المحرر موضوع: شهامة العراقي ووفاء الأردني  (زيارة 735 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل هادي جلو مرعي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1380
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
شهامة العراقي ووفاء الأردني
هادي جلو مرعي
    العودة من الكويت الى عمان تستدعي المرور بمنطقة جنوب العراق قبل الوصول الى بغداد، ومنها عبر صحراء الى الأنبار الى الحدود الأردنية العراقية، وبينما كان المواطن الأردني الذي قضى سنوات من العمل في الكويت يقود سيارته قرب قضاء علي الغربي جنوب العراق فوجيء بطفلة على الطريق، ولم يستطع تفاديها وأدى الحادث الى وفاتها في الحال، وبينما نقل السائق الى السجن كان الضابط المسؤول يخقق في الأمر، وكان ذوو الطفلة يريدون تعويضا ماديا، ولم يتنازلوا عنه الى أن يقوم بدفع الدية وقضى في السجن يوما أو يومين.
    كان المرحوم عبود الدراجي صديقا لضابط الشرطة، وكان إلتقى به، وبينما كان الناس في المدينة يتحدثون عن السائق الأردني والطفلة الميتة كان الحاج عبود يفكر بطريقة أخرى، فهذا مواطن من بلد جار وعربي ويقطن في مكان بعيد وقد إنقطعت به السبل ولم يكن متعمدا بل كان فرحا بعودته الى أهله لكن القدر كان يخبيء له أمرا آخر لامناص من التسليم به حتى يأذن الله بالفرج، ذهب الحاج عبود الى الضابط صديقه، وتحدث إليه، وطلب منه أن يسمح للمواطن الأردني بأن يخرج من السجن ليكرمه ويدعوه على العشاء على أن يتكفل بعودته، لكن الضابط كان متخوفا من ردة فعل ذوي الضحية ولكنه أيضا كان يثق بالمرحوم الحاج عبود وأخلى سبيل السجين لبعض الوقت، ثم عاد به الى محبسه.
    إقترح المرحوم عبود خروج السائق بكفالة على أن يذهب الى بلده، ويعود بمبلغ الكفالة لينهي إجراءات التنازل، وكان الجميع متخوفين من أن ينكث السائق بوعده فهناك آلاف الكيلو مترات من المسافة تفصل مدينة علي الغربي في جنوب العراق عن المكان الذي يقطنه السائق، ومن يضمن أنه سيعود حين يعانق الحرية ويعبر الحدود، لكن المرحوم عبود أصر على كفالته، وقال للسائق، إذهب وأنا بإنتظار أن تعود، وقد وعدت أسرة الضحية بذلك فإن عدت فأنت عربي أصيل وحر، وإن لم تعد كان الله بعوني وسأتحمل الدية ومايفرضه القضاء علي، ومضى الأردني في حال سبيله بينما كان أهل الحاج عبود يلومونه، وهو لايلتفت لهم، بل يصر على موقفه، وكان أهل الضحية مصرين على نيل الحقوق، ومضت الأيام والمدينة تحكي بشهامة وتضحية العراقي، وتنتظر وفاء الأردني.
    قبل يومين من الموعد، وكان التوتر على أشده في مدينة علي الغربي وصل موكب السيارات الذي كان يقل السائق وأسرته، وكان محملا بالهدايا، وسأل عن دار الحاج عبود الدراجي الذي أكرمهم غاية الإكرام وإنتقل بهم الى ذوي الضحية ليقوموا بواجب العزاء ويدفعوا الدية ويتموا إجراءات التنازل. وبالفعل فقد كان الحاج عبود الدراجي مثالا للشهامة، بينما عبر الأردني عن وفاء منقطع النظير..