المحرر موضوع: فلسفة الصوم ، نظرة تأريخية وتأملات روحية ...  (زيارة 791 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل منصور سناطي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 896
    • مشاهدة الملف الشخصي
فلسفة الصوم ، نظرة تأريخية وتأملات روحية ...
 
  الصوم يعني الإمساك والإنظباط للجسد والنفس ، والله أوصى آدم أن لا يأكل من شجرة
الحياة ، وإن أكل فموتا ً يموت ، وهو الأمر الأول بالصوم ، ( التكوين 2:17 ،3،4،5) .
   والصوم هو عبادة بين الأنسان والخالق ، ويعني أن تكون سيداً على أهوائك وشهواتك ،
وإذلالاً للنفس المؤدي إلى التواضع والتنقية ، وكما يحتاج الجسد إلى التنظيف ، كذلك النفس
تحتاج إلى التنقية ، بالصوم والصلاة والإبتعاد عن الشرور ، مقروناً بإلإحسان المؤدي إلى
اليقظة .
    والصوم هو إخصاءاً لرغبات الجسد وشهواته ، وترويضاً للنفس من الشرور والتخيلات
المنحرفة .
   ويقال للصوم جناحان هما الصلأة والإحسان ، لا يطير إلا بهما ، وهو كالشمس التي تزيل
غشاوة الضباب عن النفس تدريجيا ً ، وهو سلاح فعال لمحاربة الشيطان ، وهو نور للنفس
ويقظة للعقل ، وهو الجهاد ضد الشهوات وكبح لجماح الغرائز  .
  وصام موسى أربعين يوماً على الجبل قبل تسلّم الوصايا فصار معايناً الله (خروج 18:24،
28:34) .
   وصام سيدنا المسيح أربعين يوماً ، فحارب شهوة الجسد ، وإنتصر على إغراءات
الشيطان ، ( ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله) .
   وفي القرون الأولى ، كان الصوم إنقطاع كامل عن الأكل نهاري الجمعة والسبت العظيم .
وفي القرن الثالث ، جاء في مخطوطة ذيذافي  ، إمتد الصوم لكل الأسبوع العظيم ، وفيه  :
إنقطاع عن اللحم والبياض حتى الغروب .
   وفي القرن الرابع كانوا يصومون في أورشليم أربعين يوماً ، كما أوردته إمرأة أثريا والقديس كيرلس الأورشليمي  .
   وهناك مخطوطة (400)سنة م  من قوانين الرسل : الصوم أربعين يوماً من الصباح حتى
التاسعة مساءً وإنقطاع عن اللحم والبياض ، وتضيف المخطوطة : إن كانت صحتكم تسمح لكم.
   وليست في الكنيسة قوانين واضحة محددة وثابتة للصوم ، فأصبح تقليداً ، والذي بات فيما بعد كقانون ، والآن هي إرشادات وليست أوامر قاطعة .
   وفي مجمع  ترلو (692) م أصدر قانوناً برقم 56 يتكلم عن اللحم والبياض ، ويقول الصوم إلزامي  .
   وفي القرن الثامن والتاسع ، أصبح الصوم الأربعيني المقدس في الكنيسة اليونانية رسمياً ،
دون تمييز الأديار عن الرعايا .
   ويقر علم الإنسان ( الأنتروبولوجي) ، بأن جمجمة الإنسان القديم كانت صغيرة لكونه
نباتياً ، والذي يصوم يصبح دمه خفيفاً ، ويصبح لديه فقر دم ، ولكن تتنشط الروح ويصفى
العقل والفكر .
   والصوم لا يعني التمسك بالقشور وترك الجوهر ، والصوم هو : الإبتعاد الطوعي عن كل
ما لا يحسن في عينيّ الله ، كالكذب والسرقة  والقذف والشهوات والأنانية والكراهية ، وعدم
التعامل مع الناس بتأفف وغضب  بحجة الصوم ، وكأن الناس مدانين لنا أو نعمل فيهم معروفاً
ولا نقود سياراتنا بسرعة ونتجاوز على الآخرين ،والصوم هو إطعام للجياع وإكساء للعراة ، 
فنمرّن أنفسنا عن الإستغناء عن هواية أو طعام أو شراب أو عادة  محببة ، وبذلك تسمو نفوسنا
وتتعزز قدراتنا الإنضباطية على أجسادنا ونفوسنا وأفكارنا ، مع تحياتي للجميع بالصيام المتنور والفهم التام المتيقّن بإدراك فلسفة الصوم ، ولماذا نصوم ؟
                                                                     منصور سناطي