المحرر موضوع: قصة قصيرة جدا : شجرة الحب الخالدة  (زيارة 1231 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل زاهـر دودا

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 267
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
قصة قصيرة جدا :
شجرة الحب الخالدة
ــــ زاهر دودا
     بعد قصة حب جميلة وطويلة ، انتهتْ بانتصار حُبِها ، تَزوجتْ من الفتى الفقير القادم من الريف ، من اجله تحدّتْ اهلها ورفضت عروض وإغراءات أقاربها ومعارفها الاغنياء . مرتْ سنين لم يرزقا بطفلٍ ، قاما بفحوصات ومراجعات دورية ،أخيرا استسلما للنتائج الطبية المحزنة التي تؤكد اصابة الزوجة بالعقم ولن يكون باستطاعتها الانجاب.
   بعد مرور بضع سنوات ، بينما كانا يتنزهان في الحديقة العامة ، اتفقا ان يتبنيا طفلا . أخذت الزوجة على عاتقها المهمة والبحث عن الطفل المناسب ، لم تمضي أكثر من سنة ، عادت مبتهجة مساء احد الايام الى البيت لتخبره قرب الانتهاء من الاجراءات الرسمية لتبني طفلا رضيعا اختارته من احدى دور الايتام .
    في احتفالٍ خاص، استقبلوا القادم الجديد ومعه امتلأ البيت بالحياة وبالحيوية ، ووظفا له مربية مختصة لتعتني به وترعى متطلباته .
مضت سنين . كبر الطفل في بحر من السعادة . في المرحلة الدراسة الجامعية فقد والدته اثر صراع قصير مع مرض السرطان . تخرج من كلية الطب واختص بالطب الوراثي.
    بينما كان في مختبر عيادته ، تذكّر في مرحلة الصبا ، نعت صديقا له اثناء المشاجرة . على اثرها أجرى على نفسه الاختبار الوراثي. اجتمع في المساء مع والده المتواجد دائما في المكتب بين الكتب وذكرياته ، بعد ان أدى التحية والاحترام ، قال لوالده :   
ـــــ  لا أعلم ، لماذا قال عني ذلك، بأني لا انتمي اليكم ، على اثر ذلك قمت اليوم باختبار الـ DNA لأتأكد من صحة النسب ، والنتيجة ظهرت أنني ابنك الشرعي ، والوحيد !!؟ 
 الاب متفاجئاً : ــــ  ماذا قلت بني ، أعد ما قلته قبل قليل .!!؟ .. الابن :
ــــ  نعم أبي ، كما تعلم بحكم تخصصي الطبي ، قلت مع نفسي لماذا لا اجري فحصا لي ولك ، ارجوا ان تغفر لي لعدم اعلامك ، تَقدّم واحتضنه ليسامح شكوكه وعن الوهم الذي رافقه . ثم غادر المكتب تاركا في رأس والده عواصف من الحيرة والاستغراب وظلّ جامدا في مكانه شاردا بين ذكريات الماضي وصورة التبني الحقيقية التي يعلم عِلم اليقين من اين احضرته زوجته العاقر المحبة .
مرّت امامه صورة وصيتها التي تركتها قبل رحيلها ، تطلب من زوجها ان يهتم بمكتبته ولا يتخلى عنها وخاصة الكتب التي كانت تهتم  بمواضيعها وتواظب قراءتها. قال مع نفسه :
 ــ لماذا لم اعر أي اهتمام وتحليل لهذه العبارة الغريبة الخاصة ضمن وصيتها بقدر القضايا العائلية العامة كالتركة المالية والمادية وغيرها !؟ 
     بدأ يفتش عن عناوين الكتب التي كانت تهتم بقراءتها والقريبة الى نفسها ، يقلّب في الاوراق ، كتابا بعد آخر الى ان عثر على ورقة في كتاب لرواية " شجرة الحب الخالدة " كانت تتمنى لو كانت لها .
  تناولها بلهفة بين يديه المرتعشتين ليرى بضعة أسطرٍ لكتابة غير انيقة تدل على صعوبة كتابتها لمشكلة لدى كاتبها .     
  زوجي العزيز :
                    تتحدى ارادة اناملي النحيلة مرضي اللعين الذي بلغ من السوء حدود العالم الآخر ، لا أقوى الاطالة ولكن بالمختصر المهم، أكشف لك سرا لا ارغب ان يرافقني.
حبيبي الغالي : بعد اتفاقنا على فكرة ان نتبنّى لنا طفلا ، ولعظيم محبتك وإخلاصك ، لم أشأ ان اترك لك إلا ذكرى طيبة وعمل يوازي كرمك وعن لطفك وتضحيتك لي رغم اني الطرف المسبب لعدم منحك النسل في الأرض ، حقك الطبيعي ، وكنتَ دائما تتصدى وتدافع عن زواجنا امام عادات المجتمع ولرغبات اهلك وعصيانك لهم من اجلي .
     الطفل الذي تبنّيناه يكون ابنك الشرعي من نسلك من حيواناتك المنوية التي نقلتها الى رحم سيدة فقيرة محتاجة وافقت بعد مفاوضات سرية مقابل مبلغ من المال يؤمن لها حياتها ومستقبل عائلتها .
اغفر لي ..... 
   زوجتك التي احبّتك وتحبك دائما
   
**************************  زاهر دودا  *************************