المحرر موضوع: انتفاضة موؤودة وثورة مغدورة والأسباب واحدة  (زيارة 683 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل صلاح بدرالدين

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 944
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
انتفاضة موؤودة وثورة مغدورة والأسباب واحدة
                                                                 
صلاح بدرالدين

 في الثاني عشر من آذار ( 2004 ) هبت الجموع الغفيرة في مدينة القامشلي في وجه جلاوزة سطة الاستبداد دفاعا عن كرامة الشعب عندما استغل نظام الأسد مناسبة مباراة رياضية لتحويلها الى معركة كسر عظم وتخويف أهلنا وتوجيه ضربة استباقية لترهيب الوطنيين الكرد ومناضلي الحركة الكردية الذين كانوا بغالبيتهم دائما وأبدا في صف معارضي نظام الاستبداد الى جانب توجيه رسائل تحذيرية الى الجوار وخاصة اقليم كردستان العراق الذي حقق خطوات هامة نحو ترسيخ الفدرالية وتعزيز الاستقرار واعادة بناء البنية التحتية لتوفير شروط تحقيق النهوض القومي وتعميق تجربته الديموقراطية الوليدة بعد اسقاط الدكتاتورية في العراق .
 تلك الهبة الجماهيرية الدفاعية العفوية قامت من أجل أن تتحول الى انتفاضة ثورية  بروح كردية وأهداف وطنية سورية عامة لو توفرت شروطها الذاتية والموضوعية ففي الأولى افتقد الشارع الكردي الى قيادة سياسية كفوءة مؤمنة بارادة الشعب وبمبدأ التغيير الديموقراطي وبمعارضة نظام الاستبداد وبدلا من وقوف قيادات ( مجموع الأحزاب الكردية ) - حيث كانت بهذا الاسم آنذاك - الى جانب الجماهير المنتفضة انضمت الى صف اللجنة الأمنية من كبار جنرالات المخابرات ( علي المملوك وبختيار ومنصورة ...) التي أرسلها رأس النظام على عجل لوقف تلك الحركة التي قد تتطور الى ثورة عارمة وعقدوا معا وسوية اجتماعاتهم في منزل متزعم اليمين الكردي وهو رجل النظام في كل المواسم وخرجوا بقرارات لوقف التحرك تحت بند التهدئة بعد تضحيات جسام وعشرات الشهداء من بنات وأبناء شعبنا .
 أما شأن العامل الموضوعي على الصعيد الوطني العام فلم يكن بأفضل حال من العامل الذاتي الكردي ولم تكن الحركة الوطنية السورية المعارضة بوضع يؤهلها للتجاوب مع حركة المقاومة التي بدأت في القامشلي وأمتدت الى معظم المناطق وخصوصا حلب وعفرين ودمشق بل أن البعض ممن كانوا محسوبين على الحركة الديموقراطية السورية وقف الى جانب النظام وتبنى خطابه وقام بعضهم بحركات بهلوانية باسم التوسط والسعي للخير كل ذلك وخصوصا ممارسات قيادات الأحزاب الكردية أدى الى وأد الهبة الكردية الدفاعية في المهد  .
 وفي أواسط آذار عام ( 2011 ) كان موعد السوريين مع أنبل انتفاضة ثورية شاهدتها بلادهم ضمن موجات ثورات الربيع في بعض بلدان المنطقة حيث بدأت تعبيراتها الأولية بالعاصمة دمشق وتجسيدها الفعلي في مهدها – درعا – ومن ثم انتشرت في غالبية المناطق والمدن والبلدات تحت شعار الحرية والكرامة وانتقلت بعد الرد الدموي من نظام الاستبداد ورفضه أية خطوة اصلاحية الى طور أرقى وهو شعار اسقاط انظام والتغيير الديموقراطي خاصة بعد تلاحم الحراك الوطني الثوري العام وقوته الأساسية تنسيقيات الشباب مع طلائع الجيش الحر .
 منذ البداية كان للشباب الكرد ووطنييهم المستقلين مشاركة فاعلة في ادارة الصراع السلمي ضد النظام في المناطق الكردية ولم يمض عام حتى تحركت الأحزاب التقليدية ليس ضد السلطة الحاكمة بل بمواجهة الحراك الشبابي باسم الحيادية وتجنيب المناطق الخراب وذهب – ب ي د – أبعد من ذلك حيث عقد صفقة مع النظام بدعم ايراني وجلب آلاف المسلحين من – قنديل – بهدف عزل الكرد عن الثورة وخدمة مشروع نظام الأسد وتجيير كرد سوريا لمصلحة معارك حزبه الأم ضد تركيا وضد اقليم كردستان العراق على حساب القضية الكردية في سوريا .
 واجهت الثورة السورية منذ البداية تحدي سيطرة الاسلام السياسي وخصوصا الاخوان المسلمون حيث استغلوا الجغرافيا التركية والمال القطري من أجل أسلمة وأخونة الثورة وكان ظهور ( المجلس الوطني السوري ) بتلك الطريقة المريبة تجسيدا فعليا لذلك التوجه بسيطرة الاخوان واستبعاد المناضلين الوطنيين الصادقين وجلب زمرة من الانتهازيين المتعلقين بالمصالح الضيقة باسم الديموقراطيين والليبراليين والكرد والعمل من أجل تطويع شرفاء الجيش الحر ووضعهم أمام خيارين : اما الانتساب للاخوان أو التجميد والتجويع مما أفسح ذلك المجال لتكاثر الجماعات الاسلامية وانتشارها في مختلف المواقع .
 بعد مرور عدة أعوام وبسبب ضيق الخناق على الثوار وسيطرة الاسلاميين وتراجع المد الشعبي تدخل النظام العربي الرسمي بدعم تركيا لاعادة التموضع بعد فشل المجلس فعقدوا اجتماعا بالدوحة لاعلان ( الائتلاف ) الذي لم يكن الا امتدادا لسلفه مع بعض الرتوش وافساح المجال للوافدين الجدد من صلب النظام بحيث اختل الميزان نهائيا لمصلحة التوجه الداعي الى التصالح مع النظام والتخلي عن أهداف الثورة الحقيقية  .
 مانشهده الآن من تراجع للثوار واندفاع سريع نحو التفاوض مع النظام وقبول كل مؤسساته بمثابة حصاد مازرعه الاخوان المسلمون منذ البداية وهم بالاضافة الى الأحزاب التقليدية والجماعات والتيارات القومية واليسارية الانتهازية يتحملون المسؤولية الرئيسية في هزيمة الثورة وانتصار النظام وأعوانه وحلفه غير المقدس والمسألة برمتها تحتاج الى المزيد من المراجعة بواقعية وجرأة .
 لاشك أن ارادة السوريين وفي كل الأحوال تبقى هي الحاسمة وأمامهم فرصة تاريخية للعمل من أجل اعادة بناء حركتهم الثورية والوفاء لدماء شهداء الحرية والكرامة واستكمال الخطوات السابقة وتتويجها بمؤتمر وطني جامع لصياغة برنامج سياسي واضح وانتخاب مجلس سياسي – عسكري لمواجهة كل التحديات واعادة هيكلة ثورتهم المغدورة .