المحرر موضوع: كلمة بمناسبة يوم المرأة العالمي  (زيارة 792 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل بهاء الدين الخاقاني

  • عضو
  • *
  • مشاركة: 28
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني

كلمة بمناسبة يوم المرأة العالمي
بهاء الدين الخاقاني
(القيت في احتفالية منظمة حقوق الانسان العراقية الامريكية ..)...
المرأة لغة عالمية لا تحتاج لمترجم، فهي انتقال معنى العاطفة الى قوة الجمال التي نراها في ذوق المدنية وازدهارها ..
يعتبر كيان النساء على مختلف أشكاله ذات أهمية خاصة للبشرية جمعاء، يأتين الإنسان بالبناء كما أنهن أحدُ الموازين الرئيسية التي تساعد في إتزان الحالة البشرية للخليقة، وحيث فقدان هذا الدور لهن ادى الى انقراض اجيال معرفية ..
فكما لكل كائن حي اصلٌ فايضا للنساء اصلٌ، فلجميع النساء كيان بايولوجي مهم لدعم الحياة وتطورها، وقد وجد الإنسان ما قبل التاريخ أن المرأة الزاهرة تنضج المكان والزمان، والى يومنا هذا..
فماذا نعبر عن المرأة الريفية التي كتفا الى كتف الى جوار الفلاح من الفجر تساهم في ازدهار الزراعة للوطن، ومثلها البدوية، وهذا ليس جدلا في التقاليد والعادات، وقد تعلم الإنسان مع مرور الوقت، كيف يتعامل مع النساء، بحكم هذه الظروف لتظهر العادات والتقاليد، وكان للمرأة دورا لصياغة هذه التقاليد والعادات وبرضاها، أكثر من كونها فرضيات للتقاليد والعادات التي يتم نقدها اليوم دون بحث اعتمادا على استنساخ تنظيرات لخصوصيات مجتمعات اخرى تناسبها تلك التنظيرات، فلابد من تساؤلات ماذا يناسب مجتمعاتنا بخصوصية اطيافها للمساهمة في نهضتنا ومواكبة تطور العالم..
حين تتعطل لغة المرأة تخرس المعرفة من الحديث عن الكمال، وتعجز الاجيال من التعبير عن نفسها، حيث لا يمكن اسقاطها من الذاكرة بسهولة، فنبض حياتنا هي النساء ..
فلكل بلد او حركة او حزب او جمعية او منظمة او مركز عناوينه النسائية البارزة، ولكل طرف له معتقدُه في رفعة المرأة وسموِّها، والايمان بهذه الحقيقة يزين الفكرَ باطياف وينسجها الوانا وطنية، حيث التعصب للون او للفكرة، يحجب الحقيقة ويمنع بالتطرف السلوكي والفكري حتى الصواب ان كانت تمتلكه هذه الجهة او تلك، فيكون اولُ الضحايا ليس النساء او الرجل او الاجيال بل يكون صاحبُ الحقيقة والحق اولّ ضحايا نفسه بسبب هذه المواقف من نفسه تجاه الاخرين، ومن هذه الافكارِ تتغذى الأمية والجهلُ والدكتاتوريات بتأطير المجتمع باللون الواحد..
بل وان الظاهرة تتعزز اذا ما تساءلنا هل حكمت فرنسا رئيسة جمهورية مثلا او كم وزيرة في مجموع الدول الاوربية او حتى في امريكا، في ظاهرة عدم انتخاب امراة لرئاسة امريكا، ليس فقط لكون برنامج الرئيس ترامب هو الجاذب للناخبين بل أنّ وعيَ المجتمع مازال ذكوريا على رغم العالم المتطور هنا ويتم تطبيق الديمقراطية على ارفع مستوياتها الراقية، فضلا عن مستويات التعليم، فاذا لا علاقة الا جزئيا بموضوعة حقوق المرأة وكيفية التعامل معها، والنظر اليها..
لا يمكننا أن نتجادل في ان هناك حقوقا مغتصبة للمرأة من عدمها، فأن كلَّ الاحتفاليات التي جرت في العالم الحضاري والمتطور اليوم شهدت مسيرات بيوم المرأة العالمي تشجب واقع المرأة في هذا العالم، وتطالب بكرامتها، ولم تحتفل بمنجز ما، بل انتقدت الرجل لانه جعل نفسه معبرا عنها وهو يجهل ماذا تريد المرأة، لترفع شعارا ان النساء ليست سلعة.
فالعالم بمختلف مسمياته وجغرافيته متساوي بالمنجز ومتساوي بالاضطهاد، وان تنوعت الاسباب ونوعيات المنجزات او الاضطهاد، وبالتالي فان المرأة العراقية في هذا العالم تشكل ظاهرة جديرة بالاهتمام، فان تاريخ العراق المعاصر عكس مبادرة سبقت العالم الذي نعتبره الان متطورا في الحركة النسوية وبروز شخصيات نسائية.
فان العالم الذي نعتبره متطورا لم يشهد تنفسا نسائيا وتشريع قوانين الا في القرن العشرين، بل أن العراق بقليل من البحث يكشف عن ان المنظمات النسائية تفوق مجتمعات نعتبرها اكثر تطورا، واترك هذا للباحثين الجادين حقا وليس الانشائيين والناقدين دون دليل وبحث ميداني ومعرفي.
فعند المرور بتاسيس الدولة العراقية المعاصرة سنة 1923 م نلمس كان للمرأة نشاطها وحركتها، من خلال المساهمة في تأسيس الاحزاب  والجمعيات، حيث يلفت انتباه الباحث اسم منظمة النهضة النسائية عام 1923، وكانت هيئته الإدارية تتألف من اسماء الزهاوي شقيقة الشاعر جميل صدقي الزهاوي، وشخصيات نسائية لمستويات ثقافية واجتماعية وسياسية عالية ..
وكان للحرب العالمية الثانية وجود للمرأة العراقية كنشاط لدعم الفقراء عبر السيدة حفصة خان الحفيد في السليمانية باسم الجمعية النسائية الكردية، الى جانب مساهمات دعم المرأة العراقية لجمعية الهلال الاحمر عام 1932 برعاية الملكة حزيمة زوجة الملك فيصل الاول، ونساء المجتمع المعروفات، وبرزت جمعية بيوت الامة ضمت الكثير من النساء العراقيات المثقفات وناشطات. وبرزت هناك جمعية مكافحة  العلل الاجتماعية التي تأسست عام 1937 وممن اسهمن في تأسيس هذه الجمعية السيدة فتوح الدبوني الحاصلة على شهادة متخصصة من جامعة مانشستر انكلترا في مجال تعليم الصم والبكم، برفقة نساء متخصصات وحاصلات على شهاات عالية انذاك .
وفي الاربعينات مثلت المرأة حراكها السياسي باسم منظمة اللجنة النسائية لمكافحة الفاشية أو الرابطة النسائية عام 1947  واصدار مجلة تحرير المرأة.  ومن المنظمات المهمة النسوية جمعية البيت العربي تأسست عام 1948 لرعاية النساء والاطفال وكانت تضم في عضوية هيئتها شخصيات ادبية ومثقافية ومن ضمنهم الشاعرة لميعة عباس عمارة.
وهناك كوكبة من الشهيدات منذ ثورة العشرين مرورا بوثبة كانون 1948 انتهاء بشهيدات مواجهة الارهاب كجيل يفتخر بهن المجتمع بين مغدورات من مختلف الاديان والمذاهب والاطياف للمجتمع العراقي اليوم، وبين بطلات في سوح المواجهة مثل اميمة الجبوري ومعلمة الموصل وغيرهما ..
وان الموضوع البايولوجي يبرز الاهتمام بخصوصية المراة واحترام التكوين، وهذا الاحترام مسئلة حضارية اخلاقية علمية، حيث الى الان لم تنجح مثلا لعبة كرة القدم بين فريق نسوي واخر رجالي لانه كما عبِّر عنه غير مقبول علميا ولا اخلاقيا على صعيد تعبير المنظمات الدولية المختصة، او ان يدخل مضمار السباق للساحة والميدان نساءٌ ورجال، فلكل منها بطولته وجوائزه، بل لا يمكن لعاطفة الام ان تتساوى مع عاطفة الاب على اقل تقدير ولا الاخت مع الاخ وهكذا، وفي نفس الوقت لا يمكن ايضا الاستغناء عن اي خاصية لكل منهما، فالامر ليس بتساوي الطرفين بل بتساوي التشريعات واصدار القوانين بما يحترم خصوصيات المرأة والرجل لتحقيق ابداعهن في المستوى الوطني، ولهذا نجد المرأة على المستوى العالمي والى اليوم تطالب بحقوقها، ليس في مناطقنا بل وحتى الدول المتطورة تشريعا وحرية وقوانين، فالمشكلة ليست بالنتيجة واستعراضها فهي واضحة بل المشكلة في البحث والتقصي معرفيا للوصول الى النتيجة المناسبة.
فان الحجاب او عدم الحجاب ليس عائقا في حرية المرأة وابداعها، فان الشهيدة بنت الهدى التي انجبتها بيوت العلم والعقيدة ابداعا فكريا وقصصيا لا يختلف عن نازك الملائكة التي برزت من بيوت محافظة لتكون مساهمة في الحداثة الادبية مرورا بنزيهة الدليمي اول وزيرة عراقية من مؤسسات رابطة المرأة العراقية 1952م .
فليس لللبداوة او القروية اشكالية في مقام المراة من عدم ذلك، فاذا تم استرجاع تاريخ العشائر نكتشف عن دور وقصص واهمية للنساء ما يبهر الباحثين، وما لعبن في حياة القبائل وتطويرها وتثقيفها، وفي حياة مواقفها وادبياتها والمواقف السياسية، وحتى في الجوانب السياسية والاقتصادية ومنها الادب والتجارة .
ان اشكاليات النظر الى حقوق المرأة تكمن في استنساخ خصوصيات مجتمع ما بخصوص حقوق المرأة ومحاولة تطبيقه دون احترام لخصوصيات مجتمعنا التي ان سلمنا للسلبيات وهي صفة لا يخلو منها اي مجتمع وان كان متطورا، فاننا سنتجاهل القيم الايجابية الغنية في مجتمعاتنا في عملية النسخ وليس الاختيار والاستفادة، واهمال الخصوصيات شكل عائقا لتطور مفاهيم الحقوق والواجبات على كل الاصعدة فضلا عن حقوق المرأة واطر الحرية للمجتمع .
ان الرجل والمرأة توأمان روحيان، هكذا خلقهما الله عزوجل ليضيفا للكون معنى السعي للمحبة والتكامل، فوعي مسؤوليات المرأة من قبلنا يذيب الفوارق، ولا أعني المساوات لان الجانب البايلوجي لابد من احترامه علميا واخلاقيا،  بل الوعي هو الكشف عن اهمية النساء في المجتمع .
فالمرأة قيمة ربانية خلقت فضلا عن ما تضيفه من شعور بالبهجة والسعادة، فانها كيان من الدعم النفسي والمعنوي، من خلال امكانياتها على تعزيز الثقة بالنفس، وتنشطيط القوّة الذهنية في الاسرة والمجتمع لميزة قوة مشاعرها، وتساعد في التخفيف من الاكتئاب والتخلص من الشعور بالقلق في مقابل الشعور بالأمل وانبعاث الطاقة والتفكير الإيجابي.
عندما انظر الى نفسي فاشعر ان امي المرأة التي ربتني تربية جيدة اذا هي متعلمة مثقفة متربية اديبة، هذه النظرة تنعكس لاعامل كل النساء على اساسها، والعكس صحيح، وهذه هي النظرة الاولى للمجتمع والمراة في حياتنا عند البحث عن حقوق المرأة وتاتي بعدها الخطوات الثانية ..
شخصيا لا ارى علاقة للحقوق  في الاختلاط ان وجد او لم يوجد، ولا في المصافحة، وامثال ذلك، فهذه نتائج معتقدات ليس حقوقا للمراة او الرجل، او يعتمد تطور المجتمع وتنوره على ذلك، ومن المؤسف ان يحصر الكثير من الكتاب والمثقفين حرية المرأة والرجل بهذه الامور، فهذا ليس وعيا لحرية المرأة وحقوقها، ان الحقوق تتعلق بالتعليم هذا اهم شيء كخطة واعية، مع تشريعات وقوانين داعمة لذلك، ومهما عبرنا عن هذه الحقوق فلا يمكننا ان نعبر عنها بنفس مستوى تعبير المرأة عن حقوقها وتشريعاتها والقوانين الضرورية، فهي اعرف بحاجاتها وبتكوينها وعلى الرجل احترام ذلك، ويكون دوره مساعدا .
العادات ليست سياطا والتقاليد الاجتماعية ليست مانعة، فانهما من مفاصل الحياة التي يجب ان نعيشها، ولا تدار الا بالقوانين والتعليم وبخطوات متدرجة، فالقفزات اثبتت انها كارثية على الصعيد الاقتصاي والسياسي والاجتماعي، وكانت المرأة العراقية المتضرر الاول من هذه الفوضى والتخطبط، فلا يوجد هناك حيف كما يذهب البعض، بل هناك فوضى قوانين وثقافة، وارتباك بالاراء، تعرقل الوعي بدور المرأة، رغم انها تثبت وجودها دائما .
المرأة رسول الأجيال للعلى، وتنعش المستقبل ضد جاهلية الايام، وان التخلي عن المرأة كان من أسباب كوارث المجتمعات ..
وكما تقاس حضارة الشعوب على أساس ما تعلمت فيها من النساء، تقاس اخلاقيات المجتمعات بمستوى ما أضافت النساء من تربية وتعليم للجيال، فاذا نام الابناء على امهات غير متعلمات ستستيقظ الايام على عصر من جهل، فجميع الاجيال هي بذرة امرأة تزرعها في الحياة ..
........................
12 اذار 2017 / 13 جمادي الثاني 1438 / الاحد امريكا
......................................................................
https://www.youtube.com/watch?v=H3iADN7kc9Y
كلمة الاستاذ بهاء الدين الخاقاني
الاحتفالية كاملة
https://www.youtube.com/watch?v=CkAzs3QSgp8
.........................................................................