المحرر موضوع: الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن الجزء السابع والأربعون  (زيارة 7081 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل كوركيس مردو

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 563
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
الإنشقاقات والنكبات التي عصفت بالأمة الكلدانية وكنيستها والمآسي التي حَلَّت بها عِبرَ الزمَن
الجزء السابع والأربعون

سرمة خانم والمطران يوسف خنانيشو ودماء سميل (مذكرات مالك لوكو شليمون التخومي)

يقول السيد بولص يوسف ملك خوشابا: قبل البدء برواية تسلسل الاحداث ارى من الضروري توضيح موقف العشائر الاشورية من وجهتي نظر الطرفين :
الطرف الاول : مؤيدوا وجهة نظر مالك خوشابا كانوا (4200 ) عائلة بحسب ما مثبت في ارشيف وزارة الداخلية العراقية ووزارة المستعمرات البريطانية. والرؤساء المؤيدون لهذا الطرف كانوا كل من: الاسقف مار سركيس: الاسقف مار ياوآلاها: مالك خمو البازي: مالك نمرود جيلو: مالك يونان جيلو: مالك مروكي جيلو: الدكتور بابا فرهاد: الرئيس خيو عوديشو الاشوتي: الرئيس شليمون مطلوب كاور: القس يوسف قليتا: مالك زيا شمزدين: القس كينا كورييل البازي: السيد اسماعيل شوو البازي: الرئيس شمعون برخيشو: الرئيس كورييل شمعون البازي: مالك جكو كيو تياري العليا زوج شقيقة مالك ياقو: اوديشو داديشو تياري العليا: الرئيس عوديشو انويا الاشوتي: الرئيس دانيال بارس جيلو: الرئيس اسماعيل موشي ......
الطرف الثاني : مؤيدوا وجهة نظر مار ايشاي شمعون كانوا(1650) عائلة والرؤساء المؤيدين لهذا الطرف: المطران يوسف خنانيشو: مالك ياقو تياري العليا: مالك لوكو شليمون تخوما: القس كوركيس تخوما: مالك اندريوس جيلو: مالك داود تخوما: زادوق انويا الاشوتي: الرئيس بكو اوشانا الاشوتي: الرئيس يوخنا هلمون: الرئيس وردة اوشانا تياري العليا: الرئيس هرمز يونان تخوما: شليمون زومايا تخوما: توما مخمورا البازي: تيلو داود البازي: الشماس كنو جيلو: الشماس يوسف تياري العليا: الرئيس يوسف صورة تياري العليا: الرئيس عوديشو خوشابا تياري العليا: هرمز طليا البازي: داود والد مارايشاي شمعون .........
بعد ان نال العفوَ مالك ياقو عن الاعمال المسلحة التي قام بها والتي سبق ذكرُها بضغط من الانكليز،عُقد اجتماع في متصرفية الموصل، اصر فيها مؤيدو مارشمعون على عدم موافقتهم على مشروع الاسكان مالم ياتهم ايعازٌ من قداسة مار ايشاي شمعون الممنوع عليه مغادرة بغداد دون الموافقة على تخليه عن فكرة السلطة الزمنية التي كان يطالب بها ... فطلب كل من المتصرف خليل عزمي والمفتش الاداري العقيد ستافورد والميجر تومسون خبير الاسكان من المطران يوسف خنانيشو ومالك اندريوس ومالك ياقو ومالك لوكو الذهاب الى بغداد لمقابلة مارشمعون واقناعه للموافقة على خطة الاسكان والتنازل عن فكرة مطالبته بالسلطة الزمنية، فامتنع المطران يوسف خنانيشو من الذهاب بحجة انه رجل دين ولا يتدخل في الامور الدنيوية ولكنه في الحقيقة كان المسؤول الاول في تحريك تلك الاحداث كما ثبت لاحقا، كذلك رفض مالك اندريوس قائلا ان ياقو ولوكو يكفيان لتلك المهمة ...... وعليه وافق الاثنان على السفر الى بغداد لاقناع مارشمعون بعدوله عن فكرة السلطة الزمنية، فمنحهما الميجر تومسون 9 دنانير اجورسفر وحجز لهما غرفة في فندق مود، الا انهما طلبا السفر بواسطة السيارة عن طريق كركوك.. فقال لهما الميجر تومسون بانه سيلحق بهما الى بغداد للاشتراك معهما في اقناع قداسته بقبوله خطة الحكومة بما يخصُّه ويخص الشعب الاثوري...
وألآن نأتي الى ما ذكره المرحوم مالك لوكو شليمون التخومي في مذكراته :
يقول مالك لوكو : في يوم 11 تموز سنة 1933 وفي الساعة الثانية بعد الظهر عندما انصرفنا من الاجتماع في المتصرفية واتفقنا على السفر الى بغداد لاقناع مارشمعون بالعدول عن فكرة مطالبته بالسلطة الزمنية ذهبنا انا وياقو الى منزل مارشمعون في الدواسة بالموصل. وعند دخولنا غرفة الاستقبال وجدنا سرمة خاتون والمطران يوسف خنانيشو جالسين فيها، وقبل ان نسلم عليهما صرخا في وجهنا قائلين لنا (من الذي وكلكما ان تسافرا الى بغداد لاقناع مار شمعون بقبول التنازل عن سلطته الزمنية؟ اذا كنتما حقا من المخلصين لمارشمعون فعليكما الإتجاه فورا مع رجالكما المسلحين الى قمم الجبال). وبقينا صامتين ثم دخلت سورمة خاتون ومعها كل من المطران يوسف خنانيشو وملك ياقو الى غرفتها، حيث اختلوا مدة نصف ساعة، ثم خرج مالك ياقو واخبرني بانهم قد قرروا عدم سفرنا الى بغداد وإنما الى قرية سميل عوضا عن ذلك لاتخاذ الترتيبات اللازمة مع اتباعنا، ولما استفسرت منه عن موقفنا بخصوص وعدنا لكل من المتصرف والميجر تومسن بالسفر الى بغداد، اجابني بان الحكومة تريد ان تخدعنا بان ترسلنا الى بغداد كي تلقي القبض علينا هناك وترسلنا الى سجن الناصرية ... وكان هذا الاتفاقُ قد تم سرا بين سرمة خاتون والمطران يوسف خنانيشو ومالك ياقو، ولما كنت صغير السن وقليل التجارب ولم تكن لي المعلومات الكافية عن نوايا العائلة الشمعونية لذا كنت اصدق كلَّ اقوالها مما ادى الامر بي الى اطاعة اوامرها طاعة عمياء حتى اليوم الذي انكشف لي (عدم مصداقيتها) حيث تاكدتْ لي كل الحقائق التي كان يرويها المرحوم ملك خوشابا عن هذه العائلة في عام 1932 والتي مع الاسف الشديد لم اصدقها في حينه لانني كما قلت كنت اجهل آنذاك نوايا هذه العائلة. فخرجنا انا وياقو من الموصل ليلا مستقلين سيارة ومتجهين نحو قرية سميل حيث كان مسكن ياقو فيها ومن هناك ذهبنا الى قرية بوسرية التي كان يسكنها اتباعي ابناء عشيرة تخوما. واجتمعنا فيها مع القس كوركيس (ججي) التخومي وبعض رؤساء العشيرة وشرحنا لهم الموقف وما تم الاستنتاج منه، وعليه قررنا انا وياقو عبور الحدود العراقية الى سوريا والاتصال بالسلطات الفرنسية لتمهيد الطريق للآثوريين الذين لا يرغبون البقاء في العراق للدخول الى الاراضي السورية وقلت للقس كوركيس بانه اذا نجحنا في مسعانا ساكتب له رسالة وارسلها مع احد الاشخاص المرافقين لنا واذكر فيها بان تجارتنا كانت ناجحة اي ان الاتفاق قد حصل مع السلطات الفرنسية وفي حالة فشلنا في مسعانا سأذكر في رسالتي بان تجارتنا خاسرة، وسأطلب منهم التحرك فورا الى الحدود السورية في حالة نجاح مهمتنا وفي حالة فشلنا فعليهم البقاء في العراق واطاعة جميع اوامر الحكومة العراقية اسوة بغيرهم من الاثوريين الباقين، اما انا وياقو كنا سنبقى في سوريا كلاجئين سياسيين لدى السلطات الفرنسية في سوريا لعدم تمكننا من العودة الى العراق ثانية .. وفي الساعة الثامنة مساء تحركنا ومعنا ثلاثة اشخاص وهم كل من: بنيامين مروكل من عشيرة تياري العليا ومكو وموشي من عشيرة تخوما، وسرنا ليلا حتى وصلنا عند الفجر قرب قرية ديربون حيث قضينا فترة استراحة على عين ماء كائنة على جبل بيخير منتظرين حلول الظلام لنتمكن من عبور نهر دجلة الى داخل الاراضي السورية .. وتمكنا من العبور اثناء الليل من نقطة تقع جنوب فيشخابور بواسطة كلك صغير مصنوع من القراب .. وفي الصباح وصلنا الى معسكر قوة فرنسية في قرية خانك القريبة من الحدود العراقية واتصلنا بآمرها بغية عرض قضيتنا عليه، فاخذنا حالا بسيارة الى قرية ديرك حيث كان مقر المستشار الفرنسي (كابيتان لارست). ولما سمع قضيتنا مفصلا نقلها بدوره برقيا الى المندوب السامي الفرنسي في بيروت قائلا لنا بانه سيخبرنا بالنتيجة عند ورود الجواب من المندوب السامي ... وبينما كنا ننتظر الجواب ارسلت رسالة الى القس كوركيس في العراق مع احد مرافقينا مبينا له فيها باننا سنخبرهم بالنتيجة حال حصولنا عليها طالبا منهم البقاء والمحافظة على الهدوء والسكينة .. الا انه قبل حصولنا على النتيجة وبينما كنا مدعوين لتناول طعام الغذاء في مكان اثري على نهر دجلة من قبل توما البازي الذي كان يسكن هناك جاءنا خيالان من الجندرمة السورية واخبرونا بان حوالي 500 رجل من اتباعنا قد وصلوا مع اسلحتهم من العراق الى قرية خانك ... فهرعنا الى هناك على الفور والتقيت بالقس كوركيس وسالته فيما اذا كان قد استلم رساتلتي اليه. فاجابني بانه قد استلمها الا انهم لم يتمكنوا من الانتظار لان مارشمعون كان قد اخبرهم بواسطة شليمون بن مالك اسماعيل، بان الجيش العراقي سوف يتحرك نحو قراهم ويقوم بقتلهم جميعا لذا امرهم بالالتحاق بنا مع سلاحهم فورا قبل ان يتمكن الجيش العراقي من الوصول الى قراهم وسد الطرق بوجههم. ولما اكد كل من سرمة خانم والمطران يوسف خنانيشو هذا الخبر اضطروا الى التحرك والالتحاق بهم ... ثم توافدت جماعات اخرى وعبرت النهر حتى بلغ عددها حوالي (900) شخص، منهم (600) شخص يحملون السلاح والبقية بدون سلاح، تم تعسكرهم في تلك الاراضي الخالية من اي ظل او شجرة تحت اشعة الشمس المحرقة وبدون طعام، وبينما نحن في هذه الحالة المزرية اصدر ياقو اوامره الى بعض من رجاله لمنع اي شخص من الاتصال باحد او الاستفسار من اي شخص اخر سواه حول الموضوع ولذا حصل بعضُ التذمر بين الوافدين، ولما قلتُ له باننا كنا بامس الحاجة الى مخرج من ورطتنا وليس الى مظاهر فارغة، اجابني ان الوضع يتطلب الكتمان وعدم الاتصال بالآخرين، واخذ يتحجج ببعض الحجج ... يتبع
سرمة والمطران يوسف خنانيشو ودماء سميل (مذكرات مالك لوكو) الجزء الثاني                  كُتب يوم 12 أغسطس 2013       بولص يوسف ملك خوشابا  /   اقتباس من كلام مالك لوكو :
يقول مالك لوكو: واخيرا وصلنا جوابُ المندوب السامي الفرنسي من بيروت بان مارشمعون لم يكن لديه اي اتصال مع الفرنسيين وانه صديق الانكليز لذا فانه لا يعلم اي شيء عن قضيتنا وعلينا ان نسلم اسلحتنا الى السلطات الفرنسية . وهكذا تم تجريدنا من بنادقنا وبقينا في ذلك الوادي نعاني من الجوع والعطش وحر الشمس بينما كانت المفاوضات جارية بين السلطات الفرنسية والحكومة العراقية بصددنا . وعلى اثر ذلك حدثت بلبلة شديدة وتذمر بين صفوف الوافدين متهميننا باننا قد خدعناهم واخذوا يستفسرون عن الارزاق والمساعدات المالية التي كنا ومارشمعون قد وعدناهم بها عندما كانوا في العراق. ثم ازداد هياجُهم وعلت صيحاتهم وصرخاتهم ضدنا وخاصة من عشيرة تياري العليا التابعين لمالك ياقو والذين قالوا له بانهم سيعودون الى قراهم وعوائلهم في العراق لان لهم امل كبير من ان ملك خوشابا ذلك الرجل المخلص والعاقل سوف يستحصل موافقة الحكومة العراقية على السماح لهم بالعيش بسلام في العراق كما كانوا سابقا . لذا جاءني مالك ياقو مع اخوته وبعض اقربائه وهو في حالة ياس شديد طالبا مني القيام بتهدئة اتباعه وعدم السماح لهم في العودة الى العراق . فاجبته بصعوبة تلبية طلبه لانهم اذا كانوا لا يطيعونه وهو رئيسهم فكيف يطيعوني وانا غريب عنهم . ولما اخبر هؤلاء الراغبون في العودة المسؤولَ الفرنسي بذلك قام الفرنسيون باعادة بنادقهم اليهم بينما كان ياقو مع بعض من الرجال من اقربائه يطلقون بعض عيارات التنديد بهم قائلين بانهم سيلونون ماء نهر دجلة بدم كل من يحاول عبوره للعودة الى العراق . الا انه لم يمضِ سوى وقت قصيرحتى طلب الاشخاص الذين كانوا مع ياقو يطلقون التهديدات ببنادقهم ايضا والبالغ عددهم حوالي اثنا عشر شخصا بعبور النهر مع العائدين وكانت الساعة تقترب من الثانية من بعد الظهر من يوم 5 آب سنة 1933م. وقبل وصول مقدمة العابرين الى شاطيء النهر الايسر داخل الحدود العراقية حيث كانت بعض القوات العراقية قد اتخذت مواضع لها فيها، فقام مالك ياقو وبعض من اقربائه بفتح النار على القوات العراقية التي كانت تنتظرعبور الاثوريين بسلام حسبما كان قد تم الاتفاق عليه فيما بينها وبين السلطات الفرنسية، وعلى اثر ذلك بدا الجيش العراقي بالرد بالمثل وهكذا بدا القتال بين الطرفين دون ان يعلم اي طرف من هو الباديء بالرغم من ان الجيش العراقي كان قد أُبلِغ من قبل مكي بك الشربتي قائمقام دهوك والمستشار السياسي المفاوض مع السلطات الفرنسية بهذا الخصوص بان الاثوريين سيعودون ويسلمون سلاحهم كما كان الاثوريون على علم بذلك . الا ان مالك ياقو لم يَرُق له ذلك فاشعل نار الفتنة ولو كان ذلك على حساب ابناء عشيرته الذين كانوا قد وثقوا به بانه كان يعمل من اجل مصلحتهم فتبعوه الى سوريا. ولما بدات المعركة اضطررنا نحن ابناء عشيرة تخوما الباقون في المؤخرة على استلام بنادقنا من الفرنسيين وقمنا بعبور النهر لمساعدة هؤلاء المساكين الذين اوقعهم ياقو في ورطة وكان الظلام قد بدا يخيم والقتال مستمر بين الطرفين على ربايا الجيش العراقي المحيطة بالمعسكر في ديربون حتى الفجر. وبعد ان اصبتُ بجراح في يدي نتيجة لقصف الطائرات العراقية وبعد ان تكبدنا بعضَ الخسائر من القتلى والجرحى انسحبنا ثانية عبر نهر دجلة الى الاراضي السورية. اما ملك ياقو فبعد ان اشعل نار الفتنة لجا مع بعض اقربائه المقربين الى داخل نهر الهيزل داخل الحدود التركية واختبأوا في غابة من القصب. ومن ثم التحقوا بنا حيث صرخ به الضابط الفرنسي الموجود هناك قائلا له (اين كنت ؟ انت الذي اشعلت نار الفتنة ثم هربت واختفيت. فانت المسؤول عن كل هذه المصائب التي حلت بهؤلاء المساكين) فلم يجب ملك ياقو ولو بكلمة بل ظل صامتا مطأطأ الراس … انتهى الاقتباس …
ايها القراء الاعزاء هذه افادة مالك لوكو شليمون التخومي الذي قضى جزءاً مهماً من حياته في تنفيذ كل ما كان يطلب منه تنفيذه من قبل العائلة الشمعونية ايمانا منه بان هذه العائلة تعمل لخدمة الامة الى ان اكتشف وبالتعامل المباشر معها بانه كان على خطا ولكونه رجلا وقائدا مخلصا لقومه ولديانته ولشجاعته التي يشهد له بها كل صاحب ضمير حي، بان شجاعته ما كان يجب ان تقتصر على ساحات القتال فحسب، بل يجب ان يثبتها في ساحات قول الحقيقة لارضاء الضمير وانا شخصيا سمعت منه الكثير الكثير حول كثير من المواقف التي مرت به حين كنت متواجدا في لبنان عام 1968م. ومن مآثره الشجاعة انه حين اوعز كل من سرمة خانم والمرحوم المطران يوسف خنانيشو إليه والى مالك ياقو بان يقودا رجالهما المسلحين الى قمم الجبال لم يجازف بالقاء قومه في التهلكة بل دعاهم الى البقاء في اماكنهم لحين ذهابه الى سوريا والتاكد من السلطات الفرنسية حول قضية قبولهم ومن ثم يقوم بارسال بلاغ لجماعته بالعبور الى سوريا وكذلك اثبت شجاعته ووفاءَه لامته حين عبر النهر لنجدة الذين عبروا، ولم ينسحب من المعركة الا بعد أن أُصيبَ بجرح، ولو تتبعنا ما ورد في اعترافات هذا القائد الشجاع لوجدنا كيف كانت تسيرُالامور بتوريط الابرياء وخداعهم بوعودٍ لا تمت للحقيقة بصلة! فلقد نقل ملك ياقو لملك لوكو الوعود الوهمية التي سمعها من سرمة خانم، بان الفرنسيين سوف يرحبون بهم وفق اتفاق معقود بين قداسة البطريرك والسلطات الفرنسية وتبين من رسالة المندوب السامي الفرنسي بان هذا الكلام لم يكن سوى اوهام لتوريط هاتين العشيرتين اللتين ضحيتا بخيرة شبابها من اجل تنفيذ رغبات هذه العائلة … رب سائل يفول لماذا تقوم هذه العائلة بتوريطهما في الوقت الذي هما من المخلصين لها؟ ان اهداف هذه العائلة ومنذ اغتيال قداسة الشهيد مار شمعون بنيامين تبدَّلت الى حب التسلط والحفاظ على العلاقات المتميزة مع الانكليز حتى اخر لحظة ولو على حساب دماء الابرياء …. من هم غالبية من استشهدوا في سميل؟ ان غالبيتهم كانوا من اللذين رفضوا فكرة ترك ارض آبائهم واجدادهم فاصبحوا ضحية تهور ولاأبالية القائمين بهذا العمل بدماء من سيقعون تحت رحمة اناس متوحشين قساة سواء كانوا من الجيش او من العشائر المحيطة بهم …. وهنالك سؤال اخر يطرح نفسه: هل كان قداسة البطريرك وهو في بغداد على علم بهذا الاجراء او القرار (نصف ساعة فقط) الذي اتخذاه كل من سرمة خانم والمطران مار يوسف خنانيشو؟ لا اعتقد ذلك ولكن قداسته كان مسيَّراً غير مخيَّر من قبل عمته سرمة خانم ….. عندما علمت سرمة خانم بخطة مالك لوكو خافت ان يكتشف امر الوعود الوهمية بعد اتصاله بالفرنسيين فتفشل خطتها في عبور العشيرتين الى الجانب السوري والتي اعتقدت بانها ستكون ورقة ضغط على الانكليز والحكومة العراقية لتنفيذ مطلب قداسة البطريك في السلطة الزمنية فارسلت شليمون مالك اسماعيل لينشر خبراً، بان الجيش العراقي قادم اليهم لابادتهم وعندما عبر هؤلاء المساكين الى الجانب الفرنسي خلافا للتعليمات التي اوصى بها مالك لوكو جماعته بها، فوجئوا بان كل ما سمعوه كان اوهاما في اوهام …. لماذا لم تُصدر سرمة خانم اوامرها التي اصدرتها الى مالك لوكو ومالك ياقو لشقيقها داؤد قائد قوات الليفي، علما ان قوات الليفي كانت آنذاك معسكرة في سرعمادية كما جرت العادة في تعسكرها الصيفي هناك لاغراض التدريب، رغم أنَّ المسؤول الانكليزي عن هذه القوات طلب منهم ان يستولوا على السلاح ويذهبوا لمساعدة اخوانهم في القتال متحملا مسؤولية كبيرة في ذلك، ولكن ضباط الليفي رفضوا ذلك مدعين بانهم لن يتحركوا الا بعد ان ياتيهم الامر من قداسة البطريرك؟ هذا الامر الذي لم ياتِ لان سرمة خانم لم تكن تريد قطع الجسور مع الانكليز، وكذلك عدم تعريض شقيقها داؤد للمسؤولية التي تترتب على ذالك …..اما الدماء التي اريقت في سميل وديربون والقرى الاخرى فهي هدية بسيطة يقدمها هذا الشعب المسكين للعائلة التي اعتبرها مقدسة وان هذا الشعب متعود على تقديم الاضاحي كما حدث في خوي وفي اورميا وفي الطريق الى همدان ….. عدا عن وفيات صخرة بهستون ومخيم بعقوبة وغيرها الكثير من الدماء المنسية …. والى اللذين يلقون اللوم على الانكليز اسالهم: هل هناك وثيقة او اثبات بان الانكليز قد قطعوا وعدا لهم بان يمنحوننا كيانا مستقلا باي صيغة كانت؟ الجواب طبعا هو لا، لان الانكليز وقفوا ضد هذا المشروع صراحة في مؤتمر السلام، وقالها المندوب السامي البريطاني صراحة لقداسة البطريرك. فاين يكمن وجه الخيانة؟ هل كان بالتشبث بذيل الانكليز وخدمة مصالحهم وجعل شعبنا مكروها من العرب والاكراد حيث تقرر فيه مصيرنا بالعيش معهم لان العراق اصبح مذوانا الاخير! ..اما ما يردده البعض من جماعة (تبرير الاخطاء) بان النقيب الفلاني قال كذا والملازم الفلاني قال كذا، وكأن هؤلاء كانوا هم اللذين يديرون دفة سياسة بريطانيا العظمى.
الصراع الانكليزي التركي العراقي على منطقةالعشائر والهجوم التركي عليها
« في: 09:51 24/04/2013  »
الرسالة الثانية التي ارسلها السيد ميرلاي خليل باشا والي ولاية حيكاري التركية ا الى ملك خوشابا : الترجمة الحرفية للرسالة:
الى رئيس تيار السفلى ملك خوشابا يوسف المحترم
قرات رسالتك الى رئيس الارتوشيين اسماعيل اغا . وكما اكدت لك قبل افتراقنا بان الصداقة والمحبة التي تربطنا
ستبقى وتدوم، اما بخصوص قضية الاعتداء العسكري علينا فسيصار الى حلها بطريقة خاصة ورسمية. معلوماتي ان الحكومة لن تعفو عن التخوميين مرتكبي الاعتداء وسوف ترسل قوة عسكرية الى منطقتهم لتاديبهم وتخويفهم ووضع حدٍّ لهم .
اطمئنك بان القوة العسكرية سوف لن تعتدي او تتحرش بالاشوريين الآخرين ولن يتضرر انسان منهم . فليبقى كل واحد في مكانه ويستمر بممارسة اعماله. اذا سلم هؤلاء التخوميين انفسهم فسيصار الى محاسبتهم امام محكمة قانونية وحسب الاصول . اكرر القول اذا اراد هؤلاء التخوميون احترام شرف الدولة وكرامتها فعليهم تسليم البنادق والعتاد الذي استولوا عليه والا فلن يعفى عنهم. اما كل الاشوريين الآخرين الذين ليس لهم غرض آخر سوى الخير فلن يمسوا بسوء.
امنيتي ان تهتموا بكلامي هذا واذا لم يكن لديكم مانع ارجو تعيين مكان مناسب لاحضر للتداول معك ونعطي حينئذ القرارات المناسبة في القضية .
الخلاصة : انا لست لحد الان طرفا في هذا الموضوع ولم اكن ناكرا للجميل كي انسى الانسانية التي رايتها منك. انا انتظر جوابا سريعا منك. لا احد هنا يعرف الكتابة بالعربية. سلامي الكثير الكثير اليك والى مالك صليو وجاوشينو.
                            التوقيع
                     والي ولاية حكاري
                          ميرلاي / 13 ايلول / 340

نص رسالة قائمقام العمادية الجوابية الى ملك خوشابا في 24 / 8 / 1924
الى ملك خوشابا المحترم
اخذت كتابكم المؤرخ 17 / اب / 1924 وفهمت فحواه حسبما ترجموه لي وعليه اقول ان عملكم باعادة سعادة الوالي لم يكن خارج منهجنا، وزد عليه انكم كنتم عملتم هذا بحسن النية وخدمة للحكومة العراقية،  ولي الامل ان ازور دياركم بعد مدة والسلام.
                               التوقيع
                          قائمقام العمادية

الى جميع رؤساء بني ماثا المحترمين :
اخذت كتابكم المؤرخ 5 / اب / 1924 المعنون الى مدير برواري بالا، وصار معلوما لدي مجيءُ الوالي الى جال انني كنت قد ارسلت اوادم (يقصد اناس ) من طرفي سابقا بغير طريق والذين وصلوا لعندي قبل وصول كتابكم بنهار وقد اخبروني عن عزم والي جولمرك للذهاب بدورية عن طريق جلي ومنيانش وارتوش واورامر ودزة ثم يرجع الى جولمرك،  لذلك اظن أولاً انه والي جولمرك وليس كما ذكرتم بانه والي وان. ثانيا اظن ان فكره هو الدورية ولا تتجاوزون ابدا اذا لم يحصل تجاوز عليكم واني مستعد للحركة الى طرفكم في اول حادث يطرأ وأؤكد عليكم بلزوم اقتفاء الاخبار الصحيحة وارسالها بوقتها ليتسنى لي ابداء الراي الى امرائي بصورة مؤكدة والسلام .
                                   التوقيع
                              قائمقام العمادية
                            عبد الحميد مجيد

ويمكننا من هذه المخابرات الرسمية بين قائمقام العمادية وملك خوشابا الإستدلال على سياسة الحكومة العراقية المتبعة نحو الاثوريين القاطنين في مناطقهم الاصلية والتي كانت تعتبر منطقة حرام للطرفين التركي والعراقي انذاك، وإنَّ اي حركة تصدر من اي منهما فيها قد تعني نقضا للحالة الراهنة في تلك المنطقة التي كان كل جانب منهما يحاول ضمها الى حدوده ( ص 57 من كتاب مشكلة الموصل لمؤلفه الدكتور فاضل حسين) .....
الا ان الانكليز كانوا يلعبون لعبتهم في الخفاء لاجبار الاثوريين على النزوح من اراضيهم لاسيما عن اراضي عشيرة تياري السفلى المجاورة والملاصقة لمنطقة برواري بالا في قضاء العمادية والتي ينحدر سكانُها من اصل عشيرة تياري السفلى . فكانت غاية ملك خوشابا المحافظة على الهدوء والسكينة في تلك المنطقة لخلق جو مطمئن للطرفين العراقي والتركي خاصة في تلك الظروف الدقيقة الى ان يتم تقريرُ مصير المنطقة من قبل عصبة الامم والاثوريون لا يزالون باقين على اراضيهم ليسهل امرُ ضمها الى العراق بالاستفتاء. غير ان الانكليز ارادوا سلخ اراضي العشائر الاثورية وضمها الى تركيا لاجبار الاثوريين للنزوح منها والبقاء تحت رحمتهم ليستغلوهم ابشع استغلال خاصة وانهم سوف يصبحون مهجرين بلا ماوى مما يسهل امر تجنيدهم في الليفي .....

هجوم القوات التركية والعشائر الكردية على منطقة حكاري في 14 ايلول 1924
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بعد انقاذ الوالي التركي واطلاق سراحه واعادته الى مقره ولعدم تسليم القائمين بالعمل للحكومة التركية لمحاكمتهم اخذت القوات التركية تتحشد في المنطقة الشمالية من محل سكنى عشائر تياري بالقرب من مراعيها الواقعة في منطقة (ميدان) وكانت تلك القوات تربو على الفرقتين احداها من المشاة والاخرى من الخيالة مع مدفعية جبلية وكانت تؤازرها العشائر الكردية في تركيا مع رشيد بك امير البرواري بالا. طلبت الحكومة التركية من عشيرتي تياري العليا وتياري السفلى السماح لتقدم قواتها عبر اراضيها لتاديب عشيرة تخوما على قيامها بالاعتداء على الوالي التركي وحاشيته ومؤكدة عدم وجود اي نوايا سيئة نحو العشيرتين . الا ان التياريين لم يطمئنوا على دخول قوات مسلحة الى مناطقهم ولاسيما العشائر الكردية التي كان لها ثار معهم . فاستغل الآثوريون انصارُ الانكليز هذا الظرف المواتي لنشر الاشاعات عن قيام  سلاح الجو البريطاني بتظليل سماء المنطقة بالطائرات لحماية الاثوريين وعن تقدم قوات انكليزية ضخمة في طريقها لمقاتلة الجيش التركي بهدف اثارة الاثوريين ودفعهم للصدام مع الجيش التركي حتى لا يكون لهم خط رجعة للعودة الى مناطقهم، وفعلا تم للانكليز مأربهم حيث قامت بعض المجموعات من المقاتلين بالتصدي للقوات التركية في نهاية شهر اب سنة 1924 الا انهم لم يتمكنوا من الصمود امام قصف المدفعية التركية وهجمات القوات النظامية التركية والعشائر الكردية، فانسحبوا الى قراهم ومنها الى منطقة برواري بالا حيث كانت العوائل قد اخلت تلك القرى بمساعدة سرية من قوات الليفي التي أرسلها لهم الإنكليز لهذا الغرض. الا انها هربت وتركت خيمَها ومطابخَها في جبل ميدنوك بالقرب من قرية بيدو قبل أن تُدركها القوات التركية ومعها العشائر الكردية التي احتلت قرية كاني ماسي مقر مدير الناحية العراقي والقرى الاخرى مما اجبر الاثوريين النزوح الى وادي صبنة عبر منطقة سر عمادية. وفيما كان المقاتلون يعبرون وادي (كلي شريفة) قبالة قرية بيباد الى صبنة منسحبين امام القوات التركية التي احتلت برواري بالا، كان قداسة البطريرك وسرمة خانم في بيباد بحراسة قوة من الليفي، فارسلت سرمة خانم ثلة من جنود الليفي لاحتلال فتحة مضيق شريفة وإجبار كل اثوري مسلح للعودة لمقاتلة الاتراك وتجريد كل مُمتنع عن القتال من سلاحه.
وكانت العوائل والرجال المنسحبون في حالة يرثى لها من التعب الشديد والارتباك، وما أن علِمَ هؤلاء المُقاتلون بان الانكليز كانوا وراء تدبيرهذه المكيدة لهم، تخندقوا خلف الصخور متخذين وضع القتال مُوجِّهين أسلحتهم نحو ثلة الليفي التي ارسلت لتجريدهم من السلاح منادين فليأتِ الانكليزُ ويقاتلوا الاتراك! حينها شعر جنود الليفي بخطورة وضعهم ففروا الى قرية بيباد حيث كان قداسة البطريرك وعمَّتُه سرمة خانم، وعبر الرجال وعوائلهم من مضيق شريفة الى ضفاف وادي صبنة ولبثوا هناك مدة من الزمن. زار قائمقام العمادية عبد الحميد عبد المجيد ومعه بعض المسؤولين ملك خوشابا في سرعمادية عندما كان على راس قوة من رجاله في حماية مؤخرة العوائل المنسحبة. وقال له القائمقام بان الحكومتين الانكليزية والعراقية توعدان الاثوريين بضم اراضيهم الى العراق اذا ما قاموا باخراج الاتراك من برواري بالا حتى ما وراء اراضيهم في تركيا ورجاه ان يقوم بجمع المقاتلين الاثوريين لهذا الغرض لان الانكليز قد فشلوا في مسعاهم لحمل الاثوريين لمقاتلة الاتراك .

على الرغم من ان ملك خوشابا لم يصدق تلك الوعود حسب ما ورد في مذكراته الا أنه لم يجد له خياراً اخر لئلا تُلقى عليه مسؤولية التهرُّب من القتال، فقبل بالامر الواقع وامر جميع المقاتلين بالتجمع في سر عمادية. ولما تجمع المقاتلون تحشدوا في قرية هيس في برواري بالا ومن هناك تقدموا برتلين نحو كاني ماسي، ورتلٍ توجَّهَ نحو قرية رشيد بك امير برواري بالا (درشيرش) حيث كانت عشيرته وبعضُ العشائر الاخرى تحارب الى جانب الاتراك. وبعد قتال دام اكثر من ثلاثة ايام تمكن المقاتلون الاثوريون بقيادة ملك خوشابا من التغلب على القوات التركية فاستسلمَ رشيد بك وجميعُ عشائر برواري بالا  لهم . وبينما كانت العشائر الاثورية تتقدم نحو اراضيها جاءت عدة طائرات انكليزية والقت عددا من القنابل خلف القوات التركية في اشوت. وتلقى الكابتن (النقيب) بدلي الانكليزي الذي كان على رأس بعض سرايا الليفي الباقية في برواري بالا برقية من المسؤولين الانكليز يطلبون ايقاف التقدم الاثوري خارج حدود برواري بالا، فحصلت مشادة كلامية بين ملك خوشابا وعقيدٍ انكليزي حول هذا الموضوع، فتدخل بعض الرؤساء الاثوريين وابعدوا العقيدَ الانكليزي عن ملك خوشابا الذي قال له ( إني كنتُ اعلم بخداعكم لنا، ولكن لم يكن لي مفرٌّ من عدم الانصياع لاوامركم  بعدما ربطتم رقاب الاثوريين بانطقة الليفي واصبح شبانُهم مشلولين لانخراطهم في تلك القوات التابعة لسيطرتكم) وهكذا اضطر المُقاتلون الاثوريون على ايقاف تقدمهم بعد ان تخلى الانكليز عن مسؤولية اسنادهم مُدَّعين بانهم لا يريدون الدخول في حرب ثانية مع الاتراك من اجلهم في الوقت الذي لم يكن للاثوريين تلك القوة التي تمكنهم من الوقوف امام قوات تركية كبيرة دون ان تساعدهم دولة قوية كبريطانيا ..... والى الجزء الثامن والأربعين قريباً.

الشماس د. كوركيس مردو
في  30/4/2016