوضات جنيف المرتقبة، واستبعاد مسودة الدستور المقترح الذي اقترحته موسكو في مؤتمر آستانة للغة السريانية أسوة باللغة الكردية التي يتضمنها الاقتراح. يضاف إلى ذلك، وجود ترسانة عسكرية كبيرة بيد ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية»، ذات الغالبية الكردية، يتخوفون من أن تُستخدم لإجبارهم على أن يكونوا جزءًا من النظام الفيدرالي المقبل في شمال البلاد.
يتراوح تعبير بعض المسيحيين السريان والآشوريين في سوريا عن واقع الأزمة بين وصفين، هما: «الشعور بالغبن» و«الإقصاء». ويقول من يستخدم المصطلح الأخير إن «المسيحيين في هذا الوقت مضطهدون من قبل (داعش) والمعارضة السورية» بالنظر إلى هجرتهم من المناطق التي يسيطر عليها الطرفان، بينما «تشظوا في مجموعات عسكرية تابعة لـ(قوات سوريا الديمقراطية) و(الدفاع الوطني) التابع للنظام» في شمال شرقي سوريا. وهذا، فضلاً عن أن الهجرة التي اختبرها المسيحيون إثر وصول نظام حزب البعث الحاكم إلى سوريا في عام 1963، تتصدر المشهد حتى فترة ما قبل اندلاع الأزمة السورية في عام 2011، مع أن النظام في هذا الوقت «يسعى لإظهار حرصه على وجود المسيحيين والمتاجرة بوجودهم في الأروقة الدولية».
مدير «الشبكة الآشورية لحقوق الإنسان» جميل دياربكرلي قال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الأطراف المسلحة التي تمتلك القوة تفرض قضيتها في المحافل الدولية»، في إشارة إلى ميليشيا «وحدات حماية الشعب» الكردية. وأشار إلى أن الكتائب المسلحة السريانية الموجودة في شمال البلاد «لا تخدم قضيتنا بصفتنا وجودا مسيحيا في الشرق الأوسط؛ كونها تُدار من قبل الإدارات التي تمولها، سواء ميليشيا (قوات سوريا الديمقراطية) التي ستستفيد منها لخدمة مشروع الإدارة الذاتية، أو ميليشيا (قوات الدفاع الوطني) التي تطبق أجندات النظام السوري».
وتابع دياربكرلي «بعد انتهاء الحرب، سيكون لدينا مشكلة تتمثل في انفلات السلاح، وهي مشكلة سيعاني منها الجميع»، معربًا عن مخاوفه من أن تُستخدم القوة والسلاح فيما بعد لضم السريان والآشوريين إلى الإدارة الذاتية ومنطقة الحكم الذاتي (الكردية)؛ «كونه مشروعا تطرحه فئة واحدة، وليس مشروعًا ضمن إطار وطني جامع، علما بأننا لا نعارض الفيدرالية في حال لم تكن فئوية»، معتبرًا أن مشروعًا مشابهًا «يُطرح بشكل أحادي لن يمثل المسيحيين العرب».
مشكلة السلاح نفسها، يطرحها هؤلاء المسيحيون في شمال سوريا على شكل أسئلة. ويقول سليمان اليوسف، الباحث في قضية الآشوريين في سوريا، إن الأسئلة المقلقة الآن «تتمثل في السؤال عن مصير السلاح الذي تحمله قوات سوريا الديمقراطية بعد دحر (داعش)»، مشيرًا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه الهواجس «تنطلق من أننا نتعاطى مع قوى سنعيش معها، وليست قوى عسكرية بعيدة عنا، وهو سؤال يتشاركه معظم المسيحيين في شمال البلاد». ومن ثم أعرب اليوسف عن قلقه أيضًا «من تفجر صراع عرقي عربي – كردي بعد نهاية الحرب في تلك المنطقة».
غير أن هذه المخاوف من السلاح الكردي اعتبرها إبراهيم إبراهيم، مدير المركز الإعلامي باسم «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي في أوروبا «نتيجة ثقافة زرعها حزب البعث، فأفقد ثقة السوريين ببعضهم». وادعى أن الهواجس غير مبررة؛ كون «الزمن تغير والإدارة الذاتية ليست من المنظومات السياسية التي تهدد أو تلغي أي أحد» على حد قوله. وتابع: «إن الإدارة الذاتية تضمن حقوق الجميع، ولن تسمح لأي قوة أن تتعدى على حقوق السريان أو الآشوريين أو أي شخص آخر».
وقال إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» في سياق دفاعه: إن ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» تضم كتائب سريانية إلى جانب المكونات العربي والعشائري والكردي والتركماني، مشددًا على أن «النظام الديمقراطي الذي نسعى له في سوريا، سيبدد كل تلك الهواجس؛ لأن كل المكونات ستأخذ حقها، وستضمن حماية الجميع وبقاءهم».
واستطرد المتحدث الكردي، إن الإدارة الذاتية «يشارك فيها الأكراد والعرب، عبر الرئاسة المشتركة»، مدعيًا أن المسيحيين «جزء أساسي من مكونات شمال سوريا، ومشاركون فيه، ويحظون بالحماية، بدليل المعارك التي خاضتها (قوات سوريا الديمقراطية) وبينها الكتائب السريانية والعربية للدفاع عن منطقة حوض الخابور (بريف الحسكة) حين هاجمها (داعش)، وصولاً إلى تحريرها وبسط الأمان في المنطقة».
غير أن مسيحيي شمال شرقي سوريا لا يرون أن القوانين والممارسات الحالية في شمال سوريا تبعث على الطمأنينة، في إشارة إلى «فرض السيطرة على المدارس ووضع اليد على أملاك المهاجرين وسوق الشباب للخدمة الإلزامية، وهو مشروع غير شرعي؛ لأنه غير متفق عليه»، بحسب ما يقول دياربكرلي. وهو ما يرد عليه إبراهيم، بالقول: إنها قوانين «أجبر الجميع على اتخاذها في ظل أننا في مرحلة حرب، وتقتضي من كل المكونات الدفاع عن المنطقة، لكنها ستتغير القوانين فور تطبيق الأمان في المنطقة وطرد الإرهاب».
بيد أن المخاوف المسيحية في شمال شرقي سوريا، تتعدى قضية «تفلت السلاح» والهواجس من «فيدرالية شمال سوريا»؛ إذ عكست مسودة الدستور المقترح من قبل روسيا في آستانة يومي 23 و24 يناير (كانون الثاني) الماضي مشاعر التهميش. وأوضح دياربكرلي، أن التحفظ الآشوري عن مسودة الدستور «كوننا نرفض منطق الوصاية من الخارج، فضلاً عن أنه يركّز على العرب والأكراد ويستبعد السريان الذين يعتبرون مكونًا قوميًا آخر يشكل أساس اللغة السورية، ولم يتحدث عن الثقافة السريانية؛ ما يعني أن هناك تهميشًا للمكون»، ثم لفت إلى أن الآشوريين «هم مسمى قومي وليس كنسيًا طائفيًا»، مذكرًا بأن مسيحيي سوريا «اشتركوا في تأسيس الدولة بشكل فاعل، وتستحق لغتهم وتراثهم الحفاظ عليه». من ناحية أخرى، يسكن المسيحيون في هذا الوقت هاجس الهجرة. ويقول دياربكرلي «المسيحيون لم يهاجروا لأنهم فقدوا الأمان فحسب، بل مورست ضدهم سياسات عنصرية، وهي الممارسات من قبل المعارضة و(داعش) والنظام الأكراد»، مشددًا على أن المسيحيين «يعانون الاضطهاد، ولا يشكلون مركز اهتمام بالنسبة للدول الغربية التي تداعت لدعم الأكراد، من غير دعم المسيحيين بصفتهم مكوّنا، إذا ما قورن الواقع باستجابة الغرب للأكراد في عين العرب (كوباني) حين حاول (داعش) احتلالها»، مضيفا: «في مستقبل سوريا، لا أتوقع أن يكون للمسيحيين مكان؛ كونه لا وجود ضمانات للأقليات في سوريا».
هذه النقطة، لا يوافق عليها سليمان اليوسف؛ إذ يرى «ثمة نزيفا دائما، وساهم اهتزاز الاستقرار في تسريع وتيرة هجرة المسيحيين، لكن الهجرة الكلية أمر مبالغ فيه، بالنظر إلى أن هناك أشخاصًا يصرون على البقاء رغم الظروف، ليس لأسباب مسيحية، بل لأسباب وطنية». ويشير اليوسف إلى أن الآشوريين يهمهم «المشاركة في مباحثات جنيف بصفتهم مكوّنا، علما بأن هناك ممثلاً عنا ضمن وفد المعارضة السورية إلى محادثات السلام». ويلفت إلى أن المسيحيين «يستاءون من التفاهمات التي تحصل من غير لحظ خصوصية المسيحيين والآشوريين؛ وهو ما ولد شعورًا بالغبن»، مطالبًا باعتراف دستوري «يخطو خطوات باتجاه حماية اللغة والاهتمام بها كونها جزءا من التراث الوطني». واختتم قائلا: «نحن خائفون من ألا تكون لنا مشاركة حقيقية وفاعلة في سوريا المستقبل. نحن نرفض أن نكون ديكورًا في التشكيلات السياسية، ونطالب بمشاركة فاعلة على الأرض».
أي نشر، أو إعادة تحرير لهذه المادة، دون الإشارة الى " عنكاوا كوم " يترتب عليه أجراءات قانونية