المحرر موضوع: الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن الجزء السادس والأربعون  (زيارة 6289 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كوركيس مردو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 563
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني





الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن
الجزء السادس والأربعون
سرمة خانم وملك خوشابا . المقابلة الاخيرة التي حددت مصير الامة
من اقوال ملك خوشابا:
( عندما يتعلق الامر بمصير امة لا يصح ان نسير بطريق لا نعرف نهايته )
( حذاري من السير بايعازات الجهات الاجنبية اوالانصياع لتوجيهات خاطئة)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

« في: 08:25 05/05/2013  »  من مذكرات يوسف ملك خوشابا :
اقتباس : في 8/9/1932 كنت مع والدي ملك خوشابا في مصيف خلاوة في سر عمادية متهيئا للعودة الى الكلية العسكرية في بغداد عندما اخبرني والدي بانه عازم على الذهاب الى مصيف (جربية ) لزيارة سرمة خانم لانها ستعود الى الموصل صباح اليوم التالي وذلك ليقول لها كلمته ويقدم لها نصيحته الاخيرة فطلب مني مرافقته وذهبنا الى مصيف جربية الذي يبعد عن مصيف خلاوة حوالي عشرين دقيقة مشيا على الاقدام وكانت الساعة الرابعة عصرا وعند وصولنا شاهدنا سرمة خاتون جالسة على كرسي سفري امام خيمتها وبجانبها كان واقفا الشرطي روهان حارسها الخاص وهو من اهالي قريتها قوجانس فامرته بان يجلب لنا كرسيين فجلسنا عندها بينما اخذت الشمس تختفي خلف الجبال. وبعد تناول الشاي سالها ملك خوشابا فيما اذا كانت ناوية السفر الى الموصل في اليوم التالي فردت بالايجاب ثم اردف قائلا ( واظن ان قداسة مار شمعون لا يزال في بغداد ولم يسافر بعد) فاكدت له ذلك وعليه قال لها ما يلي: يا سرمة خانم طالما انت مسافرة غدا الى الموصل ارجو ان تنقلي طلبي الى قداسته بان يؤجل سفره الى جنيف ليراجع اولا المسؤولين في بغداد ابتداء بوزير الداخلية فرئيس الوزراء وصولا الى جلالة الملك فيصل الاول لربما يتوفق في الوصول الى اتفاق بشان المطالب فيكون في ذلك خيرٌ لعائلتكم خاصة وللملة الاثورية عامة وان اراد فليؤلف وفدا من ممثلي الشعب الاثوري ليرافقه في مقابلاته.
في رايي هذه هي الخطوة الضرورية التي علينا البدء بها وهي الخطوة الصحيحة لتسبق كل الخطوات الاخرى، لاني لاارى في ظل الظروف المحلية والدولية الراهنة جدوى من ذهابه الى جنيف بل بالعكس ان سفرته هذه الى جنيف ستغير الامور نحو الاسوا. لان عودته فاشلا ستؤدي حتما الى سقوط اعتبارنا في نظر الحكومة العراقية، وسيدفعها ذلك الى اتخاذ موقف متصلب أشدّا بصدد مطالبنا لاننا نكون قد قدمنا الشكوى ضدها. وحتى الحقوق التي وعدنا بها الملك فيصل الاول وحكومته ستحجب عنا فيما بعد. كما وان المندوب السامي البريطاني الذي كان قد وعد مار شمعون بانه وحكومته سيستخدمون نفوذهم لدى الحكومة العراقية لمنحنا الحقوق المعقولة سيتراجعون عن وعدهم بسبب تصرفنا هذا وتقديمنا الشكوى الى عصبة الامم. في الوقت الذي نعرف جميعا بان كل الامور في العصبة معقودة برغبة بريطانيا وبيدها الحل والربط وعندئذ سنكون قد فقدنا كل شيء لاسيما انه لم يبقَ لنا مكان اخر نعيش فيه سوى العراق! وعليه يجب علينا ان نلتفت الى الحكومة العراقية ونحاول جاهدين التفاهم والاتفاق معها وان نقطع صِلاتنا بالاجنبي حرصا على مصير هذه الامة وضمانا لمستقبل آمن وسعيد لاجيالنا القادمة! أليس الأنفع لناان نبدا السير بتاني وحذر خطوة فخطوة وناخذ المعروض علينا ونطالب بالمزيد مُستغلّين الفرص الممنوحة لنا الان والتي لا اظنها ستتكرر ابداً.  فقبل ان نبني بيتنا يا سرمة خانم يجب ان نفكر باساس متين له، لان ما يحتاجه شعبنا الان هو الاستقرار والعمل والتعليم، فقد أخذ التعب منه مأخذاً من كثرة الكر والفر وتعبَ من طول الترحال والاغتراب وعان من كثرة الخسائر والتضحيات والنتيجة كما ترين. اما وقد عدنا الى الوطن فقد آن الاوان لنمنح رجالنا فرصة لالتقاط الانفاس ورعاية عوائلهم وتربية ابنائهم ولنجنب نساءَنا وشيوخنا الخوفَ والرعبَ والقلق، ولنعطي اطفالنا الفرصة اللازمة للنمو والتربية والتعليم، لنلم شمل عوائلنا ونلتفت الى المشردين والمغتربين من ابنائنا ونركز جهودنا على موضوع الاستقرار والاسكان ليكون بالشكل الذي نريده بتوفير اكبر فائدة ممكنة لابنائنا، فالاجدر بنا ان نفكر بعموم الامة قبل التفكير بانفسنا.
الا ان سرمة خانم لم تقبل رجاءَه ونصيحته ورفضت طلبَه بل اصرت على رأيها واكدت قائلة (بان مار شمعون سيذهب الى جنيف مهما كلف الامر وكيفما كانت النتائج فاذا رفضت عصبة الامم مطالب الاثوريين فانهم سيحصلون عليها بالقوة والقتال او سيغادرون العراق) وبعد هذا الجواب القاطع قال لها ملك خوشابا (يا سرمة خانم عندما يتعلق الامر بمصير امة لا يصح ان نسير في طريق لا نعرف نهايته) واستفسر منها فيما لو كان لهم اي وعدا بالمساعدة من اصدقائها الانكليز في حالة نشوب القتال مع الحكومة العراقية؟ فاجابت بالنفي. فسألها هل لها اي خبر او اشارة بالمساعدة من الفرنسيين في سوريا فنفت ذلك ايضا وعليه مد ملك خوشابا بدَه بالم وغضب باتجاه الحدود التركية قائلا (اذن اني متأكد بان هؤلاء الاتراك وكذلك الايرانيين سوف لا يساعدونك في محنتك واما الروس فهم شيوعيون وبعيدون والطيرلا يصلهم ونحن لا نملك الا بضع قطع من الحديد القديم (يقصد بها البنادق) ولكل منها بين 100 و 150 اطلاقة فقط لنحارب بهم الشعب العراقي كله بعربه واكراده بجيشه وعشائره وغيرهم، ومِن الممكن ان نطقطق بهذه البنادق لعشرة او عشرين يوما في هذه الوديان والاحراش الا ان النتيجة الحتمية ستكون الفناءُ التام لنا قتلا او جوعا او عطشا الا ترين انكم متوهمون جدا ؟؟ فان كنتم مصرين على ابادة هذه الامة والقضاء عليها فمن الشرف ابادتها بايدينا بجمع الاثوريين وحرقهم وننتحر معهم فنحفظ بذلك سمعتنا ونصون كرامتنا وهذا افضل من ارتكاب حماقة الدخول في قتال مع الحكومة العراقية، وإذا اقترفناها فأول مَن سينعتوننا بالعصاة المتمردين سيكونون أصدقاؤكم الإنكليز، وكذلك ستصفنا دول العالم الاخرى! لان عملنا هذا سيكون مخالفة صريحة لكل القوانين المعترف بها،  فاجابته سرمة خانم قائلة (انهم ليسوا عصاة بل ابناء عوائل) وقصدت بذلك ملك ياقو وملك لوكو اللذين كانا مرشحين لقيادة الحركة عسكريا.
فردَّ عليها ملك خوشابا (يا سرمة خانم انت تفهمين قصدي جيدا ولا داعي للمغالطة فاني لا اقصد بكلامي شخصا معينا بل اعني الجميع لقد مضى اليوم الذي كنا فيه نفرض ارادتنا فقد اجبرنا في عام 1914 على خوض غمار الحرب العظمى الاولى ونحن لا ناقة لنا فيها ولا جمل فكانت النتيجة اننا فقدنا وطننا الاصلي في تركيا بعد خسائر بشرية تقدر بنصف نفوس هذه الامة وخسائر مادية لا تقدر ولا تحصى! وماذا قدم لنا حلفاؤكم واصدقاؤكم الانكليز الذين حرضونا على محاربة الاتراك عن طريقكم سوى مياه ملوثة وقطع من الخبز اليابس عندما كنا نموت من الجوع والعطش؟ ان كل ما اصابنا من الويلات والمصائب كانت نتيجة لغدرهم بنا وخيانتهم لنا لذا وجب علينا ان نستفيد من اخطائنا السابقة وان لا نكررها مرة اخرى، وان لا نتورط من جديد في مشاكل تكون نتائجُها وبالا وكوارث علينا فيُقتل ويُشتت الباقون من أبناء هذا الشعب، فحذاري يا سرمة خانم من الانصياع لتوجيهات خاطئة او السير بايعازات الجهات الاجنبية التي تحاول التصيد في المياه العكرة فلا يصح ان تثقوا بهؤلاء الانكليز مرة اخرى . واليوم الذي كان فيه مجالا امام الاثوريين للاختيار قد غاب الى الابد وانتم الذين ضيعتم علينا تلك الفرصة لانكم كنتم مع الانكليز عندما كانوا حكاما في العراق واجبرتم الاثوريين على البقاء والسكن فيه ومنعتموهم من العودة والاستقرار في اراضيهم السابقة واليوم قد سدت كل الطرق فالى اين ستمضون ؟ بعدما لم يبقَ لنا مكان آخر في العالم ما عدا العراق وهو موطن اجدادنا : فاجابته سرمة خانم بقولها اني اعرف يا ملك خوشابا بانك وعشائرك لا ترغبون بالمساهمة في تكاليف سفر مارشمعون الى جنيف ولذلك تعارضون سفره : فردَّ عليها ملك خوشابا ( انت تعرفين يا سرمة خانم بان الحقيقة ليست كما تدعين الا انك تحاولين التملص منها عمدا متذرعة بحجج واهية لا اساس لها من الصحة وعلى كل حال فاني قد قلت لك كلمتي الاخيرة ارضاء لضميري واستودعك الله : ثم سالتني سرمة خانم عن موعد عودتي الى الكلية فاجبتها باني ساعود مع شقيقتي في اليوم التالي. فاخبرتني بان هناك سيارة قادمة لاخذها الى الموصل في نفس اليوم وطلبت مني ان نسافر معها لان وجود السيارات في العمادية في ذلك الوقت كان نادرا وفي صباح يوم 9/9/1932 سافرنا انا وشقيقتي مع سرمة خانم ومرافقها الشرطي روهان الى الموصل وكان هذا اخر لقاء بين ملك خوشابا ومتنفذةٍ من العائلة الشمعونية...
العشائر الاثورية تعود الى موطنها في هكاري رغم انف الانكليز في عام 1921
« في: 10:49 18/04/2013  »  بعد ضرب الجبهة الاثورية المناهضة للانكليز والتي كانت بقيادة كل من اغا بطرس وملك خوشابا من قبل السلطات الانكليزية قام القس الجاسوس (ويكرام) المبشر الأنكليكاني التابع لكنيسة الكانتيربري الانكليزية والذي كان قد عاش فترة طويلة في هكاري قبل الحرب العالمية الاولى بالقاء الخطابات على الاثوريين بايعاز من حكومته لحثهم على الانخراط في قوة الليفي الاثورية ظاهريا والانكليزية فعلياً لانها شكلت لخدمة المصالح البريطانية. وكان يخدع الاثوريين بخطبه الرنانة مدعيا لهم بانهم إذا ما قدموا تلك الخدمة للتاج البريطاني فان بريطانيا العظمى ستمنحهم حقوقهم في الحرية والاستقلال وما الى ذلك من وعود كاذبة دأب الانكليز من ورائها لخداع بعض البسطاء وتخديرهم . وكانت سرمة خانم ومن يؤيدها من رؤساء العشائر الاثورية أشدَّ مَن يؤيدون كلام الثعلب ويكرام ويحثون الشباب على التطوع في هذه القوة التي كان يعارضها بشدة كل من اغا بطرس وملك خوشابا ومؤيديهم لانهم كانوا يعلمون بان نتائجها ستصب في مصلحة الانكليز وتُلحقُ الضرر بمصلحة الامة. وقد تمكن الانكليز ومؤيدوهم من الاثوريين من جمع عدد من الشباب الاثوريين عن طريق تلك الوعود البراقة وبمنح الالقاب والرتب الى رؤساء بعض العشائر مقابل تجنيد اقربائهم والموالين لهم. فتم تعيين داود افندي والد قداسة البطريرك ضابطا اقدم لقوة الليفي وسمي (رب خيلا) اي قائد القوات، ووزعت بقية الرُّتب على رؤساء العشائر وابنائهم واقربائهم حسب اهميتهم في اقناع ابناء عشائرهم للتطوع، وكانت المناصبُ والرتبُ تتسلسل من (رب ترَمّا) الى (رب إما) الى (رب خمشي) ومن ثم ضباط الصف. وكان هؤلاء الضباط يعملون كضباط ارتباط بين الجنود الاثوريين، أما الضباط الانكليز فكانوا هم قادة القوة الفعليين. وكان عددٌ كبيرٌ من الذين انخرطوا في هذه القوة يسعون وراء معيشتهم لعدم وجود مورد رزق اخر. ولم تكن لهؤلاء الضباط اية صلاحية او سلطة! بل كانوا يؤدون التحية لضابط الصف الانكليزي. واستخدم الانكليز هذه القوة لحماية قواعدهم ومطاراتهم العسكرية في العراق كما استخدموها لحماية المصالح الانكليزية في المناطق الشمالية من العراق عن طريق فرض الامن والولاء للحكم البريطاني ...
اما غالبية العشائر التي لم تصدق اكاذيبَ الانكليز، وبعد غلق مخيم مندان بدأت بالزحف الى مناطقها الاصلية في هكاري حتى وصلت منطقتي تياري وتخوما وكانت آنذاك مشكلة ولاية الموصل لم تحسم بعد. ويقول ملك خوشابا في مذكراته، ومنها  اقتبس <كنت اعلم من خلال تجربتي مع الانكليز بانهم غير مهتمين بالارض التي سيحصلون عليها لانتدابهم بقدر اهتمامهم بابناء عشائرنا لاستغلالهم في مصلحة بريطانيا وانهم اي الانكليز مستعدون للتنازل عن اراضينا لتركيا من اجل صفقة ما ولهذا السبب كنا نناضل للعودة الى اراضينا حتى نفرض على الانكليز امراً واقعاً وخاصة كنت اعلم بان امر ولاية الموصل سوف يحسم بالاستفتاء) انتهى الاقتباس .... وكان كل من الانكليز والاتراك يحاول ضمَّ ولاية الموصل اليه، وكان الاثوريون يأملون ان يتم ضم مناطقهم الى العراق، وفي بداية المفاوضات بين هاتين الدولتين طلب الانكليز تثبيتَ خط الحدود العراقية التركية بحيث يمتدُ من باش قلعة الواقعة بالقرب من الحدود الايرانية شرقا حتى قرية بيجو الواقعة على بُعد حوالي الثلاثين كيلو مترا شمال زاخو غربا، وذلك لجعل جميع الاراضي الاثورية ضمن الاراضي العراقية في الوقت الذي كان الاثوريون قد عادوا اليها كما ذكرنا سابقا منتظرين تقرير مصيرهم وهم على ارض آبائهم واجدادهم. الا أن الانكليز اخذوا يساومون مع الاتراك على حساب مصلحة الاثوريين، فتنازلوا عن اراضيهم لتركيا .  واراد الانكليز اجبارَ الاثوريين على ترك اراضيهم والعودة الى العراق خوفا من بقائهم فيها بعد ان اصبحت ضمن الحدود التركية واظهرت الحكومة التركية رغبتها في قبولهم كرعايا لها فيما اذا ارادوا ذلك. وقبل ان يتمكن الاثوريون من تقرير مصيرهم،  قام الانكليز بتدبير خطة لخلق مشكلة كبيرة بين الاثوريين والحكومة التركية بحيث تقوم الاخيرة بطرد الاثوريين من مناطقهم واعادتهم الى العراق حتى يتمكنوا من استغلالهم ابشع استغلال.

الإعتداء على والي هيكاري التركي وإنقاذه بتدبير انكليزي
مُقتبسٌ بتصرُّفٍ صياغي دون المساس بالمضمون، من مقالةٍ للسيد بولص يوسف ملك خوشابا منشورة في المنبر الحر لموقع عنكاوا.كوم بتاريخ 18/4/2013. لقد قام الانكليز بالاتفاق مع احد انصارهم المدعو (مالك كليانا) وهو احد رؤساء عشيرة تخوما للقيام بالاعتداء على والي هكاري التركي عند قيامه بجولة تفقدية في تلك المنطقة. حيث قام مالك كليانا بنصب كمين على طريق الوالي التركي في كلي (وادي خاني) بمنطقة عشيرة تخوما وذلك مقابل ان يُمنح من قبل الانكليز رتبة ضابط في جيش الليفي. وبتاريخ 7 آب 1924 فتح ذلك الكمين النار على الوالي وحاشيته مما ادى الى قتل امر حرسه العقيد شكيب بك وثلاثة من الجنود وجرح ستة آخرين،  وتم اسر الوالي ونائبه وطبيبه وبقية حرسه الذين جُردوا من سلاحهم. ثم ربط المهاجمون يدَي رجلي كُلٍّ من الوالي ومُرافقيه ووضعوهم على ظهور البغال، وساروا بهم نحو العمادية لغرض تسليمهم الى الانكليز. ولكي يصل خاطفو الوالي ومرافقيه الى العمادية كان لا بُدَّ لهم العبور من جسر ليزان على نهر الزاب بالقرب من قرية ملك خوشابا. وقبل وصول القافلة الى ليزان أرسل الخاطفون وفداً يُمثلهم لمقابلة ملك خوشابا والاستئذان منه للسير بأسراهم الوالي ومُرافقيه عبر منطقة عشيرته. وعندما وصل الوفد بعد منتصف الليل واخبرَ حرسَ ملك خوشابا بمهمته، ايقظ الحرسُ زعيمَهم ملك خوشابا حالاً فامر باحضار الوفد لمقابلته. ولدى إبلاغ الوفد ملك خوشابا بما قاموا به تجاه الوالي التركي، غضب جدا واخذ يصرخ بهم ويؤنبهم على عملهم الطائش والمنافي للقانون موضحا لهم مدى خطورة هذا العمل على مصير الاثوريين ككل، وفي الحال أمر رجاله بجمع رؤساء العشيرة للتشاور، ثمَّ ارسل قوة من رجاله المسلحين بقيادة كل من (صليو بيت موشي) و(عوديشو ادم الملقب جاوشينو) لانقاذ الوالي وجلبه الى ليزان بالقوة اذا اقتضى الامر ذلك . فتحرَّكت تلك القوة مُتخذة الطريق المؤدي الى تخوما وكان الوقت ليلا، وما أن  وصلت الى مكان تواجد قافلة الوالي الاسير لدى الرجال المسلحين من عشيرة تخوما حتى احاطت بالقافلة وامر صليو التخوميين بتسليم الوالي وجماعته اليه فورا بامر من ملك خوشابا، والا سيضطر الى استخدام القوة . حاول التخوميون الامتناع عن تسليم الوالي قائلين بانهم يريدون تسليمه الى الانكليز وقداسة البطريرك في قرية بيباد قرب العمادية، الا ان صليو رد عليهم بكلام قاسي وامر رجاله بالهجوم عليهم فتمكنوا من تجريدهم من سلاحهم دون ان يقووا على المقاومة.  وعندها تقدم صليو وأمسك بالبغل الذي كان الوالي مشدودا على ظهره ثم قال له باللغة الكردية لانه لم يكن يجيد اللغة التركية بانه مرسل من قبل ملك خوشابا لانقاذه. خاف الوالي في بداية الامر ظنا منه بانهم اتوا لقتله، الا ان نائبه طمأنه بانهم قد جاءوا لانقاذهم إذ شاهدهم يجردون المعتدين من سلاحهم ويحلون وثاق المشدودين. ولما تم حل وثاق جميع الاسرى فرح الوالي كثيرا وقبل كلا من صليو وجوشينو اللذين قاما بانقاذه. عندما وصل ركبُ الوالي قرية كيمان القريبة من ليزان والواقعة على الضفة اليسرى من نهر الزاب الكبير حيث توجه ملك خوشابا ومعه رؤساء عشيرته لملاقاته هناك. ولدى وصول ملك خوشابا استقبله الوالي استقبالا حارا شاكرا له احسانه اليه ومظهرا له اعجابه بشخصيته. وبعد استراحة ليلة في قرية كيمان اعاد ملك خوشابا الوالي الى مقره تحت حراسة مشددة من رجاله وذهب معه لتوديعه حتى منتصف الطريق ما بين ليزان ومقر الناحية في جال وبعد هذا الحادث جاء من بغداد بعض المسؤلين الانكليز من المدنيين والعسكريين لزيارة الوالي في مقره مظهرين له اسفهم لما حدث له وعارضين عليه مساعدتهم في كل ما هو بحاجة اليه. إلا ان الوالي اجابهم بانه واثق من ان ما قام به هؤلاء التخوميون لم يكن الا من تدبير الانكليز ولهذا فهو ليس بحاجةٍ الى مساعدة منهم لانه قد تلقى المساعدة التي كان يحتاجها في حينها من اشرف وانبل شخص عرفه وهو ملك خوشابا الذي هرع لنجدته في الوقت المناسب. فانكر الانكليز ان يكون لهم اي ضلع فيما حدث له مدعين بانهم ليسوا مسؤولين عن هؤلاء المعتدين وان بامكانه ان يفعل بهم ما يشاء. وعن هذا الحادث اخذ انصار الانكليز من الاثوريين يروجون الاشاعات ضد ملك خوشابا مدعين بان قوة انكليزية ستقوم بالقاء القبض عليه وتقديمه للمحاكمة حيث سيحكم عليه بالاعدام . الا ان ملك خوشابا لم يهتم لتلك الدعايات وكتب الوالي الاميرلاي خليل رفعت باشا (اصبح فيما بعد وزيرا للداخلية) رسالة شكر الى ملك خوشابا لِما قام به نحوه وطيا ترجمة الرسالة، التي ربما ستعقبها رسالة ثانية.
 ذو الصداقة والرفعة جناب ملك خوشابا المحترم سلمه الله من البلايا :
بعد السلام واظهار فرط المحبة والاستفسار عن احوالكم الشريفة ليكن معلوما لدى جنابكم قد وصلنا الى جال بالامن والسلامة ونحن نشكر لكم خدمتكم وصداقتكم ولا ننسى اصلا وقطعا هذه الانسانية وهذا يكون منقوشا في قلبي وفؤادي ابدا . يلزم عليكم اذا اخذت خبرا من الحكومة الانكليزية او وقع سؤالا وترتب عليكم استجوابا او ضيقا تخبروني عاجلا وارجو منكم ان تكتبوا لنا المكتوب ونحن على مخابرتكم باق ودمتم سالمين . اسلم بالخاصة على صليو وعلى جاوشينو.
في 10 / ايلول / 1932 سافر قداسة البطريرك من الموصل الى بغداد في طريقه الى جنيف لتعقيب مطالبه التي كان قد رفعها الى عصبة الامم ورافقه في سفرته هذه الشماس عمانوئيل شمعون بصفته سكرتيرا له . وكانت مطاليبه تشمل على منحه السلطة الزمنية اضافة الى السلطة الدينية على الاثوريين والحكم الذاتي في شمال العراق او نقل الاثوريين الى محمية بريطانيا في حالة عدم الموافقة على ذلك . رفضت عصبة الامم مطاليب مارشمعون الا انها قررت في شهر كانون الاول سنة 1932 اسكان جميع العراقيين الذين لا يملكون اراضي بما فيهم الاثوريين في الاراضي الاميرية الخالية في العراق . كما واعلن ممثل الحكومة العراقية في عصبة الامم بانه عازم على اختيار خبير اجنبي لمساعدة الحكومة العراقية على اسكان الاثوريين في العراق بصورة مجتمعة بقدر الامكان وعليه تم تعيين الميجر تومسن الخبير البريطاني في السودان من قبل الحكومة العراقية لتلك الغاية ووصل الى الموصل في بداية شهر مايس سنة 1933 . واما قداسة البطريرك فعاد الى بغداد قادما من جنيف في 4 كانون الثاني سنة 1933.                                        .
وجهت كتب رسمية من قبل رئيس اللجنة الرسمية للاسكان الى كل من قداسة البطريرك في الموصل وسيادة المطران سركيس في دهوك وسيادة المطران يوآلاها في العمادية وسيادة المطران يوسف خنانيشو في حرير وملك خوشابا في دهوك والرئيس خيو عوديشو في الشيخان ومالك خمو في الموصل والرئيس جكو في كوركفان ومالك اسماعيل في ديانا ومالك نمرود في الجراحية ومالك لوكو في العمادية ومالك مروكل في عقرة وطلب منهم ارسال مقترحاتهم خلال خمسة عشر يوما حول تعيين ستة اشخاص ليكونوا في اللجنة الاستشارية ممن لهم خبرة في الشؤون الزراعية والعشائرية كمرشحين لعضوية هيئة الاسكان الاهلية المؤلفة بموجب قرار لجنة الاسكان الرسمية المؤلفة بتاريخ 25 شباط سنة 1933 ...
رفض قداسة البطريرك واعوانه الاشتراك في الهيئة المذكورة بعد ان رفضت الحكومة العراقية منحه السلطة الزمنية ووافق ملك خوشابا واتباعه على مشروع اسكان الاثوريين وعليه تم تشكيل لجنة من الاثوريين الذين قبلوا بمشروع الاسكان بعد ان تقرر تشكيلها برئاسة ملك خوشابا . وقد قام انصار قداسة البطريرك بنشر دعايات ضد الاسكان مدعين بان لجنة اخرى من عصبة الامم ستحضر للقيام بالتحقيق في اوضاع الاقليات في العراق وسياتي خبير اخر ليس انكليزيا ولا عراقيا بدل الميجر تومسن الذي كان موفدا لذلك الغرض . كما اشاعوا اخبارا اخرى بانهم سيرحلون اما الى ايران او سورية او روسيا ....
على اثر هذا الموقف السلبي من قبل قداسة البطريك واعوانه طلب وزير الداخلية من متصرف لواء الموصل تبليغ قداسة البطريرك بالحضور الى بغداد. 
(وثيقة رقم 29 من الكتاب الازرق)                                                                                                        )                                             
في 10 من شهر ايار سنة 1933 طلب وزير الداخلية من متصرف الموصل تبليغ المارشمعون بالحضور الى بغداد للتداول معه في امور تتعلق بقضية اسكان الاثوريين وذلك لقرب وصول خبير الاسكان الميجر تومسن الى العراق . وفي 22 ايار سنة 1933 سافر المار شمعون الى بغداد ونزل في بناية دار الشبان المسيحيين الكائنة في شارع السعدون وبعد ستة ايام من وصوله سلم اليه وزير الداخلية حكمت سليمان الرسالة التالية :
وزارة الداخلية الرقم س / 1104 التاريخ 28 / 5 / 1933
سبق وان اوضحت لكم ابان زيارتي الاخيرة للموصل موقف الحكومة فيما يتعلق بوضعكم الشخصي وارغب الان ان اؤيد تحريريا ما سبق ان سمعتموه شفهيا . ان الحكومة راغبة في الاعتراف بكم رسميا كرئيس روحي للطائفة الاثورية ونعدكم بانكم ستنالون الاحترام اللائق بكم بصفتكم المذكورة في كل وقت وكما سبق للمتصرف ان اخبركم ان الحكومة ترغب في الحصول على مساعدتكم في امر تنظيم لائحة قانون الطائفة على نفس اسس القوانين النافذة الان على الطوائف الاخرى ولادامة مقامكم الروحاني على الوجه المناسب تبحث الحكومة في الوقت الحاضر في كيفية ايجاد مورد لمساعدتكم بصورة مستديمة وليس في نيتها تقليل المخصصات الشهرية التي تدفع لكم الان الى ان يحين الوقت الذي تقتنع فيه بان لكم ايرادا كافيا من منابع اخرى . على انه لابد لي ان اوضح بان الحكومة لا يسعها المولفقة على تخويلكم اي سلطة زمنية وسيكون وضعكم كوضع رؤساء الطوائف الاخرى الروحانيين في العراق ويتحتم على ابناء الطائفة الاثورية في كافة شؤون الادارة مراعات القوانين والانظمة والاحوال التي تطبق على جميع العراقيين الاخرين . لا حاجة للتاكيد لحضرتكم مبلغ رغبة الحكومة الصادقة للقيام بما يمكن عمله لترى الطائفة الاثورية كسائر العراقيين سعيدة وراضية ومن الرعايا المخلصين لصاحب الجلالة الملك المعظم وقد صرحت بسياستها مفصلا امام عصبة الامم والتي اقترنت بموافقتها . ومما ينبغي بيانه ان الحكومة حسب الاتفاق الذي تم في الخريف المنصرم ساعية للحصول على خدمات خبير اجنبي لابداء المشورة في مسالة الاسكان المهمة ويتوقع وصول هذا الخبير الميجر تومسن الى الموصل في نهاية هذا الشهر وستكون اعماله ذات اهمية عظيمة للطائفة الاثورية ولي وطيد الامل بانه سيلقى المساعدة التامة من جميع من يضمر خيرا للطائفة . لقد لاحظت ويا للاسف ان حضرتكم قد اتخذتم حتى الان موقف غير مساعد بل معرقل حسب منطوق بعض التقارير لهذه المسالة المهمة جدا وعليه اراني مضطرا لان اطلب منكم اعطاء ضمان تحريري بانكم سوف لا تاتون عملا من شانه ان يجعل مهمةالميجر تومسن والحكومة صعبة . فاذا كانت هناك اي نقطة لم اوضحها في هذا الكتاب فيسرني ان تكتبوا ملفتين انظاري اليها . ان الاعتراف بوضعكم المبين آنفا منوط بقبولكم اياه واعطائكم عهدا قاطعا بانكم ستكونون على الدوام وبكل الوسائل كاحد الرعايا المخلصين لصاحب الجلالة الملك المعظم ويسني ان احصل على جوابكم التحريري على هذا الكتاب حسبما جاء في المرفق :
اني مارشمعون قد اطلعت على كتاب معاليكم المرقم س / 1104 المؤرخ 28 / 5 / 1933 وقبلت بجميع ما ورد فيه وها انا اتعه بانني سوف لا اقوم باي عمل من شانه ان يعرقل مهمة الميجر تومسن والحكومة العراقية وذلك فيما يتعلق بمشروع الاسكان وان اكون على الدوام وبكل الوسائل كاحد الرعايا المخلصين لصاحب الجلالة الملك المعظم ... والى الجزء السابع والأربعين قريباً.
الشماس د. كوركيس مردو
في  30 / 3 / 2016