المحرر موضوع: قراءة في الخطاب الديني المتشدد ( ابن تيمية نموذجا) الجزء الثاني موقف الخطاب الديني من المرأة  (زيارة 1391 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بطرس نباتي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 416
    • مشاهدة الملف الشخصي
قراءة في الخطاب الديني المتشدد
 ( ابن تيمية نموذجا)

الجزء الثاني
موقف الخطاب الديني من المرأة

المقدمة
رغم مرور اكثر من سبعمائة سنة على وفاة الشيخ ابن تيمية الا ان معظم فتاويه وآرائه سواء في تكفير الاخر المختلف دينا او مذهبا ،لا زالت فاعلة حتى وقتنا الحاضر، وهذا ما بيناه في الجزء الاول من خلال قرائتنا في كتاب رائد السمهوري نقد الخطاب الديني السلفي (ابن التيمية. ) نموذجا ..
وسنواصل قرائتنا في هذا الجزء في موضوع مهم ولكونه هو الاخر لا زال من المواضيع الصادمة للفكر الإنساني لكون آراء هذا الشيخ لا زالت توجه معظم العلاقات الاجتماعية وخاصة النظرة الدونية للأنثى بشكل عام والتي لا تزال تسيطر على مجتمعاتنا والتي هي السبب في تعطيل نصف المجتمع او حتى كانت هذه الفتاوى احدى الأسباب في تخلف مجتمعاتنا وبقاء هذا التخلف لحد الان ..

المرأة كاللحم على وضم

الوضم هي  الخشبة التي يوضع عليها اللحم لتقطيعه 
وهذه العبارة تقال لمن بلغ الضعف والهزال ، فاللحم الملقى على الخشبة لا ينتظر الا الجزر والتقطيع  ، ابن تيمية يرى المرأة على هذه الصورة  ، لكونها  ضعيفة فهي بحاجة دائمية  الى الوصايا من الرجل حتى بعد بلوغها سن الرشد ، وهي كقطعة لحم بيد الجزار اي  اضافة الى ضعفها فإنها مسلوبة الارادة لا تتمكن من مجابهة الحياة الا باستنادها على رجل سواء كان قريبها او زوجا لها ،يحميها ويقيم نفسه عليها وصيا طوال حياتها وهذا الامر اي ضعف المرأة لهذه الحدود والذي يأخذ به ابن تيمية وسائر شيوخ واامة الفكر السلفي لا زال  رائجا للأسف في العديد من مجتمعاتنا الشرقية وليس النظرة هذه للمرأة وليدة ذلك العصر والذي يبرر  السمهوري في عرض ارائه النقدية حول فكر ومعتقدات ابن تيمية فَلَو كان الامر هكذا لتجاوز إنسان هذا العصر هذه الأفكار والمعتقدات المتخلفة.
ولكن يبدوا ان فكر هولاء السلفيون قد اثر بشكل واضح على مكانة المرأة لغاية هذا العصر ايضا ومن الأمور التي يؤكدها ابن تيمية
ارائه في الحضانة 
لا زالت  فتاوى ابن تيمية في مسالة حضانة الأنثى هي المعتمدة بموجب الشريعة الاسلامية وحتى بالنسبة الى العديد من الشيوخ المتأخرين  من  الشيوخ المتأخرين ،حيث يوصوا بانه من  ( الكراهة ) ان تختار البنت احد أبويها ليحضنها،  فيلزموها  بان تكون عند احدهما ولا تمكن من التخيير بعكس الابن الذي يجوز له ان يختار احدهما تارة والآخر تارة اخرى ويقول اختيار احدهما يضعف رغبة الاخر في حضانة المحضون ،العجب في هذا الرأي لما يا ترى هذه الرغبة  لا تضعف لدى الحاضن عندما يكون المحضون ذكرا يتنقل بين حضانة والديه وتضعف عندهما عندما يكون المحضون أنثى ، وبهذا يحط ابن  تيمية من مكانة الأنثى في المجتمع لكونه يفكر ويملي عقيدته على الناس بحسب ما يعتقد به وما على الناس سوى تلقي فتاويه وتطبيقها حتى في القوانين الوضعية  تم التعامل بمسالة حضانة الذكر والأنثى استنادا الى هذا التشريع ، كما هو الان في معظم البلدان التي تتخذ من الشريعة الاسلامية المصدر الأساسي في التشريع .

تزويج الصغيرة

في ص ١١٤ من الكتاب يتناول المؤلف مسالة زواج الصغيرة التي بلغت التاسعة منتقدا له بقوله ( اني اتسائل عن مدى اثار تزويج الطفلة في نفسيتها ،بغض النظر عن إكراهها من عدمه ) هذا النقد لفتاوى ابن تيمية ليس كافيا برأي لكون ان تزويج الصغيرة يتم حسب اين تيمية بإكراهها(إجبارها)  سواء من قبل ابيها او جدها (او اي وصي  من أقربائها عليها في حالة ان تكون يتيمة) ،  حيث يقول ( ان الشرع لا يُمَكِّن غير الأب والجد من اجبار الصغيرة ، على الزواج ، وهذا الجواز  للأب والجد يتم بإجبارها لكونها طفلة ولم تبلغ سن الرشد لتختار زوجها يمحض ارادتها وهنا ايضا في حالة اجبار البكر البالغة ايضا هناك قولان احدهما ان يجبر الأب ابنته البالغة كما في مذهب المالكي والشافعي والثانية ان لا يجبرها كمذهب ابن حنيفة
وهذا ايضا اهانة بالغة اخرى بحق  الأنثى  التي تجبر وتكره على الزواج غصبا عنها ، أليس هذا اغتصاب رغما عنها ؟ 
و لا زالت العديد من مجتمعاتنا تأخذ بهذه الاّراء وتعتبرها فقهية صحيحة وتعمل على تطبيقها على الواقع المعاصر ، والمثال في وقتنا الحالي قبل سنتين تم سن قانون احوال الشخصية الجعفري والذي كان يتضمن نفس المباديء الفقهية في تزويج القاصر اي ( لم تبلغ سن البلوغ) بموجب إرادة والدها او جدها ، يبدوا ان مشرعي القانون الجعفري هذا لم يجرِ بخلدهم ان قانونهم هذا انما يطبق احدى فتاوى ابن تيمية في مسالة تزويج الصغيرة. فَلَو عرفوا لما جاءوا به ، لكون الشيعة يقفون بالضد من فتاوى هذا الشيخ

كفاءة النسب

السؤال الذي يطرحه المؤلف ماذا لو كانت البالغة تريد الزواج من غير كفء لها ص 118 ؟ وهنا لا يطرح المؤلف الكفاءة في التحصيل العلمي او في نواحي اخرى مثل الاخلاق او الطبائع وإنما سؤاله يوجهه في منحى واحد الا وهو ( كفاءة النسب )  ابن تيمية في مسالة يقول في احدى فتاويه ( لو رضيت المرأة بغير نسب كفء كان لولي اخر غير المزوّح ان يفسخ النكاح )  وهذا الامر ايضا لا زال قائما في الدول التي تتبنى الشريعة الاسلامية ، ففي السعودية فسخ عقد زواج لامرأة بأمر من القاضي لان اخوانها اعترضوا على الزواج بعد وفات والدها لان زوجها لا يكافئها نسبا رغم انها كانت قد أنجبت منه أولادا وتسمى هذه الحالة ب (طليقة النسب)

تعليم المرأة

من اخطر ما اصدره ابن تيمية من فتاوى هي تلك المتعلقة بمنع او حذّر الأنثى من تلقي تعليمها حيث نجد بان الأصل عنده (ان النساء غير مؤهلات للنظر والاستدلال )فيرى ان القراءة والكتابة والخط والحساب انما هي وسائل اما الى الفضائل او الى الرذائل ومحرمات ولو استطاع الانسان ان يحقق الفضائل والكماليات بدون تعلم القراءة والكتابة والخط والحساب فهذا افضل وأكمل والأرفق ، اذن لا يقتصر حجب هذه الأمور عن المرأة فحسب بل حتى على الرجال ايضا ، وهو ايضا يخص النساء بعدم مواصلة دراستها الى حد يُخرجُها عما ينبغي ان تقوم به وتكون عليه بل اذا أخذت ما تحتاج اليه فلتتوقف ،اذن هناك حد يجب ان تتوقف عنده المرأة ولا تواصل تعلمها اذا نالت  ما تحتاجه من العلم والمعرفة  ، والسؤال هو ما مقدار الحاجة من التعليم  ؟ فلا يعقل ان تتحدد حاجة المراءة بمقدار معين من التعليم ولأنه لم يحدد في أية مرحلة يتوجب عليها التوقف مثلا في الابتدائية او في المتوسطة ، وإني ارى ان أراء هذا الامام قد وجهت المجتمعات ذات الغالبية الاسلامية لذلك كانت الفتيات تترك دراستهن بعد الابتدائية مباشرة عند منحهن فرصة التعليم من قبل أسرهن..

المرأة ناقصة مقابل كمال الرجل

يؤكد معظم فقهاء المسلمين بان المراءة ناقصة في ايمانها وفي هذا يستندون الى قول جاء في الأحاديث النبوية ( النساء ناقصات العقل والدين ) ويقول ابن تيمية في نقصان دينهم ( انها اذا حاضت لا تصوم ولا تصلي ) و هذا  في رأيهم  كافٍ  ليبرر كونها ناقصة الدين  ولكن  طبيعتها كامرأة التي تحتم عليها هذا الامر الفسيولوجي والذي بموجب العقيدة الدينية ان الله هو الذي خلقها هكذا ، فان كان الله قد رضى لأحد مخلوقاته ان تختلف في وضائفها الجسدية فكيف يا ترى يرضي الله  ان تكون احدى مخلوقاته ناقصة الدين ، فهذه العبارة تخالف شرع الله في مخلوقاته ، والكتاب الذي ينتقد ابن تيمية يبتعد عن هذه التنظير،  ولا يشك  مطلقا بجهل ابن تيمية لمسألة الخالق والمخلوق والعلاقة بينهما ، بل نجده يبني فتوى ابن تيمية في التقليل من مكانة الأنثى الى طبيعة المجتمع الذي عاش في كنفه ابن تيمية ،  او استناده الى بعض الأحاديث النبوية حتى وان كانت ضعيفة الاسناد ، اما مسالة ناقصة العقل فهذه ايضا رغم ان الباحث سمهوري في مؤلفه يعزوها الى الحديث النبوي ، الا ان العجب كيف يؤمن بهذا التعميم حيث يُقصد به ان جميع النساء بدون استثناء هن ناقصات العقل ، والنقص في العقل اما يعزى الى عدم اكتمال النمو العقلي نتيجة  ظروف الولادة او الوراثة ، او البيئة وهذا النقص العقلي ليس مقصورا بهذا الشكل المطلق على النساء فقط دون الرجال ، ولا احد باستطاعته اكتشاف او تشخيص القدرات العقلية  سوى علماء البيولوجيا والأطباء المختصون ، فكيف يا ترى اقتنع مؤلف الكتاب الباحث سمهوري بان حالة المجتمع والتفكير الجمعي في ذلك الوقت جعل ابن تيمية يصف النساء بانهن ناقصات العقل ، ازاد من هذه الاوصاف المهينة للنساء عامة حتى انه يذكر في كتاب  ( مجموعة فتاوى ابن تيمية ؛ القاهرة دار الوفاءوالنشر ج٢  ) بان النساء لا يَرَوْن الله في يوم القيامة  مثل الرجال ، ولا ندري بماذا يستدل  بإطلاق احكامه القطعية هذه  وفتاويه .
من المؤسف ان العديد من هذه المعتقدات والفتاوى لا زالت مؤثرة في العديد من مفاصل الحياة الاجتماعية او في الطقوس الدينية منها:
اولا :المرأة عورة والنساء اعظم الناس  اخبارا بالفواحش

وهويستدل بفتواه هذه  في ما يجري في مجالس النساء من تبادل الأخبار بالفواحش ، ومرة اخرى يعزو مولف الكتاب ( رائد سمهوري ) هذا الامر على ان ابن تيمية هو نتاج ثقافة عصره و بانه انما أفتى حسب ثقافة ذلك العصر ،  متناسيا ان اغلب ما ذكره حول النساء يستند اما على الأحاديث النبوية او آيات قرآنية ففي مسالة الأخبار بالفواحش فهو استند الى قصة يوسف الصديق وامراة العزيز التي اتهمت يوسف بالفاحشة ، واعلنت لزوجها بانه اعتدى عليها ولم تكتفي بذلك بل قامت بالاخبار عن هذه الفاحشة وهذه القصة ذكرت في التوراة ثم دخلت الى القران ليتخذ منها ابن تيمية وغيره من أأمة المسلمين سندا في اتهام النساء بشكل عام على أنهن اعظم الناس اخبارا بالفواحش ، ولكن كيف يمكن ان يتم تعميم دعاية بثتها  امرأة واحدة كما جاء في  حكايتها (حتى وان كانت حقيقة)  بحيث تشمل جميع نساء الارض ، ما يهمنا في هذا المجال بقاء هذه الاّراء والتنظيرات لهولاء الشيوخ التكفيرين مسيطرة على الأجيال اللاحقة حتى بعد انتشار المعارف والعلوم والتطور والعلمي ..
ثانيا : من المفاهيم التي راجت في مجتمعاتنا الشرقية  والتي كان لابن تيمية  وغيره من شيوخ السلفيين دور مهم في إشاعتها بين الناس بحيث اصبحت عرفا
قتل الشرف او ما يدعى بغسل العار حيث برروا هولاء هذا القتل ، ولم يعتبروه جريمة وإنما أعطوا الحق للزوج او بقتل زوجته عند اكتشاف أية خيانة زوجية له وكذلك للأب او للأخ ، بهذه المفاهيم الشاذة تمكنوا هولاء الشيوخ بواسطة الفتاوى وخطابات الكراهية تعطيل اهم عنصر في المجتمع الإنساني وهن النساء   


غير متصل بطرس هرمز نباتي

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 440
    • مشاهدة الملف الشخصي
الاخ ميخائيل ديشو شكرًا بنصيحتكم ، هو كذلك حسب ما تفضلتم به ،  قرائتي لهذا الفكر المتشدد كانت تقع في ثلاثة اجزاء الجزء الاول حاولت ان اظهر علاقة السلفين بالاخر المختلف دينا اودعقيدة والجزء الثاني الذي لا زال في الصفحة الرئيسية كان حول علاقتهم بالمراءة والجزء الثالث كان حول العنصرية في هذا الفكر وكانت دراسة مقارنة بين حملة هذا الفكر والفكر العنصري عبر التاريخ ، وهذه القراءات الثلاث أوليتها أهمية لكونها لا زالت مؤثرة وسائدة في مجتمعاتنا الشرقية ، ليس فقط كانت ولا تزال طاغية في المجتمع الاسلامي وإنما بقية المجتمعات الاخرى ومن ضمنها مجتمعنا المسيحي ايضا فهو قد تاثر بها ، اما في الغرب ، بواسطة علماء ومفكرو النهضة تمكنت تلك المجتمعات من التحرر وانقاذ الانسان من الفكر الظلامي الذي كان يسود في العصور الوسطى والذي كانت تقوده الكنيسة والقائمين عليها .. شكرًا لك دائما أنأى بنفسي عن المناكفات العقيمة لذلك اود ان أسجل اعتذاري لك ولجميع متابعي مقالاتي دمتم
بطرس نباتي