الآلهة .. عندما تحرس نهلا

[بطرس نباتي]

الآلهة .. عندما تحرس نهلا

  بطرس نباتي

مهداة الى الاخ  جان يلدا ومن خلاله الى اهلنا في قرى نهلا 

منذ زمن بعيد
 جاء في  الكتب   
 كانت الارض خربة خاوية *   
 إلاه  جميل .. يطير  بجناحيه 
يرفرف فوق  مياه  نهلا 
يحرس مروجها الخضراء
يحرس مواشيها واحراشها         
يحمي  انهمار الفواكه
عند بوابة المساء
فما دام ظل الآلهة  يحرس  نهلا 
فمن يخاف  عواء ذئب  ؟
منفلت من حضائر الخواء
الفلاح في حقول نهلا   
عندما  ينام
 يظل ساهرا
عيناه مفتوحتان   
لا يغمض له جفن   
يفترش الارض
يلتحف بنجوم السماء 
وسادته  شاجور رصاص وبندقية 
وفي حضنه زوجة حسناء   
يحرسها كما يحرس حدقات عينيه     
 لا يغفوا بل يضل ساهرا 
يحكي  عن حوتة تبتلع
نصف القمر من السماء   
بالقرب من حافات نهلا 
او امام المواقد الشتاء
يقص في ضوء الشمس 
 قصصا عن اشباح الماضي
ويتنبأ بالقادم  من الأيام
الآلهة  ترقص على أنغام الناي
عندما يعزف عليه الرعاة 
الآلهة بأجنحتها تحتضن نهلا
ترف على  الارض ومياه نهلا 
ترسل في عتمة الليل الداكن
انوناكي *ذلك الحارس الامين
يمرق كالبرق  كالضياء
يحيط  الارض البكر بجناحيه 
يحرس  وادي نهلا
في الليل       
 لتمرح ارضها في  النهار
في دفء الشمس
لتزداد المروج   الخضراء
خضرة ونماء   
تلك الارض البكر 
 التي غادرتها البسمة 
منذ ان فقدت اخر شجرة
غصنها مهاجرا في  المتاهات
 
*هذه العبارة وردت في سفر التكوين
* انوناكي آلهة حارسة في الفكر النهريني

[جان يلدا خوشابا]

الأخ والصديق البعيد  الشاعر الاستاذ بطرس نباتي
تحياتي
كأن يوم جمعة هنا في مدينة المغتربين ديترويت وكان البرد قارص جداً والنَّاس نيام  وأنا في العمل حيث اعمل ساعات أطول أيام الجمعة والسبت وذلك لمتطلبات العمل حيث يجب أن أكون متواجد لشدة العمل هاذين اليومين
حتى  رن  هاتفي  وكان على الخط الآخر احد الاصدقاء  وقال لي ان صديقك الشاعر الملهم بحب نهله واهلها مثلك قد أرسل هدية جميلة لك. .
فقلت مع من  واين  ومتى ووكيف  كل هذه الأسئلة وبسرعة حتى قال لا تستعجل ففقد كتب الشاعر الاخ بطرس نباتي كلمات جميلة عن نهله في المنبر الحر  وأهداها لك ولجميع أهل نالا. ( نهلة. )
فبقيت اعمل وأنا عقلي مشغول عن ماذا كتبت ياسيدي العزيز وبماذا طرز قلمك البديع البعيد .
عدت الى البيت في منتصف الليل  وبحثت عن  الهدية ولم أجدها في المنبر الحر
فقلت لنفسي هل كان صديقي يمازحني ويحاول  اشغالي اكثر مما أنا فيه  من عمل وانشغال .
 وسألتني زوجتي مابك  قلت لا شي
ولكن  عملي يتطلب ان أغادر البيت مرة اخرى بعد أربعة ساعات كي أكون متواجد في  محل عملي
نمت  ثلاثة ساعات وبعدها توجهت للعمل وانا على احر  من الجمر  وفي الساعة التاسعة صباحاً. اتصلت بصديقي وقلت  ماذا جرى لم اجدها
فقال لا ادري 
فقلت لعل إدارة عنكاوا قد نقلتها الى الأدب
ففتحت تلفوني ووجدتها  .ففرحت جداً .
وقراءتها مليون مرة وأعجبتني جداً وابكتني جداً فقد أخذتني في جولة. جميلة بعيدة من خلال  الأحداث التي كتبتها وكأنني ذلك الرجل الذي يحرس حبيبته نهله  ليل نهار  ومن حولي الظباع ومن فوقي تحرسني الآلهة  . 
وهنا أنا اشكرك على التحفة الفنية  شخصياً ومن صميم قلبي على حسن النية ولاهتمام  الكبير من حضرتك بالأهل في نهلة وعلى الأبيات الأنيقة التي سأحتفظ بها ما طال العمر  وستكون اجمل هدية من اخ عزيز بعيد ولكن له مكانته واحترامه عندي ما حييت .
حقاً لقد افرحت قلبي  وامتلاء بالحرارة    رغم برودة الجو وتساقط الثلوج هنا في ديترويت
ووعداً مني أن زرت نهله سيكون اول قدح شاي  اشربه سيكون مع حضرتك وبعض الاحبة والاهل  .

تقبل مني كل الود والرب يرعاكم ويديم في صحتكم ولكم الأمان والموفقية ايها الصديق العزيز البعيد
عسى الرب أن يجمعنا يوماً ونلتقي
والبقية تأتي
جاني

[بطرس هرمز نباتي]

ربما يتسائل  بعض الأصدقاء لماذا أهديت هذا النص الى صديقي جان .. جان احد جذور نهلا  ربما سيقول هذا البعض ايضا انه اقتلع عنوة من ارضها الطيبة الا انني من خلال ما اقرأ له انه رغم بعده الا انه متجذر في أراضيها الطيبة اشعر انه قريب منها رغم بعده  حتى أني أتمكن من معرفة كيف ينبض قلبه عندما يذكر اسم نهلا وكيف يشعر عندما يقترب منها احدا ليهددها  جان أهديته نص اعتز به لاني كلما أزور قرى نهلا اشعر بان عنكاوا حاضرة بخوار أبقارها وماماة خرفانها اشعر ان عنكاوا ماثلة او متجسدة في هذه القرى لذلك اشعر بالم أهاليها اشعر بمعاناتهم يتعبهم بعرقهم وأتذكر جدودي وهم يشقون الارض المعطاء كي تدر الخير  تحياتي لك أيها الصديق والى جميع أهالينا في قرى نهلا
بطرس نباتي