المحرر موضوع: الواقع ينتصر على علي بن أبي طالب  (زيارة 820 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل هادي جلو مرعي

  • عضو مميز
  • ****
  • مشاركة: 1380
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الواقع ينتصر على علي بن أبي طالب
هادي جلو مرعي
    يتباهي محبو علي بن أبي طالب وأنا واحد منهم بكلماته الخالدة والجميلة والمترفة عن العلم والشجاعة والفلسفة الحرة. هو يقول على الدوام، إن السؤال ذل ولو كان أين الطريق؟ علي بن أبي طالب يصف حال من يسأل أحدا ما عن حاجة، وحتى لو كان السؤال عن الطريق. لأنك حين تسأل فإنك ضعيف حتما، وإنك محتاج الى غيرك ليرشدك الى الطريق، أو ليعطيك حاجة، هو أيضا يقول لمن يسأله مالا، أكتب حاجتك على التراب وإمض، فلاأريد ان أرى في وجهك ذل السائل، وفيّ عز المعطي.
    لكن هل يليق بنا أن نصف عليا بالمهزوم في مواجهة الواقع المر؟ ربما نحتاج الى بعض التبسيط لنوصل الفكرة الى المتلق الموهوم بأحاسيس ومشاعر الكبرياء والنظرة الى المضحين بوصفهم قديسين برغم نفيهم ذلك عن أنفسهم والدفاع عن فكرة التضحية التي سيكافؤهم الله عليها في وقت لاحق، ويرفع من ذكرهم، ويعلي مكانتهم في المجتمع، وربما يصوغ لهم عنوانا أبديا حتى نهاية الدنيا.
    علي بن أبي طالب ليس مهزوما على الإطلاق، لكنه كذلك في حسابات المادة، فقد سأله صحبه في معركة تاريخية يسمونها (صفين) عن سبب الهزيمة في مواجهة جيش معاوية؟ ورد صريحا، لأنكم تفرقتم عن حقكم، وهم تجمعوا على باطلهم. وكذلك الحسين ولده الذي قتل بعد ذلك ببضع سنين الذي واجه الحكم الأموي، وقتل، وتركت جثته في العراء، وسلبه المحاربون المسلمون الذين كفروه ثيابه، وقطعوا خنصره لسرقة خاتم كان بيده، ثم سبوا عياله ونساءه، وعرضوا برأسه في البلدان، ولولا قوم بدو كانوا بالقرب من الواقعة الشهيرة على ضفاف الفرات لم يكن لجثث الحسين وصحبه أن توارى الثرى. نعم فعلي وولده ومن يسير في خطه مهزومون على الدوام في مواجهة الواقع المر، لكنهم منتصرون في معركة الموقف. والفكرة هي أن لاتتنازل عن الحق، وأن لاتنحرف، وليس مهما أن تهزم فلطالما كان الطغاة والجبابرة يهزمون شعوبهم ويقهرونها بأصناف الظلم، ولكنهم يمضون فيما بعد الى الهاوية، وينتصر الموقف الصريح المتسق مع الحق، والوجدان الصالح.
    علي بن أبي طالب يصف العلم بالحارس على البشر، بينما البشر يحرسون المال، لكن البشر ينهارون حين الحاجة، ولايجدون ملاذا من الذل حين تفرغ جيوبهم فيكون المال سيد العالم، ولايجد بشر مناصا من الإستسلام لرغبة الحصول عليه، فالجاهل ليس ذليلا حين يفتقد العلم، ولكن العالم سيكون ذليلا حين يفتقد المال، ولكن العيش بمبدأ التضحية يحصّن الفرد من الشعور بالذل لأنه يضحي بذلك من أجل قضية أسمى، ولكي يعصم الإنسان من الجهل ومن الحاجة الى المال فيعيش الذل لابد أن يجتهد في طلب المال من مصدرمشروع ومباح، وأن يطلب العلم النافع لكي يكون ملبيا للفطرة الصالحة، فهنا تكمن الحكمة التي يريدها علي بن أبي طالب الذي يدفع بمحبيه الى التضحية، والى الإجتهاد في سبيل المال المشروع، والعلم النافع دون أن يستسلموا لمصاعب الحياة.