المحرر موضوع: فرنسا.. حرب اليمين ضد 'الدولة العميقة'  (زيارة 928 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Janan Kawaja

  • اداري
  • عضو مميز متقدم
  • ***
  • مشاركة: 31484
    • مشاهدة الملف الشخصي
فرنسا.. حرب اليمين ضد 'الدولة العميقة'
يتوقع متابعون ارتفاع حظوظ مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن في سباق الرئاسة الفرنسية في مايو القادم، خاصة عقب تقدمها في آخر استطلاعات للرأي، وعلى الرغم من توجيه الاتهام لمديرة مكتبها في قضية وظائف وهمية في البرلمان الأوروبي.وتدعم فرص لوبن الملاحقات القضائية لأقوى منافسيها فرنسوا فيون في قضايا فساد والمتغيرات الدولية التي سمحت للأفكار الشعبوية واليمين المتشدد بالنفاذ لدى الرأي العام وتحقيق مكاسب انتخابية أهمها زعامة دونالد ترامب للولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يثير مخاوف النخبة التقليدية الفرنسية لتهديد الشعبويين النظام العالمي القائم على الديمقراطية الليبرالية.
العرب/ عنكاوا كوم  [نُشر في 2017/02/27،]

الطريق إلى الإيليزيه حافل بالمفاجآت
باريس- قبل نحو شهرين من موعد الانتخابات الرئاسية الفرنسية، تسيطر على الحملة الانتخابية ملاحقات قضائية تستهدف مرشح اليمين فرنسوا فيون ومرشحة اليمين المتطرف مارين لوبن. ووجه القضاء اتهاما لأحد المقربين من زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية، فيما يجري تحقيق في مسألة الوظائف التي يشتبه بأنها وهمية لبنلوب زوجة فرنسوا فيون واثنين من أولاده الذين قد يكونون استفادوا من رواتب كمساعدين برلمانيين للمرشح اليميني، ما زاد من الضغوط عليه.

تخبط فيون
لا يصنف المتابعون هذه الملاحقات تحت خانة الشفافية والمصداقية التي يجب أن تتمتع بها الانتخابات الفرنسية، بقدر ما يعتبرونها جزءا من استراتيجية الطبقة السياسية التقليدية في فرنسا لعرقلة صعود اليمين بأي ثمن والحفاظ على النظام العالمي، الذي ساهمت فرنسا في إرساء أسسه منذ الحرب الباردة.

ووسط تقلص الفارق في الاستطلاعات وتخبط فيون في فضيحة نفقات غير مشروعة، قد تتمكن زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن من الفوز برئاسة البلد في مايو المقبل، بحسب عدد من السياسيين والخبراء، في سيناريو يذكر بما حدث في انتخابات سنة 2002 عندما بلغ والدها جان ماري لوبن الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، واضطرت باقي القوى السياسية يمينا ويسارا للاصطفاف خلف المرشح اليميني وقتها جاك شيراك في إطار الميثاق الجمهوري.

وأعلنت النيابة الوطنية المالية في بيان أنها فتحت تحقيقا قضائيا بـ”اختلاس أموال عامة، وسوء استغلال أموال اجتماعية، وتواطؤ وإخفاء جرائم، وسوء استغلال نفوذ، والإخلال بواجب إبلاغ السلطة العليا حول شفافية الحياة العامة”. وبات بإمكان القضاة استدعاء المرشح فيون في أي لحظة لتوجيه اتهام إليه أو استدعائه كشاهد.

وتتزايد التوقعات بأن تؤدي هذه الإجراءات القضائية إلى إضعاف فرنسوا فيون المقرب من الرئيس الروسي بوتين والذي يدعو إلى تقارب أوروبي روسي، أكثر فأكثر، مع تراجع شعبيته بشكل كبير في استطلاعات الرأي منذ بدء تداول هذه القضية.

وخلال تجمع انتخابي له في ضواحي باريس مساء الجمعة، لم يتطرق فيون مباشرة إلى التطور الأخير إلا أنه ندد بالهجمات الشرسة التي تستهدفه عقب اتهامات بقضايا فساد، حيث بات معارضون له يتعمدون التشويش على تجمعاته الانتخابية بواسطة أشخاص يقرعون على الطناجر تعبيرا عن رفضهم له.

النخبة السيــاسية الفرنسية ستعمل على عرقلة اليمينيين الذين سيقضون على مبادئ سعت فرنسا دوما إلى ترسيخها
واعتبرت صحيفة لوباريزيان الشعبية أنها “ضربة قاسية لرئيس الحكومة السابق”، واصفة ما يحصل بأنه “وضع فريد خلال الجمهورية الخامسة من دون أن يعرف كيف سينتهي”، لكن، ولئن لم تتضح بعد صورة الانتخابات الرئاسية الفرنسية التي وصفت بأنها من أصعب الانتخابات التي تعيشها فرنسا، فإن الأكيد أن النخبة السياسية الفرنسية، والأوروبية، ستعمل على عرقلة اليمينيين الذين سيقدمون المبادئ التي سعت فرنسا إلى ترسيخها منذ الثورة على طبق من ذهب إلى بوتين.

لوبن لا تزال في الطليعة
لا تزال استطلاعات الرأي تعطي لوبن المركز الأول خلال الدورة الأولى المقررة في الثالث والعشرين من أبريل المقبل، أمام الوسطي إيمانويل ماكرون وفرنسوا فيون اللذين تتقارب نتيجتهما بشكل كبير، إلا أن الاستطلاعات نفسها تتوقع خسارة لوبن في الدورة الثانية في السابع من مايو سواء أكان أمام ماكرون أم فيون. كما أن القضاء يستهدف مارين لوبن في شبهات حول وظائف وهمية لمساعدين في البرلمان الأوروبي.

ولا يبدو أن نتائج لوبن في الاستطلاعات تأثرت بهذه المسألة القضائية، حتى أنها رفضت التجاوب مع استدعاء للشرطة لها مؤكدة أنها لن تفعل ذلك ما دامت الحملة الانتخابية قائمة.

ونقلت صحيفة لوموند في عددها السبت أن الشرطة عثرت خلال مداهمتها لمقر الجبهة الوطنية على “مذكرة في كمبيوتر المسؤول المالي” للحزب اليميني المتطرف “توحي بوجود سعي على مستوى عال لإقامة نظام تمويل فعلي للحزب عبر البرلمان الأوروبي والمساعدين البرلمانيين”.

وسار بين ألفي وثلاثة آلاف شخص في تظاهرة مساء السبت للإعراب عن احتجاجهم على زيارة لوبن لمدينة نانت في غرب فرنسا، وذلك تحت شعار “الفاشية لن تمر”. وعلى هامش التظاهرة، أسفرت اشتباكات عن إصابة 12 عنصرا في صفوف قوات الأمن، بينهم شرطي أصيب بحروق شديدة في ركبتيه.

وأفاد مصدر قضائي فرنسي أن الاتهام وجه إلى مقرب من لوبن في إطار التحقيق في تمويل حملات انتخابية لحزب الجبهة الوطنية خلال عامي 2014 و2015. والمقرب هو فريديريك شاتيون أحد أركان العاملين في مجال الاتصالات في الحزب عبر شركته ريوال، كما أنه كان يترأس نقابة طلابية يمينية متطرفة.

استطلاعات الرأي تعطي لوبن المركز الأول خلال الدورة الأولى المقررة في الثالث والعشرين من أبريل المقبل، أمام الوسطي إيمانويل ماكرون وفرنسوا فيون اللذين تتقارب نتيجتهما بشكل كبير
وأوضح هذا المصدر أن اتهاما وجه إلى شاتيون في الخامس عشر من فبراير بـ”سوء استغلال أموال اجتماعية” في إطار تحقيق قضائي فتح في نهاية أكتوبر حول الانتخابات البلدية والأوروبية التي جرت عام 2014 وانتخابات المقاطعات عام 2015.

ويشتبه القضاة بأن شركة ريوال أعطت بشكل غير مباشر قرضا إلى حزب الجبهة الوطنية، في حين أن الأشخاص المعنويين لا تحق لهم المساهمة في تمويل أحزاب سياسية، حسب مصدر مقرب من التحقيق. وكان شاتيون أحيل في أكتوبر على المحكمة الجنائية بتهمة تمويل حملة الانتخابات التشريعية عام 2012 مع مسؤولين في الجبهة الوطنية. أما المرشح الوسطي إيمانويل ماكرون الذي يستفيد من عثرات فيون، فقد كشف مشروعه الاقتصادي الذي وازن فيه بين إجراءات لضبط الموازنة وتشجيع الاستثمار، بعد أن تأكد من دعم المرشح فرنسوا بايرو له.

ومن خلال هذه الإجراءات يبدو الفرنسيون، ذوو الثقافة الاشتراكية، وكأنهم تعلموا من أخطاء بريطانيا والولايات المتحدة، في ما يتعلق بالبريكست وانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأميركية. وتبدو فرصة صعود اليمين في انتخابات 2017 كبيرة، وهذا ما يقلق النخبة التقليدية في فرنسا، التي ظلت إحدى القوى العظمى في النظام الدولي منذ اتفاقية وستفاليا 1648 حتى ما بعد الحرب الباردة.

وتعتبر فرنسا أكبر دول الاتحاد الأوروبي بعد ألمانيا، وتمتلك عضوية دائمة في مجلس الأمن، ولها الحق في استخدام حق النقض، أحد أعضاء حلف شمال الأطلسي، وعضو في مجموعة الثمانية ومجموعة العشرين، وتعد القوة النووية رقم ثلاثة بعد كل من الولايات المتحدة وروسيا؛ وهذه كلها مميزات تجعل النخبة الفرنسية التقليدية قلقة بشأن من سيتولى منصب رئاسة فرنسا ولن تسير على نفس طريق الانكليز والأميركيين الذين خرجوا عن القواعد التي أسستها نتائج الحرب العالمية الثانية.