المحرر موضوع: التعكيس اللغوي عند العرب !  (زيارة 876 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

غير متصل رعد الحافظ

  • عضو فعال جدا
  • ***
  • مشاركة: 673
    • مشاهدة الملف الشخصي
التعكيس اللغوي عند العرب !

مقدمة:
التعكيس أو العَكس اللغوي عند العرب هو قلب الكلام  ومعناه!
أو إستخدام لفظ  بعكس المعنى المُراد ,كقولهم عن الأعمى بصير!
أو وصف العذاب بالبُشرى [وبشّرهُم بعذابٍ أليم ــ آل عمران 21]
و(العَكسُ) في مختار الصِحاح ,هو ردّ الشيء الى أوّله!
بينما العلامة اللغوي العراقي (ويا للمفارقه أصله تركماني) مصطفى جواد يرى عكس ذلك ,فكان يقول في برنامجه الأثير (قُل ولا تقل) :
قل : بقيت الكتيبة تحت نقمة المدافع!
ولا تقل : بقيت الكتيبة تحت رحمة المدافع!
لأنّ المدافع لا ترحم الأعداء ,إنّما تكون وبالاً ونقمة عليهم وتنكيل بهم!
ويشرح السبب كما يلي :القول (تحت رحمة المدافع) مأخوذ عن الفرنسية وهو من باب التعبيرات المجازية ويسمى (الأميرسي) .لكن مايجوز في لغة لا يوجب جوازه في أخرى!
(بمعنى : د.مصطفى جواد كان يرفض ضمنّاً طريقة الآية أعلاه لكنّه يقول ذلك بصورة مؤدبة ,والله أعلم)!
على كلٍ في أيامنا نسمع من البعض تسمية كوريا الديمقراطيّة مثلاً .ويعني (بوتين) بها  كوريا الشمالية  ,وهي الديكتاتورية الأشهر عالمياً!
ومثلها نسمع : (البوذيّة) دين الرحمة والمحبة والسلام!
أو أنّ الأرهاب ليس من (البوذيّة) في شيء!
ربّما التعكيس اللغوي العربي (الذي إستخدمته للتو) ,قد فُرِضَ عليهم دون تدخلهم (لكن هذا موضوع آخر ليس مجاله) .إنّما التعكيس الذي يستخدموه في معاني اليوم يحصل بعلمهم ورغبتهم مع سبق الإصرار و بدمٍ بارد!
***
التعكيس في المواقف السياسيّة والإجتماعيّة!
سايكس ـ پيكو / الإتفاقية الشهيرة لتحديد الحدود الإدارية لدول الشرق الأوسط بعد تحريرها من العثمانيين القذرين بعد الـ ح ع 1 .
اُستخدمت كشماعة تخلّف وفشل طيلة القرن الماضي حول تمزيق الأمة العربية ليتحدثوا بعدها عن تقسيم المُقسّم وتجزئة المُجزّء وما شابه من هذا الخطاب البائس!
بينما نحن نعرف أنّ العرب هم سكنة الجزيرة العربية ,وجيرانهم خارجها هم من الناطقين بالعربية بعد إحتلال دولهم وقت ظهور الإسلام!
ومن لا يفهم هذه الفكرة فليسأل المصريين عن مشاعرهم بهذا الخصوص!
تقسيم فلسطين / بقرار الأمم المتحدة عام 1947 لإقامة دولتين عربية ويهودية ,تعامل العرب معه بتعكيس (وغباء) سياسي طيلة الوقت!
العنصرية / مصطلح يستخدمه العرب بالعكس ,يتهمون الغرب به
بينما هم أشدّ الناس عنصرية مع الآخرين وحتى فيما بينهم (طائفياً)!
كثير من معاني اليوم تدخل ضمن هذا الإطار!
حتى في قضايا المرأة وحقوقها ,فهم يقولون بتكريمها ,بينما الواقع يشير الى إستعبادها وإذلالها الى حدّ أصبحت غالبية نساء المسلمين مجرد قناة صوتية للثقافة الذكورية ,لا أعرف كيف ؟
***
الخلاصة :
بشأن التعكيس اللغوي ,فإنّ العرب وكلّ مَنْ يفعل مثلهم (إذا لم يكن مازحاً أو يحاول جلب الإنتباه بطريقة بلاغيّة) فهم يخدعون أنفسهم ويحاولون إقناعها  بغير الواقع الموجود على الأرض!
البلاغة (والمُبالغة) اللغويّة شيء ,والكذب على النفس والآخرين شيء آخر مختلف تماماً!
على سبيل المثال مُصطلح (عُلماء المسلمين) هو تعكيس لغوي يجب إستبداله بالحقيقة التي نعرفها بأنّهم (جُهلاء المسلمين)!
زعماء العرب القوميين (جمال عبد الناصر وصديّم والقذافي..الخ) كان يفترض تسميتهم بـ (الزعماء الشعبويين) لكن هذا المصطلح ظهر مؤخراً فقط!
مصطلح (إحتلال العراق 2003) ,يجب إستبدالهِ بتحرير العراق!
أمريكا والغرب أعداء الشعوب تعكيس لغوي ,الحقيقة أنّهم بناة الحضارة ومُحرّري الإنسان أينما وجدَ!

ثقافة التعكيس قد تقود الى خداع النفس والبعض قليلاً .إنّما لن تقود الى خداع الكلّ طويلاً!
نعم أمريكا تريد نشر الديمقراطيّة و تحرير العرب من سلبياتهم وقيودهم الفكرية والعقائدية لينضموا الى النهضة العالميّة!
أبداً لا تريد إستعبادهم أو تركيعهم أو تقزيمهم أو سرقتهم كما (يعكس) العرب القول طيلة الوقت!
***
[ من أجلِ الحَمَق تُمزَج كلّ الأشياء بشيء من الحِكمة ]
هكذا تكلّم زرادشت ـ نيتشه !

رعد الحافظ
15 أبريل 2017