رثاء بمناسبة اربعينية والدي المرحوم فرنسيس مطلوب مثال كلداني
"ان عشنا فللرب نعيش وان متنا فللرب نموت ,فان عشنا وان متنا فللرب نحن"رو 14:8
احياناعندما اكتب يكون من الصعب انتقاء المعاني والعبارات الجميلة لاغناء الكتابة ,فكيف ساكتب اليوم وانا حزينة منكسرة القلب والفكر وانا ارثي الكبير في العشيرة البكر لال مطلوب نسميه ( بابو ) والدي الغالي يا بعد عيني وروحي,كان الاب والاخ والعم والخال والصديق والجيران الصالح والعون للجميع الغريب قبل القريب, الى اخر لحظة كان يشكر الله ان أنقذ اولاد الناس من نار الحقد في العراق والقتل ومن ثم اولاده وان يحفظهم جميعا , مواليد 1926 بالجنسية عاش حياة سعيدة وصعبة في نفس الوقت , مما اتاحت له الفرص للعمل بمجال انساني واجتماعي وبتواضع .
ولد في زاخو من عائلة كبيرة كلدانية , أجداده قديما هجّروا وقسّموا وتفرّقوا واضطهدوا بسبب السياسة والاطماع , بين زاخو دورناخ وآزخ ووسطا تركيا ثم استقروا في زاخو بعد مذابح سيفو وفي الموصل وبغداد والان في دول الانتشاريعيش الاولاد والاحفاد .
والدي كان راوي للحكايات الشعبية والقصص المقروءة ابو السوالف اللذيذة والقصص العالمية مثل فيروز شاه وابو زيد الهلالي وغيرها من مئات القصص التي قرأها في حياته وولع بها وباجزاء كثيرة من الكتب ليحكيها للناس , السعادة التي عاشوها معه في كل المناطق لاتقدر بثمن قبل التلفزيون وحتى بعد التلفزيون عندما يروي التلفاز ينطفئ, كان فنانا يجذب انتباه الحاضرين وخاصة عندما يتوقف , يتوسلون به ليكمل ولو كلمة واحدة ولكن دون جدوى ثاني يوم يمتلئ البيت بالضيوف ليسمعوا الاحداث المهمة بشوق مثل المسلسلات ,سبحانك يا الله الذي خلقت هكذا ناس حكماء عقلاء و بركة ونحن بدورنا نشكر الله دائما ونطلب الرحمة والغفران له ولموتاكم
هذا الرجل المكافح ابن زاخو مسقط راسه اول ثمرة زواج الناجين من مذابح سيفو مثالا للكلدان أبا عن جد وسابع جد اعرف ,وهو معلمنا ومربينا على الاخلاق والايمان والعلم والمحبة والتعامل مع الاخرين ,كان نموذج للعمل الجاد الحلال بعرق الجبين كأنه مدرسة, غني بعمله عمل فلاحا ولكنه لم يكمل بسبب التعب والمحصول يروح للبيك الارض ليست ملكه , قام بتربية الاغنام والابقار حيث كان يملك قطيع كبيرمنهما لم يستمر بسبب غرق ابنته اختي بجانب منطقة الراعي حين سمع بها وهرع وانتشلها من المياه جثة هامدة فكره هذا الشغل , عمل بالتجارة والتموين ايضا لم يستمر ,عمل اول خيّاط في زاخو فقد تعلم هذه الصنعة من اليهود واشترى ماكنة سنكر المشهورة منهم وكان يخيط الشل والشبك للاغوات وبمهارة عالية وخياطة نظيفة لانه كان دائما يوصي بتعلم المهنة والصنعة للشباب مع العلم بانها متعبة. الظروف جعلته لا يستقر على عمل معين . وبعدها عمل اول مصور في زاخو مع شريكه العم ادهم ابو توران كانوا كأخوين محبين وامينين يصورون جنودا وضباط بالجيش العراقي وفي نفس الوقت يصورون المقاتلين الاكراد يتجولون في الجبال ويصورون حتى الشهداء , كذلك كانوا يصورون الابطال و البطلات المسيحيات , هكذا خدم كمقاتل شجاع بساعده وبمهاراته وبفكره النير ومعلما الناس معنى الحياة ومعنى العمل للعيش الكريم ومعها تحصل له اشكالات سياسية ولكنه ليس سياسيا , وبين هذه الاعمال وتلك كان يعمل نجارا وحدادا وبعدّة كاملة في البيت ليزين بيتنا ومن صنع يديه القويتين الماهرة من طخومات وكراس وسلالم وأسّرة .
لنزاهته ونقاوة قلبه لم يطمع يوما بالغنى وبالمال بل ترك المحبة والقناعة والبساطة تغلب على حياته , كان شعاره بان المهم انا ما مديون والمهم لست محتاج الى احد ,رحل ولم يكن غنيا بالمال بل غنيا بالحسنات ويحب الاقرباء ,البيت على مدار الساعة طول هذه السنين واينما انتقلنا لم يفرغ يوما.
انتقلنا الى الموصل بالسبعين وعاش مع اخوانه حيث التم شمل بيت مطلوب ثانية بسبب الكليات بعد ان تهجر من زاخو بسبب الظروف(عادي).هو ابو الجنود الذين خدموا الوطن و الذين كتبت مقالة عنهم بهذه الصفحة, جنود في الحرب العراقية الايرانية ووفر لهم كل المستلزمات رغم كبره في السن وعمله بالخياطة والتفصيل بالموصل مهنته الاولية لينهوا خدمتهم العسكرية بشرف وفخر مع المئات من معاناته و بالمفاجآت والتجارب القاسية التي عاناها وهم في جبهات القتال وفي اماكن خطرة وعلى السواتر الامامية ,هكذا قاتل معهم كجندي مخلص لوطنه على طريقته وسماعه الاخبار ومناقشاته كانه اكبرسياسي ولكنه ليس سياسيا ,عاش في الموصل قريبا من اخوانه المرحوم الشماس المحامي صبري مطلوب والمدرس بنيامين مطلوب والمرحوم دانيال مطلوب اقدم موظف بدائرة البريد والبرق في الموصل ومن داخل الموصل كنا نفتخر باننا من عائلة مطلوب زاخو رغم المتعصبين البعض هناك ,والكل اشتروا بيوت وعقارات في الموصل لحد هجرتهم الى دول الانتشار .اولاده جابر وجوليت كاتبة السطور وفضيلة وجميل وشوكت وحكمت وليلى والبيرحملوه الى دار الحق والكل حزينين اليوم على فراقه شاكرين الله دائما .
مات غريبا بعيدا عن وطنه الذي أحبه وخدمه ودفن بتراب كندا البعيدة عن العراق. نم قرير العين يا والدي وارقد بسلام على رجاء القيامة والحياة الخالدة مع يسوع , ضاعفت الوزنات وأدّيت واجبك ,سلمت الامانة باخلاص وتفاني هنيئا لك مجد السماوات وذكراك العطرة يا والدي الغالي فرنسيس ابن مطلوب ابن مريم جعتة الحكيمة المشهورة في ذلك الزمان والجميلة والله يحفظ الاولاد والاحفاد ,سوف لا ينسوك ولو مرت سنين ودهور
باسمي وياسم اخواني واخواتي اشكر كل الذين شاركونا العزاء واتصلوا بنا وكتبوا على صفحات التواصل الاجتماعي لانهم اهلنا وناسنا واحباؤنا هكذا اباؤنا واجدادنا علّمونا , ان نقوم بالواجب في الافراح والاتراح
الراحة الابدية اعطه يارب وليشرق عليه نورك الابدي
جوليت فرنسيس من السويد/اسكلستونا