المحرر موضوع: العراقية في ضيافة الشروگية.  (زيارة 1844 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل Kadhim Alwaeli

  • عضو فعال
  • **
  • مشاركة: 42
    • مشاهدة الملف الشخصي
    • البريد الالكتروني
العراقية في ضيافة الشروگية.

كاظم الوائلي

على انغام (اشجابة للغراف طير المجرّة) وترنيمات نشيد البردي (التجليبة) رقصت المشاحيف على صوت داخل حسن وبألتفاته كريمة من قناة العراقية لزيارة مدينة الچبايش في جنوب العراق, وتعتبر الچبايش مدينة عائمة متألقة كتألق البندقية في ايطاليا, وصل فريق العراقية الى المكان المنشود وكان بأنتظارهم ذلك الرجل ذو السحنة الجنوبية وهو يرتدي (الدشداشة) السوداء تمنطق بحزام من الجلد ممتلئ بالرصاص وكانت تلك الابتسامة الرائعة وكأنها النار التي كان يوقدها حاتم الطائي لتقودعابري السبيل الى مضارب طي حيث يجد المسافر المأوى الامين والطعام السمين,
حل الفريق ضيفاً مكرما على عائلة ابو طالب وكعادة سليلي السلالة السومرية ان يهللوا ويحيوا الضيف ايا كان, وبعد الالحاح من فريق العراقية وافقت عائلة ابوطالب على ان يرفعوا مظالمهم عن طريق شاشة التلفزيون الى الحكومة العراقية من نقص في المواد الغذائية وافتقار اهل الاهوار من ادنى اهتمام صحي وتجاهل الحكومات المتعاقبة لهذه الثلة التي تمسكت بنقاء الفكر وطهارة الروح اليسوعية.

والشئ الذي اثار جل اهتمامي هو ان معظم وقت  تصوير البرنامج كان ليلا وعتمة ليل الاهوار مما اثار حفيظة وخوف المذيع والمذيعة (البغادة), وما ان حس ذلك الجنوبي (الشروگي) بأن الضيوف لايعرفون عن حياة الاهوار حتى قال لهم انهم بين اهلهم والارض ارضهم وبما انهم ضيوف فهم في عهدته وبرعايته, فقال لهم اذا تريدون ان نرافقكم الى بغداد فأنا وعشيرتي في خدمتكم, فعمت علامات الراحة والامان وجوه الضيوف(الحضر),
قامت ام طالب لتصنع الشاي للضيوف وكان الوقت قد جاوز الساعة الحادية عشر وهذا وقت متأخر بالنسبة لأهل الاهوار فهم يخلدون حال تشرذم الخيط الاحمر بعتمة الخيط الاسود, فليس لهم اي نية ان ينتظروا فلم السهرة على النايل سات ولا لهم رغبة بمعرفة نوعية الدهن الذي تدلك فيه( نانسي عجرم) فخذيها فهم حريصون على صفاء مزاجهم ونقاء فكرهم فليس لهم مصلحة بمشاهدة ( الرأي والرأي الاخر) وخطب الجمعة التي تبثها الفضائيات المؤدلجة, لقد تمسكوا بدينهم وعقيدتهم السمحاء مثلما تمكست نخلة البرحي بجذورها على ضفاف خور الزبير.

وضعت ام طالب (القوري) على الفحم المتقد وناره السرمدية وهذه عادة اهل الجنوب (الشروگية) بوجوب جاهزية (النار)و تتويج (الوجاغ  بالقوري) تحسبا من وصول عابر سبيل يقصد ديارهم في اي وقت, فتلك البساطة والبراءة والكرم والنخوة التي تميز بها أهل الجنوب (الشروگية) قلما تجدها عند شعوب (الزعتر والزيتون), فهؤلاء ورثة الحضارة السومرية وموطن الفن الاصيل بأبوذيتهم ومنبع الشهامة والنخوة بعفويتهم وطبيعتهم الهادئة التي اقتبسوها من سكينة الاهوار وبرديها.
قدمت ام طالب طعام الافطار وهو عبارة عن خبز(تنور) حار وحليب جاموس طازج  يتميز بطعمه الطبيعي وانتماء شاربيه لأرضهم وتقاليدهم, بعكس حليب (النيدو) الذي يجعلك تحن الى اوربا علما ان معظم شاربيه لم تطأ اقدامهم ولو مرة واحدة الاراضي الاوربية,  جلست ام طالب والابتسامة الكريمة والاصيلة تطرز ثغرها, بادرت المذيعة المتواضعة بالتقدم نحو ( الصينية) وقطعت قطعة   صغيرة من الخبز بأطراف اصابعها الناصعة البياض والبركة طبعا بالماء الحلو ودهون تبيض البشرة التي تتهافت عليها نسائنا واصباغ الشعر وبالذات اللون ( الفلفلي او الكركمي) وكلما اشاهد مذيعة او ممثلة عراقية (شقراء) على الطريقة العراقية اتذكر( بنات حمدية صالح) في عقد الثمانينات, مسكت مذيعتنا المهذبة كسرة الخبز وبغنجها التلفزيوني تبتسم للكاميرا وكأنها تقول لنفسها " الله.. ما اعظم هؤلاء الناس وما اجهلنا حيث كنا نهمز ونلمزعندما نراهم في بغداد ونقول .. يابة هذولي (شروگية) او( معدان) وفي بعض الاحيان نطلق عليهم صفة اكثر تهذيبا.. محافظات" 

همسة:

 الحلو حلو لو من النوم صـــــــــــحى          لافارق بين العشية والضـــحى
الصبح قرص الشمس يحمل وجـــهه            واليل نجم بالهلال منـــــــــقحا


كاظم الوائلي
كاتب عراقي [/size]